فن الدبلوماسية .. نظام الأسبقية وبروتوكول والإتيكيت الإداري

تطرَّقنا في الأسبوع الماضي عن فنِّ الدبلوماسيَّة وعلاقته بنظام الأسبقيَّة في البروتوكولات الدوليَّة وحضور المؤتمرات، بالإضافة إلى الأسبقيَّة للسفراء وكذلك للوزراء وكبار الشخصيَّات. أمَّا مقال اليوم فسوف نُعرِّج فيه على البروتوكول والإتيكيت الإداري الذي يشمل عدَّة مجالات مِنها: تصنيف المخاطبات أو المراسلات الورقيَّة والإلكترونيَّة، أجندة الأهداف اليوميَّة والأسبوعيَّة والشهريَّة، خليَّة الفريق الواحد، توقيتات التحفيز الحكومي، إدارة الوقت وإنجاز الأعمال، نظام الأسبقيَّة والقيادة الرَّشيقة، إدارة الحديث والتكريم والتنبيه والعقوبة، مبدأ النَّقد والنَّقد الذَّاتي، مفاهيم البروتوكول والإتيكيت.

. وغيرها من المجالات التي تدخل في مظلَّة مفاهيم الأسبقيَّة بالإدارة الحديثة.
ونخوض اليوم بأهمِّ مفاهيم البروتوكول والإتيكيت الإداري ألَا وهو:(تصنيف المخاطبات والمراسلات الإداريَّة) وقَدْ تتَّفق عليه أغلب الدوَل وإن اختلفت المُسمَّيات.
تُعرف الإدارة بأنَّها عمليَّة تحقيق الأهداف المرسومة من قِبل القيادة والجهات العُليا بالاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لإنجاح الخطط المرسومة، وفق منهج مُحدَّد، وضِمْن أدوات معيَّنة، بالإضافة إلى أنَّها تعتمد على عمليَّة التخطيط والتنظيم والتنسيق والتَّوجيه والرقابة على الموارد المادِّيَّة والبَشَريَّة للوصول إلى أفضل النتائج بأقصر الطُّرق وأقلِّ التكاليف المادِّيَّة. فالمدير عليه التفكير والتركيز كثيرًا بهذه النقاط معتمدة بالدرجة إلى المخاطبات الإداريَّة وتصنيفاتها.
تؤدِّي الإدارة دَوْرًا أساسيًّا لنجاح المؤسَّسات على اختلافها أو حتى فشلها، وهي تُشكِّل مفتاحًا للتقدُّم الحضاري العصري على مستوى الدوَل أيضًا؛ فهي مُحرِّك للتنمية التي لا يُمكِن أن تتحقَّقَ بِدُونِها حتى لو كانت العناصر الأخرى جميعها متوافرة، علمًا أنَّ هذه الإدارة لا بُدَّ من أن تكُونَ إدارة فاعلة حديثة ومحدِّثة لأدواتها، تتَّخذ من الوسائل العلميَّة المدروسة المستخدمة في اتِّخاذ القرارات ركنًا أساسيًّا لها، ومِنها نظام الأسبقيَّة في مجال تصنيف المخاطبات الرَّسميَّة وأنواعها وأهمِّيتها والتي تُشكِّل هُوِيَّة الوزارة أو الجهة الحكوميَّة بمختلف مُسمَّياتها المدنيَّة أو العسكريَّة والأمنيَّة والمخابراتيَّة. وأهمُّ هذه التصنيفات المتداولة هي كما يلي:
1 ـ سِرِّي للغاية وهي:(تتضمَّن أمن الدولة، الأسلحة والخطط العسكريَّة، العلاقات الدوليَّة والاتفاقيَّات الخاصَّة، تشكيلات والهيكل الإداري والعمليَّاتي لأجهزة المخابرات والاستخبارات، مصانع الأدوية وبحوثها، الحسابات المركزيَّة، له سجلٌّ خاصٌّ للصَّادر والوارد ويُختم ويُوقَّع عند غلق الظَّرف ويُسلَّم باليد بالتوقيع.. وأخرى لا مجال لذكرها).
2 ـ سِرِّي:(الخطط الاقتصاديَّة وبحوث الصِّناعة، تخزين المواد الغذائيَّة السياديَّة، تخزين وأماكن العتاد والموارد النفطيَّة، سعة وأماكن آبار النِّفط وأعمارها، أسماء ومناصب وعدد الهياكل الإداريَّة الأمنيَّة والاستخباريَّة والمخابراتيَّة، له سجلٌّ خاصٌّ للصَّادر والوارد، ويُختم ويُوقَّع عِند غلق الظَّرف ويُسلَّم باليد وبالتوقيع وأخرى..).
3 ـ عاجل وفوري:(وهو الأمْرُ الإداري المركزي الذي لا يقبل التأخير فيه ويُنفَّذ على الفور على مختلف المناصب والوظائف المدنيَّة والعسكريَّة والأمنيَّة، إلقاء القبض على المُجرمين الصَّادرة عليهم أوامر مركزيَّة، له سجلٌّ خاصٌّ للصَّادر والوارد ويُختم ويُوقَّع عِند غلق الظَّرف ويُسلَّم باليد بالتوقيع وأخرى..).
4 ـ عاجل:(وهو الأمْرُ الإداري وليس المركزي، يقبل التأخير من 24 ساعة إلى 48 ساعة، ويُمكِن صدوره حتى من رئيس القِسم لأهمِّية الأوامر الصَّادرة من الأعلى إلى الأقلِّ وغير قابل للنقاش بخصوص طريقة إيصال الخِطاب العاجل، له سجلٌّ خاصٌّ للصَّادر والوارد ويُختم ويُوقَّع عِند غلق الظَّرف ويُسلَّم باليد بالتوقيع وأخرى..).
5 ـ خاصٌّ جدًّا:(بريد ومخاطبات هرم الوزارة أو الجهة الحكوميَّة، المخاطبات التي تخصُّ الجهات الأمنيَّة بمختلف أنواعها، تقارير عن كفاءة الموظفين، ترقية أو ترشيح موظفين، معلومات تضرُّ بسمعة شخص أو الدائرة، الشؤون الماليَّة والموازنات الختاميَّة، خرائط البناء للدوائر المهمَّة).
6 ـ المخاطبات الإداريَّة الاعتياديَّة:(وهي المتعارف عليها بَيْنَ جميع الوحدات الإداريَّة، وتكُونُ مكشوفة ومُسجَّلة بسجلِّ الصَّادر والوارد العادي وبظرف غير مُغلق).
7 ـ الأوامر الإداريَّة الداخليَّة:( وهي روتينيَّة، محدودة الامتيازات والمعلومات، تكُونُ بَيْنَ الدوائر والأقسام، تأثير محدود، وقت التنفيذ مفتوح، معلومات عامَّة وبعيدًا عن السِّرِّيَّة). حيث إنَّها (نظام الأسبقيَّة) تسعى بذلك إلى تحقيق التكيُّف مع شتَّى الظروف التي تحيط بها لغرض تحقيق الأهداف والأولويَّة في المخاطبات الرسميَّة وصولًا إلى تحقيق الغرض من هذه الخِطابات، مع الأخذ بنظر الاعتبار إلى التطوُّر التكنولوجي الهائل الذي يحصل، وهي المخاطبات الإلكترونيَّة ضِمْن (إيميلات) خاصَّة بَيْنَ طرفَيْنِ فقط، وللإدارة المقْدِرة على تحريك الأوامر الإداريَّة بكُفء وبما يُحقِّق الأهداف التي تسعى إليها ضِمْن التقسيمات المعمول بها؛ ولهذا تتمثل مهمتها الرئيسة في أن تتمكَّنَ الإدارة بعناصرها كُلِّها من تحقيق مستوى عالٍ من الإنجاز من وضع الأُسُس الصحيحة لتقسيم هذه المخاطبات والمسؤولين عليها، وذلك عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد البَشَريَّة المتوافرة.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن