بغداد اليوم - متابعة

كشف تقرير إعلامي، اليوم الأربعاء (23 تشرين الأول 2024)، عن الطريقة التي يشرعن بها الإعلام الغربي حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. 

وقالت وكالة الأناضول التركية في تقرير لها إن مؤسسات إعلامية أوروبية تتعرض لانتقادات كبيرة باعتبارها "متواطئة" في الإبادة الجماعية عبر التزامها الصمت تجاه الجرائم بحق الفلسطينيين، وتبرئتها إسرائيل التي تحاكم أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

ورصدت "الأناضول" جهود مؤسسات إعلامية أوروبية بارزة لإضفاء الشرعية على جرائم إسرائيل المتواصلة في غزة، والضغوط التي تمارسها هذه المؤسسات على أي إعلامي ينتقد حرب الإبادة.

وعرضت وكالة الأناضول أمثلة عن الانحياز الفاضح لإسرائيل كما يؤكد مايك بيري عضو هيئة التدريس في كلية الصحافة والإعلام والدراسات الثقافية بجامعة كارديف البريطانية، الذي تحدث عن التحيز في تغطية وسائل الإعلام الغربية للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.

وقال بيري، في حديث للأناضول، إن أبحاثهم عن الأخبار المنشورة في الغرب منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تؤكد انحياز وسائل الإعلام الغربية في تعاملها مع الصراع.

وأضاف أن "بعض الكلمات العاطفية مثل القتل والمذبحة والوحشية كثير ما يستخدمها الصحفيون لوصف مقتل إسرائيليين، ولكنهم لا يستخدمونها أبد لوصف مقتل الفلسطينيين".

وتابع: "كثيرا ما يصور الصحفيون أحداث 7 أكتوبر 2023 على أنها هي التي أشعلت الصراع، وهو ما يعترض عليه الفلسطينيون بشكل واضح، لأنهم يرون أنفسهم الجانب الذي يتعرض لعنف إسرائيل منذ عقود طويلة".

وفي ذلك اليوم، هاجمت حماس قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على "جرائم الاحتلال اليومية منذ عقود بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى"، وفق الحركة.

وأردف الأكاديمي البريطاني أن وسائل الإعلام الغربية تتجاهل السياق التاريخي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأوضح أن "البحث الأولي لأحداث 7 أكتوبر يظهر أن وسائل الإعلام الغربية لم تتطرق إلى حصار غزة المستمر منذ 17 عاما، أو إلى احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية منذ 57 عاما، واللذين كانا من أهم الأسباب وراء هجمات 7 أكتوبر".

وتقول الوكالة إنه من الممكن تتبع الموقف المؤيد لإسرائيل في الأخبار التي تنشرها المؤسسات الإعلامية الرائدة في دول أوروبية عديدة.

فبينما تصف صحيفة الغارديان البريطانية ومجلة الإيكونوميست هجوم حماس بأنه "دموي" و"متعطش للدماء"، تتجنبان استخدام مثل هذين التعبيرين في وصف هجمات إسرائيل على غزة.

وتصف الغارديان الهجمات الإسرائيلية على غزة بأنها "عملية عسكرية"، فيما تعتبر أي رد من حماس "هجوما إرهابيا".

وفي 16 أكتوبر 2023، نشرت قناة "دويتشه فيله" الحكومية الألمانية على موقعها الإلكتروني مقالا بقلم كلير روث، تحت عنوان "ما الأفعال التي تعتبر جرائم حرب؟"، زعم فيه أن هجمات إسرائيل لا يمكن اعتبارها "جرائم حرب".

وفي حين أن مؤسسات إعلامية دولية، مثل "بي بي سي"، تقول عن إسرائيليين "قُتلوا"، فإنها تستخدم كلمة "أموات" للقتلى الفلسطينيين.

وتصور "بي بي سي" الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني على أنه "نزاع ثنائي"، ونادر ما تسلط الضوء على واقع الاحتلال الإسرائيلي.

كما تصف المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بأنها "مناطق متنازع عليها"، وتتجاهل حقيقة أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي.

وتزعم وسائل الإعلام الغربية أن حماس هي التي تقود وتسيّر المؤسسات الفلسطينية، مثل وزارة الصحة في غزة.

ويُظهر تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قال فيه إنه "لا يثق بالأرقام التي يعلنها الفلسطينيون (للقتلى والجرحى)"، أن هذا النهج التشكيكي معتمد ويستخدمه السياسيون ووسائل الإعلام.

وعلى إثر هذا التشكيك المتعمّد، بدأت وزارة الصحة في غزة نشر قائمة مفصلة بأسماء القتلى.

وبينما تتضمن تقارير وسائل الإعلام الغربية معلومات دقيقة ومفصلة عن القتلى والجرحى في إسرائيل، يتم تقديم الضحايا الفلسطينيين غالبا في هيئة إحصاءات وأرقام فقط.

وردا على هذا النهج الذي يستهدف إيجاد تعاطف مع الإسرائيليين وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، أطلق شبان في غزة مبادرة بعنوان "لسنا أرقاما"، بهدف نقل حياة الفلسطينيين اليومية ومعاناتهم إلى العالم.

ويؤكد مراقبون وخبراء إعلام أن موقف الصحافة الغربية هذا يؤدي إلى إخفاء الأبعاد الحقيقية للصراع وانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، عن الرأي العام في أوروبا.

أما فيما يتعلق بممارسة الضغوط على الإعلاميين نوهت وكالة "الأناضول" إلى استقالة الصحفي الإيطالي رافائيل أورياني من صحيفة "لا ريبوبليكا"، حيث انتقد سياستها التحريرية بقوله إن "هذه المذبحة (الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة) لها حماية إعلامية تجعلها ممكنة. نحن من نوفر هذه الحماية".

فيما جرى فصل إعلاميين أعربوا عن دعمهم لفلسطين أو انتقدوا إسرائيل، منهم مراسل لدى "بي بي سي" كتب منشورات مؤيدة للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفصلت "دويتشه فيله" إعلاميين انتقدوا تصرفات إسرائيل، وطالبت موظفيها بدعم ما تزعم أنه "حق إسرائيل في الوجود".

ووفق خبراء فإنه رغم تجاوز عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في غزة 170 صحفيا، فإن وسائل الإعلام الغربية لم تتفاعل بشكل كافٍ مع هذا الوضع.

وكشفت مداهمة القوات الإسرائيلية لمكاتب قناة "الجزيرة" القطرية في الضفة الغربية وإغلاقها عن بُعد آخر للعنف الإسرائيلي ضد العاملين في مجال الإعلام.

وتواصل تل أبيب حرب الإبادة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

كما تتحدى إسرائيل طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحوّلت تل أبيب قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب "الإبادة الجماعية" نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.

 

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: وسائل الإعلام الغربیة الإبادة الجماعیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

جدة فرنسية تلاحق إسرائيل قضائيًا وتتّهمها بارتكاب "جرائم إبادة" بعد مقتل حفيديها في غزة

بعد أن فقدت حفيديها في قصف إسرائيلي على شمال قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، رفعت امرأة فرنسية شكوى أمام القضاء الفرنسي تتهم فيها إسرائيل بالقتل و"الإبادة الجماعية"، في محاولة منها لإحقاق العدالة وسط ركام الحرب. اعلان

وقد أعلن المحامي أرييه عليمي لوكالة فرانس برس أن الشكوى قُدّمت إلى قسم الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية، مرفقة بدعوى مدنية، بهدف تعيين قاضٍ للتحقيق. ومن المتوقع أن تنضم رابطة حقوق الإنسان إلى هذه المبادرة القانونية.

ويُذكر أن الضحيتين جنى وعبد الرحيم أبو ضاهر كانا يحملان الجنسية الفرنسية، وهو ما قد يفتح المجال أمام القضاء الفرنسي ليمارس اختصاصه المباشر بالنظر في اتهاماتٍ تُوجّه لأول مرة بهذا الوضوح ضد إسرائيل أمام المحاكم الفرنسية.

الفرار من القصف... إلى القصف

تفاصيل الشكوى، التي جاءت في 48 صفحة، تسرد كيف أن الطفلين، اللذين كانا يبلغان من العمر تسع سنوات وست سنوات، قُتلا نتيجة قصف من طائرتين حربيتين من طراز F-16 استهدفتا منزلاً لجأ إليه أفراد العائلة بعد أن فروا من منزلهم بفعل القصف المكثف الذي تلا هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

امرأة فلسطينية تحتضن جثمان ابنتها ميّار أبو عودة (8 أعوام) التي قُتلت في غارة للجيش الإسرائيلي على غزة، في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، 4 حزيران/يونيو 2025.Jehad Alshrafi/ AP

أصيب المنزل الجديد، الواقع بين الفلوجة وبيت لاهيا شمال قطاع غزة، بصاروخين: أحدهما اخترق السقف، والآخر انفجر مباشرة في غرفة النوم حيث كانت العائلة مجتمعة. توفي عبد الرحيم على الفور، بينما فارقت جنى الحياة بعد وقت قصير في المستشفى. ونجا شقيقهما عمر لكنه أصيب بجروح بالغة، ولا يزال يعيش مع والدته في غزة.

ظلال سياسية وقضائية معقدة

الجدة جاكلين ريفو، وهي والدة الأم، اتهمت السلطات الإسرائيلية بالقتل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، بالإضافة إلى التواطؤ في تلك الجرائم. غير أن الشكوى تلامس أيضًا جانبًا شائكًا من القضية: الأم، ياسمين ز.، التي كانت بدورها ضحية في الهجوم وأصيبت بجروح، مطلوبة حاليًا بموجب مذكرة توقيف صادرة في باريس بعد أن أُدينت غيابيًا عام 2019 بـ"تمويل الإرهاب"، بتهمة توزيع أموال على أعضاء في حركتي الجهاد الإسلامي وحماس بين عامي 2012 و2013.

Relatedغزة: مقتل العشرات وإستهداف مستشفى في دير البلح والحصيلة الإجمالية تقترب من 55 ألفامع اقترابه من شواطئ غزة.. كيف سيتعامل الجيش الإسرائيلي مع أسطول الحرية؟مطالبات في لندن بوقف تسليح إسرائيل.. ستارمر أمام البرلمان: الوضع الإنساني في غزة "لا يُحتمل"

وفي حين تنفي إسرائيل ارتكابها جرائم إبادة، وتعتبر هذه الاتهامات ذات دوافع سياسية، فإنّ هذه الدعوى الفرنسية تُضاف إلى جملة التحركات القانونية التي بدأت تكسر جدار الصمت، في ظل واقع ميداني يزداد دموية في غزة يوماً بعد آخر.

ووفقًا لأحدث بيانات وزارة الصحة في غزة، فقد أسفرت الحرب الإسرائيلية على القطاع، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عن مقتل أكثر من 54,600 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بالإضافة إلى إصابة نحو 125,530 آخرين.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • نائب ترامب: إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية في غزة
  • نائب ترامب: نحاول إيقاف الصراع بغزة وهذه ليست إبادة
  • نائب ترامب: لا أعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة
  • سياسة بريطانيا وجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
  • شكوى ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة في قضية مقتل طفلين فرنسيين في غزة في نهاية 2023
  • "تصميم" فرنسي على الاعتراف بدولة فلسطينية... وشكوى ضدّ إسرائيل بتهمة ارتكاب "إبادة"
  • صفقة إنزاغي تضع الهلال في صدارة المشهد الكروي وتشعل الإعلام الأوروبي
  • مسؤول حكومي: إسرائيل تمارس إبادة زراعية وبيئية في غزة
  • سموتريتش يتوعد بخطة تصعيدية في الضفة الغربية ردا على الاعتراف الأوروبي بفلسطين
  • جدة فرنسية تلاحق إسرائيل قضائيًا وتتّهمها بارتكاب "جرائم إبادة" بعد مقتل حفيديها في غزة