لحماية الملاحة في البحر الأحمر| غارات أمريكية - بريطانية على 15 هدفًا تابعة لميليشيا الحوثي
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ردًا على هجمات الحوثيين المتواصلة ضد السفن التجارية والبحرية التي تمر عبر البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة، قالت القيادة المركزية الأمريكية، الجمعة ٤ أكتوبر، إنها نفّذت غارات على 15 هدفًا تتبع لميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا.
وأوضحت القيادة المركزية في بيان، أن الغارات استهدفت قدرات عسكرية هجومية لجماعة الحوثي، وأشارت إلى أن غاراتها تأتى في سياق حماية حرية الملاحة، وتأمين المياه الدولية التي تمر بها ناقلات تجارية.
من جانبها؛ أقرّت وسائل إعلام حوثية الجمعة بتلقي ضربات وصفتها بـ"الأمريكية – البريطانية"، حيث استهدفت 4 غارات معسكر الصيانة فى منطقة الحصبة شمال صنعاء، كما استهدفت 7 غارات منطقة الكثيب فى مدينة الحديدة الساحلية ومطارها. إضافةً إلى غارة ضربت موقعًا عسكريًا جنوب مدينة ذمار، الواقعة على بُعد نحو 100 كيلومتر جنوب صنعاء، إلى جانب ٣ غارات ضربت مواقع في مديرية مكيراس بمحافظة البيضاء المتاخمة للمحافظات اليمنية الجنوبية المحرَّرة (جنوب شرقى صنعاء).
تأتى هذه الضربات في سياق العمليات التي تقودها واشنطن منذ 12 يناير تحت اسم "حارس الازدهار"؛ للحد من قدرة الجماعة على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. وكانت ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، تبنّت الثلاثاء 1 أكتوبر، استهداف سفينتين تجاريتين باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ وزورق مفخخ، دون تسجيل أي إصابات بين البحارة، وفقًا لما أفادت به هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وشركة "أمبري" للأمن البحري.
وذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أنها تلقت بلاغًا عن استهداف زورق مسيّر لناقلة ترفع علم بنما على بُعد ٦٤ ميلًا بحريًا شمال غربي الحديدة.
وأشارت "أمبري" ومركز المعلومات البحرية المشترك إلى تعرض خزان الصابورة في الجانب الأيسر من السفينة لأضرار، ما دفعها للتوجه إلى الميناء التالي.
وفى وقت سابق، أفادت السفينة بمشاهدتها أربعة انبعاثات رذاذ على سطح الماء بالقرب منها، والتي اعتبرتها محاولات لهجمات صاروخية، بحسب مصدر في قطاع الأمن البحري، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز".
كما أفادت "أمبري" ومصادر أمنية بحرية بأن السفينة الثانية، وهى ناقلة بضائع سائبة ترفع علم ليبيريا وكانت متجهة إلى السويس، تعرضت لأضرار جراء استهدافها بصاروخ على بُعد حوالى ٩٧ ميلًا بحريًا شمال غربي الحديدة.
وتبنّى الحوثيون هذه الهجمات، حيث أعلن المتحدث العسكري للجماعة، يحيى سريع، أن جماعته هاجمت السفينة "كورديليا مون" باستخدام ثمانية صواريخ باليستية ومجنّحة، بالإضافة إلى طائرة وزورق مسيّرين. كما زعم أنهم استهدفوا سفينة ثانية، وهى "ماراثوبوليس"، في المحيط الهندي باستخدام طائرة مسيّرة وصاروخ مجنّح.
وأدانت الحكومة اليمنية أقدام ميليشيا الحوثي الإرهابية على استهداف ناقلة النف (M/T CORDELIA MOON)، في الهجوم الحادي عشر على ناقلات المنتجات الكيماوية والنفطية منذ نوفمبر المنصرم، بمزاعم نصرة غزة.
وقالت الحكومة على لسان وزير الإعلام اليمنى معمر الإرياني، إن هذا الهجوم "يكشف طبيعة الجماعة كتنظيم إرهابي يتحرك كأداة طيعة لتنفيذ الأجندة الإيرانية، وفشل التعاطي الدولي مع التهديدات الخطيرة التي تشكلها على أمن وسلامة الملاحة البحرية والتدفق الحر للتجارة العالمية، والحاجة إلى إعادة النظر في سبل التصدي لأنشطتها الإرهابية".
وأضاف الإرياني في تغريدة له على منصة إكس أن "استهداف ميليشيا الحوثي المتكرر لناقلات المنتجات النفطية والكيماوية، إرهاب ممنهج، يعكس عدم اكتراثها بالأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في اليمن، والتداعيات الكارثية لأي تسرب نفطي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، على القطاع الاقتصادي والزراعي والسمكي في بلادنا، والشريط الساحلي لليمن والدول المشاطئة، والبيئة البحرية والتنوع البيولوجي للجزر الواقعة في المنطقة".
ولفت الإرياني، إلى أن استهداف الميليشيا لناقلات المنتجات النفطية والكيماوية يُهدد أي انسكاب نفطي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، مخزونات الصيد اليمني، وسيؤدى لتأثر ملايين اليمنيين فى المدن الساحلية بالغازات السامة. وسيوقف عمل الموانئ اليمنية، ويلحق تلوثا بمصانع تحلية مياه البحر الأحمر ويقطع إمدادتها، كما ستخسر اليمن المصائد السمكية التي توفر معيشة مليون وسبعمائة الف مواطن يمني، ويدمر التنوع البيولوجي والمنظومة الايكولوجية بالمنطقة.
وأعاد الإرياني التذكير بعدد من العمليات الإرهابية التي شنتها الميليشيا على السفن وناقلات البتروكيماويات حيث استهدفت ميليشيا الحوثي في ٢٦ - ٢٧ نوفمبر ناقلة الكيماويات (CENTRAL PARK) بعدد من الهجمات أثناء عبورها في البحر الأحمر في محاولة لإجبارها على تحويل مسارها نحو ميناء الحديدة.
كما استهدفت في 12 ديسمبر بهجوم مزدوج ناقلة النفط (M/T STRINDA) المملوكة والمدارة من دولة النرويج، باستخدام صاروخ وطائرة مسيرة إيرانية الصنع، ما أدى لنشوب حريق.
واستهدفت الميليشيا في 26 يناير ناقلة النفط (أم/ ڤى مارلين لواندا) وتحمل شحنة من مادة (النفثا) بصاروخ باليستي مضاد للسفن، ما أدى لاندلاع حريق كبير في إحدى عنابر الشحن تم السيطرة عليه.
كما هاجمت في 18 فبراير سفينة M/V Rubymar، بصاروخين موجهين، وعلى متنها أكثر من (41.000) طن من الأسمدة فئة IMDG ٥.١، وكميات من الزيوت والوقود، ما أدى لإصابتها بأضرار جسيمة وغرقها في 2 مارس.
وفى ٢٤ فبراير أطلقت ميليشيا الحوثي الإرهابية صاروخا باليستيا مضادا للسفن "ايرانى الصنع"، في محاولة فاشلة لاستهداف ناقلة المنتجات الكيماوية/ النفطية (M/V Torm Thor) التى ترفع علم الولايات المتحدة الأمريكية، وفى ٢٣ مارس استهدفت ناقلة النفط الصينية "إم/ڤى هوانغ پو"، باستخدام خمسة صواريخ باليستية "إيرانية الصنع" ما أدى لنشوب حريق تم إخماده.
وفى 18 مايو استهدفت ميليشيا الحوثي الإرهابية ناقلة النفط اليونانية "أم/تى ويند"، التي كانت في رحلة تجارية بين روسيا والصين، باستخدام صاروخ باليستي مضاد للسفن "إيراني الصنع" ما أدى لإصابتها بأضرار.
كما استهدفت في 15 يوليو ناقلة النفط الخام (MT Chios Lion) التى ترفع علم ليبيريا وتديرها اليونان، باستخدام زورق مسيّر "إيرانى الصنع" والذى أدى لإصابتها بأضرار.
وفى ٢١ أغسطس قامت ميليشيا الحوثي بتنفيذ سلسلة من الهجمات على ناقلة النفط اليونانية (MT DELTA SOUNION) والتي تحمل (150) ألف طن من النفط الخام، عند ابحارها فى البحر الأحمر، ما أدى لجنوحها وتعطل محركاتها وإجلاء طاقمها وتركها عرضة للغرق أو الانفجار على بعد 85 ميل بحرى من محافظة الحديدة.
كما استهدفت في 2 سبتمبر ناقلة النفط (MV BLUE LAGOON) التي ترفع علم بنما وتديرها اليونان، ما أدى لإصابتها. وطالب الإريانى المجتمع الدولي بسرعة تصنيف ميليشيا الحوثي "منظمة إرهابية عالمية"، وفرض عقوبات عليها من خلال تجميد أصولها، وحظر سفر قياداتها، وتعزيز التنسيق القانوني بين الدول لملاحقة أفرادها، والأفراد والمنظمات التي تقدم دعما ماليا أو لوجستيا لها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ميليشيا الحوثي الإرهابية فی البحر الأحمر میلیشیا الحوثی ناقلة النفط کما استهدفت ترفع علم ما أدى
إقرأ أيضاً:
النرويج التي أصبحت غنية أكثر من اللازم.. حين يتحول الازدهار إلى عبء
في عام 1969 كانت النرويج على وشك أن تفوّت فرصة تغيير مصيرها الاقتصادي، حينها قررت شركة "فيليبس بتروليوم" حفر بئر أخيرة في الجرف القاري النرويجي قبل الانسحاب من المشروع، لتكتشف حقلا نفطيا غيّر تاريخ البلاد إلى الأبد.
منذ ذلك اليوم بدأت رحلة النرويج نحو التحول إلى واحدة من أغنى دول العالم، ومن رحم تلك الثروة وُلد الصندوق السيادي النرويجي الذي تديره الدولة، ويعد اليوم الأكبر عالميا، بإجمالي أصول تقارب التريليوني دولار، أي ما يعادل 340 ألف دولار لكل مواطن نرويجي، وفق تقرير أوردته وكالة بلومبيرغ.
ولسنوات طويلة، بدا أن البلاد وجدت معادلتها الذهبية: اقتصاد مزدهر، بطالة شبه معدومة، دين حكومي منخفض، ونظام رفاه اجتماعي من بين الأوسع في العالم.
لكن، في الأعوام الأخيرة بدأت الأسئلة تتصاعد بصوت أعلى: هل يمكن لثراء مفرط أن يُفسد حيوية أمة؟ هل تجعل الموارد الغزيرة الشعوب أقل إنتاجية وأكثر اتكالا وأقل حافزية للتطور؟
هذه الأسئلة لم تبق مجرد همسات اقتصادية، بل وجدت صداها في كتاب مثير للجدل صدر مطلع هذا العام بعنوان "الدولة التي أصبحت غنية أكثر من اللازم" لمارتن بيك هولته الخبير الاقتصادي والمستشار السابق في "ماكينزي".
بيع من الكتاب أكثر من 56 ألف نسخة، وأصبح مادة نقاش رئيسية في الجامعات والمؤتمرات ومصدر جدل واسع في وسائل الإعلام.
يرى هولته أن "النرويج كان ينبغي أن تكون مغناطيسا للفرص والمواهب، لكنها اليوم عكس ذلك تماما"، مضيفا أن انعدام الطموح القومي سببه المباشر هو صندوق النفط.
هولته لا يهاجم الثروة ذاتها، بل طريقة إدارتها، والتي يراها تُنتج اقتصادا كسولا ومجتمعا استهلاكيا ومؤسسات مشبعة بالمال لكنها فاقدة للرؤية.
مشاريع متضخمة ونظام ضريبي طارد
من الأمثلة التي يسوقها هولته في كتابه مشاريع البنية التحتية المتضخمة التي لا تحقق قيمة حقيقية، مثل مشروع مترو يربط شبه جزيرة على أطراف أوسلو تجاوز ميزانيته الأصلية بـ6 أضعاف، أو مشاريع التقاط الكربون التي تكلف مليارات الدولارات دون ضمان جدوى تجارية، مثل مشروع "نورذرن لايتس".
إعلانكما يشير إلى أن السياسات الضريبية تشجع الاقتراض الاستهلاكي بدلا من الادخار، مما أوصل معدل الدين الأسري إلى 220% من الدخل السنوي، وهو الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية.
ورغم كل هذه المؤشرات المقلقة فإن النقد الذي يتعرض له هولته لا يقل حدة عن انتقاداته، فالرئيس السابق للبنك المركزي النرويجي أويستين أولسن اتهمه بالمبالغة وتجاهل العوامل الخارجية التي تؤثر على اقتصاد بلد صغير مثل النرويج.
لكن اقتصاديين آخرين مثل إسبن هنريكسن رأوا أنه رغم بعض الهفوات الرقمية في الكتاب فإنه يلامس قلقا حقيقيا في وجدان النرويجيين "ربما كان العنوان الأنسب للكتاب هو: الدولة التي كان يجب أن تكون أغنى مما هي عليه"، كما كتب هنريكسن في مقال رأي.
ورغم إنفاق النرويج أكثر من 20 ألف دولار سنويا على كل طالب -وهو أعلى معدل في العالم بعد لوكسمبورغ- فإن نتائج اختبارات الطلاب النرويجيين تشهد تراجعا مستمرا، فبين عامي 2015 و2022 تراجعت نتائج طلاب الثانوية في الرياضيات والعلوم والقراءة.
وذهبت زعيمة المعارضة إرنا سولبرغ إلى القول إن البلاد "على شفير كارثة في العلوم الطبيعية".
ولا يتوقف الأمر عند التعليم، النرويجيون يحصلون على إجازات مرضية بمعدل 27.5 يوما في السنة للفرد، وهي النسبة الأعلى في الدول المتقدمة، والدولة تدفع رواتب كاملة خلال الإجازات المرضية حتى 12 شهرا، وهو ما وصفه صندوق النقد الدولي بأنه "نظام مكلف ومشوه"، وهذه السياسات تكلف الدولة نحو 8% من ناتجها المحلي، 4 أضعاف متوسط الإنفاق في الدول المماثلة.
والأخطر -وفق الخبراء- هو التباطؤ المستمر في نمو الإنتاجية، والذي يجعل النرويج تسجل أدنى معدلات نمو في هذا المؤشر بين الدول الغنية خلال العقدين الماضيين، ويبدو أن الابتكار أيضا بدأ يخبو.
فمنذ جائحة "كوفيد-19" انخفضت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير، ووفقا لتقرير صادر عن الجمعية النرويجية لرأس المال الاستثماري فإن عدد المشاريع الناشئة التي حصلت على تمويل أولي عام 2024 هو الأدنى على الإطلاق.
وفي ظل هذه المؤشرات بدأت بعض رؤوس الأموال تهاجر، وقد غادر عدد من أثرياء النرويج البلاد نحو سويسرا هربا من النظام الضريبي الذي يعتبرونه عقابا للنجاح.
وعبّر بال رينغهولم مدير الاستثمار في مؤسسة "فورمو" عن ذلك بقوله "اخترنا نموذجا لا يُلهم الاستثمار رغم أننا نعيش في واحدة من أغنى دول العالم".
ومع أن إنتاج النفط والغاز بلغ ذروته قبل 20 عاما فإن الحرب في أوكرانيا أعادت الروح إلى هذا القطاع، خصوصا مع ارتفاع الطلب الأوروبي على الغاز.
وحاليا، يشكل قطاع النفط والغاز 21% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيه أكثر من 200 ألف نرويجي، لكن هذا الازدهار مهدد على المدى البعيد مع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، مما يثير تساؤلات بشأن قدرة الاقتصاد النرويجي على التكيف في عالم ما بعد النفط.
إعلانفي العمق، يشير بعض الاقتصاديين مثل هيلدي بيورنلاند إلى أن النرويج تعاني من "نسخة هادئة من مرض هولندا"، حيث تؤدي الثروة الطبيعية إلى تضخم داخلي يضعف القدرة التنافسية للصناعات الأخرى.
ورغم أن الصندوق السيادي وُضع أصلا لتفادي هذا السيناريو -عبر توجيه الفوائض نحو استثمارات خارجية ومنع تسربها إلى السوق المحلي- فإن النمو الضخم في قيمته منذ عام 2012 سمح للحكومات بسحب ما يصل إلى 20% من الميزانية السنوية من عائدات الصندوق، دون أن تخرق القواعد الرسمية.
وفي أحد تصريحاته شبّه هولته الاقتصاد النرويجي بالوريث المدلل الذي ورث 6 أضعاف راتبه السنوي في حسابه المصرفي، مما دفعه إلى القول خلال مؤتمر صحفي "لقد أصبحنا نأخذ الطريق السهل، ونهدر أكبر فرصة حصلت عليها دولة غربية في العصر الحديث"، مشيرا إلى أن الحلول التي يقترحها تشمل تخفيض الضرائب والإنفاق الحكومي وفرض قيود صارمة على السحب من الصندوق السيادي.
ورغم كل التحديات فإن النرويج تظل دولة ذات مستوى معيشة مرتفع ونظام مالي مستقر، لكنها أيضا -كما يلمّح تقرير "بلومبيرغ"- تمثل تحذيرا للدول الغنية بالموارد: إدارة الثروة قد تكون أصعب من تكوينها، والغنى إذا لم تتم إدارته بعناية قد يتحول من نعمة إلى عبء.