تواصل «الوطن» نشر الجزء الثانى من حديث الكاتب والشاعر الدكتور مدحت العدل، ضمن سلسلة حوارات «أول الحكاية»، وتحدث «العدل» عن فيلمى «أمريكا شيكا بيكا» و«حرب الفراولة»، وعن حرصه على حضور الأفلام فى دور العرض، وعن التعلم والتجديد، وعن أزمة النصوص الدرامية وطقوس الكتابة، وعن الورش التى انتشرت مؤخراً.

المتعة.

. الهدف الوحيد للدراما

كل عمل درامى له فكرة، لكن ليس له هدف. الهدف كلمة تناسب المؤتمرات والندوات والخطط السياسية. لكن الدراما هدفها الوحيد المتعة. وقلت لابنى: الأساس فى الحياة والفن والكتابة الاستمتاع، إذا كنت لا تجد متعتك فى كتاب أو فيلم أو مسلسل فانصرف عنه فوراً.

لا أخشى الفشل

أنا لا أخاف من عدم النجاح والفشل، مَن يخاف عليه أن يجلس فى بيته ولا يغادره.

الأفكار رزق.. مفيش كتالوج

الأفكار رزق يأتى إلى صاحبه، قد تأتى الفكرة من خلال خبر تقرأه أو موقف تمر به أو جلسة دردشة مع بعض الأصدقاء. مفيش كتالوج الفكرة بتجيلك إزاى؟.. اللى يقول لك فيه كتالوج للأفكار بيضحك عليك، ولا يوجد إلهام ولا وحى. 

مثلاً فى فيلم «أمريكا شيكا بيكا» قرأت خبراً فى مجلة «صباح الخير» عن بعض المواطنين سافروا إلى أوروبا من أجل فرصة عمل، وأنهم ضلوا طريقهم فى الغابات وتجمدوا وقطعوا لهم أصابعهم، قصة واقعية مؤلمة، فقررت أن أكتب فيلماً، كان هو الفيلم الأول الذى يناقش قضية الهجرة غير الشرعية سنة 1992. 

لكنى لم أناقش القضية بشكل مباشر ولا سطحى، بل توقفت عند النماذج المشاركة فى هذه الرحلة المأساوية؛ الشاب والفلاح والفتاة، إلى آخره.

أما فيلم «حرب الفراولة»، فجاءتنى فكرته من كتاب لكاتب ألمانى اسمه هرمان هيسه، الكتاب يتناول موضوع السعادة، وفى نفس التوقيت، ودون اتفاق، اكتشفت أن خيرى بشارة كان يقرأ نفس الكتاب، فتقابلنا على قهوة، وتحدثنا، وقررنا نعمل هذا الفيلم.

أما عن الإلهام -إذا جاز التعبير- فهو حالة قد تصنع مشهداً داخل الحدوتة نفسها، لكنه لا يصنع الحدوتة من الأساس، مثلاً الفيلم العظيم Shawshank redemption، من الأفلام العالمية التى أقوم بتدريسها، هناك مشهد أتحدى أن كاتب السيناريو كان يفكر فيه من الأساس، مشهد البطل عندما يقرر أن يضع أسطوانة الموسيقى ويغلق الباب ويرفع الصوت لأعلى درجة والسجن كله يسمع، ده مشهد فيه إلهام، جاء فجأة دون إعداد مسبق. فى «حارة اليهود» أيضاً هناك مشهد مشابه عندما كانت منة شلبى نائمة فى المعبد اليهودى، ودخلت موسيقى بها خليط بين تراتيل مسيحية وتواشيح صوفية ومزامير يهودية، هذا المشهد لم يخطر فى بالى أثناء كتابة السيناريو.

مَن الذى يكتب التاريخ؟

كتابة السير الذاتية أو كتابة التاريخ عموماً فيها جانب من الذاتية، ومن الصعب تحقيق التجرد بشكل كامل، فمَن الذى يكتب التاريخ؟ ومَن الذى يحكم أن هذا التاريخ صادق أم كاذب؟

 اعتذرت لـ«الخطيب» عن عدم كتابة أغنية للنادى الأهلى فى مئويته.. قلت له: «مش هقدر.. أنا زملكاوى»

مثلاً الزملكاوى يكتب للزمالك والأهلاوى يكتب للأهلى، لن نستطيع أن نقفز على ميولنا الشخصية، على سبيل المثال، سبق وطلب منى محمود الخطيب كتابة أغنية للأهلى فى مئوية النادى، اعتذرت له وقلت: مش هقدر، هكتب إزاى إنه نادى مبادئ، ومن المؤكد أن له انتصارات عظيمة، لكنى لا أحبه، وأشجع فريقاً آخر منافساً له. وفى مسلسل «العندليب» لم أنقل حياة عبدالحليم كما هى، هناك خيال ومساحات انتقيتها ومساحات أخرى تجاهلتها، لو نقلت حياته كما هى يبقى باعمل فيلم تسجيلى.

الجمهور هو الأستاذ الحقيقى

أحرص على حضور الفيلم فى دور العرض؛ لكى أتعلم، حينها اكتشف أشياء عظيمة، تعليقات لا تخطر لك على بال، فى بعض الأحيان أكون جالساً فى قاعة السينما أسمع تعليقات من أحد المتفرجين لم أتوقعها، وبعضها يكون صحيحاً، أقول فى بالى: يا نهار أسود، إزاى كلنا ماخدناش بالنا وهو خد باله.

فيلم «أمريكا شيكا بيكا» الأقرب لقلبى.. ولا أحب «بلية ودماغه العالية»

السينما فن جماهيرى، والجمهور هو الأستاذ الحقيقى الذى نتعلم منه، أنا لا أؤمن على الإطلاق أن أقوم بعمل فيلم ليحصد 100 جائزة ولكنه لا يعجب الجمهور، ما الفائدة حينذاك؟ الجمهور هو الهدف الرئيسى من صناعة السينما، وإلا قلّتها يبقى أحسن.

فيلم كتبته.. الأقرب إلى قلبك؟

يفكر قليلاً، ثم يقول: كتير.. لكن أعتقد أن «أمريكا شيكا بيكا» الأقرب لقلبى.

فيلم كتبته.. غير راضٍٍ عنه؟

«بلية ودماغه العالية»، لا أحبه إطلاقاً، أنا كنت عامله بطريقة، وخرج بطريقة أخرى تماماً، الفيلم تفرق دمه بين القبائل.

وقعت فى حب شخصية «عم مخلوف» فى مسلسل «لأعلى سعر» «لآخر نفس، قلبى بيحب الناس، بيعشقها

هناك شخصيات كتبتها، واكتشفت أنها تمثلنى بشكل شخصى، مثلاً «عم مخلوف»، الشخصية التى أداها نبيل الحلفاوى فى «لأعلى سعر»، هذه الشخصية تشبهنى جداً، خاصة فى علاقتى مع بناتى وفى طريقتى، وأنا طبيب وتركت الطب من أجل السينما، و«عم مخلوف» كان مهندساً وترك الهندسة من أجل المزيكا، كتبت «عم مخلوف» ووقعت فى حبه.

شخصية المثقف فى فيلم «إشارة مرور»، التى قدمها عماد رشاد، أحب هذه الشخصية لأنها تشبه كثيراً من المثقفين العرب، الذين وصفهم أحمد فؤاد نجم فى إحدى قصائده فقال: «يعيش المثقف على مقهى ريش، محفلط مزفلط كتير الكلام، عديم الممارسة، عدو الزحام، بكام كلمة فاضية وكام اصطلاح يفبرك حلول المشاكل قوام»، هؤلاء هم المثقفون العرب، قاعد فى حتة لوحده بعيدة عن الناس، وهذه الشخصية كانت قريبة لقلبى.

من محفوظ وإدريس إلى.. «مفيش»!

كثير من الكتّاب أثروا فى شخصيتى وفكرى واهتماماتى. مثلاً كاتب يونانى اسمه نيكوس كازانتزاكيس، كتبت عنه قصيدة، هذا الكاتب قدم لنا رائعة اسمها «زوربا»، وبالمناسبة أنا عملت Zorba the Greek سهرة إذاعية فى البرنامج الثانى الإذاعى، الذى كان يقدم كل خميس سهرة مع واحدة من القصص العالمية، كان عمرى وقتها 16 سنة.

أيضاً هناك عدد من الفلاسفة أثروا فى تفكيرى مثل جان بول سارتر، ومن الكتّاب المصريين يوسف إدريس طبعاً، وكنت حافظاً لكل شخصيات قصصه، وأيضاً نجيب محفوظ الملهم، الذى كنت أنظر إليه باعتباره مجرد كاتب كويس وأنا صغير، لكن عندما كبرت أدركت لماذا يستحق «نوبل»؟.. لأنه رجل ملهم.

أزمة ثقافة.. وليست أزمة ورق

أزمة الورق موجودة طول الوقت، بس ليه فيه أزمة ورق؟ لأن المخرج من الممكن أن يكون عظيماً فى مهنته لكنه غير مثقف، بعكس الكاتب، الكاتب ماينفعش بس يبقى حريف، لازم يبقى مثقف، هذه هى حقيقة الأزمة. 

أزمة ثقافة وفكر

الكاتب هو الشخص الوحيد المطلوب منه أن يكون مثقفاً وموسوعياً، يقرأ فى كل حاجة ويسمع موسيقى، ويحلل ويكون صاحب تجربة، حتى يكون الورق به تنوع بين الشخصيات، وعمق فى كل شخصية. هذا ما نفتقده. من الممكن أن أذكر لك مليون مخرج شاطر، بس أذكر لك كام كاتب كويس.. مش هلاقى.

طقوس الكتابة.. فيروز الصبح و«الست» بالليل

عندى بعض الطقوس فى الكتابة، مثلاً أحب أن أسمع الجميلة فيروز فى أوقات الصباح، وأسمع الست أم كلثوم إذا كنت أكتب ليلاً، من وجهة نظرى الكتابة يا إما الصبح بدرى يا إما فى الليل وآخره، وأنا غالباً أحب الكتابة صباحاً، فى الصباح باكتب أحلى كتابة، من وجهة نظرى أول ما تصحى من النوم قبل أن تلاحقك التليفونات والرسائل والسوشيال ميديا.

أسرة محمد على.. المشروع المؤجل

هناك 100 مشروع مؤجل الواحد نفسه يعمله، يعنى مثلاً مسلسل «حارة اليهود» كان مشروع منذ 10 سنوات قبل خروجه للنور، كنت أفكر فيه وأستعد له، هناك أفكار مؤجلة بالفعل، يعنى مثلاً نفسى أعمل سيرة أسرة محمد على التى حكمتنا على مدار نحو 150 سنة، نفسى أعمل 4 أو 5 أجزاء عن هذه الأسرة.

ورش الكتابة تحولت إلى «سبوبة».. و«كل واحد كتب مسلسلين عايز يعمل ورشة وهو أساساً مابيعرفش يكتب»

ورش الكتابة موجودة فى العالم كله، المهم ماذا ستنتج هذه الورشة؟ ومَن الكاتب المشرف عليها؟ بعض الورش تحولت إلى سبوبة، «ده كل واحد كتب مسلسلين عايز يعمل ورشة كتابة، وهو أساساً مابيعرفش يكتب». فكرة ورشة الكتابة لست ضدها، وهى موجودة فى كل العالم، لكن مع مَن؟.. ومَن هو المنتج؟.. هذا هو المعيار.

الإنتاج هو الحكم بين المخرج والكاتب

إذا حدث خلاف بين الكاتب والمخرج، فشركة الإنتاج هى الحكم، لكن أنا شخصياً تعلمت شيئاً مهماً جداً من تجربة بعض الأفلام التى كتبتها ولم أحبها على الشاشة، تعلمت أننى لا أعمل إلا مع مخرج أجيد التفاهم معه وأثق به وهناك أرضية مشتركة بيننا، هناك مخرجون أصحابى لكن لا أعمل معهم، بدون ذكر أسماء، لأنه لا توجد أرضية عمل مشتركة بيننا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أول الحكاية الكاتب مدحت العدل أمريكا شيكا بيكا

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم يستقبل رئيس التنظيم والإدارة ويتفقان على إعلان نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية

استقبل محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اليوم بمقر الوزارة، المهندس حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وذلك في إطار التعاون المستمر بين الوزارة والجهاز لتلبية احتياجات العملية التعليمية من الكوادر المؤهلة.

وفي هذا السياق، اتفق الجانبان على إعلان نتيجة مسابقة شغل عدد 20،000 وظيفة معلم مساعد (مادة اللغة الإنجليزية)، اليوم، عبر الموقع الإلكتروني لبوابة الوظائف الحكومية.

وأكد الوزير محمد عبداللطيف أن هذه المسابقة تمثل خطوة مهمة في دعم تطوير التعليم في مصر، خاصة في مادة اللغة الإنجليزية، مشددًا على التزام الوزارة بتوفير معلمين على درجة عالية من الكفاءة، بما ينعكس على العملية التعليمية.

وقد ثمّن الوزير جهود الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، برئاسة المهندس حاتم نبيل، في إعداد وتنفيذ منظومة المسابقات المركزية بكفاءة وشفافية، مؤكدًا أن هذه المنظومة تضمن اختيار الأكفاء من المتقدمين، كما أعرب عن تقديره لاستجابة الجهاز السريعة في تلبية احتياجات الوزارة من الكوادر البشرية المؤهلة.

ومن جانبه، أكد المهندس حاتم نبيل أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ملتزم بتلبية احتياجات مختلف الجهات الإدارية من الكفاءات، مشيرًا إلى أن ملف مسابقات التوظيف يتم وفق ضوابط ومعايير موضوعية تحقق مبادئ العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع المتقدمين.

وكشف رئيس الجهاز عن تفعيل الآلية الجديدة بشأن إعلان نتيجة مسابقة شغل ٢٠ الف معلم مساعد مادة اللغة الإنجليزية، التي بدأ الجهاز تطبيقها مؤخرًا، والتي تتيح للمتقدمين الذين اجتازوا الامتحان الإلكتروني ولكن ترتيبهم بين الناجحين تجاوز العدد المطلوب لشغل الوظائف في محافظاتهم، فرصة التأهل للمرحلة التالية من المسابقة في محافظات أخرى لم تستكمل العدد المطلوب من الوظائف.

وأشار إلى أن الجهاز أتاح لهؤلاء المتقدمين حرية اختيار محافظة من بين المحافظات المتاحة، لشغل إحدى الوظائف الشاغرة بها، على أن يقوم المتقدم بترتيب المحافظات المتاحة على موقع بوابة الوظائف الحكومية وفقًا لرغباته.

وأوضح أنه تم الإعلان عن النتيجة اليوم عبر موقع البوابة، على أن تُتاح إمكانية تقديم التظلمات لمن يرغب خلال الفترة من 13 يونيو وحتى يوم 26 من نفس الشهر، فيما يُفتح باب ترتيب الرغبات اعتبارًا من الغد 13 يونيو أيضا ويستمر حتى 27 يوليو المقبل.

وأضاف المهندس حاتم نبيل أنه في حال تساوي عدد من المتقدمين في الدرجات، سيتم تطبيق القواعد المنصوص عليها في المادة (4) من اللائحة التنفيذية للباب السابع من قانون التعليم، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 428 لسنة 2013، والمُعدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 165 لسنة 2025، والتي تنص على أنه في حال التساوي يتم المفاضلة بين المتقدمين وفقًا للترتيب التالي:

1. الأعلى في مرتبة الحصول على المؤهل المطلوب لشغل الوظيفة.
2. الأعلى درجة في ذات المرتبة.
3. الأعلى مؤهلًا.
4. الأقدم تخرجًا.
5. الأكبر سنًا.

وأكد رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أن هذه الآلية الجديدة تتيح فرصة عادلة للمتقدمين الذين اجتازوا الامتحان الإلكتروني لشغل وظائف في محافظات أخرى، وتسهم في سرعة تلبية احتياجات وزارة التربية والتعليم لسد العجز في المحافظات التي لم تستكمل العدد المطلوب من المتقدمين، وذلك إيمانًا بالدور الحيوي للتعليم في بناء الإنسان، وتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030".

مقالات مشابهة

  • مدحت شلبي: فوز الأهلي على إنتر ميامي مفتاح التأهل لثُمن نهائي مونديال الأندية
  • مسؤول إيراني: لن يكون هناك مكان آمن في إسرائيل
  • مدحت شلبي يوجه رسالة لـ تركي آل الشيخ
  • إسرائيل تغلق سفاراتها حول العالم خشية انتقام إيران
  • عن فيديو الاعتداء المتداول.. أرملة إحسان الترك: قديم وحصل يوم وفاة جوزي|خاص
  • مدحت بركات: أمن سيناء خط أحمر ودور مصر في غزة لا يحتمل المزايدة
  • وزير التعليم يستقبل رئيس التنظيم والإدارة ويتفقان على إعلان نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية
  • ترامب عن اعتذار إيلون ماسك: من اللطيف جدا أن يفعل ذلك
  • الكاتب خالد الهنائي لـعمان: شغف الكتابة بدأ باكرا ولم يخرج للجمهور إلا بعد نضج التجربة
  • أزمة السينما في الكتابة.. مصطفى الكيلاني: تامر حسني فنان ذكي لكنه ليس كاتبا