لجريدة عمان:
2025-05-21@02:56:42 GMT

الهجرة إلى الخليج.. أزمة الحديث عن الأزمة

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

في عالم يعيش حالة رعب من الآخر، ويتصاعد فيه العداء ضد المهاجرين، المسلمين، والعرب، في دول الشمال، لابد أن نطور يقظة خاصة، وننتبه لمنطق التفكير العنصري أينما ظهر.

ثمة عقلية غريبة في الخليج تُعلن انفصالاً تاماً بين قضايا الهجرة في أوروبا وتمثلاتها في الخليج. فالمهاجر العماني إلى ألمانياً مثلاً يتوقع من النظام الأوروبي أن يكون منصفاً ومتساعداً معه، بينما يُصر العماني على النظر إلى المهاجرين في الخليج بدونية، واعتبارهم مقيمين من الدرجة الثانية، غير متساوين معه في الحقوق.

يُمكن تجاهل الأمر عندما يتخذ حديث كهذا مكانه في الفضاء الخاص، أما عندما يأتي من مثقف ومفكر له وزنه في عمان ليُكرس أفكاراً يمينية معادية للمهاجرين، فهذا يستدعي الوقوف على الخطاب وتحليله. (والحقيقة أن الطريقة التي طرح بها الكاتب موضوعه لا تحتاج إلى كثير من الفطنة والحساسية، فهو خطاب يميني تقليدي).

نشر خميس العدوي بتاريخ 28 أكتوبر على جريدة عمان مقالاً بعنوان «الهجرة إلى الخليج.. الجذور والأزمة». في المقال فكرتان أساسيتان أتفق مع إحداهما وأختلف فكرياً وأخلاقياً مع الأخرى.

يؤسس العدوي لطرحه بالحديث عن تبني الخليج لنظام اقتصادي رأسمالي. وهو محق في أن لا يفترض البراءة في تدخل القوى الكبرى (وخصوصاً أمريكا) في شكل الاقتصادات القائمة، فهي -في النهاية- وسيلة للهيمنة. الأمن الأمريكي -بالنسبة لصناع القرار الأمريكيين- يعني تحكمهم بالمصادر. لهذا يظهر عداؤهم الشرس ضد أي نموذج بديل للحكم السياسي والاقتصادي (الشيوعي أو الاشتراكي) حتى وإن كان منتخبا بفعل الشعوب، لأنه قد يهدد هيمنتها، ويؤثر على فرصها الاستثمارية، ويحد من قدرتها على التأثير. وهي وحتى إن لم يكن لها مصالح مباشرة في دول معينة، يلازمها الخوف من ظهور نموذج بديل يمكن أن يثبت نجاحه أو يهدد النموذج الأمريكي.

تتورط أمريكا باستمرار في التأثير على انتخابات البلدان الأخرى، تنظيم الانقلابات، وتستخدم كل أدواتها لمنع الدول من الحق في تقرير السياسات المستقلة، إن كان عبر توطين (أو إعادة توطين) الحكومات الفاشية، إضعاف النقابات، قطع المساعدات، فرض العقوبات؛ لمعاقبة الشعوب ولإنتاج وضع مزرٍ يؤلب الشعب على الحكومات التي لا ترضى عنها. وهي تستغل كل ذريعة تخطر بالبال من الدفاع عن حقوق الإنسان، وتحرير المرأة (خصوصاً العربية والمسلمة)، إلى (وهي المفضلة لديهم) إحلال الديمقراطية؛ لتبرير تدخلاتها في شؤون البلدان، وإبقاء استعمارها الاقتصادي للعالم قائماً.

هذا النظام القائم يتطلب قوة عاملة، لأنه بطبعه -وبحكم التعريف- يسعى إلى مضاعفة رأس المال، ومراكمة الثروة. من هنا تأتي الحاجة للمهاجرين القادمين من بلدان منكوبة، غير مستقرة سياسياً، أو تعاني من أزمات اقتصادية ونسب بطالة عالية.

ما لا يجب أن نغفل عنه هو شرط وجود هذه الطبقة العاملة. فالنظام الجشع الذي يتخذ من مضاعفة رأس المال هدفاً له، يتطلب أيضاً إبقاء شريحة عظمى مستغلة، لا يتوافق ما تكسبه مع القيمة الحقيقية للعمل الذي تؤديه. وشريحة أخرى بين فاحشي الثراء، والمسحوقين، تُسلم بالنظام القائم وتدعمه حتى لا تخسر امتيازاتها، مهما كانت امتيازاتها ضئيلة مقارنة بالمتكسبين الأهم من وضع الانتهاز القائم. لا يتسع المجال لسرد الدلائل، والاقتباسات المطولة من التقارير الحقوقية للتدليل على أن استغلال العمالة غير الماهرة وعاملات المنازل في الخليج قائم وشائع ومسكوت عنه في الغالب. ما على الإنسان إلا أن يطل من نافذة شقته المكيفة إلى الشارع في منتصف يوليو ليُدرك المعاناة المستدامة ليس بفعل الأفراد فحسب، بل بفعل القانون المنحاز ضدهم أيضاً عبر نظام الكفالة، وغيره من التشريعات التي تقيد حركة وحرية وحقوق المهاجرين.

منطق العدوي في جوهره هو ذات المنطق اليميني الذي يهدد المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا. تهديد الهوية والقيم والثقافة الأوروبية، والخوف من الإحلال الديموغرافي من قبل العرب والمسلمين «الذين ينجبون الكثير من الأولاد».

هل الأمر لهذه الدرجة من الصعوبة؟ أن تتوقع من شعبك ما تتوقعه وتطلبه لهم. ألا تعلمنا التجارب والأزمات التي نتعرض لها أي شيء عن مسؤوليتنا الإنسانية؟

بينما يفترض أن يذهب جهدنا لاقتراح سياسات تصب في تحسين حياة الوافدين الذين يعانون الاستغلال، والتهميش، والعنصرية، ويستخدمون كشماعة لأي مشكلة اقتصادية، أو اجتماعية، يأتي خطاب كهذا لتكريس فكرة أن المهاجرين هم أصل الشرور، وأنهم «ظاهرة» بحاجة لمكافحة.

لا أود القول إن هذا الشأن يخصني لأني مهاجرة أيضاً. فمن يملك الحس الأخلاقي والحقوقي السليم، لا يفشل في ملاحظة الظلم، والاستغلال، والعنصرية التي يتعرض لها المهاجرون في الخليج، والأوضاع غير الإنسانية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الخلیج

إقرأ أيضاً:

اجتماع وزاري عاجل لحل أزمة مياه الشرب في الغردقة ورأس غارب بتوجيهات من رئيس الوزراء

في استجابة فورية لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، عُقد صباح اليوم الإثنين اجتماع وزاري رفيع المستوى ضم وزيري التخطيط والإسكان ومحافظ البحر الأحمر، لمناقشة ووضع حلول فورية لأزمة انقطاع مياه الشرب التي شهدتها مدينتا الغردقة ورأس غارب خلال الأيام الماضية، والتي أثارت غضب المواطنين والعاملين في القطاع السياحي.

أعطال متكررة وتقادم في البنية التحتية

وتأتي هذه التحركات الحكومية بالتنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عقب تصاعد الشكاوى من الانقطاعات المتكررة للمياه، نتيجة أعطال مستمرة في خط مياه الكريمات – الغردقة، إلى جانب تراجع الطاقة الإنتاجية لمحطة تحلية مياه البحر "اليسر" بسبب انتهاء صلاحية الفلاتر، الأمر الذي أثر سلبًا على الحياة اليومية للمواطنين وأداء المنشآت السياحية.

مجلس الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها مدبولي: برنامج الإصلاح الاقتصادي يعزز الثقة ويخفض الدين العام إلى 85% دعم فوري وتدخلات عاجلة

وأكد اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، في تصريحات صحفية، أنه أجرى اتصالًا عاجلًا برئيس الوزراء تمخض عنه إصدار توجيهات مباشرة بسرعة التعامل مع الأزمة وإنهائها خلال أيام، موضحًا أن السبب الرئيسي يكمن في تهالك خط الكريمات، الذي يمتد لمسافة 500 كيلومتر من بني سويف إلى الغردقة، بالإضافة إلى توقف بعض وحدات محطة اليسر عن العمل نتيجة نقص الصيانة وقدم الفلاتر.

خطة حكومية لحل الأزمة خلال أسبوعين

وأشار المحافظ إلى أنه تم التنسيق مع وزارة الإسكان لاستيراد الفلاتر الجديدة جوًا، ومن المقرر تركيبها خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا، مما سيؤدي إلى رفع الطاقة الإنتاجية لمحطة "اليسر" من 40 ألف متر مكعب إلى 60 ألف متر مكعب يوميًا، بما يُسهم في الحد من الأزمة وتخفيف العبء عن المواطنين.

كما تم الدفع بـ25 سيارة مياه متنقلة لتوزيع المياه على المناطق الأكثر تضررًا، كحل مؤقت لحين الانتهاء من الإجراءات الفنية والإصلاحات المطلوبة.

مطالب جماهيرية بخطة طويلة المدى

من جانبهم، طالب سكان الغردقة ورأس غارب بضرورة تجديد خط الكريمات بالكامل، وإنشاء محطة تحلية إضافية في رأس غارب، تواكب الزيادة السكانية والتوسع السياحي، مؤكدين ضرورة وضع جدول زمني واضح لتطوير شبكة المياه، لضمان عدم تكرار الأزمة مستقبلًا.

دعوات لترشيد الاستهلاك ومواصلة الإصلاحات

من جهتها، ناشدت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالبحر الأحمر المواطنين ضرورة ترشيد استهلاك المياه خلال هذه الفترة الحرجة، مشيرة إلى استمرار فرق الصيانة في إصلاح الأعطال على مدار الساعة بالتعاون مع الجهات المعنية.

ويؤكد التحرك الحكومي السريع على حرص الدولة على تحسين مستوى الخدمات الأساسية وتوفير حياة كريمة للمواطنين، خاصة في المناطق الحيوية ذات الطبيعة السياحية مثل البحر الأحمر.

مقالات مشابهة

  • أزمة المياه في تعز ترفع أسعار وايتات الماء إلى رقم قياسي
  • الهجرة المناخية.. أزمة عالمية صامتة متعدد الأبعاد
  • الطرابلسي لـ “سفراء أوروبيين”: نعمل على منح إقامات تجريبية للعمالة المنظمة من المهاجرين
  • شاهد بالفيديو.. “كيكل” يتعهد بإنهاء الأزمة والذهاب للمناطق التي تنطلق منها “مسيرات” المليشيا
  • العفو الدولية تدعو إلى التحقيق في الضربات الجوية الأمريكية باليمن التي خلفت عشرات القتلى من المهاجرين
  • إيران تستدعي دبلوماسيا بريطانيا بعد "أزمة الاعتقالات"
  • أزمة دبلوماسية جديدة بين إيران وبريطانيا
  • اجتماع وزاري عاجل لحل أزمة مياه الشرب في الغردقة ورأس غارب بتوجيهات من رئيس الوزراء
  • شبوة تبحث حلولًا لأزمة المهاجرين الأفارقة وتدعو لدعم دولي عاجل
  • اجتماع في ميناء طرابلس لبحث أزمة الوقود وضمان انسياب الإمدادات