التنظيمات الإرهابية في غرب إفريقيا.. انقسامات جهادية وتأثيرات أمنية واقتصادية عميقة
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
تشهد منطقة غرب إفريقيا والساحل والصحراء تصاعدًا مقلقًا في النشاط الإرهابي، حيث تعد جماعتي "بوكو حرام" و"ولايات غرب إفريقيا" التابعة لتنظيم داعش من أبرز الأطراف الفاعلة التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ورغم الجهود الإقليمية والدولية لاحتواء هذه الظاهرة، فإن التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن هذه الجماعات لا تزال تتفاقم.
أوضح أحمد سلطان، الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية، أن "ولايات غرب إفريقيا" تشكلت نتيجة انشقاقات داخل جماعة بوكو حرام، بعدما بايعت مجموعات منها تنظيم داعش.
وأضاف سلطان في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الصراعات الداخلية بين الطرفين أدت إلى اشتباكات دامية، أبرزها مقتل زعيم بوكو حرام، أبو بكر شيكاو.
وأشار سلطان إلى أن هذه الانقسامات لم تقلل من التهديدات الأمنية في المنطقة، بل عززت من توسع العمليات الإرهابية، حيث استهدفت دولًا جديدة مثل بنين والكاميرون، مع طموحات للوصول إلى ساحل العاج.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية مدمرةمن جانبه، أكد الدكتور رامي زهدي، المتخصص في الشؤون الإفريقية، أن استمرار نشاط بوكو حرام يمثل كارثة اقتصادية واجتماعية على شعوب المنطقة؛ وقال: "هذه الجماعات الإرهابية تعمل كقوة موازية للدولة، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد الاقتصادية وإعاقة جهود التنمية".
وأضاف زهدي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن وجود الجماعات الإرهابية في المجتمعات الأفريقية بات واقعًا مأساويًا، حيث ينخرط بعض الأفراد في صفوفها بفعل الحاجة أو الإيمان بالفكر المتطرف، ما يعزز قبول فكرة وجود قوة بديلة للسلطات الرسمية.
الحاجة لاستراتيجيات جديدةوأجمع الخبراء على أن الأساليب التقليدية لم تعد كافية لاحتواء هذه التنظيمات. وشدد سلطان على أن "وجود آلاف المقاتلين في صفوف هذه الجماعات يجعلها قوة موازية للجيوش المحلية، ما يتطلب استراتيجيات مبتكرة تعالج طبيعة التهديد".
كما حذر زهدي من أن هذه الجماعات أصبحت أدوات لقوى خارجية تستخدمها لإعادة تشكيل الديموغرافيا والجغرافيا في المنطقة، ما يجعل القضاء عليها أولوية قصوى للحفاظ على استقرار القارة، خصوصًا في ظل استمرار تصاعد العنف وتزايد تعقيد الأوضاع الأمنية، يبقى التحدي الأكبر أمام دول غرب إفريقيا هو تطوير مقاربات شاملة تجمع بين الأمن والتنمية والتعاون الدولي، لمواجهة التهديد الإرهابي الذي يعيق التقدم ويهدد الاستقرار الإقليمي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التنظيمات الإرهابية في غرب إفريقيا التنظيمات الإرهابية تنظيمات الارهاب تنظيم داعش غرب افريقيا هذه الجماعات غرب إفریقیا بوکو حرام
إقرأ أيضاً:
الطائرات المسيّرة: أداة للحرب النفسية في يد الجماعات المسلحة في أفريقيا
قال معهد الدراسات الأمنية أن حوالي تسع جماعاتٍ مسلحة في أفريقيا حصلت حتى الآن، على طائراتٍ مسيّرةٍ عسكريةٍ، كما في بوركينا فاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا، وليبيا، ومالي، وموزمبيق، ونيجيريا، والصومال، والسودان. وهذا يُشير إلى اتساع نطاق استخدام الطائرات المسيّرة لمهامٍ مُتعددة.
وقد شهدت القارة الأفريقية توسّعًا سريعًا في مجال الطائرات المسيّرة من حيث التصنيع والنشر والاستخدام المحلي، مما يُبرز مجموعةً مُعقّدةً من الجهات الفاعلة والوكلاء.
في القتال، لا تُوفّر الطائرات المسيّرة معلوماتٍ استخباراتيةً وقوةً فتّاكةً فحسب، بل تُمكّن الجماعات المسلحة غير النظامية من نشر الدعاية على نطاقٍ واسعٍ وسريع.
وتُظهر المسيرات أو الأنظمة الجوية غير المأهولة (UAS) والمركبات الجوية غير المأهولة (UAV)، بوضوح “ديمقراطية التكنولوجيا”، حيث تستخدم كلا من الجيوش الأفريقية والجماعات المسلحة غير النظامية هذه المسيرات لإحدث تأثير فتاك، إلى جانب نماذج رخيصة للهواة وطائرات مسيرة محلية الصنع – مما يُسهم في سد الفجوة بين قدرات كل منهما (القدرات الحقيقية أو المُتصورة).
ونشر موقع “معهد الدراسات الأمنية-ISS) الثلاثاء الماضي أن الجهات الفاعلة العنيفة غير الحكومية تستخدم الطائرات المسيرة لأغراض الدعاية أيضاً، سواءً للإعلان عن قدراتها الجوية الجديدة وتأثيراتها، أو لنشر صور سينمائية لنجاحاتها العملياتية الأخرى. فإلى جانب الضرر المادي الذي تُلحقه الطائرات المسيرة، هناك قيمتها الدعائية – وهو مجال جذب اهتمامًا إعلاميًا وأكاديميًا أقل بكثير من مهام الضربات الجوية التي تقودها الطائرات المسيرة.
و في حين أن الحكومات تمتلك آلاتها الدعائية المجهزة جيدًا، هناك طريقتان تستخدمهما الجماعات المسلحة غير الحكومية للطائرات المسيرة للتأثير.
أولًا، مجرد الادعاء باستخدام الطائرات المسيرة يُرسل رسالة نفسية مهمة. وينطبق هذا بشكل خاص على “سباق التسلح”، حيث يُزود الوكلاء الجماعات المسلحة بطائرات مسيرة للهواة وللأغراض العسكرية، مما يُمكّنهم من إبراز قوتهم بما يتجاوز قدراتهم. وفقًا لماريا لويز كلاوسن من المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، فإن “المكانة والهيبة المرتبطتين بامتلاك الطائرات المسيرة يمكن أن تصبح في حد ذاتها هدفًا رئيسياً مطلوباً تحقيقه”.
ثانياً، تُستخدم الطائرات المسيرة كأدوات لجمع المعلومات، حيث توفر مقاطع فيديو وصورًا ثابتة وصوتية لمشاركتها عبر الإنترنت وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتوجد أمثلة على كلا النوعين في أفريقيا والشرق الأوسط. فقد قادت جماعة أنصار الله، المعروفة باسم جماعة الحوثي في اليمن، مؤخرًا حربًا بالطائرات المسيرة في المنطقة، ويعتبر الحوثيون من بين 57 جماعة مسلحة حول العالم تستخدم هذه التكنولوجيا لأغراض حركية وغير حركية. وقد منحتهم هذه التكنولوجيا نجاحات تكتيكية ورمزية، مما قد يشجع حلفائهم في الصومال مع قيام الجماعات المسلحة بتطوير تحالفات أوثق.
وتفيد مصادر ” المحقق” أن استخدام الجماعات المسلحة الأفريقية للطائرات المسيرة للهواة والتجارية جاء في وقت متأخر مقارنةً بالشرق الأوسط. كما استغلت حركة الشباب في الصومال هذه التكنولوجيا. وقدمت صور طائرة مُسيّرة عسكرية مُسقطة، عُرضت على قنوات أخبار الجماعة عام 2016، مؤشرًا مُبكرًا على إمكانات الطائرات المُسيّرة في الدعاية – إما بامتلاكها أو باختطاف الأصول الجوية للعدو والتباهي بذلك علنًا. علاوة على ذلك، أظهرت لقطات فيديو لهجوم خليج ماندا المميت في يناير 2020 في كينيا أن الجهاز الإعلامي لحركة الشباب ماهر بشكل خاص في الحرب النفسية، وفقًا لمركز مكافحة الإرهاب.
وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجد معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح عام 2024 أن قوات التحالف الديمقراطي استخدمت الطائرات المسيّرة “لتسجيل مقاطع فيديو والتقاط صور لمعسكراتها لأغراض دعائية”.
وتشهد منطقة الساحل عدداً من تجارب تُجريها جماعات مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا على مقاطع فيديو دعائية تُنشر عبر الطائرات المسيرة، و مثل هذه المقاطع لا تُستخدم فقط كأداة للتجنيد، بل أيضًا لإظهار البراعة التكنولوجية، كما قد تُساعد في جمع الأموال من خلال تصوير الجماعة على أنها متقدمة تكنولوجيًا.
وقد اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العديد من القرارات التي تُعالج إساءة استخدام الطائرات المسيّرة، ولكن ينبغي أن تُركّز الإجراءات المستقبلية اهتمام الحكومات على الرصد والتوعية بالمخاطر، مع مراعاة الفوائد التنموية لتكنولوجيا الطائرات المسيّرة. ومع ذلك، في أفريقيا، حيث ينتشر تهريب الأسلحة، قد يكون الاتجار غير المشروع بأجزاء الطائرات بدون طيار جديرًا بمزيد من الدراسة
كوبنهاغن – المحقق
إنضم لقناة النيلين على واتساب