هل أصبحت الحرب العالمية الثالثة على الأبواب؟ ضيفا القاسم يجيبان
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
وتساءل مقدم البرنامج فيصل القاسم عما إذا كانت هذه التهديدات النووية تعكس واقعا خطيرا يوشك أن يتحقق، خاصة مع تعديل موسكو لعقيدتها النووية مؤخرا، أم أن هذه التصريحات لا تتعدى كونها وسائل ضغط إعلامي وسياسي، كما ناقش القاسم دور الغرب في تعزيز المواجهة مع روسيا، خاصة بعد السماح الأميركي لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى.
وأشار القاسم إلى تجاهل البعض لتحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتهامه الغرب بخوض حرب شاملة ضد بلاده، مستفسرا عن تداعيات هذا الاستخفاف على الأمن العالمي، لا سيما بعد التعديلات الأخيرة في العقيدة النووية الروسية التي فتحت المجال لاحتمالات غير مسبوقة.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور محمد فرج الله، رئيس تحرير وكالة أنباء أوكرانيا بالعربية، أن التهديدات النووية الروسية ليست جديدة، لكنها تعكس قلقا متزايدا في الكرملين، مضيفا أن روسيا استخدمت سياسة "الترهيب" منذ بداية الحرب لإبعاد الغرب عن دعم أوكرانيا، لكنها فشلت في تحقيق ذلك.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تقرير في إندبندنت: خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة جدي وحقيقيlist 2 of 4ميدفيديف محذرا: صاروخ أوريشنيك يمكنه إلحاق أضرار بالغرب في دقائقlist 3 of 4"أوريشنيك" يستنفر أوكرانيا وينذر بإشعال حرب عالميةlist 4 of 4هل يقع قرار نهاية العالم في يد الذكاء الاصطناعي قريبا؟end of list
تهديدات غير جادة
وأشار فرج الله إلى أن الغرب لم يأخذ التهديدات الروسية بجدية، مستشهدا بمواقف دول مثل الصين والهند التي انتقدت تصريحات بوتين النووية ووصفها بأنها غير مسؤولة، كما يرى أن روسيا، رغم تهديداتها، لا تجرؤ على استخدام السلاح النووي، مستشهدا بتصريحات غربية تفيد بأن أي محاولة كهذه ستؤدي إلى عواقب كارثية على روسيا نفسها.
وأوضح فرج الله أن تعديل العقيدة النووية الروسية جاء نتيجة الضغوط الكبيرة التي تواجهها موسكو، خاصة بعد تسليم أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى من الغرب، مضيفا أن بوتين يحاول رفع سقف التهديدات للحفاظ على ماء وجهه، لكنه يعلم أن استخدام السلاح النووي سيؤدي إلى تدمير روسيا بالكامل.
وردا على سؤال عن الاستخفاف بالتصريحات الروسية، قال فرج الله إن موسكو لا تزال تخشى رد الفعل الأميركي والغربي، مشيرا إلى أن روسيا أبلغت البنتاغون مسبقا بأن أحد صواريخها الباليستية التي أطلقتها لا يحمل رؤوسا نووية، في محاولة لطمأنة الغرب.
وأضاف أن قرار استخدام السلاح النووي ليس بيد بوتين وحده، بل يتطلب موافقة جنرالات ومسؤولين عسكريين، وهو ما يجعل تنفيذ هذا القرار صعبا، وأكد أن الجيش الأميركي وحلفاءه يراقبون روسيا عن كثب، ولن يسمحوا بأي تحرك نووي دون رد ساحق.
وأشار فرج الله إلى أن الغرب يدرك نقاط ضعف روسيا، ولهذا يمنح أوكرانيا الدعم العسكري اللازم لإضعافها. واختتم بالقول إن التهديدات الروسية ليست سوى محاولة لتعويض إخفاقاتها العسكرية والسياسية في الحرب.
تصعيد عالمي
في المقابل، يرى الباحث السياسي حازم عياد أن التهديدات الروسية يجب أن تؤخذ على محمل الجد، مشيرا إلى أن التوترات الحالية قد تؤدي إلى تصعيد عالمي إذا لم يتم احتواؤها، وأضاف أن الغرب يجب أن يكون حذرا في تصعيد الدعم العسكري لأوكرانيا، لأنه قد يدفع بوتين إلى اتخاذ قرارات أكثر خطورة.
ويؤكد عياد في هذا السياق أن بوتين لا يعاني من حالة رعب كما يُروج، بل يعتمد على إستراتيجيات هجومية ودفاعية تعكس ثقته بقدرات بلاده العسكرية، مشيرا إلى أن الحرب على أوكرانيا وسابقا جورجيا والقرم، إضافة إلى نشر غواصات نووية في المحيط الأطلسي وتحريك أسلحة متطورة مثل صواريخ "أوريشنيك"، تؤكد أن روسيا تتصرف من موقع قوة.
وأوضح عياد أن هذه الصواريخ تتميز بتعدد رؤوسها واستخداماتها، وقدراتها التي تتجاوز معاهدات الأسلحة النووية بين روسيا وأميركا، مثل "ستارت 1″ و"ستارت 2" و"سولت 2″، التي كانت تهدف لتقليص عدد الرؤوس النووية، مضيفا أن بوتين لم يكتف بتجاوز هذه الاتفاقيات، بل استعرض قدرات جديدة تتضمن صواريخ أسرع من الصوت بقدرة تصل إلى حمل 6 رؤوس نووية.
وتابع عياد أن هذه التطورات تظهر أن بوتين يتحرك دفاعا عن النفس، خاصة في ظل توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ عام 1997، الذي شمل دول البلطيق مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وصولا إلى محاولات ضم أوكرانيا وجورجيا، مما جعل روسيا محاصرة عمليًا.
وأكد عياد أن تعديل بوتين للعقيدة النووية جاء في سياق تصاعدي للدفاع عن المصالح الروسية، خاصة بعد سماح أميركا باستخدام أسلحة طويلة المدى تطال العمق الروسي، لافتا إلى أن اتفاقية بودابست لعام 1994 نفسها تمنح روسيا حق الرد النووي إذا تعرضت لهجوم تقليدي من دولة حليفة لقوة نووية، مما يبرر التهديدات الروسية في مواجهة التصعيد الغربي.
27/11/2024المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التهدیدات الروسیة فرج الله أن روسیا أن بوتین عیاد أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرًا أعده أدريان بلومفيلد، قال فيه إن الأشقاء المؤثرين في حكم الإمارات يواجهون معوقات في جلب التكنولوجيا المتقدمة من الغرب بسبب المذبحة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع السودانية بمدينة الفاشر الشهر الماضي.
وقالت الصحيفة إن الأشقاء المؤثرين في حكم الإمارات لديهم مليارات الدولارات في ثروة العائلة ويسيطرون على صندوق سيادي بتريليون دولار، وهو ما يجعلهم من أثرى الأخوة في العالم، وساهموا معا في تحويل دولة الإمارات العربية المتحدة من اتحاد قبلي هامشي قبل استقلالها عن بريطانيا عام 1971 إلى دولة نفطية قوية وحليف غربي مهم.
وبرزت الإمارات، خلال العقدين الماضيين كمركز استراتيجي للاستثمار والتمويل والطاقة، وشريك رئيسي في استراتيجية واشنطن الأمنية الإقليمية. وقد تصدت لإيران، ودعمت التطبيع مع إسرائيل، وتستضيف عددا من السفن الحربية الأمريكية يفوق أي ميناء خارج الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تتعرض العلاقة الحيوية لكل من بريطانيا والولايات المتحدة مع الإمارات لضغوط بعد مزاعم متكررة، نفتها أبوظبي بشدة، بأنها تزيد من فتيل الحرب الأهلية في السودان عبر دعمها فصيلا متهما بارتكاب فظائع واسعة. وعليه، فقد كشفت الحرب في السودان عن توتر في صميم السياسة الخارجية الإماراتية: فالدولة التي تفخر بالاستقرار والتحديث تتهم بترسيخ الفوضى في الخارج.
وقال دبلوماسيون إن الجدل يهدد بتعقيد العلاقات مع الغرب في الوقت الذي يوسع فيه الإخوة الثلاثة من آل نهيان، الأقوى نفوذًا، إمبراطورية تجارية طموحة في جميع أنحاء أفريقيا في سعيهم لبسط النفوذ الإماراتي خارج الشرق الأوسط، وينظر إلى الإخوة على أنهم لا غنى عنهم للمصالح السياسية والاقتصادية الغربية، وهم يتحركون بسهولة في أروقة القوة الأمريكية.
ويعد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حاكم أبو ظبي الذي تدرب في ساند هيرست ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، من بين أكثر الأصوات الأجنبية نفوذًا في واشنطن. فهو مقرب من دونالد ترامب، الذي وصفه بأنه "رجل رائع"، ويتنقل بين زيارات البيت الأبيض ورحلاته السرية إلى عالم ديزني مع أحفاده.
كما ويعمل شقيقه رئيس جهاز المخابرات، الشيخ طحنون، مع مارك زوكربيرغ، ويختلط بنخبة وادي السيليكون، وقد بِنَى لنفسه مكانة في ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية، أما شقيقهما الأصغر، الشيخ منصور، وهو فارس ماهر، فيمتلك يختا بحجم مدمرة بحرية، ويشرف على إمبراطورية رياضية مترامية الأطراف، يقع نادي مانشستر سيتي في قلبها، واستطاع الأخوة الثلاث بفضل فطتنهم وتآلفهم تعزيز قيمة الإمارات لدى الغرب وتوسيع النفوذ العالمي لدولة كانت، في الذاكرة الحية، تعتمد بشكل أساسي على رعي الإبل وصيد اللؤلؤ.
لكن الكارثة في السودان، التي تحولت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، أثارت قلقا واسعًا، رغم أن قلة من المسؤولين الغربيين مستعدون لمواجهة أبوظبي علنا، ومع ظهور تفاصيل جديدة عن المجزرة التي وقعت في مدينة الفاشر السودانية الشهر الماضي، كانت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر في البحرين تدعو إلى لقاء في حوار المنامة التابع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو القمة الأمنية السنوية الرئيسية في الشرق الأوسط، للرد على الوضع "المروع حقا" في السودان. وقالت: "كما توحدنا لدعم مبادرة الرئيس ترامب للسلام في غزة، نحتاج إلى جهد دولي جديد لإنهاء الحرب في السودان". ومع ذلك، تجنبت هي ونظراؤها الغربيون والعرب إلى حد كبير التطرق مباشرةً إلى الدور المزعوم للإمارات في الصراع.
وألحقت الحرب الأهلية في السودان التي اندلعت في نيسان/أبريل دمارًا لا مثيل له لم ير في أي مكان آخر. وتشير التقديرات الأمريكية إلى مقتل أكثر من 400,000 شخصا، ونزوح ملايين آخرين إلى مخيمات تنتشر فيها المجاعات، وقد انخرطت عدة دول في دعم الأطراف المتنازعة، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة، التي تنفي تزويد قوات الدعم السريع بالسلاح.
وقد اشتدت حدة التدقيق بدورها في أواخر تشرين الأول/أكتوبر عندما استولت قوات الدعم السريع على الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، بعد حصار قاسٍ دام 18 شهرا. ووصف الناجون مقاتلين دخلوا "كجيش من العصور الوسطى"، واغتصبوا ونهبوا ورموا الجثث في الشوارع. يقول مسؤولون غربيون إن الإمارات العربية المتحدة زودت قوات الدعم السريع بطائرات مسيرة ومدافع هاوتزر وقذائف هاون، وكثفت عمليات التسليم بعد إجبار المليشيا على مغادرة الخرطوم، عاصمة السودان، في آذار/مارس.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي قوله: "نرفض رفضا قاطعا أي مزاعم بتقديم أي شكل من أشكال الدعم لأي من الطرفين المتحاربين منذ بداية الحرب الأهلية، وندين الفظائع التي ارتكبها الطرفان"، وتعلق الصحيفة أنه سواء لعبت الإمارات العربية المتحدة دورا في حرب السودان أم لا، فإنها تشغل مكانة محورية في حملة استثنائية تهدف إلى فرض قوتها وتأمين نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.
ولفتت الصحيفة الانتباه إلى نشاطات الإمارات في أفريقيا حيث تستحوذ الشركات الإماراتية على الأراضي الزراعية والمناجم والموانئ من المغرب إلى مدغشقر، ويشبه النقاد هذا التوسع بمشروع استعماري، بينما يرى المؤيدون أن الإمارات تضخ رؤوس أموال وتبني بنية تحتية وتساهم في تقليص الهيمنة المالية الصينية، وتتمحور هذه الاستراتيجية حول شركة أثار صعودها دهشة المحللين.
فقبل أقل من عقد كانت الشركة الدولية القابضة (أي أتش سي) شركة صغيرة تهتم بمزارع السمك ولديها 40 موظفًا، أما اليوم فهي ثاني أكبر شركة في الشرق الأوسط وتقدر قيمتها بحوالي 182 مليار دولارًا، ويعمل فيها 86,000 موظفًا ولديها 1,300 شركة تابعة وحصة في كل شيء بدءًا من مجموعة أداني الهندية ووصولًا إلى سبيس إكس التابعة لإيلون ماسك. حتى أنها تتطلع إلى فندقي آيفي وأنابيل في لندن سعيا منها لترسيخ مكانتها في قطاع الضيافة البريطاني.
إلا أن تأثيرها الأعظم واضح في أفريقيا، حيث استحوذت على أصول استراتيجية من مناجم النحاس والقصدير في زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في السودان ومصر، وتسارع توسع الشركة بعد تولي الشيخ طحنون مجلس إداراتها في عام 2020. ويرى ناشطون ودبلوماسيون إن الشركة تعمي الحدود بين سلطة الدولة وعمل الشركات، ويشبهها مسؤول غربي بـ "شركة الهند الشرقية"، وهي شركة تجارية متواضعة نمت لتصبح قوة شبه إمبريالية، وهو اتهام تنفيه الشركة.
وقال متحدث باسم الشركة: "الشركة الدولية القابضة شركة مدرجة في البورصة تعمل وفقا لمعايير الحوكمة والامتثال والكشف التي وضعها سوق أبوظبي للأوراق المالية والهيئات التنظيمية المعنية"، وبالنظر لحجم الأراضي الزراعية التي استحوذت عليها شركات إماراتية مثل الشركة الدولية القابضة والتي يتم تصدير جزء كبير من إنتاجها إلى الإمارات العربية المتحدة، يرى بعض النقاد الأفارقة أن هذا التوجه يمثل شكلا جديدًا من أشكال الهيمنة الخارجية.
وتأتي أشد الإنتقادات من السودان حيث تشير تقارير إلى أن الشركة الدولية القابضة، هي أكبر شركة أجنبية عاملة في القطاع الزراعي. وتسيطر بشكل مشترك على أراض زراعية تعادل مساحتها مساحة مقاطعة كامبريدج شاير تقريبا. وكان من المفترض شحن المنتجات إلى الإمارات العربية المتحدة عبر ميناء بنته الإمارات بموجب صفقة بلغت قيمتها 5 مليارات جنيها إسترلينيا، إلا أن كلا المشروعين لم يحرز أي تقدم بسبب الحرب.
ويقول كريستيان أولريشسن، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس في تكساس: "يتحدث الناس في أفريقيا، وبخاصة في السودان، عن الاستعمار الجديد لأن جهات خارجية تستحوذ على حصص ضخمة في قطاعات التعدين والطاقة والزراعة، وهي قطاعات تشارك فيها الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير". ويضيف: "تسيطر عائلة واحدة على هذه الشركات. إنها شركات استغلالية لأن فوائدها لا تعود بالنفع على المجتمع المحلي، بل تعود إلى المستثمر. وبهذا المعنى، فهي تشبه عملية استعمارية". وترفض الإمارات العربية المتحدة هذا الكلام، مؤكدة على أن هدفها هو دمج أفريقيا في الأسواق العالمية.
ويقول محمد بحرون، المدير العام لمعهد "بحوث" للدراسات، ومقره دبي، والذي يقدم الدعم السياسي للحكومة الإماراتية: "نسعى إلى ربط دول الجنوب العالمي بدول الشمال العالمي"، وتضيف الصحيفة أن بصمة الإمارات العربية المتحدة في القارة الأفريقية تثير الانتباه، وتمتلك الشركات الإماراتية الآن أراض زراعية في ما لا يقل عن اثنتي عشرة دولة أفريقية، وعددا من المصالح التعدينية في سبع دول أخرى، وسلسلة من الموانئ التي تنقل الصادرات إلى ميناء جبل علي الإماراتي، مما يعزز مكانتها كمركز لوجستي رئيسي. ومنذ عام 2019، خصصت الإمارات العربية المتحدة أكثر من 100 مليار جنيها إسترلينيا لمشاريع أفريقية، متجاوزة الصين كأكبر مستثمر في القارة.
وإذا كان الشيخ طحنون هو المهندس المالي لهذه الدفعة، فالشيخ منصور، يلعب دورا سياسيًا أكثر بكثير. ويتمتع مالك نادي مانشستر سيتي، بعلاقات وثيقة مع العديد من القادة الأفارقة، بمن فيهم اثنان من أبرز أمراء الحرب في المنطقة. وقبل أسابيع من اندلاع الحرب الأهلية في السودان، استضاف منصور محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع المعروف باسم حميدتي، للمرة الثانية خلال عامين.
ومنذ ذلك الحين، أصبح التفسير الرسمي، وهو اجتماع لمناقشة "العلاقات الثنائية الوثيقة بين بلدين شقيقين" محلا للتساؤل. وفي حزيران/ يونيو ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن مسؤولين لم تسهم، أن وكالات الاستخبارات الأمريكية توصلت، من خلال اعتراضات هاتفية، إلى أن دقلو كان على "خط اتصال مباشر" مع الشيخ محمد والشيخ منصور. وتعود علاقة الإمارات بدقلو إلى عام 2015، على الأقل، عندما أرسلت قوات الدعم السريع مقاتلين لدعم التدخل السعودي الإماراتي في اليمن، وفي العام نفسه، التقى منصور خليفة حفتر، أمير الحرب الليبي الذي يسيطر على شرق البلاد، في أول لقاء من ثلاثة لقاءات علنية. وقد اتهم محققو الأمم المتحدة الإمارات العربية المتحدة بتسليح قوات الجنرال حفتر وتمويل مرتزقة روس، وهي مزاعم ينفيها المسؤولون الإماراتيون
ويشير المحللون إلى عدة أسباب قد تدفع الإمارات العربية المتحدة إلى المخاطرة بسمعتها التي سعت جاهدة إلى بنائها، حيث يعد الذهب السوداني والأراضي الصالحة للزراعة والوصول إلى البحر الأحمر مصالح واضحة لدولة تولي الأولوية للأمن الغذائي وطرق التجارة. كما أن التدخل العسكري المزعوم في السودان وليبيا من شأنه أن يوسع النفوذ الإماراتي. وفي الوقت نفسه تتنافس الإمارات على النفوذ في القرن الأفريقي مع دول أخرى، حيث كل من المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وقطر الجيش السوداني. ويقول أحد المحللين الإقليميين: "السودان هو ملتقى العالمين العربي والأفريقي، وبالنسبة لقادة الخليج، يتمتع بثقل استراتيجي حقيقي"، "لذا، ترى صراعا حقيقيًا على السلطة هناك".
وتساءلت الصحيفة عن سبب صمت الغرب على الدور الإماراتي في السودان؟ فعلى الرغم من الادعاءات الواسعة، لا تزال الدول الغربية حذرة في توجيه انتقادات علنية للإمارات العربية المتحدة. وقد وجه وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أقوى انتقاد حتى الآن الشهر الماضي، محذرًا: "يجب اتخاذ إجراءات لوقف إمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة والدعم، نحن نعرف الجهات الفاعلة، يجب أن يتوقف هذا". ويتوقع قليلون ممارسة ضغوط أكثر مباشرة، فالأخوة آل نهيان على صلة وثيقة بأعلى مستويات السلطة السياسية والتجارية الأمريكية.
وقد التقى دونالد ترامب بهم جميعا وتناول معهم العشاء. أما الشيخ طحنون، الذي عاش سابقًا في جنوب كاليفورنيا، فقد نسج علاقات متينة مع عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، بما في ذلك إنفيديا ومايكروسوفت وأوبن إيه آي، وذلك في إطار سعي الإمارات لتصبح مركزا عالميًا للذكاء الاصطناعي، وبالنسبة لإدارة ترامب، لا تعد الإمارات حليفًا استراتيجيا فحسب، بل شريكًا أساسيًا في التقنيات التي تعيد تشكيل العالم. ولذا، فلا عجب، كما يرى النقاد، غياب الرغبة في كبح طموحاتها في أفريقيا.