جابر بن حسين العُماني
jaber.alomani14@gmail.com
عُرِفَ المجتمع العُماني بعاداته وتقاليده الأصيلة التي كانت ولا تزال متجذرة في أبنائه الكرام، الذين يسعون دائمًا لتعزيز الروابط الاجتماعية والأسرية، والتي منها إظهار التضامن والتلاحم والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد، ومن مظاهر التضامن الاجتماعي الملحوظة في المجتمع العُماني، هو التكافل الاجتماعي الذي يتخذ أشكالًا ومسميات مختلفة.
ويتجلى التكافل الاجتماعي في المجتمع العُماني بشكل كبير، ولا سيما في المناسبات الاجتماعية والأسرية، ومنها مناسبات الأعراس، حيث تظهر عوامل التكاتف والتضامن والتكافل بأفضل صورها الاجتماعية والأسرية، وذلك بهدف مشاركة العريس فرحته وسعادته، من خلال تقديم كافة أنواع الدعم المعنوي والمادي، حتى لا يشغل العريس عقله وفكره بتكاليف الزواج، حيث يقوم المجتمع برجاله ونسائه بمد يد العون والمساعدة للعريس وإهدائه هدية تعينه في حياته الزوجية وتخفف عنه أعباء الحياة الباهظة، فيتحمل المجتمع شيئًا من احتياجات العريس والتي تتمثل في أمرين مهمين، وهما كالآتي:
الأول: الدعم المالي؛ حيث يجتمع الأهالي والأقارب والأصدقاء والجيران وأبناء المجتمعات المجاورة، وبدعوة كريمة من صاحب المناسبة لحضور مراسم حفل الزفاف، وتُقام مراسم الزواج العُمانية المختلفة، ومنها قراءة المولد أو ما يُعرف بفن الهوامة، وكذلك اصطحاب العريس إلى حوض كبير من الماء بهدف الاستحمام، وهو ما يُسمى بـ"تسبوحة المعرس"، ثم وضع الطبق المستدير أو الطاولة المستديرة التي تُجمع عليها الهدايا المادية؛ حيث ينادي أحدهم بأسماء المتبرعين بالهدايا كل بحسب استطاعته، وتسجيل أسماء المتبرعين وقيمة ما تبرعوا به؛ حيث تصل التبرعات في بعض المحافظات العُمانية إلى عشرات الآلاف، مما يتيح للعريس السعيد تغطية تكاليف زواجه بشكل متكامل والاستمتاع بشهر عسل سعيد ومريح خارج بلاده بصحبة شريكة حياته، كما يقوم العريس بتسديد ديونه واحتياجاته بقيمة تلك الهدايا، وهذه العادة الطيبة والمباركة كانت ولا تزال متجذرة منذ عهد الآباء والأجداد وعرفت بمسميات مختلفة، ففي بعض المحافظات الكبيرة مثل محافظة صلالة، تسمى بـ "المغبور"، وفي مُحافظة الباطنة تسمى بـ"هدية المعرس"، وفي ولاية عبري عرفت بـ"العينية".
إلّا أنه ومن المؤسف في عصرنا الحالي بدأت هذه العادة في بعض الولايات بالانقراض، وقد يكون ذلك بسبب الظروف الاقتصادية؛ مما جعل البعض غير قادر على تقديم الهدايا المالية في مناسبات الزواج والاكتفاء بالمباركة والمشاركة بالحضور، وهو مما يثقل كاهل العريس ويجعله يتحمل لوحده نفقات الزواج الباهظة بهدف إقامة حفل الزواج.
الثاني: الدعم المعنوي، وقد عُرف المجتمع العُماني بالوقفات المعنوية في الأعراس، وهناك وقفات تُنمي الوعي الاجتماعي، فهدية العريس لا تعني دفع المال فقط، وإنما هناك موارد أخرى وهي عبارة عن مهام يسعى من أجلها أفراد المجتمع العُماني لإسعاد العريس، وتشمل تلك المهام المعنوية الحضور إلى مناسبة الزواج، والمساعدة في تقديم الطعام والقهوة والحلوى العُمانية، واستقبال الضيوف، وتنظيم المكان وتنظيفه، وتوفير ما يخص كشخة العريس من العمامة والسيف والخنجر، وتقوم كذلك النساء بتقديم الهدايا للعروس وذلك بقراءة الأهازيج والأناشيد وتقديم باقات الورد والحلويات والروائح الطيبة.
وتحظى هدية العريس في المجتمع العُماني بأهمية بالغة، فهي تعزز من أواصر المحبة والمودة والترابط والتعاون بين شرائح المجتمع المختلفة، لذا ينبغي الاهتمام بتجديدها وتفعيلها في المجتمعات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الشباب حاليًا، ومن الضروري تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، وذلك من منطلق الواجب الأخلاقي الذي حثنا عليه ديننا الحنيف، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة: 2)، وقال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا، فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ»، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «الهَدِيَّةُ تورِثُ المَوَدَّةَ، وتُجَدِّدُ الأُخُوَّةَ، وتُذهِبُ الضَّغينَةَ».
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وفد عُماني يستعرض فرص الاستثمار في "معرض تايفكس" ببانكوك
مسقط- الرؤية
شارك وفد رسمي من سلطنة عُمان في فعاليات معرض تايفكس 2025 Thaifex – Anuga Asia، والذي أُقيم في العاصمة التايلندية بانكوك، بمشاركة دولية واسعة من الجهات والشركات العاملة في قطاع الأغذية والمشروبات والتجارة الدولية.
ومثَّل سلطنة عمان وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه من خلال وفد رسمي وعدد من المختصين من صالة “استثمر في عُمان” والشركات العمانية المحلية، وبالتعاون الوثيق مع السفارة التايلندية في سلطنة عُمان، وذلك بهدف بحث أوجه التعاون وفرص الاستثمار والشراكة بين البلدين الصديقين.
وعقد الوفد العُماني اجتماعًا رسميًا مع مجلس الاستثمار التايلندي (Board of Investment of Thailand - BOI)، وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن الترويج للاستثمار الأجنبي في تايلند، ودعم سياسات تسهيل الأعمال وتوفير الحوافز للمستثمرين. ناقش الاجتماع فرص تعزيز الاستثمارات الثنائية، خصوصًا في مجالات التصنيع الغذائي، وسلاسل التوريد، والتقنيات الزراعية.
وقام الوفد بجولة ميدانية شاملة في أروقة معرض “تايفكس”، حيث التقى بممثلي الشركات العُمانية المشاركة في مجال الاغذئية، واطّلع على عروضهم ومنتجاتهم في قطاع الأغذية. وتم التأكيد على دعم الجهود الترويجية للشركات العمانية، وفتح قنوات جديدة للتصدير والدخول إلى الأسواق الآسيوية.
وعلى هامش المعرض، التقى الوفد أيضًا مع مسؤولين من دائرة ترويج التجارة الدولية في تايلند، حيث جرت مناقشة آفاق التعاون التجاري وتبادل المنتجات، لا سيما المنتجات الزراعية والغذائية. كما التقى الوفد بممثلين عن جمعية الأرز التايلندية، إحدى أبرز الهيئات المعنية بجودة وترويج صادرات الأرز، في إطار استكشاف مجالات التبادل التجاري والاستفادة من الخبرات الفنية التايلندية في هذا القطاع.
وشهد المعرض زيارة من نائب السفير العُماني لدى مملكة تايلند، والذي أعرب عن دعم السفارة الكامل للشركات العمانية المشاركة، وحرصها على تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.
كما قام الوفد بعدد من الزيارات الميدانية لشركات تايلندية متخصصة في إنتاج وتصدير الأرز، وذلك بهدف فهم آليات العمل والرقابة والجودة، واستكشاف فرص الشراكة التقنية والتجارية.
ومن أبرز محطات الزيارة كانت جولة الوفد إلى المركز التايلندي لإصدار شهادات الحلال (The Halal Science Center)، وهو مركز متخصص يتبع جامعة شولالونغكورن في بانكوك، ويُعنى بالبحوث العلمية والتحاليل المخبرية لضمان مطابقة المنتجات الغذائية للمعايير الشرعية والصحية. ناقش الجانبان سبل التعاون في مجال تبادل الخبرات والاعتراف المتبادل بشهادات الحلال، بما يُسهم في تعزيز تجارة المنتجات الحلال بين البلدين.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود سلطنة عُمان لتعزيز حضورها الاقتصادي في الأسواق الدولية، وتطوير العلاقات الثنائية مع دول شرق آسيا، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام المنتجات العُمانية في الأسواق العالمية