لبنان أمام توازن صعب في صراع موازين القوى
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
بيروت «أ.ف.ب»: بعد ضربات متتالية وجّهتها إسرائيل إلى حزب الله وتحوُّل النزاع معه إلى مواجهة مفتوحة، يجد لبنان نفسه أمام توازن صعب بين الولايات المتحدة وحلفائها الساعين إلى تعديل موازين القوى لصالحهم، وإيران التي لن تتنازل بسهولة عن مكتسباتها، كما يرى خبراء.
شكّل اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر سبتمبر، صدمة في لبنان، حيث يعدّ الحزب قوة سياسية وعسكرية نافذة تنامت قدراتها بشكل كبير خلال العقود الماضية.
ويوضح المحلل في مركز كارنيجي للشرق الأوسط مايكل يونج أن لبنان يواجه «تجاذبا بين إيران... والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية».
ويضيف: إن «الأمريكيين والإسرائيليين... يحاولون استخدام القوة العسكرية من أجل تغيير توازن القوى في لبنان لصالحهم، ولا شكّ أن الإيرانيين لن يقبلوا بذلك بدون قتال».
فتح حزب الله جبهة «إسناد» لغزة وحليفته حماس منذ أكتوبر 2023، غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل والحركة في القطاع بعد هجوم السابع من أكتوبر.
وتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود على مدى العام المنصرم. وحاول الحزب احتواء التصعيد وحصره ضمن هوامش ومناطق حدودية، لكنه أكد الترابط بين وقف النار في لبنان وغزة.
لكن تبادل القصف تحوّل إلى مواجهة مفتوحة في سبتمبر، مع تكثيف إسرائيل حملتها الجوية ضد مناطق لبنانية عدة خصوصا معاقل للحزب في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، وبدء عمليات برية «محدودة».
وتلقّى الحزب الذي تمدّه إيران بالدعم المالي والتسليحي، سلسلة ضربات من إسرائيل أو منسوبة إليها، مثل تفجير أجهزة اتصال يستخدمها آلاف من عناصره، ومقتل نصرالله والعديد من القادة العسكريين والميدانيين، واستهداف بنى أساسية ومنشآت ومخازن أسلحة عائدة له.
طرحت الضربات، تزامنًا مع تواصل الحملة الإسرائيلية، أسئلة حول مستقبل الحزب سياسيًا وعسكريًا.
وأكدت واشنطن حليفة الدولة العبرية، أنها تتطلّع لتغيير في لبنان.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في 11 أكتوبر: «من الواضح أن الشعب اللبناني يريد لدولته أن تمسك بزمام الأمور وتتحمّل مسؤولية بلدهم ومستقبله».
قبله بأيام، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللبنانيين إلى «تحرير» بلادهم من حزب الله، وإلا سيواجهون مصيرًا مشابهًا لغزة.
تقول كيم غطاس، المحللة السياسية ومؤلفة كتاب «الموجة السوداء» عن الشرق الأوسط: إن «رؤية واشنطن لا تتماشى بالضرورة مع رؤية إسرائيل من حيث أهداف الحرب وتكتيكاتها».
وتضيف: «ترغب واشنطن في أن ترى حزب الله أضعف، وربما حتى نزع سلاحه، لكنها تخشى من أن تذهب إسرائيل بعيدا في حملتها العسكرية».
في خطوة نادرة، ندّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الجمعة بما اعتبره «تدخلا فاضحا» من قبل إيران في شؤون بلاده، بعد تصريحات منسوبة لرئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف.
وكان قاليباف زار بيروت الأسبوع الماضي، مثله مثل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. واعتبرت الزيارتان بمثابة تعبير عن الدعم لحزب الله بعد الضربات التي تلقاها.
ويقول مسؤول لبناني فضّل عدم كشف هويته إن مواقف المسؤولين الإيرانيين وربط طهران بين وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، أثارت استياء في بيروت.
وتلفت غطاس إلى أن «إيران تريد الحفاظ على ما تبقى من مقدّراتها في لبنان وأن تضمن بقاء النظام» في الجمهورية الإسلامية، ولذلك «ينبغي عليها أن تجد توازنا بين مواصلتها دعم حزب الله (...) وأن تؤشر في الوقت عينه إلى انفتاحها على الدبلوماسية».
تضيف: «تسعى إيران لحجز مقعد على طاولة المفاوضات بشأن مستقبل المنطقة».
وتستعد إيران لردّ إسرائيلي على هجوم صاروخي شنّته على الدولة العبرية في الأول من أكتوبر. وحذّرت إيران من أنها ستردّ على أي اعتداء على أراضيها. توازيا، يجري عراقجي منذ أيام جولة إقليمية يكرر فيها موقف بلاده الرافض للتصعيد الإقليمي.
وقال ميقاتي الجمعة بعد استقباله نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني: إن «لبنان يدفع فاتورة غالية ثمن الصراعات الخارجية وما يحصل يجب أن يكون درسًا لجميع الأطراف اللبنانية أن النأي بلبنان عن الصراعات الخارجية هو المطلوب».
يرأس ميقاتي حكومة تصريف الأعمال في ظل فراغ رئاسي منذ عامين، بفعل مأزق سياسي يعود للتجاذب بين حزب الله والقوى السياسية المناهضة له حال دون انتخاب البرلمان رئيسا جديدا للجمهورية.
وقال ميقاتي الثلاثاء لفرانس برس «ثمة مساع جدية لانتخاب رئيس جمهورية، نأمل أن تصل إلى نتيجة».
وخلال الآونة الأخيرة، دعا زعماء وشخصيات في لبنان القائم على المحاصصة السياسية والطائفية، لا سيما من المناهضين لحزب الله، إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، مع تأكيدهم في الوقت عينه أهمية الوحدة الوطنية، في ما يراه المحللون مسعى لتجنّب إظهار نية استثمار الضربات التي تلقاها حزب الله، في السياسة اللبنانية.
أما غطاس فتشير إلى أن «السياسيين يبدو وكأنهم تعلموا الدروس من الماضي»، في إشارة إلى الحرب الأهلية التي امتدت بين عامي 1975 و1990.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
بينحزب الله وحاكم مصرف لبنان: هواجس متبادلة قيد البحث
كتب عماد مرمل في" الجمهورية": من الواضح أنّ أعداء «حزب الله» وخصومه يحاولون إمساكه من اليد التي توجعه، مفترضين أنّ زيادة الضغط على «البيئة الحاضنة» يمكن أن تؤدي إما إلى فك ارتباطها الوثيق به، وبالتالي نزع أحد أهم أسلحته، وإما إلى دفعه نحو تقديم تنازلات جوهرية بغية إراحة ناسه. حتى الآن، استطاع «الحزب» التكيّف مع الضغوط المتصاعدة وامتصاص جزء أساسي من مفاعيلها، من دون أن ينكر قساوتها وتأثيراتها.ويتوقع «الحزب» استمرار محاولات التضييق عليه وعلى جمهوره بأشكال شتى، وصولاً إلى احتمال إصدار قرار بإقفال مؤسسة «القرض الحسن» إذا فقد البعض صوابه السياسي، الأمر الذي دعاه إلى عقد اجتماعات تنظيمية داخلية بعيداً من الأضواء للبحث في تطورات هذا الملف، ودرس الوسائل السياسية والقانونية الممكن اعتمادها لمواجهة الموقف. ويعتبر «الحزب» أنّ هناك في الداخل من يستسهل اللعب بالنار، ويزايد على الأميركيين أنفسهم في «التفنن» باعتماد تدابير تتجاوز القوانين المرعية الإجراء، وتنطوي على محاولة لقطع الأوكسيجين، عن منتمين إلى البيئة الأوسع لـ«الحزب»، ما يهدّد في رأيه بتداعيات على الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي.
وينبّه «الحزب» إلى أنّ الضغط يولّد الانفجار في نهاية المطاف، داعياً المعنيين إلى التدقيق جيداً في قراراتهم، لأنّ من غير المقبول أن يصبح مصير شريحة من المواطنين مرهوناً بشحطة قلم.
وإزاء تصاعد الضغوط، عُقد قبل فترة لقاء بين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، الذي شرح المخاطر المتأتية من إجراءات المصرف المركزي في حق بيئة «الحزب» ومنتسبيه، منبّهاً إلى أنّها تنطوي على عملية «خنق» مرفوضة. واستغرب فياض خلال لقائه بالحاكم أن تتعدى قرارات «المركزي» حدود إقفال حسابات مصرفية بالدولار إلى مجالات أبعد، من نوع وضع هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان إشارات على ملكيات خاصة.
ولفت فياض انتباه الحاكم إلى أنّ الاقتصاد النقدي (الكاش) ليس سوى نتيجة تلقائية لإخراج المؤسسات الصحية والتربوية والاجتماعية والدعوية التابعة لـ«الحزب» من النظام المصرفي اللبناني، ما اضطرها قسراً إلى إيجاد بديل من خلال اعتماد اقتصاد «الكاش» لضمان استمرار دورتها المالية، متسائلاً: إذا كان التعاطي مع هذا وذاك ممنوعاً، فهل المطلوب خنق بيئة بكاملها؟ ويبدو أنّ اجتماعاً آخر يتم تحضيره بين فياض وسعيد لاستكمال البحث ومناقشة الهواجس المتبادلة، علماً أنّ سفر «الحاكم» أدّى إلى تأخير انعقاده لبعض الوقت.
وتحذّر الأوساط القريبة من «حزب الله» من محاذير تقاطع الاستهدافات الداخلية والخارجية له ولبيئته، ناصحة باستدراك الوضع قبل تفاقمه أكثر.
مواضيع ذات صلة هذا ما بحثه دريان مع حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة الرقابة على المصارف Lebanon 24 هذا ما بحثه دريان مع حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة الرقابة على المصارف