تستعد إسرائيل لتوجيه ضربة قوية لإيران بعد الهجوم الصاروخي الذي جاء رداً على اغتيال زعيم حزب الله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ويرى خبراء أن هناك 3 سيناريوهات رئيسية للضربة المُقبلة، بينها ما يضع المرشد الإيراني في بنك الأهداف وآخر أُطلق عليه “قطع رأس الأخطبوط”. 

ونقلت وكالة ستيب الاخبارية عن خبراء بأن إسرائيل ذاهبة إلى “ضربة جراحية” في إيران ربما قد تصل لقلب نظام الحكم من خلال ضرب الاقتصاد أو حتى استغلال “الفرصة الثمينة” لتدمير البرنامج النووي.

 

 

السيناريو الأول: استهداف البرنامج النووي الإيراني أو شخصيات بالنظام 

 

يعتبر استهداف البرنامج النووي الإيراني من الخيارات الرئيسة التي قد تعتمدها إسرائيل. ولطالما كانت المخاوف الإسرائيلية من امتلاك إيران لسلاح نووي في صميم سياستها الخارجية، إذ تعتبر إسرائيل أن وجود دولة نووية معادية لها في المنطقة يشكل تهديدًا وجوديًا لا يمكن التغاضي عنه. وبالنظر إلى التقدم المستمر الذي تحرزه إيران في برنامجها النووي، فإن هذا الخيار قد يكون الأكثر إلحاحًا على الأجندة الإسرائيلية.

 

الدكتور غازي الفيصل، رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، يشير إلى أن “إسرائيل قد تجرؤ على استهداف المنشآت النووية الإيرانية، لا سيما وأن هناك سبع منشآت رئيسية معروفة تشكل العمود الفقري لهذا البرنامج.” ويضيف الفيصل: “إذا نظرنا إلى ما حدث في العراق عام 1982، نرى أن إسرائيل استهدفت مفاعل تموز قبل أن يتم تشغيله، وذلك لتجنب حدوث كارثة نووية كبرى.”

 

ويقول: “القيادة الإيرانية مخترقة لأبعد الحدود، وشاهدنا تلك الأخبار الواردة من طهران حول الشكوك التي تحول حول إسماعيل قاآني وإمكانية أن يكون عميلًا وضالعاً بعملية اغتيال نصر الله بلبنان، وبالتالي فإن إمكانية تحقيق إسرائيل لأهدافها خلال أي ضربة على إيران كبير جداً، نتيجة للاختراقات الاستخباراتية الكبيرة”. 

 

هذا السيناريو يحمل في طياته مخاطر عالية، نظرًا للتداعيات البيئية والأمنية التي قد تترتب على استهداف منشآت نووية. كما يمكن أن يؤدي هذا الخيار إلى تصعيد كبير، ليس فقط بين إيران وإسرائيل، بل يشمل أيضًا حلفاء كل منهما، مما يهدد باندلاع نزاع إقليمي واسع. ومع ذلك، قد ترى إسرائيل أن فوائد تعطيل البرنامج النووي الإيراني تفوق هذه المخاطر، لا سيما إذا كان الهدف هو تأخير قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية بضع سنوات على الأقل، بحسب الخبير. 

 

ويضيف “الفيصل”: “ورغم كل ذلك أعتقد أن إسرائيل ستذهب إلى ضربة جراحية تستهدف عصب الصناعات العسكرية من صواريخ أو طائرات مسيرة، ويمكن أن تدمر منشآت ذات علاقة بالمفاعلات النووية وليس المفاعلات بحد ذاتها”. 

 

من جانبه يرى الدكتور وجدان عبد الرحمن، الباحث السياسي الإيراني، أن “الجميع يعرف أن إسرائيل كانت أكبر المعارضين للتوصل إلى اتفاق بين إيران والقوى الكبرى بالملف النووي، ومؤخراً كان هناك حديث عن قرب وصول إيران إلى القنبلة النووية، وبالتالي إسرائيل باتت تملك الحجة لتدمير الملف النووي الإيراني الذي تراه خطراً عليها” .

 

إلا أن بنك الاهداف الاسرائيلية قد لا يتوقف عند هذا الحد، حيث يقول الدكتور وجدان عبد الرحمن: “خامنئي اليوم ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية ولن نستغرب إذا تم اغتاليه، فبعد مقتل قادة حزب الله وقبلها كان هناك مقتل قاسم سليماني وحتى إبراهيم رئيسي الذي لا تخلو عملية مقتله من سيناريو الاختراق والاغتيال، لم نشهد أي تحرك للمرجعيات الدينية وبالتالي حتى لو اغتيل خامنئي فهذا أمر غير مستبعد ولن نرى التحرك الكبير بعدها”.

 

السيناريو الثاني: استهداف المنشآت النفطية الإيرانية

 

خيار آخر محتمل أمام إسرائيل هو استهداف المنشآت النفطية الإيرانية، وذلك بهدف التأثير المباشر على الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط. 

 

وضرب المنشآت النفطية يمكن أن يؤدي إلى شل القدرة الإيرانية على تصدير النفط، ما يسبب أزمات اقتصادية خانقة قد تؤدي إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني من الداخل.

 

الباحث السياسي الإيراني وجدان عبد الرحمن يوضح أن “إيران تعتمد على موقعين رئيسيين لتصدير النفط، هما منشأة جزيرة خلق التي تصدر نحو 90% من إنتاج النفط الإيراني، ومنشأة عقدان لتكرير النفط.” 

 

ويضيف عبد الرحمن: “النظام الإيراني يعتمد بشكل كبير على تجارة النفط، فهي تشكل حوالي 60% من إيرادات الدولة. أي استهداف لهذه المنشآت سيؤدي حتمًا إلى انهيار اقتصادي يمكن أن يشعل موجات جديدة من الاحتجاجات الشعبية، كما حدث خلال انتفاضة جيهان أميني عام 2022.”

 

ويهدف هذا السيناريو إلى ضرب الاقتصاد الإيراني بشكل مباشر وحرمان النظام من الإيرادات المالية التي يستخدمها لتمويل عملياته العسكرية ودعم ميليشياته في المنطقة. 

 

وبعبارة أخرى، قد يؤدي استهداف المنشآت النفطية إلى إشعال “ثورة جياع” داخل إيران، حيث سيواجه الشعب تدهورًا كبيرًا في مستوى المعيشة مما يعزز احتمالية اندلاع احتجاجات واسعة تهدد النظام القائم، حسب “عبد الرحمن”. 

  

السيناريو الثالث: قطع طرق الإمداد وتفكيك شبكة الميليشيات الإقليمية

 

إلى جانب استهداف المنشآت النووية والنفطية، فإن تدمير بنية شبكة الإمداد والدعم للميليشيات المدعومة من إيران في دول مثل سوريا، العراق، لبنان واليمن يعتبر سيناريو استراتيجي آخر. 

 

فإسرائيل قد تسعى في هذا السياق إلى استهداف طرق الإمداد ونقاط الدعم اللوجيستي لهذه الميليشيات بهدف إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة.

 

الدكتور صلاح قيراطة، الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي، يرى أن “إسرائيل قد تعمل على تصعيد عملياتها في سوريا بعد لبنان، وقد تستهدف الفرقة الرابعة التي تُعتبر واحدة من أبرز أذرع إيران في سوريا.” 

 

ويقول قيراطة: “إسرائيل، بموافقة ضمنية أو صمت من الجانب الروسي، قد تضرب البنية التحتية للميليشيات الموالية لإيران، سواءً في سوريا أو لبنان، لمنع أي شكل من أشكال الدعم لحزب الله خلال الصراعات القادمة.”

 

ويضيف: “أعتقد أن استهداف الفرقة الرابعة وما يقال عن استهداف قصر اللواء ماهر الأسد في يعفور يأتي في إطار رسالة لماهر الأسد تحمل منحنيين، (فصل العلاقة مع إيران، أو أننا لا نريد قتلك ولو أردنا لما كان قتلك أصعب من قتل قاسم سليماني أو عماد مغنية).

 

ويتابع:”إسرائيل تتحرك ضمن الجغرافيا السورية، ويبدو هذا بمعرفة أو بصمت روسي ما دون الموافقة العلنية، حيث انسحبت وحدات روسية من موقع في المنطقة الجنوبية الحدودية مع إسرائيل، وتراجعت للخلف فيما يوحي أن إسرائيل في وارد أن تهاجم لاحقًا مستخدمة بعضاً من الجغرافية السورية في معرض محاولاتها القضاء على حزب الله أو تطبيق القرار ١٧٠١، علماً أنها بدأت تلوح بالقرار ١٥٥٩، ومع ذلك فقد قامت إسرائيل منذ قرابة الشهر بإقتطاع شريط من الجغرافيا السورية يربط بين بلدتي ( جباتا الخشب – حضر )، والبلدتين تعتبران حدوديتان مع لبنان، وقد تم تجريف الشريط المحتل ضمن صمت سوري مريب والغاية هي الالتفاف على حزب الله من خاصرة ستكون رخوة من هذه المنطقة الحدودية”. 

 

ومن جانبه يقول الدكتور غازي الفيصل: “أتوقع أن يكون الرد الإسرائيلي على الحرس الثوري الإيراني بكافة قواعده التي قد تكون مستهدفة سواء بإيران أو العراق أو سوريا، وأمام إسرائيل سيناريوهان إما أن تذهب إلى تحييد قدرات إيران بالمنطقة من خلال تفكيك ميليشياتها كلها من سوريا والعراق ولبنان واليمن، أو تذهب إلى مواجهة “رأس الأخطبوط” مباشرة في إيران نفسها وبالتالي في هذا السيناريو قد نشهد مواجهة كبيرة”.

 

يستند هذا السيناريو إلى قطع “الحبل السري” بين إيران ووكلائها في المنطقة، ما يجعلها أقل قدرة على تنفيذ هجمات ضد إسرائيل، كما يحد من قدرتها على استعراض القوة الإقليمية. إضافة إلى ذلك، فإن ضربات متكررة قد تستهدف مواقع ومخازن أسلحة للميليشيات ستعني تعطيل قدرتها على العمل بكفاءة، مما يمهد الطريق لتقويض النفوذ الإيراني على الساحة الإقليمية.

 

وبالوقت ذاته يشير قيراطة إلى أن “كل آل الأسد في مأمن وأمان من قبل إسرائيل كونهم لازالوا حاجة ضرورية لاستمرار السياسات الأمريكية و الإسرائيلية بالمنطقة”.

 

ويؤكد أيضاً أن جيش إسرائيل لن يدخل إلى سوريا، إلا بعد تنسيق مع الإدارة الروسية، ولن يكون دخوله إلا بطبيعة تكتيكية ومؤقتة ومتفق عليها والغاية هي ضرب حزب الله وميليشيات إيران.

  

الدعم الأمريكي والتحالفات الدولية

 

لا يمكن تجاهل أهمية الدعم الأمريكي لإسرائيل في تنفيذ أي من السيناريوهات المذكورة. فمنذ عقود، تلعب الولايات المتحدة دورًا حيويًا في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري لإسرائيل، وخاصة في مواجهاتها ضد إيران. إذ يرى الدكتور غازي الفيصل أن “الدعم الأمريكي لإسرائيل يأتي كجزء من التفاهم المشترك بين الدولتين حول حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الإقليمية.” 

 

ويضيف: “زيارة قائد الأسطول الأمريكي إلى تل أبيب مؤخرًا تشير إلى تنسيق عسكري عالي المستوى بين الطرفين بشأن أي تحرك إسرائيلي محتمل تجاه إيران.”

 

ويرى أن الدعم الأمريكي، سواء على مستوى المعدات أو المعلومات الاستخباراتية، يعد عنصرًا أساسيًا في أي عملية عسكرية محتملة ضد إيران. هذا الدعم يعطي إسرائيل قدرة أكبر على تنفيذ هجمات دقيقة تقلل من احتمال التصعيد إلى نزاع شامل. 

 

وكانت أمريكا أعطت الضوء الأخضر لنشر نظام صاروخي من نوع “ثاد” في إسرائيل لمساندتها في حال تعرضت لهجوم مضاد. 

 

وفي المقابل، يدرك الجانب الإيراني أن الرد على إسرائيل قد يؤدي إلى تدخل أمريكي مباشر، مما يثني إيران عن التصعيد إلى مستوى يخرج عن السيطرة، رغم الاستعدادات لأي رد ممكن من الطرف المقابل. 

  

التداعيات الإقليمية والدولية المحتملة

 

لا شك أن أي تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل كبير، وستكون الدول المجاورة أولى المتأثرين. وفي حالة استهداف إسرائيل للبرنامج النووي الإيراني، فإن دول الخليج قد تواجه تداعيات مباشرة في حال حدوث تسرب نووي، الأمر الذي قد يثير أزمة بيئية وصحية.

 

أما في حال ضرب المنشآت النفطية، فإن تأثير ذلك لن يكون محدودًا على إيران فقط، بل سيمتد إلى الأسواق العالمية التي تعتمد على صادرات النفط الإيرانية. هذا السيناريو قد يتسبب في ارتفاع أسعار النفط عالميًا، مما سيزيد من الضغوط الاقتصادية على دول المنطقة ويدفع العديد من الدول إلى مراجعة سياساتها تجاه إيران.

 

وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، فإن استهداف الميليشيات المدعومة من إيران سيؤدي إلى تغيير كبير في ميزان القوى في المنطقة. فقد تفقد إيران قدرتها على شن عمليات هجومية ضد إسرائيل عبر وكلائها الإقليميين، مما يضعف من نفوذها السياسي والعسكري.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

لبنان يرفض دعوة طهران.. هل هجمات إسرائيل على حزب الله مقدمة لهجوم جديد على إيران؟

وصلت التوترات بين طهران وبيروت إلى مستوى جديد، حيث رفض وزير الخارجية اللبناني دعوة إيرانية رسمية فيما تحاول إسرائيل إزالة تهديد حزب الله في الشمال من خلال توسيع هجماتها.

في يوم الأربعاء 10 ديسمبر (19 آذر 1404)، أعلن وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي أنه لم يقبل حتى الآن دعوة لزيارة طهران واقترح بدلاً من ذلك إجراء محادثات مع إيران في بلد ثالث محايد ومتفق عليه بشكل متبادل.

ووفقًا لوكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، فقد أرجع رجي سبب القرار الى ما أسمّاها "الظروف الحالية"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل، وشدد الوزيراللبناني على أن هذه الخطوة لا تعني رفض المحادثات مع إيران.

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، وجّه الأسبوع الماضي دعوة لنظيره اللبناني لزيارة إيران في المستقبل القريب ومراجعة العلاقات الثنائية.

انضم إلى يورونيوز فارسي على فيسبوك

تبدو مسألة نزع سلاح «حزب الله» والهجمات الإسرائيلية الأخيرة على بيروت أبعد من مجرد قضية محلية بسيطة، وكما تصف مجلة «عرب ويكلي» الأسبوعية المطبوعة في لندن في مقالها يوم الأربعاء: «لقد أصبح لبنان في الواقع أرضًا محروقة حيث يتم تبادل الرسائل (والصواريخ) بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة».

حذّر وليد جنبلاط، السياسي اللبناني الدرزي، بنبرة صريحة مؤخرًا من أن بلاده يجب ألا تصبح «صندوق بريد» لإيصال الرسائل بين القوى الأجنبية.

ويبدو أن رسالة تل أبيب الأخيرة إلى حزب الله وطهران قد وصلت إلى حارة حريك معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت في 23 نوفمبر الماضي. فخلال الغارة الإسرائيلية، التي وافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصيًا، تم تدمير قصف مبنى سكني وقُتل في الغارة قائد أركان الحزب هيثم علي طباطبائي.

وترى الدولة العبرية أنه بفضل غاراتها الجوية على إيران وإضعاف عدوها اللبناني، فإنها لم تعد مهتمة بإدارة تهديد «حزب الله»؛ بل إنها تنوي القضاء عليه. فقد سبق وخيّر نتنياهو حكومة نواف سلام والشعب اللبناني عامة العام الماضي بين أمريْن: إما "تحرير بلدكم من حزب الله" أو مواجهة "الدمار والمعاناة على غرار ما نراه في غزة" وفق تهديده.

حزب الله: أكثر من الخبز والماء للبنان

يعتقد فاضل إبراهيم، كاتب المقال، أن هذه التطورات قد غيّرت بشكل جذري نظرة إيران إلى حزب الله؛ وأنه "قبل هجمات حزيران/يونيو، كان حزب الله أداة لاستعراض القوة، ولكن الآن، ربما يُعتبر الدرع الأخير المتاح لضمان بقاء الجمهورية الإسلامية".

كما تفسّر هذا الرأي ملاحظات علي أكبر ولايتي، أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى في إيران، الذي شدد في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر على أن "وجود حزب الله أكثر أهمية للبنان من الخبز".

وقد قوبلت هذه التصريحات برد فعل عنيف وصريح من الحكومة اللبنانية. وصف يوسف رجي، وزير الخارجية اللبناني، تصريحات ولايتي بأنها انتهاك واضح لسيادة بلاده، وكتب في رسالة على شبكة X موجهة إلى نظيره الإيراني، عباس عراقجي، أن "ما هو أكثر قيمة بالنسبة لنا من الماء والخبز هو سيادة وحرية واستقلال صنع القرار الداخلي لدينا".

كما ندد بانتقاد حاد بالشعارات الأيديولوجية والبرامج العابرة للحدود التي دمرت الأمة اللبنانية على حد قوله.

لم تعد الحكومة اللبنانية تنقل سخطها سراً، بل تعلن ذلك بصوت عالٍ للجميع. وشدد وزير الخارجية اللبناني آنذاك، في مقابلة مع شبكة الجزيرة العربية، على أن "حزب الله لا يمكنه تسليم أسلحته دون قرار من إيران"، وهو اعتراف واضح بحقيقة أن السيطرة على الحرب والسلام في لبنان لا تكمن في بيروت، بل في طهران.

إسرائيل توسّع نطاق حملاتها العسكرية في المنطقة بعد وقف إطلاق النار في غزة

في الوقت الذي تصاعدت فيه التوترات الخطابية بين بيروت وطهران، تعمل إسرائيل، التي قلصت أنشطتها العسكرية خلال وقف إطلاق النار الهش في غزة، بنشاط على توسيع نطاق عملياتها إلى البلدان المجاورة.

بالإضافة إلى استهداف قادة حزب الله وعناصره، كثف الجيش الإسرائيلي أيضًا حملته في سوريا، مخلفًا عددًا كبيرًا من الضحايا من خلال شن هجوم برّي جريء في بلدة بيت جن.

كما أن الوضع الحالي في الميدان يزيد من تفاقم الأوضاع، خاصة وأن التقارير تشير إلى أن المبعوث الأمريكي توم باراك قد صرح في تحذيره الأخير لبغداد بأن إسرائيل لن تتردد في مهاجمة الأراضي العراقية إذا تدخلت الميليشيات المدعومة من إيران هناك لدعم حزب الله.

هل تعتبر الغارات على لبنان بروفة لـ "الجولة الثانية" من الهجمات ضد إيران

يبدو أن هذه الهجمات والتهديدات مقدمة لـ «جولة ثانية» من الهجمات ضد إيران. فقد حذر مدير وزارة الدفاع الإسرائيلية أمير بارام مؤخرًا في خطاب ألقاه في جامعة تل أبيب من أن "التراكم السريع للقوة" في إيران يعني أن "جميع الجبهات تظل مفتوحة".

بالنسبة لإسرائيل (وبالطبع لإيران)، فإن الجولة التالية من الحرب المباشرة هي حتمية يجب الاستعداد لها من الناحية التكنولوجية والعسكرية. عرب ویکلی

بالنسبة لإسرائيل (وبالطبع لإيران)، فإن الجولة التالية من الحرب المباشرة هي حتمية يجب الاستعداد لها من الناحية التكنولوجية والعسكرية.

كما تجاهل نتنياهو مؤخرًا أي غموض حول ترتيب العمليات هذا. ففي مقابلة أجريت معه مؤخرًا، قال مزهوّا إن حرب حزيران/يونيو قد أخرجت كبار العلماء النوويين في إيران والقيادة من الميدان" وأزالت التهديد المباشر المتمثل في "السلاح النووي". ومع ذلك، ومع الاعتراف بأن طهران ستعيد بناء برنامجها النووي مرة أخرى، أوضح المرحلة التشغيلية الحالية لإسرائيل بصراحة: "تركيزنا الآن على محور إيران... دعونا ننهي المهمة هناك".

والرسالة واضحة تمامًا: بمجرد وضع درع الوكيل جانبًا، سيتم إعادة فتح الطريق إلى طهران. فاضل ابراهیم أراب ويكلي

من وجهة نظر طهران، يبقى حزب الله الحليفَ الرئيسي والأقرب والأكثر قدرة على مواجهة الجبهة الشمالية لإسرائيل، كما أنه الركيزة الأساسية لـ "استراتيجية إيران الأمامية". ولهذا السبب، أصبح منع تدمير التنظيم أولوية قصوى لطهران حيث تنفق طهران موارد مالية ضخمة في محاولة لإعادة بناء قدرات الحزب.

ويقول مسؤولون في وزارة الخزانة الأمريكية إن إيران حولت حوالي مليار دولار إلى حزب الله في العام الماضي وحده.

ويدّعي مسؤولون في وزارة الخزانة الأمريكية إن إيران حولت حوالي مليار دولار إلى حزب الله في العام الماضي وحده. ويقال إن الأموال يتم تحويلها من خلال شبكة معقدة وغامضة من البورصات، مدعومة بمساعدة مجموعات من المسافرين الذين ينقلون النقود في حقائب للتحايل على النظام المصرفي الرسمي.

هذا التدفق المالي الحيوي يسمح لـ «حزب الله» بالاستمرار في دفع معاشات التقاعد لعائلات «شهدائه» وتجنيد قوات جديدة في وقت تنهار فيه الحكومة اللبنانية. لكن بالنسبة لإسرائيل، تعتبر عملية إعادة البناء هذه خطًا أحمر. من وجهة نظر تل أبيب، لا تهدف التفجيرات الحالية إلى القضاء على قادة «حزب الله» فحسب، بل هي محاولة لمنع المنظمة من تدمير بنيتها التحتية وأصولها المادية، التي تعيد إيران بناءها بتكلفة كبيرة.

لبنان، مبنى محترق بدون طريق للهروب

ومع تسارع المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، أصبح قادة لبنان، بما في ذلك الرئيس جوزاف عون وئيس الوزراء نواف سلام في وضع وكأنهما يديران مبنى محترقا دون مفرّ بحسب تعبير كاتب مقال آراب ويكلي.

وفي آب/أغسطس، صوّت مجلس الوزراء اللبناني، بشكل رمزي، على نزع سلاح التنظيمات غير الحكومية، لكن حزب الله تجاهل القرار إلى حد كبير، كما أن الجيش اللبناني غير قادر على التنفيذ دون المخاطرة ببدء حرب أهلية؛ وهي الحرب التي أقسم رئيس جمهورية عون على منعها.

ومع إعلان واشنطن أن مساعدتها المالية لبيروت ستكون مشروطة بنزع السلاح، وتأكيد سفيرها الجديد والعدائي، ميشيل عيسى، على ذلك أيضًا، لا يملك لبنان سوى هامش محدود للمناورة.

وبما أن تل أبيب وواشنطن تعتقدان أن حرب الـ 12 يومًا قد خلقت فرصة فريدة للقضاء نهائيا على الجمهورية الإسلامية والطرف الحليف المتمثل في "محور المقاومة"، فإن كلا من إسرائيل وأمريكا تضغطان على الحكومة اللبنانية للقيام بما لا يستطيع سلاح الجو الإسرائيلي إكماله من السماء.

يعتقد كاتب المقال في المجلة المذكورة أن موجة العنف في لبنان أصبحت مؤشرًا يُظهر زيادة احتمال نشوب حرب مباشرة ثانية بين إسرائيل وإيران.

كانت إسرائيل منفتحة على الاعتماد على قدرتها على تفكيك شبكة وكلاء إيران قبل أن تعيد طهران إحياء القدرة العسكرية لـ «حزب الله» قبل 7 أكتوبر.

كانت إسرائيل منفتحة على الاعتماد على قدرتها على تفكيك شبكة حلفاء إيران قبل أن تعيد طهران إحياء القدرة العسكرية لـ "حزب الله" قبل 7 أكتوبر.

وعلى النقيض من ذلك، اعتمدت طهران على المبدأ المعاكس؛ لكسب المزيد من الوقت من خلال عرقلة عملية نزع السلاح، وتعزيز القدرة القتالية لـ "حزب الله" وجرّ الدولة العبرية إلى المستنقع اللبناني بحيث تصبح دفاعات إسرائيل مهترئة للغاية بحيث تتمكن الجمهورية الإسلامية من استعادة قوتها.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • الولائية والخنوع ..رشيد:أي اعتداء على إيران هو اعتداء على العراق!!
  • بعد ناقلات النفط.. أوكرانيا تعلن استهداف سفينتين روسيتين تنقلان أسلحة
  • إيران تعلن عن عقد اجتماع إقليمي لمناقشة التطورات في أفغانستان
  • رئيس الجمهورية لبزشكيان: أي عرقلة تواجه إيران هي بمثابة عداء لنا
  • مستشار ماكرون يحذر إسرائيل.. لبنان يحدد شروطاً لزيارة وزير الخارجية الإيراني!
  • بعد عامين… تحرّك في الكونغرس لمساءلة إسرائيل عن استهداف صحافيين
  • إيران : احتجاز ناقلة النفط الفنزويلية قرصنة في البحر الكاريبي
  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا
  • إسرائيل تستعد لسيناريو هجمات عبر أذرع إيران وجنوب سوريا
  • لبنان يرفض دعوة طهران.. هل هجمات إسرائيل على حزب الله مقدمة لهجوم جديد على إيران؟