استهداف العائلة الفلسطينية بالاعتقال (عائلة الشيخ ماجد حسن نموذجا)!
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
يحاول الاحتلال جاهدا التقاط أنفاسه وضرب حالات بعينها حتى تكون عبرة وردعا لغيرها، ونموذجا فاشلا في إنتاج الحياة المستقرّة السعيدة الهنيئة، وكأنّه يريد أن يقول إن بإمكانك تحقيق حياتك المأمولة في ظلّ الاحتلال وأنّ بإمكانك أنت وعائلتك أن تعيش بسلام وأمان؛ فقط ما عليك إلا أن تُخرج الاحتلال من رأسك وتدفن رأسك في الرمل.
"الوطن وقيم الحرية والكرامة والسّيادة والاستقلال والتحرر من الظلم والطغيان ليست للحيوانات البشرية أمثالكم، أنتم قطيع ليس لكم الا العلف وطأطأة الرأس، بينما للاحتلال كلّ شيء ذي قيمة في حياتكم، ممنوع أن تتجاوزوا ما يريده الاحتلال في حياتكم، لا تحشروا أنفكم فيما هو فوق رؤوسكم، سماؤكم هي فقط تحت أقدامكم، لنا سماؤكم وأرضكم ومياهكم وهواؤكم وعقولكم وقلوبكم وحاضركم ومستقبلكم، أنتم كشجرة منبتّة ليس له قرار، نحن متى شئنا نقتلعكم ونلقي بكم إلى حيث نريد وكيفما نريد، نحرّككم وفق سياساتنا الرشيدة العالية الرفيعة وأنتم باختصار ليس لكم من الأمر شيء إلا ما نتيحه لكم من بقايا من حياتنا التي لا نريدها. أنتم الحديقة الخلفية ومخزون الأيدي العاملة الرخيصة التي ما خلقها الله إلا لخدمتنا ومسح نعالنا، أفهمتم الدرس جيّدا إن أردتم أن تبقوا في مأمن من الاعتقال؟".
عائلة الشيخ ماجد حسن نموذج يريده الاحتلال رادعا للعائلة الفلسطينية، انظروا كيف دمّر هذا الشيخ عائلته، أساء تربيتهم ولم يعلمهم أبجديات الاحتلال وقوانين الخضوع والاستسلام والاستحمار، لم يفّهمهم حكمة المثل العربي الفصيح: "حطّ راسك بين الروس وقل يا قطّاع الروس"، ولا: "امش الحيط الحيط وقول يا ربّ الستيرة .."، ولا "مئة عين تبكي ولا عين أمّك"، ولا ثقافة السوق والعمل والموظف على مقاسهم الذي ما له دخل في شيء إلا لقمة العيش المغمّسة بالذل والهوان.
الشيخ أخو الشهيد وابن عائلة فلسطينية حرة تربّت قبل كلّ شيء على القرآن ونهلت معاني القوّة والعزة والأنفة والكبرياء التي تجعلها لا تنحني إلا لله، فلا الاحتلال ولا كل ّمن يقف خلفه من طغيان عالمي مستكبر يزن في قلبها جناح بعوضة. الشيخ عرف كيف ينجّي أولاده من ثقافة الشيطان بالانحياز التام إلى ثقافة الرحمن، نمت في صدره عقيدة التوحيد لا بالمفهوم المنفصل عن الواقع الذي يصدّره مشايخ السلطان، وإنما بالعقيدة التي تحرّر الإنسان من كل قوى الطغيان، شعوريا ومعرفيّا وسلوكيّا، نفوس امتلأت قلوبها وعقولها وميادين حياتها عشقا وحبّا لله، فسارت في ركابه متحرّرة من آصار وأغلال الاحتلال.
فمن أحسن إذا تربية الشيخ أم تربية الاحتلال؟! تربية الحرية والكرامة أم تربية الذلّ والمهانة؟ فهل ابتلى الشيخ أبناءه وبناته في هذا الخيار الحرّ أم أنه أسدى لهم خير ما يصنعه أب حرّ لأبنائه الكرام؟
هل قسى الشيخ على أبنائه وبناته؟ الشيخ صاحب القلب الحنون المحبّ الشفوق الذي يتلوّع ألما كلما اعتقل ولد أو بنت، وما أصعب اعتقال البنت على قلب الأب والأمّ التي تنسجم مع روحه العالية والتي كان لها نصيب من هذه الاعتقالات، يتمنّون أن يُعتقلوا ألف مرّة ولا أن تُعتقل البنت! معاذ الله أن يسمح لقبله أن يقسوا على فلذات كبده ولكنه الخيار الصعب، السير في ظل الاحتلال فاقد لكرامته وشعوره بهويته وانتمائه وصدقه مع ربه ودينه ووطنه وقضيّته، أن يفقد الشعور بالقضيّة ذات القداسة الربانية هو وعائلته، وأن لا يبقى لهم في هذه الحياة إلا الهامش الضيّق جدا الذي يرسمه الاحتلال لهم!
الشيخ اختار خيار المؤمنين الأحرار، اختار الرسالة السماوية والقضية الفلسطينيّة بمعادلة واحدة تنشر للناس النموذج المعاكس للذي يريده الاحتلال، نموذج النفوس التي تسكنها روح الانتصار، تنشر للناس أملا وتبدّد من حولها ألم الاحتلال، وهذا بالطبع له ثمن ولكن مهما غلا هذا الثمن فإنّه على الأقلّ يحقق قيمة الإنسان ولا يكون كما يريدون لنا "حيوانات بشرية ليس لها إلا الانصياع".
هل رأيتم أيّها الناس لماذا يختار الشيخ الخيار الصعب مهما كلّف الثمن؟ هم يريدونه نموذجا للردع وتخويف الناس وهو يريد لنفسه وعائلته نموذجا لردّ كيد الاحتلال ولنشر روح وثقافة التحرير والانتصار، مهما قصر أو طال ليل هذا الاحتلال والذي لا شك بانّه إلى زوال كما زال غيره كثير من الطغيان.
بهذه النماذج العالية ليس فقط يزول الاحتلال وإنما سيزول معه الثنائي النكد الذي كان سببا لوجود هذا الاحتلال: الهيمنة الغربية الاستعمارية والنظام الرسمي العربي الذي ما زال يدور في فلكه، هذه النماذج تصنع تحرير فلسطين وتحرير أمّة طال عليها ليل الاستعمار بإذن الله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الاحتلال الاعتقال عائلة الفلسطينية فلسطين الاحتلال اعتقال عائلة مدونات مدونات رياضة سياسة سياسة سياسة تفاعلي مقالات رياضة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
30 نوفمبر.. يوم التحرير الذي يعرّي حقيقة المواقف اليوم
شاهر أحمد عمير
يأتي الثلاثون من نوفمبر كُـلّ عام ليعيد إلى الواجهة واحدًا من أعظم أَيَّـام اليمنيين؛ اليوم الذي غادر فيه آخر جندي بريطاني أرض عدن عام 1967، معلنًا انتهاء 129 عامًا من الاحتلال الذي حاول أن يطمس هُوية اليمن وشعبه.. كان ذلك اليوم أكثر من مُجَـرّد حدث سياسي، بل كان لحظة ميلاد جديد لإرادَة شعبيّة لا تُقهر، وإعلانًا واضحًا بأن اليمنيين قادرون على طرد أي قوة غازية مهما امتلكت من عتاد ونفوذ.
لقد خرج المحتلّ البريطاني تحت ضربات مقاومة حقيقية، دفعت ثمن الحرية من دمائها وعرقها ومعاناتها، وظل ذلك الحدث علامة مضيئة في تاريخ اليمن الحديث.
لكن استمرار هذه الذكرى في الوجدان اليمني يضعنا أمام سؤال ملحّ: هل بقي معنى الاستقلال حيًّا في واقعنا؟ أم أن ما يحدث اليوم يعيد إنتاج الاحتلال بطريقة جديدة، وبأدوات محلية هذه المرة؟ فعلى الرغم من أن اليمن طرد المستعمر القديم قبل 57 عامًا، إلا أننا اليوم نشاهد أطرافا تحتفل بطرد الاستعمار البريطاني بينما تقدم نفسها تحت راية قوى استعمارية جديدة، تقصف اليمنيين وتمزق الأرض، وتعيد تشكيل الخريطة وفقًا لأطماع دولية مكشوفة.
تقدم ما تسمى بـ”حكومة الفنادق” نموذجًا فجًّا لهذا التناقض.
فهي تحتفل بذكرى إخراج المحتلّ البريطاني، لكنها في الواقع تعمل داخل مشروع يقوده التحالف السعوديّ الإماراتي، بتنسيق مباشر مع بريطانيا وأمريكا وكَيان الاحتلال.
هذا التحالف الذي يسيطر على الجزر والموانئ والمنافذ البحرية، يفرض حصارًا خانقًا على اليمنيين، ويستخدم هذه الحكومة كذراع سياسية تمنح الغطاء لوجوده.
والمفارقة أن بعض من ينتمون لهذه الحكومة كان لهم تاريخ أَو انتماء لخطوط تحرّرية في الماضي، لكنهم اليوم يقفون في الضفة الأُخرى، يقاتلون أبناء وطنهم ويبرّرون العدوان المُستمرّ، في سقوط تاريخي لا يمكن تبريره بشعارات الشرعية ولا بمبرّرات التحالفات السياسية.
في الوقت نفسه، تقف صنعاء – حكومة البناء والتغيير ومعها القوات المسلحة اليمنية – لتجسد الامتداد الحقيقي لروح 30 نوفمبر.
فبرغم الحصار والعدوان والمؤامرات، تواصل صنعاء الدفاع عن السيادة الوطنية وترفض أي شكل من أشكال الوصاية أَو التبعية للخارج.
إن موقف صنعاء اليوم ليس مُجَـرّد موقف سياسي، بل هو موقف وطني يعيد إلى الأذهان جوهر معركة التحرير التي خاضها الأجداد.
وما تقوم به القوات المسلحة اليمنية في مواجهة العدوان هو استمرار طبيعي لذلك النضال، وتأكيد بأن إرث الحرية لم ينتهِ، وأن اليمن لا يزال قادرًا على حماية قراره ومصالحه.
الاستقلال ليس ذكرى تُرفع فيها الأعلام، ولا مناسبة تُلقى فيها الخطب، بل هو التزام وموقف وخيار وطني لا يقبل التجزئة.
فمن يرفض الاحتلال اليوم ويسعى لحماية سيادة اليمن هو الامتداد الحقيقي لشهداء 30 نوفمبر.
أما من يقف مع القوى التي تحتل الجزر وتقصف المدن وتفرض حصارًا على شعب كامل، فلا يمكنه، مهما رفع الشعارات، أن يكون جزءًا من إرث التحرير.
إن من يقاتلون تحت راية قوى أجنبية لا يختلفون في جوهر فعلهم عن أُولئك الذين وقفوا يومًا إلى جانب المستعمر القديم، ولو تبدَّلت الأسماء وتغيرت الشعارات.
إن ذكرى الثلاثين من نوفمبر تكشف اليوم حقيقة كُـلّ طرف: من يقف مع اليمن ومن يقف ضده، من يرفض الوصاية ومن يستجديها، من يرفض الاحتلال ومن يعمل على إدخَاله مجدّدًا.
واليمنيون يعرفون جيِّدًا أن الاحتلال لا يرحل إلا حين يجد شعبًا ثابتًا في مواجهته، وأن الخيانة مهما تم تزيينها تبقى خيانة.
واليوم، يثبت التاريخ أن من يحتفلون بالاستقلال في الخارج هم أنفسهم من يفرطون بما تحقّق في الداخل، بينما الذين يصمدون داخل اليمن ويحملون عبء الدفاع عنه هم الامتداد الواقعي لأُولئك الذين أجبروا بريطانيا على الرحيل قبل أكثر من نصف قرن.
ويبقى 30 نوفمبر مرآة حقيقية تعكس مواقف الجميع، بعيدًا عن الشعارات والاحتفالات المصطنعة، وهو مناسبة تجعل اليمنيين يتساءلون بوضوح: هل نحن مع الذين ضحوا لطرد المستعمر؟ أم مع الذين يمهدون الطريق لعودة استعمار جديد؟