واعظة بالأزهر: التفاضل بين البشر يعتمد على العمل الصالح وتقوى الله
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اللقاء الفقهي الأسبوعي بلغة الإشارة لذوي الهمم - من ضعاف السمع والصم، تحت عنوان "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وذلك في ضوء سورة البينة، وحاضرت في هذا اللقاء الدكتورة منى عاشور، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية وعضو المنظمة العربية للغة الإشارة.
وبدأت الدكتورة منى عاشور، حديثها بتأكيد أهمية الإيمان والعمل الصالح، موضحة أن الذين يصدُقون الله ويتبعون رسوله ويعملون الصالحات هم أفضل الخلق الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ "، مشيرة إلى أن العمل الصالح له أثر عميق في حياة المؤمنين، حيث يسخر الله سبحانه وتعالى لهم كل الكون لخدمتهم.
وأكدت أن التفاضل بين البشر يعتمد على العمل الصالح وتقوى الله، موضحة أنه لا فرق بين عربي وأعجمي، أو غني وفقير، أو أصم ومتكلم، فالجميع سواسية، فقدر بعضهم يعلو على بعض بمدى تقواهم وعملهم الصالح، مضيفة أن الخيرية المرتبطة في الآية الكريمة تأتي نتيجة للإيمان بالله والعمل الصالح.
وفي سياق حديثها، أوضحت الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية، جزاء المؤمنين يوم القيامة، فجزاؤهم عند ربهم جنات إقامة واستقرار في منتهى الحسن، تجري من تحت قصورها الأنهار، خالدين فيها أبدًا، مؤكدة أن الله رضي عنهم وقبل أعمالهم الصالحة، وهم رضوا عنه بما أعد لهم من أنواع الكرامات، مشددةً على أن هذا الجزاء هو نتيجة للاجتهاد في العمل الصالح والإيمان.
وتناول اللقاء أيضًا أهمية التواصل مع ذوي الهمم وتعزيز فرص التعليم الديني لهم، مما يسهم في إدماجهم في المجتمع وتعزيز فهمهم للرسالة الدينية، وكان اللقاء فرصة لتبادل الأفكار والأسئلة حول مواضيع دينية متعددة، مما يعكس حرص الأزهر الشريف على الوصول إلى جميع فئات المجتمع، وأبدى المشاركون في اللقاء تقديرهم لهذه المبادرة، مؤكدين على أهمية مثل هذه الفعاليات في تعزيز الفهم الديني وتقديم الدعم المعنوي لذوي الهمم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الازهر العمل الصالح
إقرأ أيضاً:
قانون
لن يفك تشابك المصالح بين الأفراد إلا عامل قوي، له قدرة على قول كلمة الفصل؛ التي تؤدي في نهاية المطاف إلى فك هذا التشابك، بغض النظر إن كان ذلك سوف يؤدي إلى عدالة مطلقة، أو نسبية، أو مساواة -على أقل تقدير- فالمهم هنا أن يستحضر الناس دائما أن هناك ما يمكن العودة إليه لفك التشابكات التي تحدث بين البشر في اختلافاتهم، وفي اتفاقاتهم أيضا، وفي ذلك إحياء مستمر لما يسمى «الأمل» لأنه وبدون ذلك لا يمكن لهذا الأمل الذي يعقد عليه الناس مشاريعهم القادمة، ويجدون فيه المخرج من كثير من إشكالياتهم المستعصية في الحياة، أن تستمر حياتهم بالصورة التي يريدونها، أو يستحضرون شيئا مما يحلمون به، وذلك بسبب بسيط؛ وهو أن الناس فوق أنهم مخيرون، فإنهم كذلك لا يدركون ما خفي عنهم، أي أنهم مسيرون.
من هنا يأتي بما يسمى بـ «القانون» ليفك شيفرة هذا التعقيد، أو هذه الصورة العائمة التي ترتسم أمام المشهد الإنساني؛ على وجه الخصوص فالقانون في الفهم البشري هو حقيقة غير منكورة الوجود، وغير منكورة التأثير، أما هل ينصف القانون الجميع بصورة متكافئة؛ فهذه مسألة أخرى؛ ليس هذا الحديث محل مناقشتها، فالمهم أكثر أن القانون هو ما يعزز وجود الأمل في حياة الناس، وأن الحق المسلوب، أو التعدي المؤلم، أو الوقوف عند نقطة معينة لحالة اللاسلم، أو اللاحرب، لن ينهي ذلك كله إلا الحقيقة الوجودية لما يذهب العمل إليه وهو القانون، ولأن القانون أمر حتمي لاطمئنان الحالة البشرية، فإن الله سبحانه وتعالى أوجده في شرعه، وأكد عليه في نصوص كتبه المقدسة، وأمر عباده بالامتثال لما تمليه نصوصه وفق القانون الشرعي، وانعكاسا لذلك أيضا اجتهدت البشرية للمساهمة في تعزيز ذلك من خلال مجموعة القوانين البشرية، وهي مستلهمة ومستوحاة أيضا من القانون الشرعي الذي وضعه خالق الكون، وهو العارف بحقيقة البشر، وما يجب أن يكونوا عليه من تسيير حياتهم اليومية وفق القانون الإلهي.
تذهب المناقشة هنا أيضا؛ إلى الفهم الآتي: مع أن كلا القانونين يمثلان عاملي الردع الذاتي والمادي لطموحات الإنسان، واستفزازاته؛ فإنه في ظرف ما يكون القانون الشرعي هو الرادع، وفي ظرف آخر، يكون القانون البشري هو الرادع، ولكن ما تغلبه النفس الصادقة هو ردع القانون الشرعي؛ كقناعة ذاتية، أما ردع القانون البشري فهو ملزم بالضرورة، وإن تجاوز القناعة الذاتية، ولكن ما هو ملاحظ أن الإنسان يمكن أن يتحايل على القانون البشري، في مواضع ومواقف كثيرة، فهو قابل للاختراق أكثر من القانون الشرعي المنزل والمحكم من قبل الله عز وجل، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك علاقة عضوية بين البشر، وبين القانون الإلهي، هذه العلاقة تحكمها درجة القرب أو البعد من الله عز وجل، ولذلك يسهل كثيرا وفق هذا القرب أو البعد قبول أو رفض حكم القانون الشرعي من قبل الإنسان نفسه، ولذلك يطغى القانون البشري بأغلبية كبيرة؛ لأن البشر- وبحكم ضعفهم- لا يميلون إلى الأحكام الشرعية المطلقة، ويرون فيها الكثير من الغلظة والألم، مع أنها لو اعتمدت اعتمادا مطلقا لتقلصت المشاكل، والقضايا التي تعصف بالبشرية في كل زمان ومكان.
ولأن الحالة الإنسانية غير مكتملة النمو، مهما أنجز الإنسان في حياته من تراكم معرفي وخبرة في الحياة، إلا أنه يظل أسير عواطفه ومشاعره، وبقدر ما يرى القانون في بعديه الشرعي والبشري أملا في الخروج من مأزق الظلم أو تجدد الأمل، يرى فيه أيضا أن المعيق لما تسعى إليه نفسه من طموح لا تحده حدود القانون.