بين عشية وضحاها فقدا أغلى ما يمتلكان.. طفلهما الذي كانا يريانه يكبر أمامها يومًا تلو الآخر، ويمنيان النفس أن يأتي اليوم الذي يُصبح فيه رجلا يفرح قلبيهما، إلا أن القدر كان يخبئ لهما ما لا تحمد عقباه.

على أرض قرية الهمامية بمركز البداري شرق محافظة أسيوط، وقعت جريمة تقشعر لها الأبدان، حين اختطف 5 ذئاب بشرية طفلًا في السابعة من عمره، وذبحوه وقطعوا جثته إلى أشلاء وقدموه قربانًا لشياطين أمثالهم أوهموهم أن الطريقة الوحيدة لفتح باب مقبرة فرعونية هو ذبح طفل على أعتابها.

قصة ذبح طفل لفتح مقبرة فرعونية

4 ليالٍ لم ينم فيها «عصام» وزوجته « أم أماني»، حسرة على اختفاء ابنهما «محمد» في أجواء يجوبها الغموض في قرية الهمامية بمركز البداري شرق محافظة أسيوط.

على أرض قرية البداري، ظل الأبوان يناجيان ربهما بأن يحفظ نجلهما وألا يصيبه مكروه، وظلا يطرقان كل الأبواب ويسألان عنه كل الناس، حتى عثر عليه قتيلا وسط زراعات مقطوع كفي اليدين، إذ قدمها الجناة قربانًا للجن من أجل فتح مقبرة فرعونية أوهمهم دجال أنها لن تفتح إلا بهذه الطريقة.

بداية الواقعة

الثانية عشر ظهرًا، منتصف يونيو الماضي، وبعد أن تناول «عصام» وزوجته وجبة غدائهما، عقب عودتهما من أرضهما الزراعية على أطراف قرية الهمامية بالبداري، طلب «محمد» (7 سنوات) من والده المزارع مفتاح شقتهما في منزل العائلة، وظن الأب أن نجله يلهو في غرفته، وبعد وقت قصير رد الطفل المفتاح لوالده دون أن يخبره أنه أخذ هاتف والدته كالعادة.

يقول الأب: «ابني ديما كان بياخد تليفون أمه عشان عليه ألعاب».

وفي الواحدة بعد منتصف النهار، خرجت والدته «أم محمد» لكى تنال قسطا من الراحة بعد يوم عمل شاق في الأرض، وقبل أن تغط في نومها تفاجأت باختفاء هاتفها المحمول من غرفتها فجأة، وأخبرت زوجها الذي حاول الاتصال لكن محاولته جميعها باءت بالفشل.

يؤكد الأب المكلوم: «كان من تلت ساعة مفتوح وبعدها لقيت تليفون مراتي مغلق».

«محمد عصام»، ابن السبع أعوام، أختفي عن أنظار والديه فجأة في وقت القيلولة حال خروجه بهاتف والدته للهو أمام منزله كعادته، رحلة البحث عن طالب الصف الثاني الإبتدائي بدأت في شوارع قرية الهمامية و أطرافها، لم يظن «عصام » الثلاثيني أن نجله خطف كونه لم يكن له أى خلاف مع أحد: «مفيش حد له معايا أي مشاكل عشان يخطف ابني أو يقتله».

مساعي أهالي « الهمامية» في العثور على «محمد» استمرت حتى صبيحة اليوم التالي دون جدوي، لم يتردد الأب وذهب إلى قسم شرطة البداري ليحرر محضر بتغيب نجله عن المنزل في ظروف يجوبها الغموض، 4 ليالي جاب فيها شوارع البدراي بحثا عن ابنه، حتى مغيب شمس اليوم الأخير من شهر يونيو، إذ عثر أحد الفلاحين على جثمان عارٍ في زراعته، حينها أبلغ الشرطة التي استدعت «عصام» للتعرف على هوية القتيل إذا كانت تطابق مواصفات نجله المتغيب: «قالولي تعالي عشان لقينا قتيل في الشامي»، هكذا يسرد الأب التفاصيل.

لم يتمالك «عصام» أعصابه لحظة واحدة، ولم يقوى على تحمل ما حل به من مأساة حين تعرف على ابنه «محمد»، الذي وجده جثة مبعثرة وسط زراعات الذرة، مشاهد الجثمان لم ينساها الأب المكلوم «رحت شوفت ابني كان مذبوح ومدلوق عليه مياه نار» يصمت الأب الذي كسى الحزن ملامحه حسرة على رحيل ابنه بشكل مأساوي واصفًا المشهد المؤلم:« لقيت ايدين ابني مقطوعة».

5 ليالي احتاجتها قوات الشرطة في كشف الغموض، حتى وصلت للجناة وتبين أنهم 5 أشخاص من بينهم 3 أشقاء، وإلقاء القبض عليهم واعترفوا انهم استدرجوا الطفل المجني عليه «محمد» لقتله داخل حظيرة مواشي باتفاق مع أحد المنقبين عن الآثار، حيث القوا الجثمان في الزراعات بعد ذبحه بغرض الحصول على كفيْ يديْ واستخدامهما في أعمال التنقيب، و دفنوها لحين بيعها بمقابل مبالغ مالية.

وبعد نحو 4 أشهر من تداول القضية بين أورقه الجنايات، أحالت محكمة جنايات أسيوط الجناة الخمسة المتهمين في القضية رقم 3316 لسنة 2024 إداري مركز البداري بذبح الطفل «محمد» من أجل التنقيب عن الآثار إلى فضيلة فضيلة المفتي لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهم، لاتهامهم بخطف الطفل «محمد» وذبحه وبتر كفيه لبيعهما للمنقبين عن المقابر الأثرية بمركز البداري في أسيوط، وحددت المحكمة جلسة الأول من شهر فبراير المقبل للنطق بالحكم في القضية.

صدر القرار برئاسة المستشار سامح سعد طه، رئيس المحكمة وعضوية المستشارين أسامة عبد الهادي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة و أحمد محمد غلاب عضو المحكمة، وحضور أحمد جمال أبوزيد وكيل النائب العام، وأمانة سر خميس محمود و محمد العربي.

وأسند أمر الإحالة في القضية للمتهمين «مدحت. ع. أ» 19 عامًا، وشقيقيه «مصطفى. ع. أ» 15 عامًا، و«محمود.ع. أ» 22 عامًا، و«فارس. د.م» 18 عامًا، و«شكري. أ. ع» 76 عامًا، بقتل الطفل «محمد.ع. أ»، لأنهم في 18 يونيو قتلو الطفل عمدًا مع سبق الإصرار، بأن استدرج المتهم الثاني الطفل إلى حظيرة المواشي إذ قام المتهم الأول بطرحه أرضًا وذبحه، وبتر كفيه لاستخدامهما في أعمال السحر وفتح المقابر الأثرية.

وأوضح أمر الإحالة أن المتهمين المتهمان الرابع والخامس سعيا للحصول على المال بطرق غير مشروعة، حتى وصلت بهم أفكارهم الشيطانية إلى البحث عن الآثار، معتقدين أن المقابر الأثرية لا يمكن فتحها إلا بتقديم ذبيحة وتقديم يد القتيل، إذ اشتركوا الأشقاء الثلاثة المتهمين بتنفيذ الجريمة.

اقرأ أيضاًتأجيل محاكمة المتهمين بقتل «طفل شبرا الخيمة» لشهر ديسمبر

التحقيقات تكشف عن ملابسات تهشم زجاج غرفة الإعلامية هالة سرحان في الجيزة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أسيوط محكمة الجنايات جريمة أسيوط طفل الهمامية

إقرأ أيضاً:

انتظرته عائلته 15 عاما.. استشهاد الطفل محمد بعد أسبوع من الألم ونقص العلاج

استشهد الطفل الفلسطيني محمد رشدي حمادة متأثرا بجروح بليغة أصيب بها مطلع الشهر الجاري، إثر قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلته في جباليا البلد شمالي قطاع غزة.

وكان الطفل محمد هو الوحيد لأبويه، وقد وُلد بعد 15 عاما من محاولات الإنجاب في دول متعددة عبر عمليات زراعة وإخصاب خارجي.

وأُصيب محمد بجروح خطرة في غارة إسرائيلية نُفذت في الأول من يونيو/حزيران الجاري، وظل على أجهزة التنفس الصناعي في مستشفى أصدقاء المريض بغزة لمدة 7 أيام، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة تدهور حالته الصحية ونقص المعدات الطبية اللازمة لعلاجه.

وفي تقرير مصور لمرسل الجزيرة أنس الشريف، ظهرت تفاصيل الواقعة منذ لحظاتها الأولى، إذ أعاد بث ما وثّقته الكاميرا من مشاهد مؤلمة ظهر فيها والد الطفل وهو يركض حافيا وسط أنقاض الحي، حاملا ابنه المصاب، ومناشدا من حوله المساعدة في العثور على سيارة إسعاف.

وأوضح مدير مستشفى أصدقاء المريض -في إفادته للجزيرة- أن الطفل محمد كان يعاني كسورا متعددة في الجمجمة وإصابات في الوجه وفروة الرأس، وكان في حالة حرجة منذ اللحظة الأولى.

وقال إن الطاقم الطبي بذل كل ما بوسعه في ظل الإمكانيات المحدودة، غير أن نقص الأدوية والمعدات جراء الحصار الإسرائيلي حال دون إنقاذ حياته.

إعلان

وأضاف أن الطفل "كان على جهاز التنفس الصناعي منذ اللحظة الأولى، وتم تقديم العلاجات الممكنة، لكن حالته كانت مأساوية، وقد توفي اليوم متأثرا بجروحه".

وفقدت عائلة محمد حمادة طفلها الوحيد الذي انتظرته طويلا، إذ جاء إلى الحياة بعد محاولات علاجية استمرت أكثر من عقد ونصف العقد، شملت تنقلا بين عدة دول بهدف إنجاب طفل.

ولم تنتهِ فصول المأساة عند لحظة الوفاة، فقد أكد المراسل أن طائرات الاحتلال قصفت محيط مقبرة جباليا البلد في أثناء مراسم دفن الطفل، مما اضطر والده إلى الهروب بجثمان ابنه إلى أن تمكن من دفنه في وقت لاحق.

وتُظهر اللقطات الوالد وهو يردد متأثرا -بينما يحمل جثة طفله- "يا عمري، يا حبيبي، يا محمد"، في مشهد هز مشاعر من حضروا الجنازة، وعبّر عن حجم المأساة التي يعيشها المدنيون في قطاع غزة، لا سيما الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر تحت الحصار والقصف المتواصلين.

والطفل محمد ليس سوى واحد من آلاف الحالات المماثلة، حيث يحرم كثير من الجرحى من حقهم في العلاج بسبب الانهيار الكامل للنظام الصحي في القطاع المحاصر، وسط مخاوف من أن يلقى آلاف الأطفال المصير ذاته في حال استمر منع دخول المساعدات والمستلزمات الطبية.

مقالات مشابهة

  • إصابة 4 مواطنين بقصف مدفعي لمرتزقة العدوان في تعز
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: قراءة الذات
  • رغم طرحه إلكترونيا.. إيرادات فيلم سيكو في دور السينما ثالث أيام العيد
  • وزير الخزانة أم طفله الصغير من تسبب بالكدمة الزرقاء على وجه إيلون ماسك؟
  • ضربه حتى الموت.. حبس الأب المتهم بقتل ابنه بالبحيرة 4 أيام على ذمة التحقيقات
  • دماء غزة عربية
  • انتظرته عائلته 15 عاما.. استشهاد الطفل محمد بعد أسبوع من الألم ونقص العلاج
  • الطفل الشهيد محمد زامل وحيد والديه.. مشهد مؤلم يتكرر بغزة
  • دماء على مذبح الصمت
  • أصغر متحدث رسمي في سوريا.. من هو الطفل الذي عينته وزارة الاتصالات؟