بعد حملة تشويه وتحريض عبر أكاذيب إعلامية لتهيئة الرأي العام، ارتكبت قوات من الجيش والشرطة المصرية، في 14 أغسطس/ آب 2013، أكبر "عملية قتل لمتظاهرين في العصر الحديث"، خلال فض اعتصامي ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) ونهضة مصر (غرب)؛ "مما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص على الأرجح".

وهؤلاء المعتصمون كانوا يطالبون باستعادة الشرعية الدستورية، في أعقاب انقلاب عسكري، حين كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، أطاح في 3 يوليو/ تموز 2013 بمحمد مرسي (2012-2013)، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية بنظام حكم الرئيس حسني مبارك (1981-2011).

وقبل الفض، شنت قنوات تلفزيونية وصحف ومواقع إخبارية، سواء مملوكة للدولة أو خاصة، حملة تشوية للمعتصمين من أجل نزع أي تعاطف معهم والتحريض على تفريقهم بالقوة مهما كانت الخسائر، وذلك عبر ترويج أكاذيب بينها "نكاح الجهاد" و"انتشار الأمراض" و"الاتجار بالأطفال" ووجود "أسلحة كيميائية"، بالإضافة إلى إعلان "مجلس حرب" من جانب قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتنمي إليها مرسي.

وفي يوم الفض، فتحت كتائب من قوات الأمن المسلحة النار على المعتصمين، "مما أسفر عن مقتل 817 شخصا على الأقل، وأكثر من ألف شخص على الأرجح"، بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، فيما تفيد تقديرات أخرى بمقتل الآلاف، بينهم أطفال ونساء وشيوخ.

وعلى الرغم من العدد الكبير للضحايا، إلا أن السلطات لم تحتجز أي مسؤول حكومي أو أي فرد من قوات الأمن المسؤولة عن عملية القتل الجماعي، بينما في المقابل أصدر القضاء أقصى العقوبات بحق الآلاف من أنصار جماعة الإخوان، وبينهم المئات من القيادات والكوادر والمعتصمين.

وفي 6 مارس/آذار 2014، أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر تقريرا عن فض الاعتصام قال فيه إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وقاوموا قوات الأمن ما أجبرها على استخدام القوة القاتلة.

لكنه أفاد أيضا بأن قوات الأمن "أخلّت بالتناسبية" و"كثافة إطلاق النيران" ولم تحافظ على مخرج آمن للمتظاهرين الراغبين في المغادرة وحرمت المصابين من الحصول على الإسعافات اللازمة.

اقرأ أيضاً

حق رابعة.. مصريون يحيون ذكرى 10 سنوات على المجزرة ويطالبون بالقصاص

حملة قمع جماعية

ومنتقدة الوضع الراهن في مصر، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عبر تقرير الإثنين، إن "السلطات لم تحاسب على مدى عشر سنوات أي شخص على أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث. وقد أطلقت مذبحة رابعة، وهي جريمة محتملة ضد الإنسانية، شرارة حملة قمع جماعية استهدفت منتقدي الحكومة، مما أدى إلى واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان في مصر منذ عقود".

مصر: أصوات مذبحة رابعة تدوي بعد 10 سنوات https://t.co/p2zQ8oV10w

— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 14, 2023

المنظمة زادت بأنه "رغم الأدلة الدامغة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش ودعوات الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية لإجراء تحقيق، إلا أن السلطات تقاعست عن التحقيق مع أي شخص أو مقاضاته على قتل مئات المتظاهرين (...) ولا يزال مئات المتظاهرين الذين شاركوا في الاعتصام رهن الاعتقال، وأدينوا في محاكمات جماعية جائرة جدا، وحُكم على بعضهم بالإعدام، فيما فر كثيرون إلى المنفى".

وأضافت أنه "ينبغي على المحاكم في الدول الأخرى أيضا التحقيق مع المتورطين في المذبحة ومحاكمتهم بموجب مبدأ "الولاية القضائية العالمية". وهذا المصطلح يشير إلى سلطة النظم القضائية الوطنية للتحقيق في بعض الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي ومقاضاة مرتكبيها بصرف النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية المشتبه بهم أو جنسية ضحاياهم.

وفي 26 يوليو/تموز 2018، وافق السيسي على القانون رقم 161 لسنة 2018 الذي يمنحه سلطة منح القادة العسكريين صفة وزارية و"حصانة دبلوماسية" عند السفر خارج البلاد، بهدف حمايتهم من المساءلة على الأرجح، وفقا للمنظمة.

اقرأ أيضاً

رسالة الجنرالات.. مجزرة رابعة والعقد الاجتماعي لجمهورية مصرية جديدة

معاملة وحشية

"وحلول الذكرى السنوية العاشرة لمذبحة رابعة هو تذكير صارخ بأن الإفلات من العقاب عن القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص أدى إلى هجوم شامل على المعارضة السلمية وتآكل كافة الضمانات للمحاكمة العادلة، وما رافقها من معاملة وحشية لا توصف في السجون طوال العقد الماضي"، وفقا لمنظمة العفو الدولية في تقرير الإثنين.

#مصر: الذكرى العاشرة لمذبحة رابعة هي تذكير صارخ كيف أنّ الإفلات من العقاب عن القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص قد مكّن هجومًا شاملًا على المعارضة السلمية، وتآكل كافة الضمانات للمحاكمة العادلة في نظام العدالة الجنائية https://t.co/xBv4wGfnXe

— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) August 14, 2023

وشددت المنظمة على أنه "بعد مرور عشر سنوات، لم يُحاسب مسؤول واحد عن إراقة الدماء، مما يسلط الضوء على الغياب الواسع للعدالة والإنصاف لعائلات الضحايا والناجين من التعذيب، والاختفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير القانونية والاحتجاز التعسفي".

و"لا يمكن وصف السنوات الـ10 الأخيرة إلا بأنها "عقد من العار". كانت مذبحة رابعة انعطافة خطيرة تبنت السلطات على إثرها سياسة عدم التسامح مع المعارضة. ومنذ ذلك الحين، قُتل عدد لا يحصى من المنتقدين والمعارضين أثناء احتجاجهم في الشوارع أو تُركوا ليقبعوا خلف قضبان السجون أو أرغموا على الذهاب إلى المنفى"، بحسب مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في المنظمة فيليب لوثر.

وأضاف أن "الافتقار إلى رد قوي ومنسق من المجتمع الدولي على مذبحة رابعة سمح للجيش وقوات الأمن بالإفلات من العقاب عن ارتكاب القتل الجماعي، ولا أمل في خروج مصر من أزمتها الإنسانية المستمرة من دون مساءلة السلطات عن تصرفاتها في ذلك اليوم الأسود في تاريخ مصر الحديث".

وعدّد لوثر "10 طرق تدهورت فيها حالة حقوق الإنسان في مصر منذ مذبحة رابعة وهي: قمع الاحتجاجات في الشوارع، والاحتجاز التعسفي، والمحاكمات الجائرة، وعقوبة الإعدام، والاعتداء على حرية التعيبر، وخنق المجتمع المدني، والتعذيب، والاختفاء القسري، والتمييز والإفلات من العقاب".

و"ينبغي أن تُذكّر هذه الذكرى السنوية القاتمة المجتمع الدولي بالحاجة الملحة لإنشاء مسارات فعالة للمساءلة مثل آلية للرصد والإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان في مصر منبثقة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، كما أضاف.

وشدد لوثر على أنه "يتعين على الدول أيضا الضغط على السلطات المصرية بشكل علني أو بصورة ثنائية للإفراج عن آلاف المنتقدين والمعارضين المحتجزين تعسفيا وبينهم أولئك الذين لهم صلات بجماعة الإخوان".

اقرأ أيضاً

منظمة حقوقية: واشنطن لا تفعل ما يكفي حيال انتهاكات السيسي منذ فض رابعة 

65 ألف سجين

وبحسب منظمة "هيومن رايتس فيرست" الحقوقية الدولية، في تقرير بمناسبة ذكرى المجزرة، فإن الإدارات الأمريكية المتعاقبة فشلت على مدار عقد في مواجهة انتهاكات السيسي المتواصلة منذ "مذبحة فض رابعة، التي خلّفت أكثر من 900 قتيل من الرافضين للانقلاب.".

Marking the 10th anniversary of the Egyptian government’s massacre of protesters in Rabaa and Nahda, Cairo, @humanrights1st released a report authored by @dooley_dooley along with Egyptian human rights defenders (HRDs) critiquing U.S. policy on Egypt.????⤵️ https://t.co/COpKYge1Am

— Human Rights First (@humanrights1st) August 11, 2023

وزادت المنظمة بأن واشنطن لا تفعل ما يكفي لدعم حقوق الإنسان في مصر، حيث "يحكم السيسي قبضته الحديدية على البلاد، ويقبع حاليا نحو 65 ألف سجين سياسي خلف القضبان".

وقال كبير المستشارين في المنظمة  بريان دولي إن "النشطاء المصريين يجاهدون ليظلوا خارج السجن لدفاعهم عن حقوق الإنسان (...) وخلافا لوعوده الانتخابية، لم يغير (الرئيس الأمريكي جو) بايدن بشكل ملموس نهج واشنطن في تقديم الدعم العسكري والسياسي لنظام السيسي الوحشي والديكتاتوري".

ودعت المنظمة الإدارة الأمريكية إلى "فرض شروط حقوقية على المساعدة الأمنية ومبيعات الأسلحة لمصر، وفرض عقوبات على أموال وتأشيرات المسؤولين المصريين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، وضرورة المطالبة العلنية بتقديم مرتكبي مجزرة رابعة للعدالة".

اقرأ أيضاً

تشويه بأكاذيب لا تُغتفر.. هكذا مهّد إعلام مصر لمجزرة فض رابعة

جمهورية السيسي

وفي العام السابق على المجزرة، 2012، سجل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أكثر من 3800 نشاط احتجاجي في مصر، وهو أكثر من العدد الإجمالي للاحتجاجات بين 2000 و2010.

ووفقا حسام الحملاوي، وهو صحفي مختص بشؤون الجيش المصري وأجهزة الأمن، فإن "الجنرالات اعتبروا أن البلاد أصبحت غير قابلة للحكم، وقرروا تهدئتها بالقوة مرة واحدة وإلى الأبد لإنقاذ الدولة من "الفوضى" أو الأسوأ من ذلك ثورة جديدة يمكن أن تهدد امتيازاتهم"، بحسب مقال في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE).

"The country had become ungovernable, and the generals decided to pacify it by force once and for all to save the state from “chaos” - or, even worse, a new revolution that could threaten their privilege"

✍️ Opinion by Hossam el-Hamalawy | @3arabawy https://t.co/gPyuZhkOrU

— Middle East Eye (@MiddleEastEye) August 14, 2023

وتابع أن "عدد القتلى في يوم واحد، 14 أغسطس 2013، كان مساويا تقريبا لإجمالي عدد الوفيات خلال حملة القمع في التسعينيات بعهد مبارك. وخلال الأشهر السبعة الأولى بعد انقلاب السيسي، خلّف عنف الدولة أكثر من 3200 قتيل".

و"كان الحجم الهائل لسفك دماء رابعة ومجازر ما بعد الانقلاب رسالة واضحة من الجنرالات للأمة مفادها أن العمل الجماعي المستقل غير مسموح به (...) واليوم، يترأس السيسي مجتمعا بلا حواجز: أحزاب معارضة مشلولة، وبرلمان مُدجن، ولا يوجد حزب رسمي حاكم ولا مؤسسات مدنية"، كما تابع الحملاوي.

وأردف: "وبدلا من ذلك، تفرض الأجهزة القمعية (الجيش والشرطة والمخابرات العامة) حكما مباشرا وتدير المجتمع بشكل يومي.. السيسي لا يدير المعارضة، بل يقضي عليها، ولم تكن رابعة مجرد مجزرة، بل كانت العقد الاجتماعي التأسيسي لجمهورية السيسي الجديدة".

وفي 17 يونيو/ حزيران 2019، توفي مرسي خلال جلسة لمحاكمته بتهمة التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في حين يتأهب السيسي، الذي يتولى الرئاسة منذ 2014، لخوض انتخابات جديدة في 2024، بينما يعاني المصريون من تداعيات انسداد سياسي حاد وأزمة اقتصادية متفاقمة.

اقرأ أيضاً

بوسم الرئيس الشهيد.. مغردون يحيون الذكرى الرابعة لرحيل مرسي

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر السيسي مرسي انتهاكات معارضة حقوق الإنسان فی مصر هیومن رایتس ووتش مذبحة رابعة قوات الأمن من العقاب اقرأ أیضا أکثر من مصر من

إقرأ أيضاً:

مؤتمر دولي بالدوحة يدعو إلى تقنين استخدام الذكاء الاصطناعي

الدوحة- وسط تصاعد التحذيرات من إساءة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، انطلقت اليوم الثلاثاء في الدوحة أعمال مؤتمر "الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل"، ودعا المشاركون إلى ضرورة وضع تشريعات وطنية ودولية ملزمة تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التكنولوجيا، وتحول دون تحولها لأداة تنتهك الخصوصية، وتعزز التمييز، وتقوض حقوق الإنسان الأساسية.

وأكد عدد من المتحدثين في الجلسات الافتتاحية أهمية سد الفراغ التشريعي الذي يحيط بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العالم، داعين إلى تبني إطار قانوني دولي واضح يوازن بين الاستفادة من مزاياه التقنية والحد من مخاطره الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية.

ويُقام المؤتمر بمشاركة أكثر من 800 خبير ومسؤول من مختلف أنحاء العالم، بتنظيم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وبالتعاون مع جهات محلية ودولية تشمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والوكالة الوطنية للأمن السيبراني، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.

مريم العطية تؤكد أن المؤتمر يهدف إلى تبادل الخبرات وتحليل المخاطر الناجمة عن الذكاء الاصطناعي (الجزيرة) محاور المؤتمر

ويركز المؤتمر على عدد من المحاور والمواضيع الرئيسية منها:

أسس الذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي والخصوصية. التحيز والتمييز. حرية التعبير. الوصول إلى العدالة الرقمية. الأطر القانونية والأخلاقية. الذكاء الاصطناعي والأمن. الذكاء الاصطناعي والديمقراطية. الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام وفق نهج حقوق الإنسان والمخاطر. التحولات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي في التوظيف وفرص العمل.

وقالت رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مريم بنت عبد الله العطية، في الافتتاح، إن المؤتمر يهدف إلى استكشاف الفرص وتبادل الخبرات والتجارب والممارسات الفضلى، ومناقشة وتحليل التحديات والمخاطر الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، موضحة ضرورة الفهم العميق لواقعه ومستقبله اعترافا بتأثيره المتزايد على التمتع الفعلي بحقوق الإنسان.

إعلان

وحذرت من الاستخدامات غير الأخلاقية له والتي تثير مخاوف عدة منها تفاقم التحيز والتمييز، وتعميق الفجوة الرقمية، وانتهاك الحق في الخصوصية، وزيادة معدلات البطالة الناتجة عن فقدان فرص العمل، والآثار الخطِرة لبعض الأنظمة التي تشكل تهديدا مباشرا للحق في الحياة.

وأشارت العطية إلى الحاجة الملحة لاعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان في جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان الشفافية والرقابة والتقييم والمراجعة والمساءلة، وكفالة سبل الانتصاف في جميع حالات الانتهاكات المترتبة على استخداماته.

من جانبه، قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطري محمد بن علي المناعي، إن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ابتكار تقني يستخدم لتحسين الخدمات أو رفع الكفاءة، بل أصبح قوة محركة تعيد تشكيل ملامح الحياة، وتؤثر في قرارات تمسّ جوهر الكرامة الإنسانية، موضحا أهمية المؤتمر بوصفه مساحة حوار عالمي "نتشارك فيها المعرفة ونتبادل التجارب ونتفق على مبادئ واضحة توجه استخدام الذكاء الاصطناعي بما يخدم الإنسان أولا، ويصون كرامته".

وأضاف، خلال كلمته، أن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل الخوارزميات التنبؤية، ونماذج التعلم الآلي، والأنظمة التي تتخذ قرارات تلقائيا، يطرح تحديات كبيرة تتجاوز الجانب التقني فقط، "حيث إننا اليوم أمام واقع جديد تتخذ فيه الآلة قرارات كان يتخذها الإنسان، لذلك يصبح من الضروري أن نوفر أطرا تنظيمية تضمن أن تبقى مصلحة الإنسان في مقدمة الأولويات".

ماري قعوار تدعو إلى إيجاد معايير دولية واضحة تحدد أسس استخدام الذكاء الاصطناعي (الجزيرة) تحولات تكنولوجية

من جهته، قال رئيس الوكالة الوطنية للأمن السيبراني القطرية عبد الرحمن بن علي الفراهيد المالكي، إن العالم يشهد تحولا غير مسبوق في الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والناشئة والتي باتت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي، وبالأخص التوليدي، الذي أظهر قدرات مذهلة وفتح آفاقا واسعة، لكنه في الوقت ذاته طرح تحديات حقيقية على الأفراد والمجتمعات.

إعلان

وأوضح أن دولة قطر أولت اهتماما بالغا لمواكبة هذه التحولات التكنولوجية ومواجهة التحديات المصاحبة لها بإستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة والإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، حيث تم التركيز على تسخير التكنولوجيا لتعزيز التنمية مع الحرص على الحد من مخاطرها لتوفير فضاء سيبراني آمن، مشيرا إلى أنها كانت من أوائل الدول التي بادرت بإصدار قانون حماية خصوصية البيانات الشخصية.

وفي تصريح للجزيرة نت، قالت مديرة المركز الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ماري قعوار، إن هناك حاجة إلى معايير دولية واضحة تحدد أسس استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تخدم الإنسانية، ويمكن مناقشتها في المؤتمر للخروج بتوصيات يمكن رفعها للأمم المتحدة لتصدر بها قرارات واضحة في هذا الشأن.

وفي رأيها، فإن القضية الهامة بالنسبة للذكاء الاصطناعي حاليا هي العمل على ألا يتسبب في حدوث تمييز وعدم مساواة، و"بالتالي لا بد أن يكون لدينا بنية تحتية له عادلة وشاملة بين الدول عموما وداخل الدول نفسها خاصة، بحيث لا يكون هناك تمييز بين المدينة والريف، وبالتالي خلق حالة من عدم تكافؤ الفرص بناء على هذه التكنولوجيا الحديثة".

وأكدت أن العالم العربي لا يزال في حاجة لتضمين الذكاء الاصطناعي لصالح تحسين الخدمات وحقوق الإنسان، مشيدة بالإستراتيجية القطرية في هذا الإطار والتي تحدد إطارات استخدام هذه التكنولوجيا.

محمد سيف الكواري: المؤتمر يركز على العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة وحقوق الإنسان (الجزيرة) مخاطر متزايدة

وصرح نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان محمد سيف الكواري للجزيرة نت، أن المؤتمر يركز على العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة وحقوق الإنسان، لا سيما أن هناك دراسات وأصوات تعلو عن وجود انتهاكات للخصوصية وحرية التعبير والتمييز نتيجة هذه التكنولوجيا التي تُستغل "بطريقة خاطئة".

إعلان

وتابع الكواري، إن المؤتمر سيناقش النماذج التي يمكن تطبيقها للحفاظ على حقوق الإنسان من مساوئ استخدام هذه التكنولوجيا، متوقعا أن يصدر عنه توصيات هامة في هذا الصدد سيتم رفعها إلى أعلى المستويات.

وأكد أنه لا بد من سن قوانين وتشريعات على المستوى العالمي لحماية حقوق الإنسان من الآثار السلبية للتكنولوجيا الحديثة "التي وصلت في بعض الأحيان لأن تكون بديلة من البشر، وهو ما أفقدهم حقوق العمل والمعيشة".

وفي مداخلته عبر تقنية الفيديو، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، إنه رغم فوائد الذكاء الاصطناعي في مجالات، مثل الرعاية الصحية والتنمية والتعليم، إلا أن هناك مخاطر متزايدة تهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية، من أبرزها المراقبة الجماعية والمعلومات المضللة والخطأ والصور والفيديوهات المفبركة والتمييز والتحيز والتحكم في المعلومات، فضلا عن تأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية.

وشدد تورك على ضرورة تطوير وتعزيز الأطر القانونية التي تضمن سلامة وشفافية ومساءلة أنظمة الذكاء الاصطناعي، وسد الفجوة الرقمية وتوفير بنية تحتية رقمية شاملة، وإشراك جميع فئات المجتمع -ليس فقط الحكومات والشركات- في حوكمته، وعلى ضرورة أن يُستخدم بما يعزز قيم حقوق الإنسان العالمية.

مؤتمر الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان يدعو إلى وضع تشريعات تضمن الخصوصية وعدم التمييز (الجزيرة)

بدوره، أكد رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي، أن التقدم الهائل الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته إمكانات غير مسبوقة لتحقيق التنمية والرخاء والارتقاء بحياة الإنسانِ في شتى المجالات، ولكنه في الوقت ذاته يُثير تساؤلات أخلاقية وقانونية وتحديات تمس جوهر حقوق الإنسان الأساسية، موضحا أن الرهان اليوم لا يكمن فقط في تطوير هذه التكنولوجيا بل في كيفية توظيفها واستخدامها استخداما آمن، وبما يحمي القيم المجتمعية وحقوق الإنسان الأساسية.

ويرى اليماحي، أن الجانب الأكبر من هذه المسؤولية يقع على عاتق البرلمانيين في مختلف أنحاء العالم، لأن نقطة البداية في تحقيق الاستخدام الآمن لهذه التكنولوجيا، هي وجود تشريعات وطنية تُنظم استخداماتها، بما يتلاءم مع منظومة القيم الخاصة في كل دولة، وأولوياتها التنموية، ومتطلبات أمنها القومي والمجتمعي.

إعلان

وأوضح أن البرلمان العربي أصدر قبل 3 أعوام أول قانون عربي في مجال الذكاء الاصطناعي لكي تسترشد به الدول العربية في سن تشريعاتها الوطنية ذات الصلة من أجل ضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التكنولوجيا، مؤكدا أن العالم بحاجة ماسة أيضا إلى إطار قانوني دولي ملزم يضبط هذا المجال الحيوي، ويوجه استخداماته نحو خدمة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان.

مقالات مشابهة

  • الحرب وتفشي الكوليرا ومصادرة حقوق الإنسان
  • وقفة أمام البرلمان الهولندي ضد دعم أوروبا لنظام السيسي.. لا تمولوا القمع
  • مؤتمر دولي بالدوحة يدعو إلى تقنين استخدام الذكاء الاصطناعي
  • مُحافظ جدة يُدشّن فعاليات اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية
  • حقوق إنسان النواب تعقد اجتماعا اليوم لمناقشة أداء «المجلس القومي»
  • حقوق النواب تعقد اجتماعا لمناقشة أداء المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • كلية الحقوق في عمان الأهلية تزور المركز الوطني لحقوق الإنسان
  • رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان لبحث التعاون المشترك
  • قومي حقوق الإنسان يناقش تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي
  • فضح الانتهاكات.. القومي لحقوق الإنسان يناقش تأثير السوشيال ميديا