أثارت جنازة الحقوقي الفرنسي الدكتور فرانسوا دوروش، الذي وافته المنية الخميس ووارى الثرى الجمعة في باريس، جدلاً واسعًا بين أوساط المجتمع الفرنسي والدولي.

فقد كانت مراسم الجنازة غير تقليدية بالنسبة لشخصية فرنسية بهذا الثقل، حيث أُقيمت في مسجد الهاشمي بسان طوان، مرورا بمراسم دفن إسلامية، بمقابر المسلمين وهو الأمر الذي أثار التساؤلات حول دينه الحقيقي وأصوله، خاصة مع تكتمه الشديد عن جوانب من حياته الشخصية.



وفقد اشتهر دوروش بتركيزه على حقوق الإنسان دون أي تمييز ديني أو عرقي، ما جعله شخصية حقوقية بارزة تشغل الساحة الحقوقية، إلا أنه وبعد وفاته وكأبطال الظل بدأ البحث عن سيرته الشخصية وحياته الغامضة خاصة بعد مراسم الدفن من مسجد وفي مقابر المسلمين على عكس المتوقع، وبل أيضا تم الربط بينه وبين المفكر الفرنسي الذي يحمل نفس الاسم "فرانسوا دوروش"، ويكبره بـ 10 سنوات ومازال على قد الحياة.



وأثيرت الكثير من التساؤلات بعد وفاة فرانسوا، عن حقيقة إسلامه وأصله، وهل كان مسلما منذ ولادته أم كان مسيحيا وأعتنق الإسلام فيما بعد، وهل له أصول عربية أم أنه فرنسي الأصل.
أصول غامضة وعلاقة بالعالم العربي


 
ولد مسلما واسمه محمد
ومن جهته أكد الكاتب الصحفي أحمد الشيخ والذي رافقة في العديد من الندوات واللقاءات، على أنه رغم أهمية سيرة فرانسوا ودوره الحقوقي، فإن ما يبقى ويهم حقًا هو إرثه الحقوقي، وأثره الإنساني، حيث كان مثالًا للمبادئ التي تتخطى الانتماءات، وكان تركيزه على القيم الإنسانية وحدها دون أن يتوقف عند الدين أو العرق، بل كان يرى في حقوق الإنسان قضية عالمية يجب أن تحظى باهتمام المجتمع الدولي.

وأضاف الشيخ أن فرانسوا ولد مسلما في سوريا، وتحديدًا في مدينة درعا، وانتقل إلى فرنسا مهاجرا في السابعة عشرة من عمره، حاملًا معه طموحًا كبيرًا للدراسة والتأثير، إلا أن اسمه الأصلي لم يكن "فرانسوا دوروش" بل "محمد أحمد الرشدان".

ومع حصوله على الجنسية الفرنسية، بدأ باستخدام اسمه الحالي، حيث يرى البعض أن تغير أسمه جاء ليتمكن من متابعة نشاطاته الحقوقية بسلاسة في الأوساط الفرنسية والغربية، بعيدًا عن النظرات السياسية والدينية التي قد تعيق مساعيه.

وأشار الشيخ إلى أن خلفية فرانسوا ساهمت في تشكيل جزءًا من فهمه العميق لقضايا الشرق الأوسط، ودعم قضايا المظلومين في العالم العربي، وعلى رأسها قضية فلسطين.

واستطاع دوروش أن يقدم منظوره الخاص حول المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، إذ كان مناصرًا قويًا في انتقاد السياسات الاستعمارية للاحتلال الإسرائيلي، ومتحالفًا مع الحق الفلسطيني رغم صعوبات البيئة الأوروبية التي تحتضن آراء متباينة.



مسيرته الحقوقية والسياسية في فرنسا
وأضاف الكاتب الصحفي، أن دوروش درس الطب في فرنسا، وعمل طبيبا وتدرج حتى أصبح رئيسًا لفيدرالية الأطباء الفرنسيين، وهو منصب مهم مكنه من التأثير على قضايا صحية وإنسانية عديدة، لكن توجهاته الحقوقية القوية ورفضه للأنظمة الاستبدادية قد يكون سببا في أبعاده عن هذا المنصب لاحقًا.

أسس دوروش مؤسسة "نجدة أطفال سوريا"، والتي تهدف إلى تقديم الدعم للأطفال المتضررين من الحرب في سوريا، وساهم من خلال هذه المؤسسة في إيصال أصوات المتضررين ومعاناتهم إلى العالم الغربي.



وتابع الشيخ أن فرانسوا ترأس "منظمة عدالة وحقوق بلا حدود"، والتي تعتبر إحدى المنظمات الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان في فرنسا، استطاع من خلال هذه المنظمة أن يكون صوتًا للعدالة في قضايا عالمية كبرى، مما أكسبه احترامًا واسعًا وسمعة دولية، كناشط يكرس حياته لحقوق الشعوب دون تحيز.

ومن ناحية أخري أضاف الشيخ أنه من الخطأ الخلط بين المفكر المستشرق والطبيب الحقوقي اللذان يحملان نفس الاسم "فرانسوا دوروش"، حيث يلتبس على البعض ويتم الجمع بين الشخصيتين مؤكدا أن الطبيب الحقوقي لم يكن له أي كتابات قرآنية أو تأليف، كما أن دوروش المفكر مازال على قد الحياة.


الربيع العربي ومناصرته للثورات
ويذكر أن الربيع العربي كان له وقع خاص في حياة فرانسوا دوروش، إذ كان من أوائل الداعمين للمطالب الشعبية في الدول العربية، لم يتوانَ دوروش عن انتقاد الأنظمة الاستبدادية التي واجهت شعوبها بالقمع، ودعا في العديد من المناسبات إلى احترام حق المواطنين في التعبير والمشاركة السياسية.

وكان يري أن الثورات العربية فرصة عظيمة لتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة التوازن بين الحكومات والشعوب، وتحدث عن أن الدعم الغربي لهذه الثورات كان يجب أن يكون جادًا ومثمرًا، وأعرب عن أسفه لعدم الالتزام التام بمبادئ حقوق الإنسان فيما يخص تلك الثورات.

قضية فلسطين والنضال ضد الاحتلال
عرف دوروش بمواقفه الصارمة تجاه سياسات الاحتلال الإسرائيلي. فقد انتقد بجرأة الانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لوقف هذه الاعتداءات.

وكان يعتبر القضية الفلسطينية من أولوياته، ويرى فيها رمزًا للنضال من أجل العدالة. استخدم منصته الحقوقية لنشر الوعي حول الأوضاع الإنسانية في فلسطين، وألقى عدة خطابات تناولت ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية، وأبدى قلقه من السياسات الغربية المتناقضة.

لقد عُرف فرانسوا دوروش بنقده الشديد للاحتلال، وقدم العديد من البيانات التي تندد بالعنف ضد المدنيين الفلسطينيين، ومقابل هذا الموقف الجريء، تعرض للكثير من الضغوط، لكنه ظل ثابتًا على مواقفه مؤكدًا أنه يقف مع الإنسانية والحق بغض النظر عن العرق أو الدين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الحقوقي سوريا فرنسا سوريا فرنسا حقوقي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

موعد ومكان جنازة صنع الله إبراهيم

تشيع جنازة الكاتب صنع الله إبراهيم، من بمسجد أل رشدان بمدينة نصر عقب صلاة العصر، ذلك بعد رحيله عن عالمنا صباح الأربعاء عن عمر يناهز الـ 88 عاما، عقب صراع مع المرض.

ومن المفترض، أن تشيع جنازة صنع الله إبراهيم، من مسجد «أل رشدان» إلى مدافن طريق العين السخنة إلى مثواه الأخير، بعد معاناته مع التهاب رئوي حاد، استدعى نقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

وفاة الكاتب صنع الله إبراهيم

ورحل عن عالمنا، صباح اليوم الأربعاء، الروائي الكبير صنع الله إبراهيم، عن عمر ناهز الـ88 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.

صنع الله إبراهيم، هو روائي وصحفي مصري بارز، وُلد في القاهرة عام 1937. يُعتبر واحدًا من أهم كتاب الرواية العربية المعاصرة، وأبرز كُتاب جيل الستينيات في مصر، عُرف بأسلوبه الواقعي النقدي واهتمامه بالقضايا السياسية والاجتماعية في مصر والعالم العربي.

أعمال صنع الله إبراهيم

ومن أشهر أعماله السردية الروائية روايات: «تلك الرائحة، شرف، وردة، اللجنة، ذات، العمامة والقبعة، القانون الفرنسي، أمريكانلي، بيروت بيروت، نجمة أغسطس، ذات، متون الأهرام» وغيرها.

وحصد صنع الله إبراهيم، العديد من الجوائز، من بينها جائزة ابن رشد للفكر الحر، في العام 2004، وجائزة كفافيس للأدب دورة العام 2017.

اقرأ أيضا:

ورحل مؤلف «ذات».. صنع الله إبراهيم يودع الحياة وتبقى كلماته خالدة

وزير الثقافة يزور الروائي الكبير صنع الله إبراهيم للاطمئنان على حالته الصحية

رئيس الوزراء ناعيا صنع الله إبراهيم: إرثه الأدبي سيجعل منه أيقونة خالدة بمسيرة الإبداع

مقالات مشابهة

  • إيقاف مراقب حركة جوية فرنسي عن العمل بعد بث عبارة فلسطين حرة للطيارين الإسرائيليين
  • جيش نيجيريا يدافع عن عملياته العسكرية بوجه الانتقادات الحقوقية
  • مالي تعلن إحباط محاولة انقلاب.. وتوقيف متورطين بينهم فرنسي
  • صمت فرنسي بشأن زيارة لودريان
  • الشيخ : الحرب الاقتصادية التي يشنها الاحتلال لا تقل خطوة عن العسكرية
  • وفاء عامر تبكي وتكشف حقيقة الشائعات التي طالتها
  • نادي الأسير: استمرار المنظومة الحقوقية الدولية بتوجيه تحذيرات إزاء جرائم الاحتلال لم يعد كافيًا
  • مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية شاملة (10)
  • مدبولي يكشف حقيقة بيع أصول الدولة
  • موعد ومكان جنازة صنع الله إبراهيم