صدى البلد:
2025-12-04@22:04:18 GMT

حكم تحديد نوع الجنين بطريقة الحقن المجهري

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه:"ما حكم تحديد جِنس الجنين عن طريق الحقن المجهري؟".

لترد دار الإفتاء موضحة: إن تحديد جِنس الجنين بطريقة الحقن المجهري جائزٌ شرعًا، ما لم يشكِّل اختيار أحد الجنسين ظاهرة عامة تؤدي إلى اختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى في كونه، أو أن تصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى في خلقه.

الإنجاب بوضع لقاح الزوج والزوجة خارج الرحم ثم إعادة نقله إلى رحم الزوجة لا مانع منه شرعًا إذا ثبت قطعًا أنَّ البويضةَ مِن الزوجة والحيوانَ المنوي مِن زوجها، وتَمّ تفاعُلُهُما وإخصابُهُما خارج رحم هذه الزوجة –أنابيب–، وأُعيدت البويضة مُلَقَّحة إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمني إنسانٍ آخر، وكانت هناك حاجةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك، وأن يتمَّ ذلك على يدِ طبيبٍ ماهرٍ مؤتَمَنٍ في تعامله.

وقد خلق الله تعالى الإنسانَ خلقًا متوازنًا؛ فجعله زوجين: ذكرًا وأنثى، وميَّز كلًّا منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التي أقامه فيها، وبيَّن أنَّ هذه هي طبيعةُ الخلق التي تقتضي استمراره؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ۞ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ [النجم: 45- 46]، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات: 49]، وهذا التنوع في الخلق والتوازن في الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شيء والقدير على كل شيء؛ قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ۞ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 49-50].

وعندما نتناول مسألةً كمسألة تحديد نوع الجنين فإننا نعالجها على مستويين مختلفين:

فإذا عالجناها على المستوى الفردي فالأصل في الأشياء الإباحة؛ لأن الإنسان يمكنه أن يتزوج أو لا يتزوج، وإذا تزوج فيمكنه أن ينجب أو لا ينجب، وإذا أنجب فيمكنه أن ينظِّم النسل أوْ لَا ينظمه، كلٌّ حسب ظروفه وأحواله، وكما يجوز للإنسان أن يعملَ على زيادة نسبة اختيار نوع الجنين بما ينصح به المختصون في ذلك –من اختيار نوع الغذاء، أو توقيت الجماع قبل التبويض أو أثناءه، أو غربلة الحيوانات المنوية، أو غير ذلك من الأساليب التي يعرفها أهلها– فكذلك يجوز التعامل المجهري مع الكروموسومات والمادة الوراثية (DNA) لنفس الغرض؛ إذ ليس في الشرع ما يمنع من ذلك على المستوى الفردي، ولكن كلُّ هذا بشرط ألا يكون في التقنية المستخدمة ما يضرُّ بالمولود في قابل أيَّامه ومستقبله، وهذا مَرَدُّه لأهل الاختصاص؛ فلا يُقبَل أن يكون الإنسان محلًّا للتجارب، ومحطًّا للتلاعب.

وعليه: فإنَّ هناك فارقًا في الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي؛ وذلك بناءً على ما هو مقرر شرعًا من اختلاف الفتوى باختلاف تعلق الحكم بالفرد وتعلقه بالأمة، وهذا نجده كثيرًا في كتب الفقه؛ مِن مثل قتال أهل البلدة إذا امتنعوا عن أداء سنة الفجر أو الأذان مع جواز ترك ذلك على المستوى الفردي الشخصي.

أما إذا عالجناها على مستوى الأمة فالأمرُ يختلف؛ لأنه سيتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، وباضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثى الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري، وتصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى في خلقه بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فتحديد جِنس الجنين بطريقة الحقن المجهري بالضوابط المذكورة جائزٌ شرعًا، ما لم يشكِّل اختيار أحد الجنسين ظاهرة عامة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: تحديد نوع الجنين الحقن المجهري الحقن المجهری على المستوى نوع الجنین الله تعالى

إقرأ أيضاً:

ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: "حسن العشرة" أساس استقرار الأسرة والمجتمع

أكدت نخبة من أساتذة جامعة الأزهر الشريف أن "حسن العشرة" يمثل خلقًا إسلاميًا عظيمًا، ليس مجرد فضيلة، بل هو عبادة وقربة وأساس للاستقرار الأسري والاجتماعي، مشددين على دوره المحوري في تعمير البيوت وتحقيق المودة والرحمة، جاء ذلك خلال اللقاء الأسبوعي الذي عقده ملتقى المرأة بالجامع الأزهر حول "حسن العشرة في ميزان الشرع".

الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع.. اليوم خطيب الجامع الأزهر: الحفاظ على اللغة العربية واجب ديني ووطني

وذلك بحضور كل من الدكتور شهيدة مرعي، أستاذ مساعد البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، والدكتور نسرين سمير، أستاذ علم الاجتماع والرئيس السابق بكلية الدراسات الإنسانية، ود. حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر.

 أكدت الدكتور شهيدة مرعي، أن "حُسن العِشرة" يُعد خلقًا عظيمًا من أخلاق الإسلام، فهو ليس مجرد فضل زائد، بل عبادة وقُربة تُنثَر بها البركة في البيوت وتُرفع بها الدرجات، فحُسن العِشرة هو الميزان الذي يظهر به صدق الإيمان وتمام الاتباع لرسول الله ﷺ  وأساس تعمير البيوت وتصفية العلاقات واطمئنان النفوس ، مستشهدة بحديثه ﷺ : "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".

وشددت أستاذة البلاغة والنقد، على أن الإسلام أَولى العلاقات الإنسانية عناية بالغة، داعيًا إلى اللين والتغافل والصبر والرحمة والتعامل بالحسنى، مستعرضة التوجيهات القرآنية في هذا الصدد: في عموم التعامل مع الناس، قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وفي شأن العلاقة الزوجية، قال سبحانه: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، "فالمعروف" في هذه الآيات ليس مقتصرًا على أدب اللسان، بل هو خلقٌ في القلب، ورفقٌ في السلوك، وعدلٌ في التعامل.

واختتمت حديثها بالتأكيد على أن من أحسن عِشرته مع أهله وأقاربه وجيرانه وزملائه، فإنه ينال رضا الله ومحبة الناس ويكون قدوةً في الخير ,سببًا في نشر المودة والسكينة في المجتمع كله.

من جانبها، أكدت الدكتور نسرين سمير، على أن حسن العشرة بين الزوجين هو من الأسس الرئيسة لسلامة واستقرار العلاقة الزوجية لما له من مردود اجتماعي كبير على الطرفين والأسرة والمجتمع، لافتة إلى أن القرآن والسنة أكدا ذلك ، قال تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، وذكرت أن مظاهر حسن العشرة تشمل: التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل والتسامح والتغاضي عن الهفوات والتحكم في الانفعالات.
وبينت ، أستاذة علم الاجتماع أن العائد الاجتماعي لحسن العشرة على الأسرة يتمثل في: تحقيق التوازن النفسي والاستقرار الأسري، وانخفاض الخلافات الزوجية، وتربية الأبناء وتنشئتهم بشكل سوي.

وعلى المستوى المجتمعي، أكدت الدكتور نسرين سمير، أن حسن العشرة يؤدي إلى انخفاض معدلات التفكك الأسري والطلاق، مما يجنب الدولة تحمل التكاليف الباهظة المرتبطة بالتقاضي والنفقة، ويَدرأ بذور الانحراف والجريمة بتنشئة عناصر صالحة قادرة على المشاركة بفاعلية في التنمية.

وفي السياق ذاته، أكدت الدكتور حياة العيسوي، أن حسن العشرة في ميزان الشرع هو أساس العلاقة الزوجية، مشيرةً إلى أن الله تعالى جعل النكاح مبنيًا على السكن والمودة والرحمة، مستشهدة بقوله تعالى:
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾، وأوضحت أن السكينة تعني الطمأنينة والأُنس والاستقرار. كما بينت أن العلاقة مبنية على المحبة والمودة، وإذا انتفى الحب، وجبت الرحمة والرأفة بالطرف الآخر، تأكيدًا لقول النبي ﷺ: "إني أُحَرِّج عليكم حقَّ الضعيفين: اليتيم، والمرأة".

كما أشارت الباحثة بالجامع الأزهر، إلى مبدأ المعاشرة بالمعروف والحقوق المتبادلة، مستدلة بقوله تعالى:﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، ونقلت عن ابن عباس قوله: "إني لأتزيَّن لامرأتي كما أُحِبُّ أن تتزين لي؛ لأنَّ الله قال: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾"، دلالة على شمولية هذا الخلق لمختلف جوانب الحياة الزوجية.

ودعت الدكتور حياة العيسوي إلى ضرورة نشر ثقافة حسن العشرة وتنمية المهارات الاجتماعية المؤدية إليها، مثل التحكم في الغضب، والمرونة، واحترام الاختلاف، وتقديم المنفعة العامة، لما لها من أثر مباشر وإيجابي على الفرد والأسرة والمجتمع بأكمله.

مقالات مشابهة

  • بيان فضل التذكير بذكر الله وقراءة القرآن الكريم
  • حكم وقوع الطلاق من مريض الوسواس القهري
  • نص موضوع خطبة الجمعة 5 ديسمبر 2025.. «العقول المحمدية»
  • ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: "حسن العشرة" أساس استقرار الأسرة والمجتمع
  • شاهد بالفيديو.. حارس مرمى البحرين يسجل هدفا في مرماه بطريقة غريبة أمام العراق!
  • شاهد.. حارس مرمى البحرين يسجل هدفا في مرماه بطريقة غريبة أمام العراق!
  • علي جمعة: من الأسباب التي تقوي محبة الله عز وجل عند العبد التخلية والتحلية
  • «التحذير من التشكيك ونشر روح التشاؤم».. نص خطبة الجمعة 5 ديسمبر 2025
  • مفهوم مبدأ التعايش في الإسلام وشموليته لجميع الناس
  • أذكار الصباح اليوم.. حصن المسلم من الشرور وعبادة للتقرب إلى الخالق