يمانيون – متابعات
بعدَ شهرٍ على بَـــدْءِ محاولاتِ العدوِّ الصهيونيِّ لاجتياح جنوبِ لبنانَ؛ بناءً على حساباتٍ اندفاعيةٍ استندت على نَشوةِ جريمةِ اغتيالِ سماحة الأمين العام لحزب الله، الشهيد السيد حسن نصر الله، يجدُ جيشُ العدوّ ومستوطنوه أنفسهم أمام واقع مختلف تمامًا عما رسمته لهم خطابات نتنياهو

فبدلًا عن التخلُّصِ من المقاومة الإسلامية وإجبارِها على وقف ضرباتها وإعادتها إلى ما وراء نهر الليطاني، اتسع نطاق واقع الرعب اليومي الذي فرضته المقاومة منذ عام كامل في شمال فلسطين المحتلّة؛ ليصل إلى عُمقٍ غيرِ مسبوق يتضمَّنُ حيفا وما بعدها، مع إضافةِ عشرات المستوطنات إلى دائرة قرار “التهجير” المعلَنِ؛ في صفعة مدوية لقيادة العدوّ التي كان من أبرز أهدافها المعلَنة للعدوان على لبنان هو إعادة المستوطنين إلى الشمال، فضلًا عن الهزائم المذلة في ميدان المواجهة البرية المباشرة على القرى اللبنانية الحدودية والتي اضطر العدوّ إلى الانسحاب من بعضها هذا الأسبوع؛ بسَببِ الخسائر المرتفعة.

بحسب مراسل قناة “المنار” اللبنانية، فَــإنَّ قوات العدوّ الصهيوني انسحبت هذا الأسبوع من الحَيَّينِ الجنوبي والشرقي في مدينة الخيام الحدودية تحت وطأة ضربات المجاهدين، وتراجعت إلى داخل مستعمرة المطلة التي أصبحت من قرابة العام مدينة أشباح؛ بسَببِ ضربات حزب الله، ولا زالت تتلقى ضربات جديدة من جانب المقاومة الإسلامية تطارد جنود الاحتلال المنسحبين إليها والمتمركزين فيها.

هذا الانسحاب يأتي على وقع خسائرَ مرتفعة للغاية بلغت -حتى يوم الجمعة الماضي- أكثر من 95 قتيلًا و900 جريح من ضباط وجنود جيش العدوّ، بحسب غرفة عمليات المقاومة الإسلامية، خلال شهر واحد منذ بدء المناورة البرية الصهيونية، بالإضافة إلى تدمير 42 دبابة ميركافا، و4 جرّافات عسكريّة، وآليَّتَي هامر، وآليّة مُدرّعة، وناقلة جند، وإسقاط 3 مُسيّرات من طراز “هرمز 450” ومُسيّرَتين من طراز “هرمز 900″، وذلك بدون حساب الخسائر التي يتكبدها العدوّ يوميًّا في القواعد والثكنات والمواقع والمستوطنات والمدن المحتلّة التي تقصفها المقاومة بشكل مُستمرّ على نطاق واسع يتضمن مدينة حيفا ويصل إلى تل أبيب.

وبرغم الرقابة المشدّدة التي يفرضها العدوّ الصهيوني على تناول هذه الخسائر؛ فَــإنَّ الأخبار “المخفَّفة للغاية” التي تنشُرُها وسائل الإعلام العبرية، تعكس بوضوح حجم الضربات الموجعة التي يتلقاها جيش العدوّ، حَيثُ لا يكاد يمر يوم بدون الاعتراف بإصابة العشرات من الجنود، وهو ما يدعم الإحصائيات التي تنشرها المقاومة الإسلامية بالنظر إلى أن سياسة العدوّ الإعلامية الثابتة هي التكتم التام والتقليل من الأرقام إلى أقصى حَــدّ ممكن.

وتعكس الإحصائيات التي تنشرها المقاومة الإسلامية تماسكًا كَبيرًا ومميزًا لمجاهدي حزب الله في المواجهات البرية؛ فتنوع وارتفاع الخسائر المادية والبشرية للعدو يؤكّـدان أنه يتحَرّك فيما يشبه فَخًّا قاتلًا ومحكمًا لا يستطيع الفكاك منه إلا بالانسحاب السريع، وهو ما بدا جليًّا منذ أول أَيَّـام ما يسمى المناورة البرية، حَيثُ كانت مشاهد نقل القتلى والجرحى من الجنود والضباط الصهاينة بالمروحيات هي أول وأبرز ما تصدر مشهد المواجهة.

وعلى وقع هذه الخسائر الكبيرة بات من الواضح والمسلَّم به أن مواصلة محاولات الاجتياح البري ستكون انتحارًا عسكريًّا كَبيرًا للعدو الصهيوني، وهو ما تعكسه الأخبار والتقارير التي تنشرها وسائل إعلام العدوّ ورعاته بشأن وجود ضغوط لوقف الحرب في جنوب لبنان، فيما يبدو أنه تمهيد لوقف محاولة الاجتياح البري في وقت لاحق، على أن الهزيمة البرية قد باتت واضحة ومكتملة منذ الآن، وقد أثبت حزب الله بوضوح أن الضربات الكبيرة التي تلقاها قبيل محاولات الاجتياح والتي وصلت إلى أعلى هرم الهيكل التنظيمي باغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، لم تؤثر على التماسك الميداني والعملياتي والتنظيمي ولا على الموقف والقرار، ولا حتى على مرونة الإدارة المباشرة للمواجهة، كما لم تؤثر أَيْـضًا على القدرات، وهو ما أثبتته وقائع الميدان واختيار سماحة الشيخ نعيم قاسم خَلَفًا للسيد الشهيد، ولا زالت تثبته المشاهد التي يبثها الإعلام الحربي لحزب الله بشأن المنشآت الصاروخية الاستراتيجية للمقاومة والقدرات التي لم تُستخدَمْ بعدُ.

خسارة وهزائم العدوّ لم تقتصر على الفشل الكبير في محاولات الاجتياح البري؛ فخلافًا لهدفه في نقل ثقل المعركة إلى جنوب لبنان للتخفيف عن مستوطنات شمال فلسطين المحتلّة تحت عنوان “إعادة النازحين” اتسع نطاق نيران حزب الله باتّجاه العمق “الإسرائيلي” وزادت كثافة الضربات، وتم إنذار 25 مستوطنة جديدة بالإخلاء التام، في الوقت الذي يواجه فيه سكان مدن كبرى مثل حيفا الإنذار نفسه عمليًّا، ولو بدون إعلان رسمي، حَيثُ باتوا يقضون معظم وقتهم في الملاجئ؛ بسَببِ كثافة ضربات حزب الله واستمراريتها، مع فشل كُـلّ محاولات العدوّ في تطمينهم أَو تضليلهم، حَيثُ بات المستوطنون يوثِّقون باستمرار المسيَّرات الانقضاضية للمقاومة وهي تحلِّقُ في الأجواء لفترات طويلة وتمر بجانب الطائرات المروحية للعدو قبل أن تسقط بدقة على قواعدَ عسكريةٍ ومصانعَ ومنشآتٍ حيوية على عمق كبير، في كابوس عام مُستمرّ لم تعد حتى الرقابة قادرة على التعامل معه فضلًا عن الدفاعات.

وقد برزت آثارُ هذا الكابوس سريعًا على الجانب الاقتصادي، حَيثُ أفادت تقارير عبرية بأن اتساع نطاق نيران حزب الله زاد من حجم الخسائر الاقتصادية بشكل كبير، مشيرة إلى أن الأضرار التي لحقت ببعض الشركات خلال الشهرين الماضيين كانت أكبر بكثير من كُـلّ الأشهر السابقة.

وبحسب مسؤول في غرفة رجال الأعمال في كيان العدوّ فَــإنَّ 77 ألف شركة في منطقة حيفا -التي تعتبر واحدة من أكثر المناطق حيوية داخل كيان العدوّ- تعرضت لأضرار اقتصادية منذ بدء العملية البرية في لبنان، لتضاف إلى 101 ألف شركة سبق لها أن تعرضت لأضرار في الشمال منذ بداية العام الماضي.

وأفَادت التقارير بأن منطقتَي الجليل والجولان اللتين تضمان 15 % من إجمالي الأعمال التجارية في كيان العدوّ برمته، شهدتا انخفاضًا كَبيرًا في النشاط الاقتصادي؛ بسَببِ زيادة كثافة واتساع نطاق ضربات حزب الله، وقال مسؤول في الضرائب: إن ذلك “سيؤدي لزيادة الشركات التي سيتم إغلاقها، وزيادة البطالة ومن المتوقع أن تتزايد هذه الأضرار أكثر”.

وبحسب رئيس بلدية طبريا فَــإنَّ “إغلاق الشواطئ كان حكم إعدام على المدينة” مُشيرًا إلى أن “40 % من سكان الجليل الأعلى أصبحوا عاطلين عن العمل، وبدأت الأعمال التجارية الصغيرة في الانهيار، وانخفض حجم أعمالهم بنسبة 70 % منذ بداية الحرب، ومنذ ذلك الحين، ازداد الوضع سوءًا، وأكثر من نصف الشركات في حيفا والشمال متأثرة سلبًا، والمشكلة أن الدولة لا تعوض المتضررين بما فيه الكفاية”.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة حزب الله وهو ما ة التی ف ــإن

إقرأ أيضاً:

المقاومة الفلسطينية: زيارة “ويتكوف” لغزة مسرحية وتضليل إعلامي

الجديد برس| وصفت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الزيارة التي قام بها المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أمس الجمعة إلى قطاع غزة، بالمسرحية، معتبرتين أنها تأتي ضمن حملة لتضليل الرأي العام الدولي. وكان “ويتكوف” قد زار صباح أمس الجمعة، رفقة السفير الأمريكي في تل أبيب مايك هاكابي، مركزا لتوزيع المساعدات الغذائية يتبع لـ”مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة إسرائيليا وأمريكيا في مدينة رفح جنوبي القطاع. وقالت “حماس” في بيان تلقته “وكالة سند للأنباء” اليوم السبت، إنّ هذه الزيارة “لا تعدو كونها مسرحية مُعدّة مسبقًا”، معتبرة أنها تهدف “لتضليل الرأي العام وتلميع صورة الاحتلال، ومنحه غطاءً سياسيًا لإدارة التجويع واستمرار عمليات القتل الممنهج للأطفال والمدنيين العزّل” في قطاع غزة. وقالت الحركة إن “تصريحات ويتكوف المضلّلة، بالتوازي مع بثّ صور دعائية موجَّهة حاولت إظهار سلمية توزيع المساعدات، تكذّبها حقائق الميدان والأرض التي وقف عليها”، مشيرة إلى استشهاد أكثر من ألف وثلاثمائة من المجوَّعين برصاص جيش الاحتلال وموظفي “مؤسسة غزة” “التي أُنشئت لاستكمال فصول القتل والإبادة”. وشددت انّ الإدارة الأمريكية شريك كامل في جريمة التجويع والإبادة الجماعية التي تقع على مرأى ومسمع العالم أجمع. ودعت “حماس”، الإدارة الأمريكية إلى “تحمّل مسؤوليتها التاريخية، برفع الغطاء عن جريمة العصر في غزة، والمضيّ نحو اتفاق لوقف إطلاق النار يُفضي إلى وقف العدوان، وانسحاب جيش الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن شعبنا”، بدلًا من التماهي مع سياسات الاحتلال وانتهاكاته. من جانبها، قالت “الجهاد الإسلامي”، في بيان تلقته “وكالة سند للأنباء”، إن زيارة “ويتكوف” جاءت في لحظة يتصاعد فيها الغضب الدولي إزاء المجازر المستمرة وحرب التجويع في قطاع غزة، مضيفة أن زيارته “أشبه ما تكون بجولة استعراضية في مسرح جريمة يحاول الجاني فيه التنكر في زي مسعف”. وأضافت أن هذه الزيارة تأتي ضمن حملة تضليل إعلامي تهدف إلى كبح جماح الغضب الدولي المتزايد، مشيرة إلى أن الجميع يعلم أن الإدارة الأمريكية “هي الشريك الفعلي والمشجع الأساسي لاستمرار آلة قتل الكيان المجرم في سحق غزة وسكانها”. وشددت الحركة أن “ما جرى ويجري في غزة هو جريمة إبادة ممنهجة”، معتبرة هذه الزيارة “محاولة مكشوفة لتجميل بشاعة الاحتلال وتبييض الوجه القبيح لإدارة ترامب، التي تقف شريكاً مباشراً في كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قتل وتجويع وتهجير”. وفي السياق ذاته، أشارت “الجهاد الإسلامي” إلى الدور المشبوه لـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، التي قالت إنها باتت “أداة سياسية بامتياز، وميدان رماية سادية، وتحوّلت إلى مصيدة للمجوعين، وساحة تستعرض فيها الإدارة الأمريكية قدرتها على إدارة التجويع وهندسته”. وأكدت الحركة أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستطيع بكلمة واحدة –إن أرادت– أن توقف المجازر، وأن ترفع الغطاء السياسي عن الاحتلال، وتوقف تزويده بالسلاح، وتجبره على فتح المعابر ووقف التجويع. وحيت الحركة، التحركات الشعبية المتصاعدة عالمياً، ودعت الشعوب والعربية والمسلمة إلى “كسر دائرة العجز والخذلان التي وضعتها الإدارة الأمريكية أسيرة فيها”. ويواجه فلسطينيو القطاع موجة جوع غير مسبوقة منذ إغلاق الاحتلال معابر غزة، مطلع مارس/ آذار المنصرم، وفرض قيود مشددة على دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والوقود والدواء، للقطاع منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفي بيان لها، أمس الجمعة، اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن نظام توزيع المساعدات في غزة، تحول إلى حمامات دم منتظمة. وأكدت أن “قتل إسرائيل للفلسطينيين الباحثين عن الطعام جريمة حرب”، وأن جيش الاحتلال المدعوم أمريكيا والمقاولون، وضعوا نظاما عسكريا معيبا لتوزيع المساعدات بغزة. ووثقت “هيومن رايتس ووتش” استشهاد ما لا يقل عن 859 فلسطينيا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات ما بين 27 مايو/ أيار و31 يوليو/ تموز.

مقالات مشابهة

  • الليلة التي خاف فيها ترامب.. تقرير عبري يكشف كيف أرعبت صنعاء حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”؟
  • المقاومة الفلسطينية: زيارة “ويتكوف” لغزة مسرحية وتضليل إعلامي
  • “حزب الله ” ينظم وقفة غضب في صيدا تنديداً بجريمة إبادة وتجويع غزة
  • ما السر في طول أمد معركة “طوفان الأقصى”؟
  • “القسام” تنشر مشاهد من عمليات “حجارة داود” وتؤكد استهداف آليات صهيونية في خانيونس
  • في ذكرى استشهاده.. “الثورة نت” يعيد نشر رسالة الشهيد إسماعيل هنية لقائد الثورة
  • “القسام” تفجر جرافة عسكرية صهيونية في مدينة جباليا
  • في الذكرى الأولى لاستشهاده.. كلمات خالدة للقائد إسماعيل هنية في لقائه الأخير مع ممثلي أنصار الله
  • في ذكرى استشهاده: هذا ما قاله هنيه بلقائه الأخير مع ممثلي أنصار الله
  • “الديمقراطية” تدين المجزرة الصهيونية البشعة في منطقة السودانية