حول مدونة متحف تراث السودان الحيّ
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
إن هذه المدونة ليست مجرد منصة رقمية تتسع للتوثيق، بل هي عمل فكري جريء يستلهم جوهر التراث بوصفه كيانًا حيًا لا يقبع في أقبية الماضي، بل يتحرك في فضاءات الحاضر ويتجدد مع نبض الحياة. إنها تأمل عميق في قدرة الإنسان على صنع ذاكرة متجاوزة للحدود، ذاكرة تتحدى حتمية المكان وتنفتح على الزمن بوصفه تجربة دائمة التشكل.
فالمدونة تحمل في بنيتها فلسفة ثرية، تُعيد قراءة التراث لا كأثر ساكن، بل كحالة مستمرة من الإنتاج والتفاعل.
إن تناولها للقصص والمفاهيم باعتبارها موضوعات متحفية يُجسد رؤية فريدة، حيث يتحول التراث من مادة للاستعراض إلى حوار مفتوح بين المعرفة التقليدية والتأملات المعاصرة. هنا، يصبح التراث مرآة للإنسانية، ليس فقط في تنوعها، بل في قدرتها على إعادة صياغة ذاتها في ضوء الحاضر.
وما يضفي على هذه المدونة عمقها الفكري أنها لا تتعامل مع المجتمعات كمواضيع للدراسة، بل كمنتجين للمعرفة، كحملة لأسرار الزمان وخيوط الهوية. إنها تعيد صياغة العلاقة بين القارئ والتراث، حيث لا يعود هذا الأخير مجرد سرد للأحداث أو الممارسات، بل خطابًا حيًا يفتح نوافذ للتساؤل والنقد وإعادة النظر.
وفي ظل غياب المتحف المادي بسبب الحرب، تقف هذه المدونة كرمز لانتصار الروح الثقافية على المحن، وكدليل على أن التراث ليس حكرًا على الجدران والأسقف، بل هو طاقة تتدفق في العقول والقلوب، وفي المساحات الرقمية التي تحمل وعدًا بذاكرة إنسانية متجددة.
هكذا، تصبح المدونة أكثر من مجرد سجل؛ إنها منصة للتفكير، ومسرح للتفاعل، ومختبر تتجلى فيه عبقرية الإنسان في تحويل موروثه إلى أفق لا ينضب.
zoolsaay@yahoo.com
إبراهيم برسي
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تركي متقاعد يعيد إحياء تراث عصر الخشخاش في أفيون قره حصار
في ولاية أفيون قره حصار، يواصل بيرم أوزدمير، رجل دين متقاعد يبلغ من العمر 78 عامًا، الحفاظ على أحد أقدم أساليب عصر بذور الخشخاش، مستخدمًا آلة حجرية قام بتطويرها بنفسه. هذه الطريقة التقليدية، التي توشك على الاندثار، تضمن الحفاظ على نكهة ورائحة الخشخاش الأصلية، مما يجعل المنتج أكثر تماسكًا ونكهة.
اقرأ أيضازلزال بقوة 4.5 درجة يضرب كوتاهيا
الثلاثاء 10 يونيو 2025طريقة فريدة للحفاظ على النكهة
داخل ورشته الصغيرة، يقوم أوزدمير بسحق بذور الخشخاش عبر فركها بين أسطح حجرية، وهو ما يميز منتجه عن الأنواع المعالجة بالآلات الحديثة. يقول إن هذه التقنية تضمن الحفاظ على القيمة الغذائية للخشخاش، وهو مكون أساسي في المطبخ التقليدي لولاية أفيون قره حصار.
منتج مطلوب في عدة مدن
يؤكد أوزدمير أن منتجه يحظى بقبول واسع، حيث لا يقتصر الطلب عليه في أفيون قره حصار فحسب، بل يمتد ليصل إلى مدن مثل أنقرة وإسطنبول وأنطاليا.
رحلة بدأت بعد التقاعد
بعد تقاعده عام 2000، انتقل أوزدمير من سانديقلي إلى وسط المدينة، حيث قام ببناء منزل من طابقين، وخصص الطابق الأرضي ليكون ورشةً لصناعة الخشخاش التقليدي. على مدار 12 عامًا، عمل على تطوير هذه الطريقة الفريدة، مؤكدًا أن سحق البذور بالحجارة يمنحها نكهةً أقوى مقارنةً بالطرق الأخرى.