الحكومة تغرق فى التضخم والاقتراض.. والجباية الكاملة أرهقت الأسرة المصريةاقتصاديون: قانون الضرائب الجديد «أفلح إن صدق».. و«بريكس» طوق نجاة
ما زال التضخم مستمرا فى الارتفاع دون وضع أى تصورات جديدة من جانب الحكومة للتعامل مع قضية الإصلاح الاقتصادى، مما قادها للتورط فى تحميل القطاع الأكبر من المواطنين أعباء معيشية جديدة، يأتى ذلك فى ظل ارتفاعات الأسعار وتدنى الدخل وزيادة نسبة الفقر بين المواطنين، فى ظل موجة تضخم غير مسبوقة تشهدها مصر منذ عام 2022، نتيجة آثار الأزمات العالمية، فضلا عن آثار تفعيل البرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى اعتمد على عملية الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وهو ما أغرق مصر فى الديون وضغط اجتماعيا على الأسرة المصرية ومستوى معيشتها، الأمر الذى يقود الحكومة للجوء إلى «الجباية» الكاملة.
قال الدكتور عبد الرحمن عليان، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن ما تشهده مصر من ارتفاع حجم التضخم وتحمل المواطنين أعباء عملية الدين الخارجى والداخلى، كان متوقعا، وكل التجارب السابقة فى دول كثيرة مثل البرازيل تؤكد ذلك، مشيرا إلى أن تعاون مصر ولجوئها للاقتراض بشكل متتالٍ من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ليس وليد اليوم.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس فى تصريحات لـ«الوفد»، أن اللجوء للاقتراض أمر مسالم، ولكن لا بد أن تستخدم هذه الأموال فى مشاريع واستثمارات ذات عائد مادى، وهذا بخلاف ما طبقته مصر، حيث استخدمت أموال القروض من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، فى بناء البنية التحتية للدولة وبناء مصر الجمهورية الجديدة، من طرق وكبارى ومدن جديدة، وهذه المشاريع ليس لها عائد مادى، يساهم فى سد تلك الديون وتخفيف الأعباء على المواطن، الأمر الذى قاد الدولة للتحمل المواطن أعباء الدين الخارجى، واتجاه الدولة للجباية الكاملة.
وتابع أن تداعيات الأزمات العالمية مثل كورونا والصراعات الدولية والتى على رأسها الحرب الأوكرانية الروسية، بجانب الصراعات الإقليمية مثل حرب إسرائيل وفلسطين، وحرب السودان، أثرت بشكل مباشر على مصر، الأمر زاد الأعباء الاقتصادية خاصة أن مصر لم تتلقَ مساعدات دولية تجعلها تواجه هذه التداعيات، بالإضافة إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، وتوقف آلاف المصانع منذ ثورة يناير، بجانب تحرير سعر الصرف.
وأكد لجوء الدولة للجباية الكاملة فى ظل هذه الظروف، وتطبيق قانون الضرائب الجديد «أفلح إن صدق»، مشيرا إلى أن انضمام مصر لتكتل البريكس، سيعزز اقتصادها ومشاريعها الاستثمارية بطريقة مباشرة وغير مباشرة، خاصة مع تطبيق العملة الموحدة، بجانب تسهيل عملية الاقتراض دون شروط تعجيزية تحمل المواطن أعباء على كاهله.
وقال الدكتور حسام الجاويش المحلل الاقتصادي: ارتفع معدل التضخم الحضرى السنوى فى مصر إلى 26.4% فى سبتمبر 2024 من 26.2% فى الشهر السابق، متجاوزا توقعات السوق البالغة 25.9%، ويمثل هذا أعلى معدل تضخم منذ يونيو ويظل أعلى بكثير من نطاق هدف البنك المركزى البالغ 5-9%، مما أدى إلى تأخير التوقيت المتوقع لأول خفض لأسعار الفائدة فى البلاد منذ عام 2020.
وأضاف «الجاويش» فى تصريحات لـ«الوفد»: وكان التضخم الأخير مدفوعا جزئيا بارتفاع حاد فى أسعار الوقود بنسبة 10-15% فى أواخر يوليو، تلاه ارتفاع بنسبة 25-33% فى أسعار تذاكر المترو فى بداية أغسطس، وارتفاع حاد فى تعريفة الكهرباء بنسبة 21-31% خلال شهرى أغسطس وسبتمبر، وفى الوقت نفسه، تراجعت أسعار سلع أخرى منها المواد الغذائية.
وقال الدكتور كرم سلام، الخبير الاقتصادى، مستشار العلاقات الدولية، إن استمرار ارتفاع التضخم فى مصر هو نتيجة لعوامل عدة، منها السياسات النقدية والمالية، تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى، بالإضافة إلى آثار الإصلاحات الاقتصادية التى تنفذها الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى، ووصل التضخم السنوى فى مصر إلى مستويات قياسية فى العامين الماضيين. وفقًا لبيانات البنك المركزى المصرى، ارتفع معدل التضخم السنوى ليصل إلى حوالى 38.3% فى أغسطس 2023، وهو أعلى مستوى منذ عقود. هذا يعكس زيادة أسعار السلع الأساسية، بما فى ذلك المواد الغذائية والوقود.
وأضاف فى تصريحات لـ«الوفد»، أنه لمواجهة التضخم يجب تحسين السياسات النقدية من خلال تحقيق استقرار سعر الصرف، واستخدام أدوات مثل سعر الفائدة لمكافحة التضخم، مع ضرورة عدم تأثير هذه السياسات سلبًا على الاستثمار والإنتاج، وتطوير برامج الحماية الاجتماعية من خلال تنويع مصادر الإيرادات عن طريق تنمية قطاع السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر، بجانب تخفيف العبء على المواطن البسيط فى ظل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، حيث يمكن للحكومة اتخاذ مجموعة من الإجراءات التى تركز على دعم الفئات الأكثر ضعفاً وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية لهم، وزيادة الدعم الغذائى، وتثبيت أسعار السلع الأساسية، ومراقبة الأسعار وضبط الأسواق وتعزيز الرقابة على الأسواق، وزيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات تقديم تسهيلات ضريبية للأسر الفقيرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحكومة القطاع الأكبر صندوق النقد الدولى
إقرأ أيضاً:
ارتفاع محدود لأسعار الذهب محليا بالتزامن مع عطلة البورصات العالمية
سجّلت أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفاعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم السبت، بالتزامن مع العطلة الأسبوعية للبورصات العالمية، وذلك عقب المكاسب القوية التي حققتها الأوقية عالميًا خلال الأسبوع الماضي بنسبة 2.4%، في ظل تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي واستمرار التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، بحسب تقرير منصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة»، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 10 جنيهات مقارنة بختام تعاملات أمس، حيث سجّل جرام الذهب عيار 21 نحو 5745 جنيهًا، وبلغ عيار 24 حوالي 6566 جنيهًا، بينما سجّل عيار 18 نحو 4924 جنيهًا، في حين وصل سعر الجنيه الذهب إلى 45960 جنيهًا.
وعلى الصعيد العالمي، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 100 دولار للأوقية خلال تعاملات الأسبوع، لتغلق عند مستوى 4299 دولارًا.
ومنذ بداية العام، حقق الذهب قرابة 50 مستوى قياسيًا جديدًا، مسجّلًا ارتفاعًا تجاوز 65%، ليحقق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979.
ورغم هذه المكاسب، فإن أداء الذهب يبدو أقل مقارنة بالفضة، إذ ورغم تراجع المعدن الأبيض عن قممه الأخيرة التي تجاوزت 64.66 دولارًا للأوقية، إلا أنه أنهى الأسبوع على ارتفاع بأكثر من 6%، مع تحقيق قفزة سنوية بلغت نحو 115%، ليتداول عند مستويات تاريخية غير مسبوقة.
ويتوقع محللون أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، حتى في ظل استمرار الضغوط التضخمية، ما يعني استمرار تراجع العوائد الحقيقية وتقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، باعتباره أصلًا لا يدر عائدًا.
في المقابل، يُرجّح أن يسهم استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي في كبح نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل. ورغم التوقعات بدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي لأسواق الأسهم حتى عام 2026، فإن تصاعد المخاطر في سوق الأسهم يعزز من جاذبية الذهب كأداة فعالة لتنويع المحافظ الاستثمارية.
ورغم الطلب القوي وغير المسبوق على الذهب هذا العام، لا تزال حيازاته تمثل نسبة محدودة من إجمالي الأصول المالية العالمية، ما يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية إضافية مستقبلًا.
ولا يزال عدد من المحللين يستهدفون وصول أسعار الذهب إلى مستوى 5000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، بينما تتراوح التوقعات لأسعار الفضة بين 75 و80 دولارًا للأوقية، مع ترجيحات أكثر تفاؤلًا بوصولها إلى 100 دولار.
وتستمر أسعار الذهب في تلقي الدعم من حالة الغموض المحيطة بتوجهات الاحتياطي الفيدرالي وضعف البيانات الاقتصادية، رغم صدور تصريحات متباينة من مسؤولي البنك المركزي الأمريكي، فقد أعرب اثنان من ثلاثة أعضاء معارضين عن قلقهم من استمرار التضخم عند مستويات مرتفعة، خاصة في ظل محدودية البيانات الاقتصادية، وعلى رأسها مؤشر أسعار المستهلكين.
وجاء تقرير طلبات إعانة البطالة، الذي جاء أضعف من التوقعات، ليعكس ارتفاع عدد الأمريكيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة، وهو ما عزز موقف البنك المركزي. ومع ذلك، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن جانبًا من البيانات قد يكون “مضللًا” نتيجة إغلاق الحكومة الأمريكية.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، تبدو محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا متعثرة، في ظل تعبير البيت الأبيض عن استياء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بطء المفاوضات وخيبة أمله من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعدم توقيعه على خطة السلام الأمريكية.
وتجاهلت أسعار الذهب إلى حد كبير التصريحات الأخيرة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، والتي تمهد لمسار أسعار الفائدة خلال العام المقبل. غير أن جيفري شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، خالف هذا التوجه، معتبرًا أن التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية، وأن السياسة النقدية يجب أن تظل تقييدية بشكل معتدل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد لا يزال يتمتع بزخم واضح.
من جانبه، دعا أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إلى انتظار المزيد من البيانات، خاصة المتعلقة بالتضخم وسوق العمل، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه لا يتبنى موقفًا متشددًا حيال أسعار الفائدة في العام المقبل، ويتوقع خفضًا بنحو 50 نقطة أساس حال تحسن المؤشرات الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أعربت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، عن قلقها بشأن ضعف سوق العمل، مشيرة إلى إمكانية تراجع التضخم خلال العام المقبل مع انحسار تأثير الرسوم الجمركية التي كانت أحد أبرز محركات ضغوط الأسعار هذا العام.
في المقابل، شددت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، على استمرار مخاطر التضخم المرتفع، مفضلة اتباع سياسة نقدية أكثر تشددًا، معتبرة أن سعر الفائدة الحالي قريب من المستوى المحايد، مع الحاجة إلى مزيد من القيود للسيطرة على التضخم.
وبحسب بيانات وزارة العمل الأمريكية، ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأولية للأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر إلى 236 ألف طلب، مقارنة بـ192 ألفًا بعد تعديل بيانات الأسبوع السابق، في حين تراجعت طلبات إعانة البطالة المستمرة إلى 1.838 مليون طلب، ما يشير إلى قدر من الاستقرار في معدلات البطالة طويلة الأجل.
وتترقب الأسواق خلال الأسبوع المقبل صدور بيانات التوظيف لشهري أكتوبر ونوفمبر، إلى جانب بيانات التضخم لشهر نوفمبر، وهي عوامل مرشحة لتعزيز التقلبات في أسواق الذهب والمعادن النفيسة.