إنه الجحيم الذى يجسده الكيان الصهيوني اليوم حيث يمضي فى غلوائه ليمارس الإبادة الجماعية سواء فى الأراضى الفلسطينية أو فى لبنان. يشجعه على ذلك أن المجتمع الدولى تحول إلى متفرج لا يحرك ساكنا بعد أن اكتفى بالمشاهدة والإدانة اللفظية، وهذا رغم المذابح التى ترتكبها الآلة الصهيونية فى قطاع غزة وجنوب لبنان. ومؤخرا أضافت إسرائيل إيران إلى قائمة الاستهداف، لتكون المحصلة أكثر من مائة وستين ألف شهيد ومصاب فلسطينى، وأكثر من ستة آلاف شهيد ومصاب لبنانى، وعشرات الإيرانيين.
إسرائيل الملتحفة بالعار استهدفت المستشفيات، واعتقلت الأطباء، وضربت مخيمات النازحين، وهدمت المبانى والمنشآت السكنية على رؤوس من فيها. دمرت البنى التحتية من طرق ومحطات كهرباء، ومحطات مياه وصرف صحى. دمرت الأخضر واليابس بطريقة وحشية. وكان غريبا أن تستهدف المستشفيات، والنموذج مستشفى "كمال عدوان" الذي استهدفته واحتجزت مئات المرضى، واعتقلت الطواقم الطبية، ودمرت سيارات الإسعاف. حاصر جيشها المستشفى على مدى عدة أيام، وبعد الحصار كان الاقتحام، وتوفى الأطفال داخل وحدات الرعاية المركزة، وتضرر الكثير من المرضى.
يجرى هذا فى ظل الدولة الصهيونية التى تحكمها اليوم حكومة "بنيامين نتنياهو"، وهى حكومة دينية متطرفة لها أجندة سياسية محددة، والصراع الدائر الآن هو صراع ديني أطلق لإسرائيل العنان فمضت تقترف جرائم الإبادة الجماعية فى كل من الأراضى الفلسطينية وجنوب لبنان. عنصر الاستقواء الصهيونى ينبع من الدعم الأمريكى اللامتناهى عسكريا واقتصاديا وسياسيا، ولهذا أطلقت إسرائيل المجال للغارات التى استهدفت عدة مناطق منها: حى "الجبل"، وبلدة " حبشيت"، وبلدة " الخيام" فى جنوب لبنان. ومضت وزارة الصحة فى لبنان تعلن فى كل يوم عن عشرات القتلى والمصابين، وارتفاع أعداد القتلى من جراء الهجمات الإسرائيلية لتصل إلى نحو 3386 قتيلا وإصابة أربعة عشر ألفا منذ أكتوبر 2023. وأضافت أن نحو 772 قتيلا على الأقل هم من النساء والأطفال الذين قتل منهم نحو 14 ألف طفل غزاوي. ويدفع الأطفال فى كل يوم ثمن حرب لم يشعلوا نيرانها. إن مليون طفل فى غزة يحتاجون اليوم إلى دعم نفسى، ولهذا وصل الأمر بهم إلى وضع بائس، وغدا ما يعرفه الطفل الآن هو أن الحياة يمكن أن تنتهى على نحو مفاجئ ومرعب أمام القصف ودانات المدافع والجوع والمرض والحصار.
يستمر " بنيامين نتنياهو" ماضيا فى غلوائه ومن ثم يتوعد برد حازم على حزب الله قائلا: " إن دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني هو أمر ضرورى من أجل عودة السكان إلى منازلهم فى شمال إسرائيل. إن استعادة السلام والأمن فى الشمال هي مفتاح لإعادة السكان اليهود فى الشمال إلى ديارهم بأمان، وهو ما يعتمد على إزاحة حزب الله إلى ما وراء نهر الليطانى، واستهداف أى محاولة من قبل الحزب لمعاودة تسلحه يجب علينا الرد بحزم على أي إجراء يتخذ ضدنا".
الجدير بالذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلى يشن حملة عسكرية على شمال قطاع غزة منذ أكثر من شهر، ويقول إنها تهدف إلى منع حركة حماس من إعادة تنظيم صفوفها. ويظل الفلسطينيون يعانون الكثير من توابع القصف الإسرائيلى اليومى على كل المناطق جوا وبرا، بالإضافة إلى أوامر الإخلاء القسرية، التى يتعين على الفلسطينيين الالتزام بها تجنبا لجحيم الإبادة الجماعية.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
صحيفة لوفيغارو تستعيد وصف جحيم باريس خلال موجة الحر عام 1911
استعادت صحيفة لوفيغارو ذكرى موجة الحر غير المسبوقة التي ضربت أوروبا، وفرنسا خاصة في صيف عام 1911، لأكثر من شهرين، متسببة في وفاة 40 ألف شخص.
ووصف رئيس تحرير الصحيفة وقتها إميل بير "موجة الحر" كما سماها خبراء الأرصاد الجوية، وهي أشد موجة حر فتكا في التاريخ -حسب الصحيفة- قائلا: "تضرب الحرارة جدراننا، وتنشر رذاذها الناري في شوارع باريس، وتجفف الحناجر، وتحرق الجماجم، وتذيب الشجاعة، وتدفع حتى أكثر الناس سرورا إلى البكاء"، وأضاف: "آه! هذه الموجة، كم سنبارك الجزر الذي سيحملها بعيدا".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: تصعيد إسرائيلي بغزة والتوقيت يناسب نتنياهو لعقد اتفاقlist 2 of 2ديلي بيست: حرب أهلية تشتعل داخل "ماغا" حول دعم ترامب لإسرائيلend of listوذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم ماري أود بونيل- أن الحرارة اللافحة تواصلت، وكان يوما 22 و23 يوليو/تموز استثنائيين، حيث تجاوزت درجة الحرارة في كل مكان 35 درجة مئوية، وقالت الصحيفة وقتها "هذا لا يمكن أن يدوم".
وزعمت الشائعات وقتها أنه "عندما يكون يوليو/تموز حارا، يكون أغسطس/آب باردا"، ولكن الحرارة تواصلت 13 يوما متتالية من أغسطس/آب، وقد سجل مرصد مونتسوريس 37.7 درجة مئوية في العاشر من أغسطس/آب 1911، وهي "أعلى درجة حرارة سجلها مقياس الحرارة منذ عام 1757، في عهد ملك فرنسا لويس الـ15"، حسب لوفيغارو.
الموجة الأكثر فتكا عبر التاريخاستمرت موجة الحر حتى منتصف سبتمبر/أيلول، وكانت واحدة من أطول موجات الحر في التاريخ وأكثرها فتكا، إذ أودت بحياة 40 ألف شخص في فرنسا، معظمهم من الأطفال، أكثر بكثير من موجة الحر التاريخية في صيف 2003 التي تسببت في وفاة 14 ألفا و800 شخص.
ورسم الكاتب الصحفي إميل بير صورة لأجواء العاصمة الخانقة في يوليو/تموز، وسخر من الباريسيين الذين ينزلون إلى مداخل المترو للسفر أميالا تحت الأرض في "ظلام بارد".
وفي الأقاليم ليس الوضع أفضل، فمن الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، درجات الحرارة مرتفعة بشكل جنوني، فقد سجلت 35 درجة في ريميرمونت، على أعتاب جبال الفوج، حيث اعتاد الناس الذهاب خلال أسوأ موجات الحر.
"التنفس -كما يقول الكاتب- كان الشغل الشاغل للباريسيين اليوم، ومن الظهيرة فصاعدا، يكون الأمر مروعا ومضحكا. تبدو الشمس المحمومة كأنها تسخن مدينة ميتة. بقي الأذكياء مختبئين في منازلهم عراة. آخرون ملتصقون بالجدران".
إعلانويتابع الكاتب: "يحل الليل لكن الحرارة لا تهبط، بل ترتفع خفية وغادرة، مغلَفة بالظلال، تنبثق من الجدران وتنبعث من الطرق والأرصفة، فنستنشق الهواء الحر ونحن ننتظر العشاء".
يتجه الناس نحو الغابة حيث الأشجار، ويمتلئ قطار مونمارتر الجبلي المائل بالشابات والشبان الذين تتدفق جباههم عرقا، على أمل العثور على بعض الهواء النقي هناك، "ثم يعود المساكين منهكين ومحطمين، من حيث كانوا يأملون في الانتعاش، وهم في غاية الحر والتعاسة والتعب، ثم نراهم أخيرا يبتسمون وهم ينهارون على شرفات المقاهي في حرارة فوق الـ30 وجو المدينة الفاسد، ويهمسون بصوت صادق: الجو جميل هنا".