الأرض كانت كرة من الثلج قبل 635 مليون سنة.. فهل تعود؟
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
لطالما اعتقدنا نحن البشر أن كل شيء ثابت، تشرق الشمس من نفس الموضع تقريبا كل يوم، وتتغير الفصول من الحرارة للبرودة بنمط متقارب، وعلى مدى كل عمرنا لا نلاحظ أي تغير تقريبا في مواضع نجوم السماء.
إلا أن أعمارنا قصيرة، ما الذي تعنيه 60 أو 80 سنة من عمر الأرض الذي يبلغ 4.5 مليار سنة؟ في الواقع، تشهد الأرض بشكل دوري تغيرات جذرية لا نعرف بها ولا نسمع عنها، وهي تؤثر في كل شيء بكوكبنا، بما في ذلك مناخه.
خذ مثلا ظاهرة المبادرة المحورية، وهي حركة دائرية متغيرة بطيئة للغاية للأرض حول محورها تشبه تلك التي تحدث حينما يلعب الأطفال بالنحلة الخشبية فتتأرجح حول محورها بينما تدور حول نفسها. الأرض تفعل ذلك، لكنها تكمل دورة واحدة من التأرجح كل حوالي 26 ألف سنة.
تتداخل تلك الدورة مع دورتين أكثر اتساعا للأرض، تتضمن الأولى تغيرا في ميلها (وتحصل على مدى 41 ألف سنة) وتتضمن الثانية انحرافا في مدار الأرض (وتحصل على مدى خلال 100 ألف سنة)، ويشكل ثلاثتهم “دورات ميلانكوفيتش”، نسبة إلى ميلوتين ميلانكوفيتش، الفيزيائي الصربي، والذي طوّرها عبر عمليات حسابية معقدة قبل مئة سنة تقريبا، وأثبتت الأرصاد الجيولوجية صحتها فيما بعد.
عصر جليدي
يعتقد العلماء أن هذه الدورات مرتبطة بدخول الأرض في عصور جليدية، فنحن الآن نمر بما يسمى “فترة بين جليدية”، لكن قبل أكثر من 12 ألف سنة فقط كانت الأرض في عصر جليدي.
ولفهم ما نقصده حينما نقول “عصر جليدي”، تخيل التالي: تمتد التكوينات الجليدية بسُمك ثلاثة إلى أربعة كيلومترات لتغطي نصف الكرة الأرضية الشمالي بداية من القطب نزولا إلى ما حدوده الآن نصف الولايات المتحدة الأميركية، إنجلترا، النرويج، ونصف روسيا، أما في الجنوب فقد غطت الثلوج القطب الجنوبي وصولا إلى ما حدوده الآن أطراف جنوب أفريقيا، وأجزاء من أستراليا وقارة أميركا الجنوبية.
وبين هذا بالأعلى وذلك بالأسفل انضربت الأرض بموجات متتالية قاسية البرودة، تشبه تلك التي رأيناها في شتاء الممالك السبعة من “صراع العروش”، أو في فيلم “بعد 28 أسبوع”، لكن بصورة أكثر تطرفا.
خلال تاريخها، واجهت الأرض عدة عصور جليدية انخفضت خلالها درجات الحرارة بشكل جذري، ويعتقد العلماء أن أكثر تلك العصور الجليدية لفتًا للانتباه حصل قبل حوالي 635 مليون سنة، بوصفه واحد من أقسى موجات البرودة في تاريخ الأرض، خلاله وصلت درجات الحرارة في بعض المناطق إلى أقل من مئة تحت الصفر، ووصل الأمر لدرجة أن الجليد غطى كل الكرة الأرضية من القطب الشمالي للقطب الجنوبي.
سميت تلك الظاهرة بـ “فرضية كرة الثلج الأرضية”، وهو اصطلاح صاغه عالم الجيولوجيا من معهد كالتك في الولايات المتحدة الأمريكية جوزيف كيرشفينك في الثمانينيات من القرن الماضي، ومع الوقت واجتماع الدلائل من علوم الأرض والمناخ، وجدت اهتمام غالبية العلماء.
ويعتقد الباحثون في هذا النطاق أن دخول الأرض في نوبة من الجليد بهذه القسوة كان ذا علاقة بانخفاض مستوى الغازات الدفيئة بالغلاف الجوي (مثل ثاني أكسيد الكربون) إلى حد تسبب في انخفاض درجات الحرارة بشكل جذري، الأمر الذي أدى تكون مساحات واسعة من الصفائح الجليدية، التي عكست ضوء الشمس ولم تمتصه كعادة الكوكب، ما تسبب في المزيد من انخفاض درجات الحرارة، وبالتبعية تكون المزيد من الجليد.
كرة بيضاء
ويتفق العلماء على أن تلك الفترة بالفعل شهدت تجمعا للجليد كان الأكبر في تاريخ الأرض، لكنها ربما لم تكن كرة كاملة، بل شبه كاملة، حيث إن بعضا من الأدلة التي جمعت في منطقة غابات شينونججيا الشرقية بمقاطعة هوبي الصينية تشير إلى أن الأرض لم تكن مجمدة تمامًا، بل كانت هناك بقع من المياه المفتوحة في بعض البحار الضحلة في خطوط العرض الوسطى.
إلى الآن، يعتقد العلماء أن موجة “الكرة الثلجية” لم تضرب الأرض مرة واحدة فقط، بل مرتين أو ثلاثة، ولا يوجد ما يمنع هذه الظاهرة من الحدوث مجددا خاصة وأنها تتعلق كذلك بتغيرات في مدار وميل كوكب الأرض لازالت تحدث إلى الآن. لكن على الرغم من ذلك، يعتقد الباحثون أنها على الأقل لن تحدث خلال عدة عشرات من الآلاف من الأعوام القادمة.
ولو قدر للأرض أن تدخل في طور كرة الثلج يومًا، لتسبب الأمر في كارثة لكنها لن تكون النهاية. في العصور الجليدية لا تنتهي الحياة، لكنها تنحصر في نطاقات محددة وتبذل جهدا أكبر بفارق كبير للحصول على الغذاء، ما يقلل من عدد الكائنات الحية، بحيث تتمكن أكثرها مثابرة من النجاة.
ماذا عن البشر؟
خلال حوالي 500 أو 600 ألف سنة سابقة عاش البشر خلال فترات جليدية، تخفوا في الكهوف بشكل أساسي للحصول على الحرارة، واعتمدوا في الأزمنة الجليدية إلى حد كبير على الصيد وجمع الثمار، وكانت حملاتهم للبحث عن الغذاء حذرة، سريعة الحركة، فمع المناخات القاسية جدا ينخفض توافر الطعام، فالجفاف شديد والبرد أشد، وبالتالي تكون الحيوانات المفترسة على أهبة الاستعداد بشكل دائم.
خلال تلك الفترة تطورت أدوات البشر وملابسهم لمواجهة ضربات البرد، فاستخدموا جلود الحيوانات وفرائها لحماية أنفسهم، وبالتالي كانت هناك حاجة لصنع أدوات أكثر تقدمًا، مثل الرماح ذات الرؤوس الحجرية والحراب القوية المرنة، لصيد الحيوانات الكبيرة في العصر الجليدي. رصد العلماء ذلك في رسوم الكهوف القديمة التي بينت صورت الحيوانات ومشاهد من الحياة اليومية للبشر الذين عاشوا في تلك السنوات البهيدة.
لكن فقط مع وصولنا إلى العصر الحالي، حيث تتميز الأرض بأجواء أدفأ، تمكن البشر من الخروج من كهوفهم، وتحركوا بحرية أكبر، ومن ثم بنو البيوت في العراء، والتي كانت أوسع وأكبر، واكتشفوا الزراعة، ونهلوا مما أتيح لهم من خيراتٍ هذا العصر الجديد بعد انقطاع دام لزمن طويل، وبدأوا في بناء الحضارة.
تلك العصور الجليدية ستعود مرة أخرى، ربما لا تكون بقوة كرة الثلج التي تعد فعلا حدثا استثنائيا، إلا أنها سوف تعود مع تغيرات دورات ميلانكوفيتش بعد عدة آلاف من السنوات ربما، في الواقع فإنه خلال 2 مليون سنة مضت شهدت الأرض عشرات العصور الجليدية بحسب العلماء في هذا النطاق، كان بينها فترات بين جليدية كالتي نعيشها الآن.
الجزيرة
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: درجات الحرارة کرة الثلج ألف سنة
إقرأ أيضاً:
خلال افتتاح مشاريع في درنة.. المستشار صالح: من يشكّك فليأت ليرَ ما تحقق على الأرض
ليبيا – أكد رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، خلال كلمته في افتتاح عدد من المشاريع التنموية بمدينة درنة، أن ما تحقق من إنجازات لم يكن ليتم لولا جهود المخلصين من العاملين والمهندسين في صندوق إعادة الإعمار، وبدعم وتعاون المواطنين.
جهود وطنية تقود إلى واقع جديد
وأشار صالح في مستهل كلمته إلى أن افتتاح المشاريع يؤكد أن الوطن يُبنى بعون الله وبسواعد أبنائه، مؤكدًا أن توافر الإرادة الصادقة والقدرة على تجاوز الصعوبات هو ما يقود إلى تحقيق النهضة والتغيير، مضيفًا:
“هذه الإنجازات هي ثمار لرؤية طموحة يشرف على تنفيذها صندوق تنمية وإعمار ليبيا بمشاركة أدوات تنفيذ ليبية وعربية وأجنبية”.
صندوق لكل الليبيين وليس لمدينة بعينها
وأوضح أن قرار تأسيس الصندوق لم يكن جهويًا أو مناطقيًا، بل تأسس لصالح جميع الليبيين، مشددًا على أن توافر الظروف المناسبة كفيل بوصول هذه المشاريع إلى كل مدينة وقرية، شرقًا وغربًا وجنوبًا، وأنه يسعى لتطوير مستوى الإدارة والاستفادة من الخبرات الدولية حيث لا تتوفر محليًا.
ميزانية مدروسة ورفض للعرقلة
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن تخصيص ميزانية لثلاث سنوات قادمة جاء لضمان استمرار تنفيذ المشاريع الجارية والجديدة، محذرًا من محاولات تعطيل عمل الصندوق بمبررات واهية، ومؤكدًا أن هذه العرقلة لا تخدم البلاد.
مقارنة صارخة بين حكومتين
وانتقد صالح أداء حكومة الوحدة الوطنية، واصفًا إياها بـ”المنتهية الولاية ومنزوعة الثقة”، قائلاً إنها لم تنجز مشاريع حقيقية رغم ما صُرف لها من أموال، مؤكدًا أن الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب وصندوق الإعمار أنجزوا ما يفوق ما صرفته الأولى، وأشار إلى ملفات فساد أفرغت تلك الحكومة من غالبية وزرائها.
درنة.. نموذج للمستقبل
وتحدث المستشار عقيلة عن إنجازات تمت في المؤسسات التعليمية، والصحية، والطرق، والموانئ، والكباري، والجامعات، والمصانع، والمشاريع الزراعية، مؤكدًا أن المدينة أصبحت نموذجًا لما تطمح إليه الدولة في بقية المناطق، مشددًا على رفض المزايدات السياسية ومناخ الإحباط، وداعيًا إلى دعم الشباب ومواصلة البناء.
افتتاح مشاريع متعددة في درنة
وقال رئيس مجلس النواب:
“نفتتح اليوم منتدى درنة الترفيهي والسياحي، وطريق الفتايح بمدخل المدينة الشرقي، كما تُستعاد المسارح الوطنية وتُفتتح مقرات للحفاظ على الذاكرة الوطنية، من ضمنها مكتب الملك إدريس السنوسي”.
وأضاف أنه تم افتتاح مركز للعلاج الطبيعي، ومركز للبحوث النفسية، ومقرات خدمية وأمنية، تسهم في حفظ الأمن ومكافحة الجريمة، مثنيًا على جهود القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في توفير المناخ الملائم لهذه الإنجازات.
رسالة للمشككين
وفي ختام كلمته، توجّه بالشكر لمدير عام صندوق الإعمار، مثنيًا على دور الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، وقال للمشككين:
“تعالوا إلى درنة لتروا بأعينكم هذه المنجزات، أما الذين يشتمون، فنقول لهم: ألف شتيمة لا تمزق قميصًا واحدًا”.