العين على لبنان.. لكن لا تنسوا غزة
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
أنظار العالم اتجهت إلى لبنان والعدوان الإسرائيلي عليها، خاصة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فيها، وبدء انسحاب القوات الإسرائيلية، ثم إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الضربات الإسرائيلية.
ومن المؤسف أن تصبح جبهة غزة على حالها، فلا يوجد حديث جدي عن هدنة أو تهدئة وسط انشغال العالم بما يجري في لبنان، ووسط تساؤلات عمّا ينقص القطاع المنكوب لجذب انتباه العالم بجدية أكبر؟أهالي قطاع غزة يدفعون ثمن المعاناة المستمرة دون أن ينظر إليهم أحد؛ أصبحوا بلا طعام ولا وقود ولا مياه ولا كهرباء ولا إنترنت مع تواصل القصف العنيف كل ليلة.
ومع تحوّل أنظار العالم إلى جنوب لبنان، يخشى سكان غزة أن يصيروا في طي النسيان، فما الذي قد يحدث لمحنتهم بعد أكثر من عام من الحرب التي دمرت حياتهم وأفقدتهم الأهل والأبناء وشردتهم في مناطق الإيواء؟
والآن، يشعر سكان غزة بالرعب من تحول الاهتمام الدولي، والتخلي عنهم من قبل جميع الأطراف، وأن تصبح الظروف البائسة في غزة دائمة. فبعد تخلي حماس عنهم ووضعهم على فوهة بركان الحرب، يخاف أكثر من مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني من نسيانهم من قبل الدول الوسيطة في ملف المصالحة، خاصة مع تزايد العدوان الإسرائيلي تجاههم وتوحش هجمات الاحتلال ضدهم في مناطق الإيواء، وكذلك منعهم من كل مناحي الحياة وخاصة الأساسيات التي تعينهم على البقاء أحياء وسط كل هذا الدمار والخراب.
الوضع الحالي مأساوي بعد أن حل الشتاء وأكثر أهالي القطاع في العراء، وفي خيام غير آدمية تكشف أكثر مما تستر، إذ تم تدمير نحو 80 في المائة من البنية التحتية أو تضررها بشدة. الوضع الراهن يجعل الجميع، خاصة الأطفال وكبار السن، عرضة لأمراض الجهاز التنفسي وغيرها، وعدم قدرتهم على التعامل مع الأجواء الباردة التي باتت تسيطر على حالة الطقس في الأيام الماضية، ما يتطلب مزيدا من الاحتياجات الطبية والشخصية للأشخاص الذين يعيشون في هذه الظروف اللاإنسانية. والجميع يعلم عجز القطاع الطبي والمنظومة الصحية في القطاع.
وتشير الأرقام إلى أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة تسبب خلال 13 شهراً، بمقتل وجرح 150 ألف فلسطيني بينهم كذلك معاقون ومدفونون تحت الأنقاض، وأن 70 في المائة من القتلى نساء وأطفال. ويوجد أيضاً من بين القتلى 17 ألف طفل، 700 منهم لم يبلغوا عامهم الأول. كما تيتم عشرات الآلاف وبترت أطراف أعداد كبيرة من المدنيين.
ومع تركيز الاحتلال على التسوية مع لبنان وتفادي خطر اندلاع حرب شاملة مع حزب الله، لا يزال الأهالي ينتظرون حلا للتسوية في غزة، رغم تضاءل الآمال في التوصل إلى اتفاق مع فقدان الولايات المتحدة، الوسيط الرئيسي في المحادثات، قدرتها على التأثير على أقرب حلفائها، فلا تظهر رؤية واضحة لمستقبل غزة حتى الآن.
وإذا اعتبرنا أن سبب الانصراف عن غزة هو عدم انتباه حركة حماس لأهمية الوحدة ولملمة البيت الفلسطيني والانضواء تحت لواء منظمة التحرير حتى لا تبقى الحركة وحيدة تغرد خارج السرب في ظل مؤامرة تحاك ضد الشعب الفلسطيني، فقد سقطت رهانات حماس على حزب الله أو الحوثيين أو إيران، وبات الشعب الفلسطيني يعيش وحيدا في ظروف سيئة. فالمطلوب من حماس الآن هو المضي نحو تسليم الملف بأكمله إلى منظمة التحرير الفلسطينية. ما جرى في لبنان هو أن حزب الله سلم الملف بالكامل للدولة اللبنانية، وهو ما يجب على حماس فعله على جبهة غزة.
أرجوكم، لا تنسوا أهل غزة فهم يحتاجون إلى انتباه العالم، فالحرب الإسرائيلية والتضييق عليهم مازال مستمرا، في ظل مجاعة شديدة تفتك بهم وشح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود. ومع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع إلى الخلاء، ولم تظهر بعد أيّ مؤشرات على توقف الهجوم الإسرائيلي في غزة عليهم. والأخطر من كل ذلك ليس في كون التركيز الإعلامي قد انتقل إلى لبنان، ولكن في الحقيقة أنه لا يوجد من يتحدث عن صفقة أو عن وقف إطلاق نار، وهذا يمنح إسرائيل الحرية لاستكمال تنفيذ مخططاتها وعمليتها العسكرية في قطاع غزة وإبادة ما تبقى، فمن ينقذ هؤلاء الأهالي المحاصرين والمشردين منذ أكثر من عام؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله عام على حرب غزة
إقرأ أيضاً:
مهمة نتنياهو المستحيلة
في مجمل تطوُّرات الحرب على غزة، يمكن توصيف الوضع هناك بأنه معقد ويعتمد على العديد من المتغيرات، بما في ذلك ردود الفعل الخارجية.
فالحرب الإسرائيلية على غزة خاصةً بعد تنصل نتنياهو من التزاماته بالاتفاقات المبرمة بينه وبين حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ووساطة مصر وقطر، نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي وإعادة حملات القصف والقتل والتدمير الممنهج على عموم قطاع غزة ثم أوامره باجتياح أراضي القطاع وسط تساقط آلاف الجرحى، ليؤكد نتنياهو من جديد أن حربه على القطاع إنما هي حرب إبادة جماعية يتشكل منها الكثير من التجاوزات على حقوق الإنسان، نقول إن إعادة العمل العسكري العنيف من جديد حوّلت مساعي التفاوض من جديد لإنهاء هذه الحرب أو التوافق على هدنة طويلة الأمد، إلى مهمة صعبة ومعقدة ومكلفة جدًا، وضعت إسرائيل أمام تحديات تتجاوز المكاسب التي تتوقع إدارة الاحتلال تحقيقها.
النتائج الإستراتيجية التي يمكن حسابها عن استمرار إسرائيل في تجاهل كل المساعي الخاصة بإنهاء هذه الحرب على قطاع غزة والتي أفرزت، وما زالت، ضحايا بشرية من طرف المدنيين الغزيين العُزل تجاوزت الخمسين ألف ضحية مع دمار شامل في الإنشاءات حوّل القطاع إلى منطقة غير صالحة للسكن، لكن، ومع كل ما مارسته الآلة العسكرية الإسرائيلية من قتل وترويع فإن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها ؛ حيث كان ثمن حرب الإبادة هذه هو المزيد من الخسائر السياسية والأخلاقية لإسرائيل داخليًا وخارجيًا، قانونيًا وإنسانيًا، وللمرة الأولى منذ إنشاء الكيان المحتل، وخلال كل حروبها الماضية.
إعلانإن قراءة الواقع داخل دولة الاحتلال تفضي إلى تراجع كل مؤشرات المكاسب العسكرية التي ظن نتنياهو أنه حققها فعلًا على الأرض، وفي حسابات الاقتصاد، يرى خبراء اقتصاديون أن ما تواجهه إسرائيل اقتصاديًا من خسائر بسبب تورط الاحتلال في حرب مفتوحة النهايات يمثل تحوّلًا هيكليًا سلبيًا قد يصعب احتواؤُه دون حلول جذرية تبدأ بوقف الحرب، واستعادة الاستقرار، وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية، وبناء الثقة.
وسّعت حكومة نتنياهو يومًا بعد آخر الهوّة بينها الجمهور الإسرائيلي المدني والعسكري وبينها، وبدأ كبار السياسيين والقادة العسكريين في تبادل الاتهامات منذ بدايات هذه الحرب حتى مراحلها الحالية التي باتت ملامحها تظهر التمرد الجماعي لضباط وجنود في القوتين الجوية والبحرية، والقوة البرية المهمة في حسم الحروب.
وهي مشكلة حقيقية تتصاعد بسرعة يرافقها تعليقات لخبراء عسكريين في الخدمة وخارجها؛ بأنه إن لم يتم معالجة هذه الظاهرة بسرعة وحكمة، وهو ما لا يقوم به نتنياهو، فإن الروح القتالية وسير العمليات سيفضيان إلى تمردات كبيرة، خصوصًا في جيش الاحتياط الإسرائيلي الذي يبلغ تعداده 465 ألفًا، مقابل 169 ألفًا و500 من الجنود النظاميين في جميع التشكيلات.
الجبهة الداخلية في إسرائيل تأثرت جدًا باستمرار العمليات العسكرية في غزة، وكذلك ترك مصير العشرات من الرهائن الإسرائيليين لدى "حماس" للمجهول، وبسبب قلق أهالي الرهائن الكبير على حياة أبنائهم وتضامن أغلب الشعب الإسرائيلي معهم، ونتيجة لتجاهل نتنياهو وفريقه المتطرف مطالبَ الشعب، فإن حالة الاستياء والخروج بتظاهرات مستمرة منذ أكثر من سنة ونصف السنة، تطورت وما زالت لتضع المزيد من الضغوط على الحكومة والقيادة السياسية الإسرائيلية، بما يعنيه ذلك من انعكاسات على روح القتال في ساحة الحرب، وما يشكله من رسائل للعالم أجمع عن تجاهل الحكومة الإسرائيلية أرواح أبنائهم ومطالباتهم بوقف الحرب، وعودة الرهائن الأحياء منهم والأموات.
إعلانوهو ما يعزز من دعوات المعارضة الإسرائيلية للإطاحة برئيس الوزراء نتنياهو لفشله في الأمرين: إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن لذويهم.
في الطرف الآخر، حماس، حيث نجحت في أن تكون رقمًا مميزًا في قدرتها على إدارة الصراع والصمود بوجه واحد من أكبر وأحدث وأغنى جيوش العالم عدةً وعتادًا ودعمًا دوليًا، وخلال العمليات التي تم فيها تبادل الأسرى بالرهائن، كانت "القيادة والسيطرة" أبرز ملامحها، حيث ظنّ الجميع أنها ستظهر بشكل ضعيف ومهلهل أو حتى لا تظهر بسبب ما قامت به الآلة العسكرية الإسرائيلية طوال من سنة ونصف السنة، تقريبًا من عمليات إبادة جماعية، وما استخدمته من نظم هجومية أرضية جوية ضد كل شيء في القطاع.
لكن الظهور المهيب لمقاتلي حماس ودقة قيافتهم العسكرية وتسليحهم وتحشيد المدنيين من أهالي غزة لحضور هذه المناسبة، كل ذلك أرسل رسائل متعددة منها لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مفادها أن الخمسين ألفًا ممن قتلتهم بدمٍ بارد ووحشية من أجل القضاء عليهم ما زالوا بكامل قدراتهم وأن معنوياتهم أكبر بكثير مما كانت عليه قبل تاريخ السابع من أكتوبر/ الأول 2023.
كما أن إسرائيل بكل إمكاناتها التكنولوجية لم تستطع رصد وتحديد طريق نقل الرهائن من أماكن احتجازهم إلى مكان تسليمهم، كل ذلك بالطبع أوقع تأثيره المركز على المعارضة الإسرائيلية، وأهالي المحتجزين لدى حماس.
إنّ أهم ما تتشبث به إدارة نتنياهو من أهداف لهذه الحرب، ليس القضاء على حماس، فهي حركة فكرية عقائدية تحررية لا يمكن مطلقًا أن تُنهى في حرب، كما هو حال كل حركات التحرر في العالم، وليس نزع سلاحهم أيضًا، لأن ما ينزع اليوم يعوّض بعد حين، بل يكمن هدف نتنياهو وفريقه المتطرف بإجبار شعب غزة على إخلاء القطاع "كرهًا" باستخدام القوة المميتة والمدمِرة ومنع أي نقطة ضوء يمكن أن تزيد من قدرة هذا الشعب على المطاولة والصبر، ثم محاولة إيجاد جيوب من داخل القطاع لإظهار رفضها سياسات "حماس" وإرسال رسائل داخلية وخارجية بأن الشعب هناك لا يريد بقاء "حماس" وأنه يريد "الحياة".
إعلانلكن إسرائيل فشلت في الحالين؛ فالشعب ينزح داخل غزة كل يوم مرات ومرات، مؤكدًا في كل خطوة يخطوها أنه متمسك بأرضه، متمسك بغزة، فيما باتت المحاولات الهزيلة لإظهار بعض الغزيين، وهم يحملون شعارات أعدت بطريقة مرتبة تظهر معارضتهم لحماس، مجرد صورة فاقدة لمعناها، سرعان ما اختفت من شاشات الفضائيات.
إن المؤشر الأبرز في مخرجات الحرب على غزة هو أن غزة لن تخسر شعبها، وأن الرهان على تهجيرهم سيفشل، فيما تشير المؤشرات في الطرف الآخر إلى أن حكومة نتنياهو سترضخ للقبول بوقف الحرب على القطاع.
وهو ما سيفتح أمام نتنياهو بوابات طريق مذل وطويل، أوله سقوط حكومته ونهايته العزلة التامة، وخلالهما محاكمات المؤكد منها إدانات بسبب "الفساد" والتي سيضاف لها المزيد من الفضائح المتعلقة بجرائم الحرب الخاصة بخسائر الجيش الإسرائيلي غير المبررة، وأيضًا الإبادة الجماعية التي جعلها عنوانًا دائمًا لإسرائيل في الحكمة الجنائية الدولية، وكل دول العالم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline