علاقات المزاح .. المعاهدات الغير مكتوبة
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
علاقات المزاح .. المعاهدات الغير مكتوبة …
الجعليين …الشايقية …الدناقلة … الرباطاب … الحلفاويين … الأدروبات …
إستراحة في زمن الحرب …
تعتبر علاقات المزاح Joking relationship من ضروب علم الإجتماع Anthropology والتي أشبعت بحثا من قبل علماء الإجتماع الأوروبيين في أفريقيا.
وغني عن القول أن السلطات الإستعمارية في أرجاء أفريقيا كانت تستعين بدراسات علماء الإجتماع لقبائل أفريقيا قبل الزحف الإستعماري لتقاسم القارة بعد مؤتمر برلين 1884م ذلك الزحف المتسارع الذي وصف بالهرولة نحو أفريقيا Scramble for Africa ، وبعد أن تم تقاسم القارة ظلت دراسات وأبحاث علماء الإجتماع توجه وترسم طرائق وأساليب السيطرة والتحكم على المجاميع بأقل التكاليف الحربية وكذلك خارطة التحالفات مع المجموعات المحلية ومن يتم تقريبها ومن يتم تهميشها.
ولكن ماهو علم الإجتماع ؟
يصعب جدا وضع تعريف دقيق ومحدد ولكن يمكننا القول بأنه علم يبحث في الخصائص السلوكية للمجموعات البشرية وما يؤثر فيها من ثقافات وأعراف وتقاليد والعلاقات داخل المجموعة البشرية داخل النواة الأولى وهي الأسرة النووية (زوج وزوجة وأبناء) إتساعا نحو الأسرة الممتدة ومختلف علاقات القرابات وكذلك العلاقات بين المجموعات المختلفة في المنطقة الجغرافية الواحدة وما بينها من قواسم أو تنافرات أو تصورات ذهنية موروثة.
علاقات المزاح هي علاقات بين مجموعات أو قبائل تتشارك نفس النطاق الجغرافي والتاريخ المشترك وتزدهر بينها الملح والقفشات المتبادلة المقبولة بين الأطراف ، وتعتبر هذه القفشات على مافيها من إشارات سلبية ظاهريا ومطاعنات Teasing من أساليب التعبير عن المودة أو التقارب من خلال التفكه.
وفي الشريط النيلي الشمال سوداني تنتشر ثقافة الممازحة توددا وتفكها بين الجعليين والشايقية والدناقلة والرباطاب والأدروبات وهم أهل شرق السودان عموما بغير تفصيل.
ومن المواقف الراسخة في ذاكرتي حضوري لخطوبة بنت أحد أقاربي وكان الخاطب من الشايقية وفي نهاية جلسة التعارف والقبول وعندما هموا بالإنصراف باردهم قريبي رحمة الله عليه وكان فكها قائلا : إنتظروا … أسمعوا القصة ديه !
وطفق يقص عليهم نكتة عن الشايقية إنفجروا في نهايتها ضاحكين مقهقهين بينما كان العجب يغمرني من عمنا الذي يجروء على مناقرة قوم جاءوا لخطوبة بنته ولكن من المؤكد أن ذلك العم رحمة الله عليه كان ينطلق من رصيد متراكم خلال سنوات عمره جعله عارفا بالأرضية التي يقف عليها وبالتالي توقع ردة الفعل الإيجابية من الطرف المتلقي.
من هنا يمكننا فهم كيف تباينت ردود أفعال المجتمع تجاه النكات الصادرة من فكاهي مثل محمد موسى ففي حين اعتبرها البعض تأجيجا للعنصرية ومستفزة فقد تعامل معها آخرين بصدر رحب ، ذلك أن للذين إنتقدوا نكات محمد موسى كانوا من خارج دائرة المعاهدة الغير مكتوبة ربما كانوا من جغرافيات تنعدم فيها معاهدات المزاح ولا يستطيعون بالتالي تذوقها فضلا عن هضمها ، أما الذين تقبلوها فقد كانوا من داخل الدائرة ومنها وفيها.
وعلاقات المزاح لا تقتصر على النموذج الذي ذكرناه ولكنها توجد في عديد من مناطق أفريقيا والعالم.
#كمال_حامد ????
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
في اليوم الدولي للصداقة.. هل نحن وحيدون رغم مئات “الأصدقاء”؟
صراحة نيوز- هل تعلم أن هناك يوماً مخصصاً للاحتفاء بالصداقة؟ يوم امس 30 يوليو/تموز من كل عام، تحتفل الأمم المتحدة بـ “اليوم الدولي للصداقة”، الذي أقرّته منذ عام 2011 اعترافاً بأهمية هذه العلاقة الإنسانية بوصفها إحدى القيم النبيلة التي تجمع بين الناس حول العالم.
لكن، ماذا يعني الاحتفال بالصداقة في عصرنا الرقمي؟ سؤال طرحته الكاتبة على عدد من الصفحات الموجهة لجمهور من جنسيات مختلفة، لتفاجأ بعدم التفاعل، وكأنها تسأل عن أمر غير مألوف.
ربما لأن الصداقة، كما عرفناها قديماً، لم تعد على حالها. في زمن تزايد فيه عدد الأصدقاء الافتراضيين على حساب التواصل الواقعي، صار الحديث عن روابط متينة ومستقرة نادراً، بل وأحياناً غريباً.
ففي ظل وفرة أدوات الاتصال الحديثة، يشير الواقع إلى تصاعد الشعور بالوحدة، حتى بات “مصدر قلق عالمي” وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي شكلت لجنة متخصصة لدراسة الظاهرة على مدار ثلاث سنوات.
ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة “ميتا غالوب” في أكثر من 140 دولة، فإن واحداً من كل أربعة أشخاص يعاني من الشعور بالوحدة. أما مؤسسة “يوغوف” البريطانية، فقد أشارت إلى أن جيل الألفية، الذي نشأ في قلب العصر الرقمي، هو الأكثر تعرضاً للعزلة الاجتماعية.
مفارقة التواصل الحديث: قرب افتراضي.. وبعد واقعي
رغم سهولة إرسال الرسائل والتواصل الفوري، إلا أن تلك الأدوات لم تنجح في تقوية العلاقات كما كان مأمولاً. في الماضي، كان إرسال رسالة يتطلب جهداً ووقتاً، سواء عبر رسول أو حمام زاجل، لكن العلاقات كانت أكثر ثباتاً. أما اليوم، فقد أصبحت الصداقة في متناول اليد، لكن قيمتها أُضعفت، وربما فقدت معناها العميق.
رضوى محمد، شابة مصرية تقيم في لندن منذ خمس سنوات، تحاول الحفاظ على روابط الصداقة القديمة مع صديقتيها من القاهرة عبر العالم الافتراضي، لكنها في الوقت نفسه تبحث عن علاقات جديدة تشاركها اهتماماتها في المدينة الجديدة.
وتقول إن وسائل التواصل والمنصات المخصصة للتعارف، إضافة إلى مجموعات الاهتمامات، تساعدها على التغلب على الوحدة. لكنها ترى في تلك المهمة تحدياً حقيقياً، قائلة: “العثور على أصدقاء حقيقيين هنا يشبه التنقيب عن المعادن الثمينة”.
وتضيف: “رغم وسائل التواصل الكثيرة، تبقى الحاجة للألفة واللقاء الحقيقي وتقاسم الذكريات أمراً لا يغني عنه العالم الرقمي”.
منصات التواصل.. علاقات سريعة وقابلة للانتهاء
في صفحات التعارف عبر فيسبوك، يذكر المستخدمون أسباب تراجع الصداقات الواقعية: من ضغط العمل، إلى اختلاف الاهتمامات، إلى طبيعة المجتمعات الجديدة، وحتى الطقس البارد الذي يُبعد الناس عن التواصل.
وترى الخبيرة النفسية الأمريكية جينيفر غيرلاتش أن التكنولوجيا، رغم ما تتيحه من تواصل، ساهمت في تقصير عمر العلاقات. فسهولة الوصول إلى الآخرين جعلت الاستغناء عنهم سهلاً أيضاً، وأضعفت مهارات الحوار والتسامح.
وتحذر غيرلاتش من ظاهرة تصنيف الآخرين بسرعة ضمن خانة “الناس السامة”، ما يخلق عزلة غير مرئية، ويحرم الأفراد من علاقات قد تكون نافعة وطويلة الأمد.
العلاقات الرقمية.. راحة مؤقتة وحرمان عميق
الاستشارية النفسية والاجتماعية الأردنية عصمت حوسو ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي أعادت تشكيل العلاقات الإنسانية، فصارت أقل حميمية وأكثر سطحية. وتقول: “وجدنا متعة الرفقة دون متطلبات الصداقة”.
وتؤكد أن الإنسان بطبعه يحتاج إلى علاقات حقيقية مفعمة بالمشاعر، وهو ما لا توفره التفاعلات الرقمية. “الصداقة مثل النبات، لا تنمو إلا إذا سقيت بالعناية والتواصل الحقيقي”، تضيف حوسو، محذرة من اختزال العلاقات الإنسانية إلى مجرد رموز ونقرات على الشاشة.
كم عدد الأصدقاء الذي نحتاجه فعلاً؟
الكاتب الأمريكي هنري آدمز قال في القرن التاسع عشر: “إذا كان لك صديق واحد فأنت محظوظ، وإذا كان لك صديقان فأنت أوفر حظاً، أما ثلاثة فذلك مستحيل”. لكن العلم الحديث قدّم محاولة للإجابة الدقيقة.
فبحسب “رقم دنبار”، وهو مقياس وضعه عالم الأنثروبولوجيا البريطاني روبن دنبار، فإن الإنسان لا يستطيع الحفاظ على أكثر من 150 علاقة ذات مغزى في آنٍ واحد، حتى في عصر التواصل الرقمي.
لكن الأهم من العدد هو عمق العلاقات، وقدرتها على تقديم الدعم العاطفي في الأوقات العصيبة. ولهذا ترى حوسو أن “المعادلة الناجحة تكمن في التوازن بين العلاقات الواقعية والافتراضية، وتنمية روابط حقيقية رغم سرعة العصر”.
في اليوم الدولي للصداقة، لعلنا نحتاج أن نعيد النظر في مفهوم الصداقة ذاته، وأين نقف نحن منه. فبين المئات من “الفرندز”، قد نكون في الحقيقة بحاجة إلى صديق واحد فقط… حقيقي.