قد يشعر بعض الناس بأعراض جديدة تظهر في أجسامهم، دون أن يلقوا بالا لها، إلا أنها قد تشير إلى احتمال الإصابة بأحد أنواع السرطان، مما يدفع الأطباء إلى التشديد على ضرورة المراجعة المبكرة عند ظهور تلك العلامات، للكشف عن ذلك الداء الخبيث في مراحله الأولى.

وتعد أمراض السرطان بمختلف أنواعها شائعة بشكل كبير في الدول العربية، إذ أوضح تقرير حديث لـ"منظمة الصحة العالمية" أن ذلك الداء الخبيث يتسبب في حوالي 459 ألف حالة وفاة كل عام في إقليم شرق المتوسط.

ونبّه التقرير أيضا إلى أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، كان هناك حوالي 1.6 مليون حالة سرطان في الإقليم، مما يجعله عبئًا مستمرًا يفرض ضغوطًا جسدية وعاطفية ومالية هائلة على الأفراد والأسر والمجتمعات.

وأشارت المنظمة الدولية إلى أنه يتم تشخيص ما يقرب من 734 ألف شخص بالسرطان سنويا في الإقليم، متوقعة أن تصل زيادة في تلك الإصابات بنسبة خمسين بالمئة في عام 2040.

وذكر التقرير أن 13 في المائة تقريبا من حالات السرطان التي تم تشخيصها على مستوى العالم تعود إلى حالات عدوى مسرطنة، بما في ذلك فيروس الورم الحليمي الذي يتسبب في زيادة خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، وفيروس التهاب الكبد "سي وبي" الذي يتسبب في زيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد.

من جانبها، ذكرت منظمة "أبحاث السرطان في المملكة المتحدة"، أن اعتماد أسلوب غذاء صحي، وممارسة الرياضة، والإقلاع عن التدخين، وعدم الإفراط في شرب الكحول، يمكن أن تفيد في الحد من الإصابة بأمراض السرطان".

وأوضحت المنظمة الخيرية أن نتائج دراسة نُشرت في "المجلة البريطانية للسرطان"، أنه يمكن الوقاية من أكثر من 135 ألف حالة إصابة بالسرطان في المملكة المتحدة كل عام من خلال تغييرات نمط الحياة، أي حوالي 4 حالات من كل 10 حالات.

أعراض قد تدل على الإصابة بالمرض

وفي اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، قالت أخصائية الأمراض الباطنية، الدكتورة حكمية مناد، إن هناك أعراضا قد تدل على الإصابة بأحد أنواع مرض السرطان، من بينها "وجود كتل قاسية أو تورم غير عادي في أحد مناطق الجسد، أو فقدان للوزن بشكل واضح وبصورة غير مبررة".

وأضافت: "زيادة الوزن بشكل غير طبيعي قد تشير أيضا إلى وجود بداية تشكل أوارم خبيثة في الجسم، ناهيك عن الشعور المستمر بالإجهاد والتعب دون وجود تفسير منطقي لذلك".

ومن الأعراض الأخرى التي ذكرتها الطبيبة "حدوث تغيرات في البشرة والجلد، أو وجود صعوبة في بلع الطعام، أو السعال المستمر، وصعوبة في التنفس، بالإضافة إلى انتشار آلام وأوجاع غير مبررة في مناطق مختلفة من الجسد". 

وأكدت أن "التشخيص المبكر للكثير من أمراض السرطان يعد عاملا حاسما في تحسين فرص العلاج والبقاء على قيد الحياة للمرضى".

أهمية الكشف المبكر

ونوهت إلى أنه "عندما يتم اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، فإن الأساليب العلاجية تكون أكثر فعالية وأقل تدميرًا للأنسجة المجاورة"، مضيفة أن "الكشوف المبكرة تزيد فرص الشفاء والبقاء على قيد الحياة بشكل كبير".

وشددت مناد على "ضرورة إجراء الكشوفات الدورية والفحوص المبكرة"، قائلة إن "فحوصات الثدي للنساء أصبحت أمرا ضروريا كل عام، خاصة بعد سن الأربعين، للكشف عن وجود أي أورام خبيثة وهي لا تزال في مهدها، وبالتالي تكون فرصة الشفاء كبيرة جدا، والتي تصل إلى نسبة 95 بالمئة".

كما أكدت على ضرورة أن تجري النساء اختبارات دورية للرحم بغية كشف التغيرات المبكرة في أنسجته، والتي قد تشير إلى وجود ذلك المرض الخبيث في مراحله الأوى.

ومن الفحوصات الدورية الأخرى، إجراء اختبارات للقولون والمستقيم، بالإضافة إلى فحص البروستات عند الرجال كل عام للكشف عن أي أورام خبيثة.

ولفتت مناد إلى أن  بعض الأنواع من مرض السرطان يمكن أن تتفاقم عند المريض دون ظهور أعراض، وبناء على ذلك فإن إجراء الفحوصات المبكرة يعد أمرا مهما للغاية للكشف عن الإصابات في مراحل مبكرة.

ودعت الناس ممن تجاوزوا سن الأربعين إلى زيارة الأطباء المختصين بالأورام لإجراء الفحوصات المناسبة، والحصول على معلومات أكثر تفصيلا.

وشددت كذلك على ضروة مراجعة الأطباء عند الشكك بوجود أي أعراض توحي بالإصابة بوجود تلك الأمراض، خاصة إذا كانت تلك الأعراض مستمرة دون أن يكون لها تفسير مناسب.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: للکشف عن کل عام إلى أن

إقرأ أيضاً:

القاتل الصّامت

 

 

غنية الحكمانية

يُعذّب ضحيّته بصمت، ويتلذَّذ بطرق التعذيب، وإن تألمتْ لا يُسمع لها أنين أو يُشكّ في معمعة الضراوة التي لا تخمد جذواها بداخلها. يسكن في تلك الأجساد التي لديها خللا وضعفا ومحفّزا، ويعتاش على اختلالاتها البيولوجية والبيئية، ومهما حازت على المباهج والمجاذب؛ فالغمامة السّوداء تطفئ بهجتها وتفقده لمعنى الحياة وشغف الأشياء. رغم أنّ المعتدي هو الاكتئاب، ولكنه مبتسمٌ، يشقُّ النواجذ بابتسامة عريضة مصطنعة وما يعتمل بالداخل من اضطرابات مخفيّة تتلاطم تهدأ وتثور. تتعدد أسبابه ومسبّباته، ولجهل تفهم الحالة وجهل التعامل معها، يتغلغل المرض ويتوغل بعمق.

الاكتئاب المبتسم القاتل الصّامت ضمن أشدّ أنواع الاكتئاب الدّاخلي إيلامًا، فضَحيّته تتعمّد إخفاء الألم والبؤس خلف قناعٍ من السّعادة الزائفة. يتعرض أحيانا بعض الأشخاص في مرحلة من مراحل أعمارهم لنوبات مُتقاربة أو مُتباعدة أو مُتكررة من الاكتئاب تختلف شدّتها ودرجاتها وفترتها، وبعض أعراض الحالات الظاهرة والواضحة بعد الملاحظة والتشخيص المبكّر يتم السيطرة عليها بعلاجات متّبعة مناسبة للحالة وتستجيب للعلاج وتتحسن مع مرور الزمن، ولكن بعض الحالات يصعب كشفها والتنبؤ بها، يصارع فيها الشخص مُعاناته مع داخله ويكتم أعراض اكتئابه، وربما دون إدراكٍ منه لمساوئه، فتتفاقم لديه المشكلة ويُستعصي علاجها.

أصبح الاكتئاب بجميع تدرّجاته وأصنافه من الأمراض والاضطرابات الاكتئابية الأخرى هو مرض العصر، لارتباطه بالمدنيّة والحداثة والتعقيدات الحياتية والضغوطات النفسية؛ فهو المسؤول عن أغلب حالات إنهاء الحياة في العالم. وتتعدد أسبابه وعوامله، ولكن العامل الرئيسي هي الجِينات؛ نتاج خلل كيميائي بسبب عدم التوازن في النواقل والموصّلات العصبية إلى الدماغ. ففي شح هذه النواقل العصبية يكون الاكتئاب وفي ازديادها يكون الهوس وفي حال توازنها يكون الإنسان متوازنا نفسيا. وإلى جانب وجود العامل الجيني يتطلب محفّزات بيئية تختلف درجتها ومستواها كالتعرض للصّدمات القاسية والخيبات القوية والذكريات المؤلمة والامتهان الاجتماعي وعدم الإحساس بالأهمية. وإضافة إلى العامل الوراثي أيضًا الهرمونات فالاضطراب في نشاطها وإنتاجها سبب في الاكتئاب؛ مما يكون لتلك المسببّات التأثير على حالة المزاج والنوم والشعور بالتعب والتشتت الذهني والبدني والعجز ونقص الطاقة وعدم الرغبة بأي نشاط، ونقص الشهية والمتعة والدافعية للحياة وانخفاض الإحساس بقيمة الذات وانعدام الثقة والإحساس بالذنب والتوتر والملل. ومقولتهم المتداولة بينهم "نحن مجتمع المكتئبين، نتشابه في الأعراض والأفكار، لكن نختلف في الأسباب والتوجهات".

للأسف يجهل بعض الناس كُنه المرض قلةً بالوعي في فهم الحالة وعدم الإدراك بأعراضه أو ربما إنكار الاعتراف به وبمآسيه، ويعزُون أعراضه إلى ضعفٍ بالإيمان وبالوازع الديني، أو تعرضٍ لمسّ أو سحر أو حسد، لا يُبطله إلا المعالج الروحاني، يرسل ذبذباته المطّهرة لتلك الأدران المتعلقة في المكتئب. فتنزاح باعتقاده وتزداد الحالة سوءا وانتكاسا وتدميرا.

 لذا يتحرّز المكتئب من بسط حالته على مائدة الفضفضة أو جلسات الاستشارة لئلا يُتهم بتخلخل التزامه الديني وابتعاده عن ربّه، أو لعدم قدرته على توصله للعلاج والثقة في المعالج فيصارع آلامه ومعاناته وحيدا. تتكالب عليه أفكار هلاوسية سلبية تشاؤمية وإحباطية لا يستطيع صدّ نزيفها أو إيقافها. فقده للإحساس بالحزن والفرح، مع فقده للنشاط وعجزه عن الحِراك، فيعيش نوبات مختلطة هوس مع أعراض اكتئاب حاد أو نوبة اكتئاب حاد مع أعراض هوس، وتتنازعه بعد فقد السيطرة محاولات الانتحار مرارا وتكرارا ليستسلم لها كخيارٍ أخيرٍ لا إراديا إنهاءً لمعاناته وألمه بعد اليأس ووصوله إلى أقصى درجات الألم هروبا من الواقع وتخلصا منه؛ لأنه رسّخ في قناعته أن لا أمل للعلاج وأنّ الحياة ليس لها أي معنى أو قيمة، ولا تستحق أن يحيا لأجلها.

إنّ نظرة المجتمع السّلبية للمصابين بالاكتئاب والاستهانة بمشاعرهم اللاإرادية، أو النظرة السّطحية والجهل عن مخاطره وخطورته اللاحقة إلى مراحل متقدمة وعواقب وخيمة. ما يجب تغييرها وإزالة التشوهات المعرفية والمفاهيم المغلوطة المنسوجة حولها وتصحيحها. فلا بُد أن يرفعَ المجتمع سقف وعيه وإدراكه بالصّحة النفسية، إلى جانب تعزيز وعيه حول تأثير الاكتئاب على الصّحة النفسية واستقامة الحياة. وتوفيره لمستلزمات الدعم العاطفي والإرشادي والاحتواء والاهتمام تخفيفا من لوعة الاكتئاب وتجفيفا لمنابعه، والمتابعة الدائمة للحالة والانتباه من وقوعها طريدة لتلك الأنماط من التفكير غير الصّحية وإخراجها من الدائرة المفرغة التي تعيشها. مع التشجيع على ممارسة الأنشطة والهوايات والرياضة وتمارين اليقظة الذهنية والتهدئة. ومتابعة التشخيص السليم مع طبيب نفسي مختص لأخذ أساليب وجلسات علاجية مناسبة للحالة. وإن استغرقت رحلة العلاج فترة طويلة، دون الإنهاء الذاتي للعلاج المقرر من الأدوية المضادة للاكتئاب وإن تماثلت الحالة للشفاء والتعافي؛ فالانتكاسة ستكون بعدها أقوى ويعيش في دوامة أكبر.

ويطول الحديث عن مرض الاكتئاب لانتشاره وخطورته اللاحقة، اكتئاب لبشاعته أَطَلَق عليه مُصابيه بشيطان الظهيرة والشبح والكلب الأسود والتنين وسرطان الرّوح، وبنظرهم أن "عكس الاكتئاب ليس الإحساس بالسعادة بل الإحساس بالأهمية".

مقالات مشابهة

  • الحبس عامين عقوبة الشهادة الزور أمام المحكمة .. احذرها
  • ألمانيا توجه انتقادات حادة لإسرائيل بسبب غارات غزة: «لن نتضامن بالإجبار»
  • دراسة: الاحتباس الحراري قد يرفع معدلات السرطان لدى النساء
  • انفجار الرأس.. مناظرة جثمان أحمد الدجوي تكشف تفاصيل الإصابة القاتــ.لة
  • المستشار الألماني : الهجمات الإسرائيلية على غزة لم تعد مبررة
  • سرطان الجلد واختلاف مناطق الإصابة بين الرجال والنساء
  • تدشين مسرح الدمى المتنقل لتعزيز أهداف التنمية في مرحلة الطفولة المبكرة
  • علامات تحذيرية للخرف في مراحله المبكرة
  • القاتل الصّامت
  • إسرائيل: وثيقة داخلية تكشف تحضيرات الليكود لاحتمال انتخابات مبكرة