عميد دار علوم القاهرة الأسبق في حواره لـ«البوابة نيوز»: الربيع العربى مؤامرة غربية استهدفت تفتيت المنطقة
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
قال الدكتور عبدالراضي رضوان، العميد الأسبق لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، إن المؤامرة الأجنبية التي أغمدت سيوفها في جسد الأمة الفتية الناهضة منذ أربعة عشر قرنا تسعى حثيثا وبإصرار على التفخيخ والتفكيك والتفجير لكل روابط التماسك وكل دروع الحفظ والحماية وقوارب النجاة لجسد الأمة المنهك بداء الوهن والضعف والتخلف الحضاري.
وأضاف «رضوان» في حديث مع «البوابة نيوز»، أن المؤامرة جعلت الحروب الأهلية تهدد الدول العربية كلها بلا استثناء، خصوصا في ظل تلاشي الدولة في ليبيا، وتقسيم اليمن إلى دويلات، واتجاه سوريا إلى خراب تام، والعراق إلى طائفية مدمرة، ولبنان إلى بؤرة صراع وتناحر قوى داخلية وخارجية، والسودان على أبواب مزيد من الانقسام والتشظي شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.د. عبدالراضي رضوان: الأمية وتراجع البنية التعليمية عوامل ساعدت في خلق الاهتزازات السياسية والاجتماعية
طالب "رضوان" بألا نغفل عن دور الخبرات الغربية التاريخية في إثارة الفتن والصراعات العربية، فتلك الخبرات تم استغلالها وتوظيفها ببراعة لإطلاق فورة الأطماع ونزعات التسلط والسعي إلى السلطة باستغلال وشاح الدين والتدين، أو بإثارة طموحات أوهام الاستقلال والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، في الدفع نحو ما أُطلق عليه اسم ثورات الربيع العربي، وصولا إلى تحقيق الهدف الرئيس للمؤامرة الغربية على تفتيت العالمين العربي والإسلامي من خلال بث الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، لذلك لم ينتج من الربيع العربي أي خير في جميع البلدان التي زارها.
وأوضح العميد الأسبق لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة أن أكبر مثال على تحول الربيع العربي إلى محض فتنة لا تجني من خلفها الشعوب العربية إلا الخراب، ما يحدث على مدار سنوات الحريق العربي حتى اللحظة الراهنة في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان ولبنان وتونس، فهذه الأحداث وإن كانت في بعض البلدان قد بدأت تعبيرا عن مظالم حقيقية ومشاعر غضب طبيعية، إلا أن لصوص الثورات قد سرقوها وحولوها إلى خدمة المؤامرة الغربية في الشرذمة والتفتيت والتقسيم.
وتابع "رضوان"، بأن الحرب الأهلية أحد أشكال الفتنة التي تستهدف ضرب الدول العربية جمعاء وتهددها بلا استثناء، وذلك لأن خيوط المصالح الغربية محبوكة بشكل جيد، بالتزامن مع التمويل الأجنبي لعناصر قبلت على نفسها العمالة للغرب، والتي تستهدف تقويض وحدة المجتمع العربي وتفتيت الوطن الواحد، لذلك يصرون على العبث بفئات الوطن، وبث الفتن بين أبناء الوطن لأجل القضاء على وحدته، خصوصا في الدول ذات الفكر القَبَلي أو الطائفي، وهذا واضح في سوريا وليبيا واليمن والسودان بشكل كبير.
ويرى عميد دار العلوم، أن العوامل الخارجية تؤدي دور المحفز فقط لإيقاظ الفتنة وإشعالها في المجتمعين العربي والإسلامي، لكن البيئة الاجتماعية والثقافية والفكرية الهشة نتيجة قرون طويلة من التخلف والجهل، في ظل تراجع البنية التعليمية بشكل ظاهر للعيان، حيث أعلى معدلات الأمية في العالم موجودة في وطننا العربي. هذه البيئة هي المسرح المستَقبِل الصانع للأحداث بتأثير التحفيز المؤامراتي الخارجي الذي لا يجد أي مقاومة ذاتية أو صعوبة في الاختراق والالتفاف.
وعن سيطرة الميليشيات الإسلامية المسلحة على بعض مؤسسات الدول، قال "رضوان": ما حدث في الحريق العربي وتوابعه الجارية حتى اليوم شكل من أشكال المؤامرة التي تساوي الفتنة، باستهدافها شرذمة وإضعاف وتفتيت الدول العربية والإسلامية لصالح الغرب وذراعه الإسرائيلي بالمنطقة، وتكاد بفعلها تتلاشى بعض الدول مثل ليبيا التي تلاشت منها مؤسسات الدولة وتخضع راهنًا لحكم الميليشيات المسلحة، واليمن التي أصبحت دويلات مقسمة، وليست سوريا أو السودان بأفضل حالا فيما تعانيه من خراب وفيما ينتظرها من خراب أكبر وتلك هي محصلة مؤامرة وفتنة الحريق العربي (الربيع العربي) سابقا.
وعن الخوارج؛ ذكر "رضوان" أن فرقة الخوارج انشقت عن الصف الإسلامي، إلى مجموعة يكفرون كل من لا يقول بفكرتهم ويقتلونه، بل يقومون بتكفير الأمة كلها، أما الشيعة فقد وضعوا لأنفسهم خصوصية دينية بولائهم الكامل لعلي بن أبي طالب وذريته، وانفصلوا عن الولاءات لجماعة المسلمين، فما إن انقسم أهل السنة على أنفسهم في صورة مذاهب عدة، حتى كانت النتيجة حروبا متتالية استمرت قرابة القرنين من الزمان، أدت إلى تفتيت الدولة الإسلامية إلى دول وإضعاف جبهتها، ما ساعد في تمكن الغرب من استعمار العالمين العربي والإسلامي عسكريا حتى ما بعد منتصف القرن الماضي، وسياسيا واقتصاديا.
وأوضح "رضوان" أن استعادة الوعي الصحيح وبنائه ضرورة، بما يمكن معه تصحيح المفاهيم المغلوطة والقضاء على الوعي الزائف. وثمة أمور كثيرة، يجب أن نراعيها في مسألة التعامل الوعي بالمخاطر، أهمها أن يحكِّم كل منا أمرين: أولهما عقله، فلا يسلم عقله لأحد غيره. أما الأمر الثاني فهو أن نحكّم المصلحة الوطنية والقومية، فالوطن حينما يحترق فلن يحترق بجماعة من دون أخرى، ولكن سوف يحترق بجميع أهله. وهنا يأتي دور المؤسسات الدينية الفاعلة التي قد يكون غيابها أحيانا سبّبا لنجاح الفتن في افتراس المجتمعات.
ولفت "رضوان"، إلى أنه من الواجب تفعيل جميع مؤسسات الوطن في المواجهة ويأتي على رأسها مؤسسات القانون لفرض النظام وقمع الفتنة بقوته، لأن المجتمع الإنساني لا ينقاد إلا لقوة القانون العادل وتطبيقاته الحازمة، خصوصا في التعامل مع الفتن، فالناس لا تخضع إلا لقوة القانون والسلطة، ويأتي دور الإعلام بقدرته الفائقة على استلاب العقول والأبصار وتوجيهها سلبا أو إيجابا كما تفعل مؤسسة البوابة في تبنيها قضية الوطن اختيارا لا منازع له وتحصين أبنائه ضد المخاطر المحدقة به داخليا وخارجيا.
ويستكمل العميد الأسبق لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، إنه تحولت تلك الوسائل إلى أكثر الوسائل المثيرة للفتن، خصوصا بين الشباب، فوسائل التواصل الاجتماعي تنشر آراء كثيرة تستفز الطرف الآخر، وكل فرد تحت دعوى الحرية الشخصية يهاجم عقائد الآخر ومعتقداته، وهو ما يتكرر مع فوضى الفضائيات التي تحولت إلى منابر لسب متبادل بين أهل الفرق والمذاهب، بسبب غياب الضوابط والقيود، فلا يسيطر عليها أحد ولا يوجهها أحد، فكل فرقة تطلق على نفسها جماعة أهل الحق أو الجماعة الإسلامية أو جماعة المسلمين لتميز نفسها عن الآخرين واحتكار الإسلام.
ويستطرد "رضوان"، قائلا: التعددية المذهبية المفترض أن تكون سببًا لتوافق العالم الإسلامي، وتيسيرًا لحياة المسلمين، في تسامح وود واحترام يجعل كلًا منهم يعيش سعيدًا. لكن أن يحاول أتباع مذهب معين إجبار الآخرين على اتباع مذهبهم، فهنا تبدأ الفتنة، وهذا ما يحدث ويتسبب عنه الحروب الطائفية والمذهبية، فكل طائفة تريد النصر والقضاء على الآخرين بدعوى أنها مالكة الحق والحقيقة الدينية بالحق الحصري.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الربيع العربي البوابة نيوز دار العلوم
إقرأ أيضاً:
مساعد وزير الخارجية الأسبق: القمة العربية تنعقد في توقيت شديد الخطورة
قال السفير الدكتور محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن القمة العربية الرابعة والثلاثين بالعاصمة العراقية بغداد تأتي في توقيت شديد الخطورة والحساسية، ووسط جهود دبلوماسية مضنية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والرهائن وإعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة.
وأضاف حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم (الجمعة) أن "قمة بغداد" تتزامن كذلك مع الذكرى الـ77 للنكبة وبدء هذا المشروع الاستيطاني على أرض فلسطين، فضلاً عن محاولات تصفية القضية الفلسطينية والتهجير القسري لأهالي قطاع غزة، الأمر الذي قُوبل برفض وتصد من قبل البلدان العربية وعلى رأسها مصر.
وتابع أن "قمة بغداد" يخيم عليها العديد من القضايا المتعلقة بالأزمات في البلدان العربية ، إلا أن القضية الفلسطينية تظل الأكثر إلحاحاً خاصة في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع ومحاولات التهجير وإخراج السكان من وطنهم بل وازداد الأمر قلقاً مع الطرح الجديد الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تكون غزة أمريكية، أو تدار من قبل الولايات المتحدة.
وشدد السفير حجازي، في هذا الصدد، على أن تلك الاقتراحات أو السيناريوهات كلها بعيدة عما يجب أن تكون عليه الحلول الواجبة لقضية شعب ضحى على مدار أكثر من سبعة عقود ولا يزال لمواجهة احتلالاً استيطانياً يمثل خطراً على المنطقة برمتها وليس فلسطين فقط، وعلى القيم الإنسانية ذاتها خاصة بسبب ممارساته الخارجة عن كل ما هو مألوف.
وأكد أن تلك الممارسات الإسرائيلية الضاربة بالقوانين الدولية والقيم الانسانية عرض الحائط في حاجة ماسة وملحة لاتخاذ موقف عربي قوي وشامل وموحد، وهذا ما تنتظره شعوب الوطن العربي من " قمة بغداد".
ولفت إلى أن القمة التي من المقرر أن يشارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ستقدم الإسناد الدبلوماسي والمعنوي المطلوب للقضية الفلسطينية وستعيد التأكيد على ضرورة سرعة تنفيذ خطة إعادة إعمار غزة التي تبنتها القمة العربية الإستثنائية بالقاهرة، لننتقل عقب ذلك إلى التاكيد علي أهمية الاسناد الدولي للقضية الفلسطينية خاصة في ضوء المؤتمر الذي ستدعو إليه فرنسا والمملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، في شهر يونيو القادم لتأكيد حل الدولتين ، بالإضافة لمؤتمر إعادة الإعمار الذي ستدعو إليه مصر والأمم المتحدة ما أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
واعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق أن احتضان العاصمة بغداد للقمة العربية الـ34 يؤكد على عودة العراق لممارسة دوره العربي الأصيل و استعادة جهوده في دفع العلاقات العربية العربية والعمل المشترك.
وأكد حجازي أهمية القضايا التي تتصدر جدول أعمال القمة بالإضافة إلى الأزمات والاضطرابات التي تهدد الامن القومي العربي والمتعلقة بالأوضاع في سوريا ولبنان واليمن والسودان والصومال والبحر الاحمر، بجانب فلسطين، علاوة على مناقشة القمة الاقتصادية الثالثة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في نفس التوقيت؛ لبحث تطور منطقة التجارة الحرة العربية وآفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدولة العربية ودفع جهود التنمية بما يشكل ركيزة أساسية لانطلاق المنطقة نحو مستقبل أفضل لشعوبها.