أجج ترشيح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تولسي غابارد لإدارة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، استياءً وقلقاً كبيراً في أوساط المعارضة السورية.

ومرد ذلك، مواقف غابارد السابقة في الملف السوري، وتحديداً لجهة انتقادها دعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما المعارضة السورية، وكذلك زيارتها دمشق واجتماعها برئيس النظام السوري بشار الأسد، في العام 2017، عندما كان الأخير في أشد عزلته.



وأبعد من ذلك، تتحدث مصادر المعارضة بتوجس عن علاقة "قوية" تربط غابارد بالأسد، وتدل على ذلك برفض غابارد المنشقة عن الحزب الديمقراطي التدخل الأمريكي العسكري في سوريا، ورفضها وصف الأسد بـ"عدو أمريكا".

ولا تستبعد المصادر ذاتها، أن تفتح غابارد قنوات حوار مع النظام السوري، وخاصة أن ذلك من مهام منصبها الجديد (مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية).

مؤيدة للنظام السوري
وفي هذا السياق، يلمح رئيس "المجلس السوري الأمريكي" فاروق بلال، إلى مواقف غابارد السابقة، ويقول: "من المعروف عنها تأييدها للنظام السوري، وقربها من روسيا حليفة النظام الأبرز".

وفي حديثه لـ"عربي21"، يشير إلى حساسية منصب غابارد الجديد، ويقول: "رغم القلق نبحث في المجلس السوري عن صيغة للتعاون مع الإدارة الجديدة"، وخاصة أن من ضمن تشكيلة ترامب الوزارية شخصيات لها مواقف قوية من النظام، مثل المرشح لحقيبة الخارجية ماركو روبيو، الذي له مواقف ثابتة ضد النظام السوري، ويمكن تلمس ذلك من خلال دعمه ورعايته لأكثر من قانون أمريكي يخص سوريا، ومنها "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد".



بذلك، يرى بلال أن الإدارة الأمريكية تحتوي شخصيات من القطبين (المؤيد والمعارض للنظام)، ومن المؤكد أن الفترة المقبلة ستشهد تجاذبات في البيض الأبيض بخصوص سوريا، مستدركاً بقوله: "هنا تأتي أهمية العمل المتوازن من المجلس السوري والمنظمات السورية الأمريكية الأخرى".

تعيين إشكالي
بدوره، وصف مدير البرنامج السوري في "المجلس الأطلنطي" (مؤسسة بحثية أمريكية)، قتيبة إدلبي، تعيين غابارد في منصب مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية بـ"الإشكالي"، وقال لـ"عربي21": "لكن من الصعب الحكم مبكراً على شكل تأثير وجود غابارد على الملف السوري".

وأكد أن منصب غابارد ليس له تأثير مباشر على صنع القرار في الشأن السوري، وقال: "من الواضح أنها ستجد نفسها في موقف أصعب للدفاع عن الأسد كون المنصب يحتم عليها تنسيق جمع المعلومات الاستخباراتية من الأجهزة الأمنية ووضعها أمام الرئيس، بمعنى لا يمكنها تغيير الحقائق الأمنية التي ستصلها من الوكالات المختلفة".

وأنهى إدلبي بقوله: "من الصعب الحكم على تأثيرها وتداعيات تعيينها قبل 20 كانون الثاني/يناير القادم، أي قبل تولي ترامب منصبه".

في المقابل، يرى المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبرا أن "من الصعب الحكم على شكل العلاقة التي تجمع غابارد بالأسد، وكل ما نعرفه أنها زارت دمشق".

تغيير المواقف
وأشار الغبرا إلى انشقاق غابارد عن الحزب الديمقراطي الأمريكي، وقال: "لا يمكن الوثوق بمواقفها السابقة في الملف السوري، لأنها مواقفها قد تختلف باختلاف توجهها السياسي".

وتابع المستشار بالإشارة إلى "الإجماع الأمريكي" في الملف السوري، وقال: "قد لا تستطيع تغيير هذا الإجماع، مهما كانت مواقفها من النظام، بحيث لا زالت واشنطن رافضة لتعويم النظام السوري".

يذكر أن غابارد بررت زيارتها سوريا ولقاءها بشار الأسد في العام 2017، بقولها "لأنني شعرت أنه من المهم إذا كنا حقاً نهتم بالشعب السوري ومعاناته، أن نكون قادرين على مقابلة أي شخص نحتاج إليه إذا كان هناك احتمال لتحقيق السلام"، وذلك رداً على الانتقادات بحقها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ترامب تولسي المعارضة سوريا سوريا امريكا المعارضة ترامب تولسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری الملف السوری

إقرأ أيضاً:

تحقيق: نظام الأسد نفذ عملية سرية لنقل آلاف الجثث من مقبرة جماعية

أظهر تحقيق أجرته وكالة "رويترز" أن الحكومة السورية في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد نفذت على مدى عامين عملية سرية لنقل آلاف الجثث من مقبرة جماعية كبيرة في مدينة القطيفة شمال دمشق إلى موقع آخر مجهول في الصحراء النائية، يبعد أكثر من ساعة بالسيارة عن الموقع الأصلي. وتكشف تفاصيل التحقيق عن أبعاد جديدة لجرائم النظام السوري وتغطية واسعة على عمليات القتل الجماعي التي طالت آلاف السوريين خلال الحرب الأهلية.

ولم يعلن سابقا عن وجود المقبرة الجماعية في القطيفة أو عن الحفر الثاني الضخم في الصحراء خارج بلدة الضمير شمال دمشق. وعملت "رويترز" على توثيق العملية من خلال مقابلات مع 13 شخصاً مطلعين مباشرة على تفاصيل النقل، بالإضافة إلى مراجعة وثائق رسمية وصور الأقمار الصناعية لموقعي المقبرتين على مدى عدة سنوات.

وأطلقت الحكومة على عملية نقل الجثث اسم "عملية نقل الأتربة"، واستمرت بين عامي 2019 و2021. وأوضح الشهود أن الهدف الأساسي من العملية كان التستر على جرائم النظام وتحسين صورته على الصعيدين المحلي والدولي، بعد سنوات من اتهامات بارتكاب أعمال وحشية وعنف ممنهج ضد المدنيين والمعارضين.

تفاصيل عملية النقل
كشف الشهود أن العملية كانت تتم بشكل دوري، حيث كانت شاحنات محملة بالتراب والرفات البشري تتحرك من مقبرة القطيفة إلى الموقع الجديد في الضمير أربع ليال تقريباً كل أسبوع، مستخدمة من ست إلى ثماني شاحنات في كل مرة. وأوضح الضابط السابق في الحرس الجمهوري أن فكرة نقل الجثث بدأت أواخر 2018، عندما اقترب الأسد من تحقيق الانتصار العسكري، وكان يسعى لاستعادة الاعتراف الدولي بعد سنوات من التهميش والعقوبات الدولية.

وأشار الشهود إلى أن جميع المشاركين في العملية يتذكرون بوضوح الرائحة الكريهة للجثث، بينهم سائقون وفنيو إصلاح سيارات وضابط سابق في الحرس الجمهوري، مؤكّدين أن عملية النقل كانت تحت إشراف مباشر من القيادة العسكرية العليا للنظام.

وحتى سقوط النظام أواخر العام الماضي، كانت جميع الخنادق الستة عشر التي وثقتها "رويترز" في القطيفة قد أُخليت، ما يشير إلى أن آلاف الجثث نُقلت إلى موقع الضمير، الذي يضم ما لا يقل عن 34 خندقاً بطول كيلومترين، لتكون واحدة من أكبر المقابر الجماعية التي حُفرت خلال الحرب الأهلية السورية. ويقدر عدد الضحايا المحتمل دفنهم هناك بعشرات الآلاف، بينهم سجناء قتلوا في سجون النظام ومستشفيات عسكرية.

التحديات في الكشف عن الحقيقة
لم تتسن لوكالة "رويترز" معرفة ما إذا كانت جثث من مواقع أخرى قد أُرسلت إلى الضمير، كما لم تعثر على أي وثائق رسمية تشير إلى عملية "نقل الأتربة" أو المقابر الجماعية بشكل مباشر. وأوضح الشهود أن أي إفشاء لأمر العملية كان يعني الموت الحتمي للمخالف، ما يفسر السرية الشديدة المحيطة بالمقبرة.

وقال محمد رضا جلخي، رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين التابعة للحكومة، إن "التحدي الأكبر يكمن في العدد الكبير من المفقودين، والذي قد يتجاوز عشرات الآلاف، والحاجة اليوم لتأهيل كوادر متخصصة في الطب الشرعي وتحليل الحمض النووي لضمان التعامل العلمي مع رفات الضحايا".

من جهته، أكد رائد الصالح، وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، أن "هناك جرحاً نازفاً طالما أن هناك أمهات وأطفالاً ينتظرون العثور على قبور ذويهم"، مشيراً إلى أن النقص في الموارد يجعل حماية المواقع وتنقيبها أمراً صعباً للغاية.


تبعات العملية على العائلات
ووصف محمد العبد الله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، عملية نقل الجثث من القطيفة إلى الضمير بأنها "كارثية على مستوى العائلات"، موضحاً أن تجميع الجثث بشكل عشوائي يزيد من صعوبة إعادة الرفات إلى ذويها. وأضاف أن تشكيل لجنة وطنية للمفقودين يعد خطوة إيجابية، لكنها لا تزال بحاجة إلى الدعم المالي والكوادر المؤهلة لتحقيق أهدافها.

وأشار العبد الله إلى أن العملية أظهرت مدى تعقيد الملف، خاصة في ظل غياب وثائق رسمية من قبل الحكومة الجديدة أو سابقة، مع استمرار غياب مقابر جماعية أخرى وعدم حماية العديد منها.

بدأ النظام السوري بدفن الموتى في مقبرة القطيفة منذ عام 2012، في بداية الحرب الأهلية، حيث ضمت جثث جنود وسجناء قضوا في السجون والمستشفيات العسكرية. وقد نشرت وسائل إعلام محلية عام 2014 صوراً تحدد الموقع العام للمقبرة، قبل أن تؤكد شهادات لاحقة وملفات قضائية ومعايير التحقيق الدولي موقعها الدقيق.

ومع ذلك، ظل الوصول إلى المقابر الجماعية ومراقبتها صعباً بسبب سرية العمليات العسكرية وحجم جهاز الأمن السوري، الذي ساهم في اختفاء ما يزيد على 160 ألف شخص خلال سنوات النزاع، وفق منظمات حقوقية سورية.

آثار قانونية وإنسانية
ويقول مختصون في القانون الدولي وحقوق الإنسان إن التنقيب المنظم وتحليل الحمض النووي قد يخفف من وطأة أحد أكثر الأحداث إيلاماً في تاريخ سوريا، لكنه يحتاج إلى موارد ضخمة ووقت طويل. 
وأوضح الشهود الذين شاركوا في نقل الجثث أن أي مخالفة للأوامر كانت ستؤدي إلى الموت الفوري، ما يعكس الطابع الوحشي للعملية وسرية النظام في التعامل مع المقابر الجماعية.

وأكد الضابط السابق وسائقو الشاحنات وفنيو الإصلاح أن العملية كانت تحت إشراف مباشر من القيادات العسكرية العليا، وأن الهدف الأساسي كان تطهير المقبرة الجماعية في القطيفة وإخفاء أدلة على عمليات القتل الجماعي.

وفي ظل نقص الموارد، تظل العديد من المقابر الجماعية في سوريا غير محمية ولم تنقب عنها أي جهة، ما يزيد من معاناة ذوي الضحايا. ويشير الخبراء إلى أن توفير كوادر متخصصة في الطب الشرعي وتحليل الحمض النووي أمر ضروري لاستعادة حقوق العائلات والتعامل العلمي مع الملف، لكنه يمثل تحدياً ضخماً للحكومة السورية الجديدة.

ويختم التقرير بالإشارة إلى أن عملية "نقل الأتربة" تفتح فصلاً جديداً في سجل جرائم الحرب في سوريا، وتؤكد الحاجة الملحة لمتابعة التحقيقات، واستعادة رفات الضحايا، ومساءلة المسؤولين عن الانتهاكات الكبرى التي وقعت خلال العقد الماضي.

مقالات مشابهة

  • ماذا تبلغ لبنان من سوريا بشأن النظام السابق؟ وزير العدل يعلن
  • تحقيق: نظام الأسد نفذ عملية سرية لنقل آلاف الجثث من مقبرة جماعية
  • سانا: الرئيس السوري يصل روسيا في زيارة رسمية لـ بوتين
  • لماذا سيستمر الاضطراب العالمي الحالي؟
  • هل انتهى عصر الوصاية السورية في لبنان؟
  • وزير الخارجية الروسي: الأسد لم يكن على علم بحجم الانتهاكات داخل السجون السورية
  • الشرع يكشف عن الوسيلة لملاحقة ومحاكمة الأسد
  • الشرع: سنحاسب "الأسد" دون الدخول بصراع مكلف مع روسيا
  • من يقف وراء عمليات الاغتيال في إدلب شمالي سوريا؟
  • فصل رفعت الأسد وشعبان والجعفري من اتحاد كتاب سوريا