بالأرقام ..انفاق الولايات المتحدة منذ عام على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
قالت صحيفة “بيزنس إنسايدر” الأمريكية إن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 22 مليار دولار على العمليات العسكرية والصراعات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط خلال العام الماضي، من تسليح إسرائيل إلى محاربة القوات المسلحة اليمنية..مشيرة إلى أن القتال مع قوات صنعاء معقد ومكلف للغاية.
وأكدت أن مشروع تكاليف الحرب، وهو مبادرة بحثية لجامعة براون، وجد أن الولايات المتحدة أنفقت ما لا يقل عن 22.
وذكرت أن هذا الرقم يغطي التكاليف حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وقد تم الإعلان عنه في تقرير صدر يوم الاثنين.. ويتألف هذا الرقم من 17.9 مليار دولار على الأقل من المساعدات الأمنية المعتمدة لإسرائيل، وما لا يقل عن 4.86 مليار دولار للعمليات العسكرية الأميركية، بما في ذلك معركة البحر الأحمر ضد قوات صنعاء.
وأوردت أن 17.9 مليار دولار هو يعد أكبر مبلغ تنفقه الولايات المتحدة على المساعدات العسكرية لإسرائيل في عام واحد منذ عام 1959، بحسب التقرير، الذي يشير إلى أن تقديراته “محافظة” ولا تغطي كل المساعدات المالية.
وأفادت أن إدارة بايدن أرسلت إلى إسرائيل قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات وقنابل موجهة ومجموعات قنابل وطائرات بدون طيار وأسلحة أخرى منذ أكتوبر 2023.. وقد استخدمت إسرائيل هذه الأسلحة لمحاربة محور المقاومة بما في ذلك حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وقوات صنعاء في اليمن.
كما عزز البنتاغون وجوده العسكري بشكل كبير في الشرق الأوسط وما حوله منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أرسل قوات إضافية وسفن حربية وطائرات مقاتلة إلى المنطقة للدفاع عن إسرائيل والقوات الأميركية من إيران.
الصحيفة كشفت أن العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة، بما في ذلك الصراع المستمر مع القوات المسلحة اليمنية، قد كلفت البلاد ما لا يقل عن 4.86 مليار دولار.. ويقدم هذا الرقم صورة أكثر شمولاً للقتال بما يتجاوز تكلفة نفقات الذخيرة ، والتي تم الكشف عنها بالفعل.
وأضافت أن القوات المسلحة اليمنية شنت هجمات متواصلة على ممرات الشحن التجاري في البحر الأحمر وخليج عدن بالصواريخ والطائرات بدون طيار الرخيصة الثمن.. وردًا على ذلك، قامت القوات البحرية الأمريكية بإسقاط هذه التهديدات بشكل روتيني وتنفيذ ضربات ضد قوات صنعاء باستخدام ذخائر تبلغ قيمتها في كثير من الأحيان ملايين الدولارات.
الصحيفة رأت أن الأعمال العدائية تصاعدت لتصبح الحملة العسكرية الأكثر استدامة للقوات الأمريكية منذ الحرب الجوية 2016-2019 ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.. ووصفت القتال مع قوات صنعاء بأنه “تحد معقد بشكل غير متوقع ومكلف بشكل غير متماثل”.
وبما أن الصراع الإقليمي لا يُظهر أي علامات على التباطؤ، فمن المرجح أن يزداد الإنفاق العسكري، بالإضافة إلى حصيلة القتلى المذهلة، والتي أصبحت مرتفعة للغاية بالفعل بعد عام من القتال.
عبد الله مطهر
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط بعد أوهام الردع.. حين تُدار الحروب بدل أن تُمنع
لم يعد الردع في الشرق الأوسط مفهومًا يمنع الحرب، كما بشّرت به النظريات العسكرية الكلاسيكية، بل تحوّل إلى أداة لإدارة الصراع والتحكم في إيقاعه، فالإقليم الذي عاش عقودًا على وهم “الحرب الشاملة” و”السلام الدائم”، دخل مرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة، حيث لا حرب تنتهي، ولا سلام يُستكمل، بل توتر دائم يُعاد إنتاجه بجرعات محسوبة.
في الماضي، كان الردع يقوم على معادلة واضحة: كلفة الحرب أعلى من مكاسبها، ما يدفع الأطراف إلى تجنبها، أما اليوم، فقد انهارت هذه المعادلة، لأن طبيعة الفاعلين تغيّرت، ولم تعد الصراعات حكرًا على دول ذات جيوش نظامية وحدود واضحة، بل باتت تُدار عبر محاور، وتنظيمات، وأذرع غير مباشرة، لا تخضع لمنطق الخسارة التقليدي، ولا تحاسب بالمعايير نفسها.
من هنا، انتقل الشرق الأوسط من مرحلة منع الحرب إلى مرحلة إدارتها، الضربات العسكرية المحدودة، والاغتيالات، والاشتباكات الحدودية، لم تعد مقدمات لمعركة فاصلة، بل رسائل سياسية مضبوطة السقف، تُستخدم لإعادة ضبط التوازنات، واختبار الخطوط الحمراء، وإرسال الإشارات المتبادلة بين الخصوم، دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة لا يريدها أحد، لكنها تظل ممكنة في أي لحظة.
في هذا السياق، أعادت إسرائيل صياغة مفهوم الردع لديها، متجاوزة فكرة الردع الثابت القائم على التفوق العسكري الكاسح، إلى ما يمكن تسميته بـ«الردع المتحرك». هذا النموذج يقوم على المبادرة الدائمة، والضربات الاستباقية، والاختراقات الاستخباراتية، بهدف منع الخصم من بناء قوة ردع مستقرة، لا بهدف حسم الصراع نهائيًا. الردع هنا ليس حالة استقرار، بل حالة حركة مستمرة، تُبقي الخصم في دائرة الإنهاك والقلق الدائم.
في المقابل، يعتمد المحور الآخر، وعلى رأسه إيران وحلفاؤها، على نموذج ردع غير مباشر، قائم على توزيع ساحات الاشتباك، وربط أي تصعيد بجبهات متعددة. هذا الردع لا يسعى إلى مواجهة شاملة، بل إلى رفع كلفة القرار العسكري لدى الخصم، وتحويل أي حرب محتملة إلى أزمة إقليمية واسعة يصعب التحكم في مآلاتها. إنها معادلة ردع تقوم على التعقيد لا على التفوق.
أما الدول العربية، فتجد نفسها عالقة بين نموذجين من الردع لا تملك التحكم فيهما. فلا هي قادرة على بناء ردع مستقل يحمي مصالحها، ولا هي قادرة على النأي بنفسها عن ارتدادات الصراع. وبهذا، تتحول من فاعل إقليمي إلى ساحة مفتوحة للتأثر، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، في معادلات تُدار خارج إرادتها.
الأخطر في هذه المرحلة ليس احتمال اندلاع حرب كبرى، بل الاعتياد على الصراع ذاته. حين تصبح الضربات العسكرية خبرًا عابرًا، والأزمات حالة يومية، يفقد المجتمع حساسيته تجاه العنف، ويتحوّل التوتر إلى وضع طبيعي، لا استثناءً. هنا لا يُهزم الإقليم عسكريًا فقط، بل يُستنزف نفسيًا وسياسيًا، ويُفرغ من أي قدرة على إنتاج مشروع استقرار حقيقي.
ما يجري اليوم ليس سلامًا، بل استقرار زائف، ولا هو حرب شاملة، بل صراع مُدار على فوهة بركان. شرق أوسط تُدار فيه الأزمات بدل أن تُحل، وتُؤجَّل فيه الانفجارات بدل أن تُمنع، في انتظار لحظة اختلال كبرى قد تعيد رسم المشهد بالكامل، بثمن قد يكون أفدح مما يتصوره الجميع.. .!!
كاتب وباحث في الجيوسياسية
اقرأ أيضاًوقفة.. الاهتمام بتطوير الرياضة عنوان تقدم الأمم
بعد الاعتذار.. الأعلى للإعلام يحفظ الشكوى المقدمة ضد خالد طلعت