المهارات الناعمة ومستقبل التعليم والعمل في القرن الـ11
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
د. خلود بنت أحمد بن عامر العبيدانية **
في العدد السابع- المجلد السادس 2024- من مجلة "مستقبليات تربوية" التي تصدر من المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج؛ ناقش العدد موضوعاً مهماً عن "المهارات الناعمة ومستقبل التعليم والعمل في القرن الحادي والعشرين"، في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم المعاصر على صعيد التطور التكنولوجي، والتغييرات الاجتماعية، وأثرها على الجانب النفسي وفي هذا المقال سنسلط الضوء على أهمية المهارات الناعمة في الحياة العملية والتعليمية.
وفي عالم يتسم بالتغير السريع والتطور التكنولوجي المستمر، أصبحت المهارات الناعمة ضرورة لا غنى عنها للنجاح في جوانب الحياة العامة. تعرف المهارات الناعمة على أنها مجموعة من القدرات الشخصية والاجتماعية التي تمكن الفرد من التفاعل بفعالية مع الآخرين والعمل بكفاءة في بيئات مختلفة. تختلف هذه المهارات عن المهارات الصلبة التي تتعلق بالمعرفة التقنية أو التخصصية. تعتبر المهارات الناعمة أساسية للنجاح في الحياة العملية والتعليمية لأنها تساعد في بناء علاقات إيجابية، حل المشكلات، واتخاذ القرارات بشكل فعال.
تشتمل المهارات الناعمة على مجموعة متنوعة من القدرات التي تساعد الأفراد على التفاعل بفعالية مع الآخرين والعمل بكفاءة. من بين هذه المهارات، نجد التواصل الفعَّال الذي يمكن الأفراد من التعبير عن أفكارهم بوضوح والاستماع للآخرين، والعمل الجماعي الذي يعزز التعاون لتحقيق أهداف مشتركة. والتفكير النقدي الذي يُساعد في تحليل المعلومات واتخاذ قرارات مستنيرة، بينما القدرة على التكيف تتيح للفرد المرونة في مُواجهة التغيرات. أما مهارة حل المشكلات فتتطلب التفكير الإبداعي لتطوير حلول فعالة، ومهارة القيادة تشمل توجيه وتحفيز الآخرين لاستمرار في العمل، كما يساعد الذكاء العاطفي في فهم وإدارة العواطف. بينما التفاوض والإقناع مهارات مهمة للتأثير على الآخرين، وإدارة النزاعات تضمن التعامل البناء مع الخلافات. هذه المهارات الناعمة المجتمعة تساهم في النجاح الشخصي والمهني. ومع التطور السريع في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبحت المهارات الناعمة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
تطوير المهارات الناعمة لا يقتصر فقط على تحسين الأداء الأكاديمي والمهني، بل يمتد أيضًا ليشمل الجانب النفسي للأفراد. حيث تعزيز المهارات الناعمة مثل التواصل الفعال والقدرة على التكيف يمكن أن يسهم في بناء ثقة الأفراد بأنفسهم وزيادة شعورهم بالانتماء والرضا. كما أن القدرة على حل المشكلات والتفكير النقدي يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق من خلال تمكين الأفراد من التعامل مع التحديات بفعالية أكبر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير دعم نفسي من خلال تطبيقات الصحة النفسية التي تقدم إرشادات ونصائح لتحسين الرفاهية النفسية.
أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال الحياة العملية والتعليمية من خلال تقديم أدوات وتقنيات جديدة تسهم في تحسين تجربة التعامل والتعلم. يمكن للذكاء الاصطناعي توفير تجارب تعلم مخصصة تلبي احتياجات كل فرد على حدة، مما يساعد في تطوير المهارات الناعمة بشكل أكثر فعالية. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم تغذية راجعة فورية حول أداء الفرد في التعليم، مما يساعدهم على تحسين مهاراتهم بشكل مستمر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تسهيل عملية التقييم من خلال أدوات التقييم الذكية التي تحدد نقاط القوة والضعف لدى الأفراد. بالتالي، يمكن القول إن التطور في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يعزز من أهمية المهارات الناعمة ويجعلها أكثر تعقيدًا وتنوعًا، مما يتطلب من الأفراد تطوير هذه المهارات باستمرار لمواكبة التغيرات السريعة في العالم المعاصر.
الآثار المتوقعة مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأداء الأكاديمي والمهني، من المتوقع أن يكون لهذا التطور تأثير كبير على سوق العمل. سيصبح الأفراد الذين يمتلكون مهارات ناعمة قوية وقدرة على التكيف مع التغيرات التكنولوجية أكثر تنافسية في سوق العمل. ستزداد الحاجة إلى الأفراد الذين يمكنهم العمل بفعالية في فرق متعددة التخصصات والتواصل بفعالية مع الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، ستزداد فرص العمل في المجالات التي تتطلب مهارات ناعمة متقدمة، مثل القيادة، وإدارة المشاريع، والتسويق.
في الختام.. يمكن القول إن تطوير المهارات الناعمة في التعليم والعمل يعد استثمارًا حيويًا لمستقبل الأفراد وسوق العمل. لذا خلصت الأبحاث العلمية بشكل عام، إلى أن الأفراد الذين يمتلكون كلا من المهارات الصلبة والناعمة هم الأكثر نجاحاً في الحياة ومجالات العمل المتنوعة. كما تشير الأبحاث إلى أن للذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في تعزيز هذه المهارات من خلال تقديم تجارب تعليمية مخصصة وتفاعلية. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والعمل، يمكن للمؤسسات إعداد الأفراد بشكل أفضل لمواجهة تحديات المستقبل وتحقيق النجاح في حياتهم المهنية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم تطوير المهارات الناعمة في تحسين الصحة النفسية للأفراد، مما يعزز من رفاهيتهم العامة. لذا، يجب على الجامعات والمؤسسات التعليمية والشركات العمل على تبني هذه التقنيات وتطوير مناهج وبرامج تركز على المهارات الناعمة لضمان مستقبل مشرق للأفراد والمجتمعات.
** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، عضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی بالإضافة إلى ذلک التعلیم والعمل هذه المهارات من خلال
إقرأ أيضاً:
تصريح صحفي صادر عن “بيت العمال”بمناسبة اليوم العالمي للشباب
#سواليف
تصريح صحفي صادر عن المركز الأردني لحقوق العمل ” #بيت_العمال “
بمناسبة #اليوم_العالمي_للشباب الذي يصادف اليوم
تشير أحدث البيانات إلى أن معدل البطالة بين الشباب الأردني (15–24 سنة) بلغ حوالي 46% في عام 2024، أي ما يقارب ضعف المعدل العام للبطالة البالغ 21.4%. ويقدر عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل بحوالي 130 ألف شاب وشابة سنويا معظمهم من حديثي التخرج في ظل محدودية فرص العمل المنتجة والمستدامة.
مقالات ذات صلةكما أن البطالة طويلة الأمد (التي تزيد على 12 شهرا) تشكل ما يقارب نصف إجمالي المتعطلين وهي في معظمها بين فئة الشباب، فيما يمثل من لم يسبق لهم العمل نهائيا النسبة الأكبر من المتعطلين.
وتكشف تقارير “بيت العمال” أن جزءا كبيرا من هذه الأزمة يعود إلى غياب برامج وطنية فاعلة للإرشاد والتوجيه المهني، وضعف برامج الانتقال من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل، إضافة إلى فجوة المهارات التي يفتقدها كثير من الشباب حيث لا تكفي الشهادة الجامعية وحدها للاندماج في سوق العمل في ظل غياب التدريب العملي واكتساب المهارات التقنية واللغوية والرقمية المطلوبة.
كما أن أكثر من نصف الشباب العاملين ينخرطون في القطاع غير المنظم دون حماية اجتماعية أو ضمانات للعمل اللائق ما يفاقم من هشاشة أوضاعهم ويزيد من مخاطر البطالة المقنعة، ويؤدي ثبات الحد الأدنى للأجور عند 290 دينارا لمدة ثلاث سنوات قادمة وعدم مواكبته لارتفاع تكاليف المعيشة إلى تضييق فرص الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للشباب.
ويؤكد المركز الأردني لحقوق العمل “بيت العمال” على ضرورة تبني خطة وطنية شاملة لتشغيل الشباب تقوم على مواءمة التعليم والتدريب مع احتياجات سوق العمل وربط مخرجاتهما بفرص عمل حقيقية، وإنشاء برامج فعالة للانتقال من التعليم إلى العمل مع توفير الإرشاد والتوجيه المهني منذ المراحل الدراسية المبكرة، وتطوير برامج تدريبية عملية لتنمية المهارات المطلوبة في القطاعات الواعدة مع تحفيز النمو الاقتصادي المنتج، وإدماج العمالة الشابة في سوق العمل المنظم وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية.