مأساة فاوست: بين المعرفة والطموح المفرط
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
يُعتبر كريستوفر مارلو (1593-1564)من أبرز كتّاب المسرح الموهوبين فى عصر الملكة إليزابيث الأولى. فقد أظهرت أعماله، مثل دكتور فاوست، مهارته الاستثنائية فى دمج الدراما والشعر والموضوعات الفلسفية العميقة. ومنذ بداية دراستى فى الادب الانجليزى وأنا أعتقد أنّ موهبته كان من الممكن أن تتفوق على موهبة وشهرة ويليام شكسبير، لو لم يُقْتَل بشكل مفاجئ فى مشاجرة عام 1593 عن عمر لا يتجاوز 29 عامًا.
تظل شخصية فاوست واحدة من أبرز الأساطير التى ألهمت الفكر الإنسانى عبر العصور، حيث تتجسد مأساة الإنسان فى سعيه الحثيث وراء المعرفة المطلقة والطموح اللامحدود. وكريستوفر مارلو لم يكن وحده الذى عالج هذه الاسطورة فقد تناولها كل من غوته فى مسرحيته الشعرية (عام 1808)، فاوست وكذلك توماس مان فى روايته دكتور فاوست (عام 1947)، التى تصوّر بطلها الموسيقار، وهو يعقد اتفاقًا مع الشيطان ليحصل على العبقرية الفنية.
كانت رؤية فاوست للمعرفة أداة للسلطة والخلود، اعتقادًا منه أن امتلاك هذه المعرفة سيمنحه القدرة على التحكم فى الحياة وتحقيق الخلود. لكنّه فى غمرة طموحه، فقد البوصلة الأخلاقية، فباع روحه فى صفقة غير قابلة للإلغاء. كما يوضّح مارلو، فإن السعى وراء القوة هو فخٌ يخدع صاحبه دون أن يدرك العواقب الكارثية التى قد تترتب عليه.
يعبّر فاوست عن تعطش مفرط لامتلاك المعرفة والسيطرة بقوله: « لَو كانت لى أرواحٌ بعدد النجوم فى السماء، لما ترددت فى أن أهبها جميعها لميفوستوفيليس (الشيطان). به سأصبح إمبراطورًا عظيمًا للعالم، وأبنى جسرًا فى الهواء المتحرك لعبور المحيط مع كوكبة من الرجال؛ سأوحّد الجبال التى تفصل الشواطئ الأفريقية، وأجعل تلك الأرض قارة تتصل بإسبانيا، لتكونا معًا ثروتى الملكية...»
تطرح المسرحية تساؤلات هامة عن العلاقة بين المعرفة والأخلاق. ففى سعيه الحثيث وراء «الحقول الكاملة» للمعرفة، لم يتساءل فاوست عن الثمن الذى سيُدفع مقابل ذلك. ورغم نبل سعيه لفهم العالم، أغفل الأسئلة الأعمق المتعلقة بالأخلاق وقيمة الروح.
فى نهاية المسرحية يصرخ فاوست: «إلهي، إلهي! لا تنظر إليّ بتلك النظرة القاسية! أيتها الأفاعى والثعابين، دعونى أتنفس قليلًا! يا جهنم القبيحة، لا تفتحى فمك!»
تُجسد هذه الصرخات اليائسة لفاوست فى نهاية المسرحية التحوّل الكامل فى شخصيته. هنا، يحاول العودة إلى حياة البراءة ويتوسل لله، بعد فوات الاوان، أن يغفر له ذنبه العظيم.
مأساة فاوست تقدم درسًا تحذيريًا غاية فى الأهمية: تظل الروح، ذلك الوميض الوحيد فى عتمة الوجود، أغلى ما يملك الإنسان، ولا يجب بأى حال أن تُباع أو تُستبدل مهما توافرت المغريات وعَظُمَت المكاسب.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
أحلام الطفولة غرقت في النيل .. تفاصيل مأساة طفل الصف
تحولت لحظات اللعب البريئة إلى كارثة مأساوية في الصف جنوب الجيزة، بعدما ابتلع نهر النيل طفلاً لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، وسط صرخات عائلته ومحاولاتهم لإنقاذه.
وعلى مدار 24 ساعة، بحثت قوات الإنقاذ بين التيارات والمياه العميقة حتى عثرت على جثمانه، في مشهد خيم عليه الحزن والأسى، ونجحت الضفادع البشرية وقوات الإنقاذ النهري بالجيزة في انتشال جثة طفل بمدينة الصف جنوب محافظة الجيزة.
غرفة النجدة بمديرية أمن الجيزة، كشفت عن تلك التفاصيل بعد ما تعرض طفل للغرق في نهر النيل بالصف، حيث انتقلت قوة أمنية لمكان البلاغ، وتبين من خلال الفحص والتحريات، أن طفلا يبلغ من العمر ما يقرب من 12 سنة، تم تحديد هويته، تعرض للغرق لعدم إجادته السباحة.
وتمت الاستعانة برجال الإنقاذ النهري لانتشال جثة الطفل، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لتتولى النيابة المختصة التحقيق.
مرت حوالي 24 ساعة على عمليات البحث حتى نجحت قوات الإنقاذ النهري في العثور على جثمان الطفل وانتشاله من نهر النيل.
تم إيداع الجثمان ثلاجة الموتى بالمستشفى لحين تسليمه لذويه.