«الروبوتات»..مستقبل العمل بلا توقف
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
وفقا إلى التقارير المنشورة والإحصائيات، فإن عدد الروبوتات الصناعية في العالم بلغ 3.4 مليون روبوت حتى عام 2024م، وأن هناك ما يقدّر من روبوت واحد لكل سبعة أفراد من البشر، وأن هذه الروبوتات استحوذت على ما يقرب من 14% من الوظائف في العالم التي كان يشغلها البشر، وكذلك تشير التقارير إلى أن 90% من المؤسسات التجارية بكل أنواعها تخطط في استعمال الروبوتات في تسيير أعمالها استنادا إلى إحصائيات نشرها موقع «Coolest-Gadgets» في دراسة بعنوان «Robots Statistics 2024 By Revenue, Usage and Companies».
ما هي الروبوتات وكيف تعمل؟
ثمّة علم يطلق عليه علوم «الروبوتات»، ويعتبر مجالا علميا يتصل بتخصصات أخرى، ويركّز على عمليات تصميم الروبوتات وصناعتها وتشغيلها، ومن الناحية الفنية، فإن «الروبوتات» آلات تؤدي مهامَ تقليدية تحاكي بواسطتها أعمالا يقوم بها البشر. كانت الروبوتات الأولى أنظمة ميكانيكية بسيطة مصممة للقيام بالمهام الصناعية المتكررة مثل عمليات الأتمتة في المصانع، وتشمل عمليات اللحام والتجميع والفرز.
كانت هذه الآلات في زمنها المبكّر محدودة في قدراتها، حيث كانت تخضع لقوانين الميكانيكا الثابتة دون القدرة الحقيقية على اتخاذ القرارات أو التكّيف مع البيئات المتغيرة، وكانت المكونات الأساسية لهذه الروبوتات في بداية عهدها تشمل المحركات التي تسمح لها بالحركة، وأجهزة استشعار تقدّم ردودَ فعلٍ بيئية أساسية، وهيكلا ميكانيكيا يتمثل غالبا في أذرع ميكانيكية قابلة للتحرك وفق حدود رياضية وزوايا محددة تناسب الوظيفة المنوطة إليها. أما نظم التحكم؛ فكانت بدائية وتعتمد في كثير من الأحيان على منطق فيزيائي ثابت لا يملك قدرة على التفاعل مع أيّ بيانات تخص البيئة الخارجية ومعالجتها، مما جعل وظائف هذه الآلات في حدود المهام المتكررة المنوطة بها، ولهذا لم تكن ملائمة للبيئات المعقّدة أو الديناميكية.
على مر السنين، تطوّر علم الروبوتات بشكل كبير، فأصبحت الروبوتات الحديثة تدمج بين تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات الدقيقة وأجهزة الاستشعار المتطورة.
أتاحت هذه التطويرات للروبوتات التحوّل من الأتمتة البسيطة إلى التفاعل بشكل أكثر سلاسة مع بيئتها الخارجية واتخاذ قرارات سريعة وذكية؛ فنجد مثلا أن الروبوتات في وقتنا الحاضر مزوّدة بأنظمة مثل نظام الاستشعار عن بعد « LiDAR» والرادار والكاميرات المتطورة التي تمنحها قدرات إدراك دقيقة للبيئة الخارجية وظروفها المتغيّرة. يتيح ارتباط الروبوت بالذكاء الاصطناعي وخوارزميات تعلم الآلة القدرة على التعلم من التجارب السابقة؛ لتحسين قدرتها على أداء المهام المعقّدة مثل التنقّل الذاتي والتفاعل بطريقة مشابهة للبشر. أضحت الروبوتات المستعملة في مجالات مثل الرعاية الصحية والزراعة واللوجستيات قادرة على أداء مهام صعبة مثل الجراحة، وجني المحاصيل، وإدارة المخازن بشكل مستقل دون الحاجة لتدخل الإنسان، ويعكس هذا مدى تقدم هذا المجال.
تعمل الروبوتات الحديثة ذات الأنظمة الرقمية الذكية على التفاعل مع أجهزة الاستشعار، ومعالجة البيانات المرسلة، والتنفيذ. تجمع أجهزة الاستشعار البيانات من البيئة، ثم تُعالج بواسطة خوارزميات تعتمد في كثير من الأحيان على الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات المناسبة. تُترجم هذه القرارات إلى حركات فعلية عبر المحركات، مما يمكّن الروبوت من التحرّك أو معالجة المشكلات وفق ضوابطه الخوارزمية، ويمكن أن نقرّب الأذهان إلى مثال المكانس الكهربائية الذكية المزوّدة بأجهزة الاستشعار لاكتشاف العقبات والأوساخ؛ لتقوم بجمع بيانات البيئة المحيطة ومعالجتها لرسم خريطة للمكان، وتعديل مسارها استنادا إلى المتغيرات والبيانات المستجدة. كذلك في مثال آخر فإن الروبوتات المستعملة في المستودعات تقوم بجمع البيانات المتعلقة ببيئتها وتحدد عناصر تلك البيئة وأشياءها، ثم تقوم بنقلها إلى المواقع المخصصة بكفاءة عالية.
أين يمكن توظيف الروبوتات؟
أضحت الروبوتات آلات ذات طابع عملي ذكي لا غنى عنها في العديد من المجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والصناعة، وتضاعفت أهميتها مع ثورة الذكاء الاصطناعي التي استطاعت الاندماج في الروبوتات معلنة عن ولادة ما يمكن أن نطلقَ عليه بـ«أنسنة الآلة» التي تعكس القدرات البشرية الجسدية والدماغية الموجودة في الروبوتات عبر قوة الذكاء الاصطناعي المصاحبة، وهذا يعيد تشكيل كيفية عمل الصناعات في وقتنا الحاضر ويعد أيضا بفرص تطورية أكبر في المستقبل نظرا إلى التأثير الكبير للروبوتات التي تعمل جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي.
أحد الحقول المهمة التي يمكن للروبوتات أن يتفاعل معها بكل مهارة حقل الرعاية الصحية؛ إذ أثبتت الروبوتات قيمتها بشكل خاص في مجالات طبية صعبة مثل الجراحة، وإعادة التأهيل، ورعاية المرضى. تتيح الروبوتات المتخصصة في العمليات الجراحية مثل نظام «Da Vinci» إجراء عمليات دقيقة وطفيفة التوغل في الجسد البشري؛ فيسهم في تسريع فترات التعافي ويحسّن من النتائج الصحية. كذلك نرى الأذرع الروبوتية التي -حتى وقتنا الحاضر- يملك جراحون ماهرون زمام التحكم بها -عن قرب وعن بعد- قادرة على تنفيذ عمليات جراحية معقّدة، ويصعب تنفيذها بالدقة المطلوبة بواسطة الأيدي البشرية. في نطاق وظيفي آخر، نجد التفاعل الذي يمكن أن تحدثه الأنظمة الروبوتية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في التشخيص الدقيق والسريع وتحديد الأدوية وتوصيلها وفقَ مخرجات التشخيص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل الصور الطبية بسرعة ودقة أكبر من الطرق التقليدية؛ فيحسّن من اكتشاف الأمراض، ويمكن إجراء مثل هذه التشخيصات عبر الروبوتات المزودة بالذكاء الاصطناعي. في المستقبل القريب، من المتوقع أن تشمل التطبيقات روبوتات مستقلة بالكامل يمكنها إجراء الجراحات ومساعدة العاملين في المجال الصحي في البيئات الخطرة أو النائية.
فيما يخص حقل التعليم، أظهرت الروبوتات مساهمة في عمليات التدريس وتحفيز الطلبة؛ فتُستعمل الروبوتات التعليمية مثل «Pepper» و«Nao» في الفصول الدراسية لمساعدة المعلمين والتفاعل مع الطلبة، وكذلك في المساعدة في تقديم تجارب تعليمية متخصصة وذات طابع تفاعلي، ومع الطفرة الرقمية التي سمحت لهذه الروبوتات أن تتحد مع أنظمة الذكاء الاصطناعي وخوارزمياتها؛ فإنها تبرز قدراتها على التكيّف مع أنماط التعلم المتعددة ومع اختلاف مستوياتها، وفي صناعة المحتوى التعليمي المناسب وتقديم الملحوظات للطلبة وتقويم أدائهم الدراسي. في قادم المستقبل، ثمّة توقعات عالية أن الروبوتات ستصبح جزءًا لا يتجزأ من منظومة التعليم عن بُعد، والتعليم الشخصي «الفردي»، والعمل بمثابة المعلّم الشخصي للطلبة؛ فيساعد المعلمين في التعامل مع الموضوعات المعقّدة مثل الرياضيات والبرمجة وتبسيط العلوم والتقنيات الدقيقة.
في قطاع الصناعة، لا سيما في مجالات التصنيع والعمليات والإنتاج، شهدت الروبوتات تحولًا جذريًّا في الوظائف المرتبطة بالصناعة؛ ففي مجال التصنيع، تُستعمل الروبوتات لأداء مهام مثل تجميع المنتجات، واللحام، والتعامل مع المواد؛ فيضاعف من سرعة التصنيع وجودته، وتقليل المخاطر المتعلقة بالتصنيع والمواد الخطرة؛ إذ تعمل الروبوتات بسرعة ودقة أكبر من البشر. كذلك يمكن أن نرى ما يسمى بالروبوتات التعاونية تعمل جنبًا إلى جنب مع العمال البشر لأداء المهام الصعبة التي تتطلب مرونة البشر ودقة الروبوتات، وأدى إدخال الذكاء الاصطناعي في منظومة الروبوتات إلى تحسين قدرة هذه الروبوتات على العمل بشكل مستقل؛ حيث تتعلم بمرور الوقت وتتحسن استنادًا إلى البيانات التي تجمعها أثناء عملياتها. يمكن للروبوتات -في حاضرنا- المدعومة بالذكاء الاصطناعي التنبؤ بأعطال الآلات الصناعية وتشخيص أعطالها -سبق الحديث عن هذا ببعض التفاصيل في مقال علمي نشرته مسبّقا في جريدة «عمان»-، وإدارة اللوجستيات، وتشغيل خطوط الإنتاج بأكملها مع تدخّل بشري قليل، ومن المتوقّع أن تشهد الصناعات مستقبلًا استعمالًا أوسع للروبوتات المدمجة بالذكاء الاصطناعي في أتمتة العمليات الصعبة، وتحسين الكفاءة، وتقليل الفقد، وخفض التكاليف.
مستقبل الروبوتات
يبشّر مستقبل الروبوتات بثورة كبيرة في قطاعات كثيرة خصوصا القطاع الصحي وقطاع الصناعة والأتمتة؛ فمن المتوقع أن تصبح الروبوتات أكثر استقلالية وذكاءً وتوسعًا في استعمالاتها، وستقود التطويرات التي نشهدها في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الإدراكية إلى توليد روبوتات قادرة على اتخاذ قرارات ذكية وحاسمة ومتفاعلة بشكل أكثر شمولية مع البشر ونطاق وظائفها، وستكون هذه الروبوتات ذات هياكل مشابهة للبشر بشكل أكثر دهشة من الروبوتات الحالية المشابهة للبشر مثل روبوت «صوفيا»؛ فيسمح لها بأداء المهام التي تتطلب درجة أعلى من الدقة أو التكّيف مثل مساعدة كبار السن والعمل في بيئات خطرة. بالإضافة إلى ذلك، سيشهد المستقبل ميلاد الروبوتات الجماعية التي يمكنها العمل معًا باعتبارها وحدة متكاملة مشابهة عمل الفريق البشري، وستكون لهذه الروبوتات المتحدة وظائف ذات طبيعة حساسة مثل البحث والإنقاذ ومراقبة البيئة، ومع تقدم علوم المواد، من المتوقع أن تكون الروبوتات المستقبلية أكثر مرونة وخفة وذات طبيعة مقاومة لظروف البيئة، وقادرة على العمل في بيئات يصعب الوصول إليها في حاضرنا مثل أعماق البحار والفضاء الخارجي.
التحديات والحلول
رغم ذلك؛ ثمّة تحديات تصاحب النمو الرقمي وانتشار الروبوتات وتوسّع نطاق استعمالاتها ووظائفها أكثرها تتعلق بسوق العمل الذي سيفقد فيه الإنسان الكثير من الوظائف، ولكن لا بد من إعادة التموضع لمواجهة هذه التحديات، وتكمن آلية إعادة التموضع في إعادة تشكيل التخصصات العلمية ومنهاجها بما يناسب سوق العمل المتسارع في التغيير، وهذا ما يقود إلى إعادة بناء سوق عمل يتلاءم مع قدرات الإنسان التي لا يمكن للآلة الذكية بما فيها الروبوتات أن تمتلك ناصية أبجدياتها، ومنها القطاعات الرقمية التي تتفرع إلى تخصصات البرمجة والتحكم الخوارزمي ومراقبته، وحوكمة الذكاء الاصطناعي وتنفيذ تشريعاته المرتبطة بالأطر الأخلاقية. لا ينبغي أن نواجه هذه التحديات الحتمية بأسلوب الهروب والتخلي من مواكبة التقدم الرقمي؛ فكما أوضحنا في سطور سابقة؛ ستضيف الروبوتات وأنظمتها الذكية الكثير من المزايا في حياتنا الخاصة والعامة بما فيها عملياتنا الصناعية وأنظمتنا التعليمية والصحية، وكل ما علينا أن نفعله أن نعيد تموضعنا التخصصي في المنظومة التعليمية ونعيد تموضعنا في سوق العمل دون أيّ إفراط أو تفريط مع تفاعلاتنا الرقمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی تعمل الروبوتات هذه الروبوتات سوق العمل مستقبل ا یمکن أن
إقرأ أيضاً:
أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟
على وقع تسارع الذكاء الاصطناعي "بسرعة مذهلة"، تبدو المراهنة على مستقبله -كما تصفه وكالة بلومبيرغ- مزيجا من الإغراء والمخاطرة في آن واحد.
فالأثر على المحافظ الاستثمارية والاقتصاد والحياة اليومية يتضخم يوما بعد يوم، إلى حدّ أن شركات التكنولوجيا العملاقة المستفيدة من الطفرة باتت تشكّل نحو 36% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في حين تستحوذ إنفيديا وحدها على قرابة 8% منه، وفق بلومبيرغ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 حلول مالية تساعد رواد الأعمال على حماية شركاتهمlist 2 of 27 قواعد ذهبية للتعامل مع البنوك بذكاءend of listوفي المقابل، تشير الوكالة إلى أن موجة الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات تمنح اقتصاد أميركا دفعة ملموسة، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات حول تآكل الوظائف المبتدئة والضغط المتزايد على الكهرباء والمياه.
ولفهم "أين تُترجم الوعود إلى أرباح"، استطلعت بلومبيرغ آراء 4 خبراء استثمار، لكل منهم زاوية مختلفة في قراءة التحول الجاري:
كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "أرك إنفست"، المعروفة بتركيزها على التقنيات التحولية. دِني فيش، رئيس أبحاث التكنولوجيا ومدير محافظ في "جانوس هندرسن"، والمتخصص في بناء إستراتيجيات استثمارية طويلة الأجل لقطاع التقنية. تاوشا وانغ، مديرة المحافظ في "فيديلتي إنترناشونال"، التي تركز على الربط بين الذكاء الاصطناعي والدورات الكلية والسلع. مايكل سميث، رئيس فريق أسهم النمو في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس"، المتخصص في الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والرعاية الصحية.وتُظهر قراءاتهم، كما تنقلها بلومبيرغ، أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد إلى تقاطع البيانات مع البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية.
روبوتاكسي.. سوق بعشرات التريليوناتوتضع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لـ"أرك إنفست"، ما تسميه بلومبيرغ "الذكاء المتجسّد" في صدارة فرص 2026، وتحديدا النقل ذاتي القيادة.
وتنقل بلومبيرغ عن وود تقديرها أن منظومة سيارات الأجرة ذاتية القيادة عالميا قد تتوسع لتبلغ 8 إلى 10 تريليونات دولار خلال 5 إلى 10 سنوات، معتبرة أن تسلا في "موقع الصدارة" داخل أميركا وخارجها.
كما تورد بلومبيرغ رقما لافتا في أطروحة وود: هدف سعري لسهم تسلا عند 2,600 دولار خلال 4 سنوات مقارنة بنطاق 400 إلى 450 دولارا "حاليا"، مع زعم أن 90% من هذا السيناريو مرتبط بـ"الروبوتاكسي".
إعلانوتُفصّل وود -وفق بلومبيرغ- منطق "البيانات التشغيلية" ملايين المركبات على الطرق تجمع "بيانات الحالات الحدّية" (حوادث، تعطّل، ظروف نادرة)، مما قد يصنع فارقا في سوق "يميل إلى فائز يأخذ معظم الحصة".
وفي المقابل، تشير بلومبيرغ إلى أن "وايمو" التابعة لـ"غوغل" تعمل تجاريا منذ 2018 لكنها تحركت ببطء، قبل أن تبدأ في التسارع، جزئيا لأن تسلا دخلت سوق أوستن في يونيو/حزيران بخدمات روبوتاكسي.
قطاع الرعاية الصحيةتُبرز بلومبيرغ محورا ثانيا متقدما متمثلا في الرعاية الصحية بوصفها ساحة "عائد/أثر" يمكن أن يتجاوز الضجيج التقليدي حول الشرائح والبرمجيات.
وتنقل بلومبيرغ عن وود إشارتها إلى قفزات في تقنيات "تسلسل الجينات" وظهور ما تسميه "تسلسل الخلية الواحدة" المستخدم على نطاق واسع في تعريف السرطان وتطوير الإستراتيجيات العلاجية.
وفي هذا السياق تذكر وود شركتين مفضلتين لديها هما "تن إكس جينوميكس" و"تمبس إيه آي".
وبحسب بلومبيرغ، تُقدَّم "تمبس إيه آي" كمنصة تحلل كمّا كبيرا من بيانات المرضى لاستخراج مؤشرات قد تُحسّن التشخيص وقرارات العلاج، مع طرح احتمال أن تصبح "إحدى أهم الدعائم المعلوماتية" للرعاية الصحية في أميركا.
مراكز البياناتويقدّم دِني فيش من "جانوس هندرسن" إطارا أقرب إلى "هندسة محفظة" بدل الرهان على اسم واحد. ووفق بلومبيرغ، يقسّم فيش دورة تبنّي الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم إلى 3 سلال:
المُمكِّنون (البنية التحتية والشرائح ومراكز البيانات والطاقة) المُعزِّزون (برمجيات تستفيد من الذكاء الاصطناعي أو تتعرض لاضطرابه) والمستخدمون النهائيون (شركات توظف الذكاء الاصطناعي لتحقيق ميزة تنافسية).وتنقل بلومبيرغ عن دِني فيش أن سوق الذكاء الاصطناعي لا يزال في "مرحلة التمكين"، حيث تقود دورات التدريب وبناء القدرة الحاسوبية إنفاقا رأسماليا قويا، مع استثمارات من شركات كبرى مثل "مايكروسوفت" عبر "كوبايلوت" و"ألفابت" عبر "جيميناي"، إلى جانب حكومات تطور "سحابات سيادية" ومؤسسات تطبق الذكاء الاصطناعي على بياناتها الداخلية.
وفي فئة "المُعزِّزين"، تحذر بلومبيرغ من اضطراب تنافسي داخل البرمجيات، ناقلة عن فيش التحذير من "مفاجأة شبيهة بأدوبي" مع تراجع مضاعفات التقييم، مقابل فرص محتملة لشركات مثل "إنتويت" و"داتادوغ" و"سنو فليك".
أما "المستخدمون النهائيون"، فتشير بلومبيرغ إلى شركات مثل "دير" و"إنتويتف سيرجيكال" و"بلاكستون" التي توظف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والاستثمار في البنية التحتية للبيانات والطاقة.
النحاس والطاقةترى تاوشا وانغ من "فيديلتي إنترناشونال" -وفق بلومبيرغ- أن الذكاء الاصطناعي قوة اقتصادية قد تولّد ضغوطا تضخمية بسبب الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات، مما يجعل السلع، ولا سيما النحاس، أداة تحوّط مهمَلة نسبيا في ظل نمو الطلب بوتيرة أُسّية مقابل تدهور المعروض.
وتضيف بلومبيرغ أن تباطؤ التوظيف مقابل الإنفاق على الآلات قد يدفع إلى تيسير نقدي رغم استمرار الضغوط التضخمية. وفي البعد الجغرافي، تشير الوكالة إلى أن "لحظة ديب سيك" أعادت تقييم الصين كمصدر لتقنية تنافسية بأسعار جذابة.
وعند نقطة الاختناق، تنقل بلومبيرغ عن مايكل سميث من شركة إدارة الأصول "أولسبرينغ" أن الطاقة تمثل القيد الأكبر أمام توسع الذكاء الاصطناعي، مما يفتح فرصا في البنية التحتية للطاقة عبر شركات مثل "كوانتا سيرفيسز" ومرافق غير خاضعة لتنظيم صارم مثل شركة "تالِن إنرجي"، إضافة إلى مكاسب أسرع في الصحة الرقمية والتصوير الطبي عبر شركة "راد نت"، والتأمين القائم على البيانات مثل شركة التأمين"بروغريسيف إنشورنس".
الحياة اليوميةوتختتم بلومبيرغ المشهد بلمسة أكثر إنسانية، إذ تعرض كيف يوظّف خبراء الذكاء الاصطناعي هذه الأدوات في حياتهم اليومية، من الاستعانة بالنماذج لشرح مسائل رياضية لأبنائهم، إلى توليد قصص عن حيوان أليف لأطفال بعيدين، وصولا إلى المساعدة على فهم الموسيقى الكلاسيكية المعقّدة.
إعلانغير أن هذه اللمسات الشخصية لا تحجب التحذير الذي ينقله التقرير عن مايكل سميث، إذ يشير إلى أن الهوامش الآمنة في التسعير محدودة، وأن عددا كبيرا من الأسهم بات مسعّرا على مجموعة ضيقة من الافتراضات، فيما قد تكون الأخطار غير المرئية أو غير القابلة للتسمية هي الأكثر تأثيرا.
ومن هنا، تخلص بلومبيرغ عبر آراء خبرائها إلى نتيجة عملية واضحة، تتمثل في ضرورة تنويع الانكشاف على الذكاء الاصطناعي وعدم حصر الاستثمارات في مسار واحد، لأن الفرص الكبرى قد تنشأ أيضا في القطاعات التي أغفلها السوق خلال ذروة الطفرة.