هجوم حلب.. تحول ميداني يخلط الأوراق في الصراع السوري
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
سيطر مسلحون على أجزاء واسعة من مدينة حلب شمالي سوريا، بعد أيام قليلة من هجوم مباغت ضد الجيش السوري، أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.
وتعتبر المعارك التي يشهدها ريف إدلب وحلب حالياً من "الأعنف" في المنطقة منذ سنوات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد هدوء طويل شهدته المنطقة.
كذلك، سيطر المسلحون على مطار حلب الدولي، وبلدات استراتيجية في محافظتي إدلب وحماة المجاورتين، بعد "انسحاب" القوات الحكومية السورية منها، وفق المصدر نفسه.
وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الأوضاع أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة منازلهم.
وفي عام 2015، وبمساعدة عسكرية من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، استعاد الجيش السوري السيطرة على مساحات واسعة من سوريا، بما في ذلك مدينة حلب كاملة في 2016، بعد حصار شديد وقصف مكثف.
ومع ذلك، بقيت أجزاء كبيرة من البلاد خارج قبضة الحكومة السورية، حيث سيطرت عليها فصائل مدعومة من تركيا.
وواصلت "هيئة تحرير الشام" (التي كانت تُعرف سابقاً بجبهة النصرة، قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي) وحلفاؤها، السيطرة على مناطق في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وعلى أطراف في محافظات حلب وحماة واللاذقية.
ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو، الداعمة لدمشق، وأنقرة، الداعمة للفصائل، وأعقب هجوماً واسعاً شنه الجيش السوري بدعم روسي على مدى 3 أشهر.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر تركية أمنية، قبل أيام، إن هجوم المسلحين الآن في ريف حلب وإدلب يستهدف العودة إلى حدود عام 2019.
لكن الاشتباكات الأخيرة ضربت بالاتفاق عرض الحائط، وتأتي لمحاولة فرض واقع جديد، في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، خاصة بعد الضربات التي تلقتها إيران وذراعها الأبرز في المنطقة "حزب الله"، كما يرى محللون، بالإضافة إلى أنها تأتي للضغط على سوريا من قبل تركيا للتفاوض، بعدما تجاهلت دمشق دعوات سابقة.
وقال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي، د. عامر السبايلة، لـ"24" إن "الاشتباكات الجارية يجري الإعداد لها منذ فترة"، مشيراً إلى أن ذلك يمكن رده إلى "فشل المصالحة بين سوريا وتركيا".
وبعد إغلاق الجبهة في لبنان، ذهب السبايلة في قراءته إلى أن "الجميع يرون الآن فرصة للتحرك على الأرض السورية.. يمكن أن يكون اليوم في حلب عبر هيئة تحرير الشام، ويمكن أن يكون في مناطق البوكمال عبر عشائر العقيدات، وتنظيم داعش الإرهابي في تدمر حتى الدروز".
وأشار إلى أن المنطقة "دخلت في مناخ صدامات، والبحث عن مكاسب"، مبينا أن "إسرائيل ترى الفرصة سانحة للقضاء على حزب الله خارج لبنان، والقضاء على الجغرافيا الرابطة بين إيران ولبنان، وتوجيه ضربات كبرى في مناطق مفتوحة في سوريا".
وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، عن دلالة توقيت الهجوم على الجيش السوري، مشيراً إلى أن تقدم الفصائل المسلحة يمثل "الأول منذ 2020".
وأضاف عبدالرحمن أن المعركة كانت معدة مسبقاً من قبل "هيئة تحرير الشام"، بدعم من جهة خارجية، لم يتم تحديدها بعد، معتبراً أن هذه الجهة قد تكون الولايات المتحدة، أو أي دولة أخرى، ربما أعطت الضوء الأخضر للهيئة للقيام بالهجوم.
وأوضح عبدالرحمن أنه قبل اندلاع المعركة، كان المسلحون يتلقون تدريبات على يد ضباط من دول أوروبا الشرقية، على كيفية استخدام الطائرات المسيّرة في العمليات العسكرية داخل المنطقة.
ووأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أخيراً أن أوكرانيا شرعت في تجنيد مسلحي تنظيم "هيئة تحرير الشام" لتنفيذ عمليات "قذرة جديدة".
وقالت تقارير أخرى إن المسلحين تلقوا تدريبات أوكرانية على استخدام الطائرات المسيرة، وهو ما اعتبره محللون محاولات من كييف للضغط على روسيا وحلفائها في الخارج.
ويقول المحلل السياسي عامر ملحم إن "أمر تدريب وتسليح الهيئة في إدلب من قبل تركيا أو الغرب ليس خفياً على أحد"، مشيراً إلى أن هذه الورقة يريد الغرب وإسرائيل استخدامها ضد إيران، وليس ضد الحكومة السورية على وجه الخصوص.
ويرى ملحم أن الفصائل المسلحة وجدت فرصة جيدة لتوجيه ضربة قوية لإيران و"حزب الله"، الذي يعاني بعد حرب مدمرة مع إسرائيل في لبنان.
وأوضح ملحم لـ"24" أن "الحرب في لبنان أثرت على حزب الله، كما أن ميليشيات إيران لا تستطيع التحرك في سوريا، بسبب الضربات الإسرائيلية، وهو ما أعطى المسلحين فرصة للتحرك".
وذكر أن المنطقة كانت تشهد نفوذاً إيرانياً كبيراً، مع وجود قاعدتين لها في منطقتي منطقتي نبل والزهراء، إضافة في جبل عزان بحلب".
وعن الدعم الروسي، يعتقد المحلل السياسي أن موسكو غير قادرة الآن على تقديم دعم مشابه لما قدمته عند تدخلها في عام 2015، بسبب انشغالها في حرب أوكرانيا.
وأشار إلى أن الموقف اليوم مختلف عما كان عليه الوضع سابقاً، نظراً لتطور العلاقات بين روسيا وتركيا، والتي توفر ملاذات تجارية لموسكو لتجنب العقوبات الغربية، وهو أمر قد يلقي بظلاله على التطورات في سوريا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله يوم الشهيد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية حلب سوريا تركيا سوريا تركيا روسيا حلب هیئة تحریر الشام الجیش السوری حزب الله فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي يعترف بفشل سياسته في سوريا ويبدي قلقا من النفوذ التركي
رغم حالة الإحباط التي تسود الأوساط السياسية داخل الاحتلال الإسرائيلي حيال صعوبة إعادة تطبيع العلاقات مع تركيا في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية على غزة، تبرز في المقابل دعوات في تل أبيب إلى ضرورة استثمار التطورات المتسارعة على الساحة السورية لتعزيز ما تصفه بـ"المصالح المشتركة" بين الطرفين، في محاولة لإحياء قنوات التواصل مع أنقرة.
وتأتي هذه الدعوات في سياق إدراك الاحتلال الإسرائيلي لما تحمله المرحلة المقبلة من تحولات إقليمية، قد تتيح إعادة صياغة الاصطفافات السياسية في المنطقة، خاصة في ضوء ما شهدته العلاقات التركية-الإسرائيلية من توترات وتقلّبات خلال السنوات الماضية، على خلفية الموقف التركي من القضية الفلسطينية، لا سيما في غزة.
حيث أكد السفير والدبلوماسي الإسرائيلي مايكل هراري أنه "منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، كثفت تركيا بشكل كبير سلوكها العدائي تجاه الدولة الإسرائيلية وانتقلت من الخطاب العدائي القاسي بشكل خاص إلى الإضرار الفعلي بالعلاقات الاقتصادية، حتى أضافت التطورات الأخيرة في سوريا تحدياً جديدا للعلاقات، حيث أدى الانهيار السريع لنظام الأسد لجلب رئيس جديد يتمتع بعلاقات وثيقة مع أنقرة، ترى فيه فرصة استراتيجية لبناء علاقة فريدة مع سوريا، خاصة في ضوء مصالحها الحيوية في الأقلية الكردية في الدول المجاورة".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "انهيار الأسد خلق واقعاً جديداً لإسرائيل فقد أدى ذلك لخروج إيران من سوريا، وإضعافها في المنطقة، وفي الوقت نفسه صعود زعيم يحمل أجندة جهادية، مع أنه منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، تراوح موقفه بين تناقضين: فمن جهة دعمت إسقاط الأسد، ومن جهة أخرى فضّلت "الشيطان المألوف"، واليوم فإنه مُطالب باتخاذ قرار، سواء إبقاء سوريا دولة فاشلة تفتقر لحكومة مركزية، أو إعطاء الفضل للحكومة الجديدة، رغم القلق المفهوم بشأن عقيدتها السياسية والدينية".
وأوضح أن "التطورات السورية كانت سريعة للغاية بالنسبة لإسرائيل فقد قرر اللاعبون الرئيسيون في المنطقة قبول النظام الجديد باعتباره متفوقاً على سابقه، وكانت تركيا، بطبيعة الحال، في المقدمة، وكذلك دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، كما انطلق الرئيس دونالد ترامب في قراره، وقرر رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا بشكل دراماتيكي، وكل ذلك يعني أن إسرائيل يواجه مرة أخرى واقعا جديدا، وهو واقع لم يكن له أي دور في تشكيله".
وأكد أن "الدولة العبرية فشلت في فهم نافذة الفرصة التي انفتحت أمامه في الشمال، وهنا ستجد صعوبة باستعادة علاقاتها مع تركيا قبل انتهاء الحرب في غزة، وربما لا ينبغي أن يكون هذا الأمر محسوساً بقوة، لكن الساحة السورية تتطلب منهما العمل معا لإيجاد مصالح مشتركة، من حيث خلق تفاهمات لا تضر بمصالحهما، وتندمج مع ما يُنظر إليه على أنه استعداد المجتمع الدولي للنظام السوري الجديد ببناء حكومة مركزية مستقرة، وتجري بالفعل اتصالات إسرائيلية تركية، بدفع أمريكي، ووساطة أذربيجانية".
وأوضح أن "هناك حاجة إلى نهج استراتيجي حديث في إسرائيل يستند لعدّة رؤى: خروج إيران من سوريا يخدم مصلحته العليا؛ لأن تفضيل "سوريا ضعيفة ومقسمة" يتعارض مع موقف أغلبية المجتمع الدولي والإقليمي، ويتطلب التحديث، لأن سياسة استخدام القوة والنطاق العسكري الذي فرضته إسرائيل على نفسها يجب أن يتم ضبطه بشكل كبير؛ صحيح أن القلق بشأن النفوذ التركي المفرط أمر مفهوم، لكنه مبالغ فيه".
وختم بالقول إن "سوريا تحت النفوذ التركي أقل خطورة على أمن إسرائيل من سوريا تحت النفوذ الإيراني، ومن المطلوب التوصل لتفاهمات مع أنقرة بشأن الساحة السورية بما يخدمهما، ويمكن أن يكون هذا بمثابة خطوة أولى نحو استعادة العلاقات بينهما".
أما الخبير في الشؤون الاستراتيجية، يهودا بالانغا٬ فقد طالب بأن "تتبنى إسرائيل استراتيجية تحافظ على مصالحها السياسية والأمنية في المنطقة، زاعماً أن أي تحسن في العلاقات الأوروبية والأمريكية مع سوريا قد يأتي على حسابها، كما حدث في الماضي مع لاعبين آخرين في الشرق الأوسط، ولكن حتى الآن، وباستثناء دخول المنطقة العازلة، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية العسكرية السورية، لا يبدو أن التدخل الإسرائيلي في سوريا يسعى لتحقيق أي هدف شامل".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته "عربي21" أنه "من المهم ممارسة الضغط الإعلامي في أوروبا والولايات المتحدة بشأن ضرورة عدم تحول سوريا إلى مركز للعمليات المعادية لإسرائيل٬ لكن هناك حاجة أكبر لصياغة استراتيجية طويلة الأمد أصبحت أكثر إلحاحاً، مما يعني أن الإسرائيليين لا زالوا يحاولون استخلاص الدروس التي دفعوا ثمنها من الدماء في الحرب العبثية الجارية في غزة، استمرارا لدروس سابقة من حروب خاضوها في سنوات ماضية، داخليا وخارجيا".
وختم بالقول أن "التجارب العديدة، وآخرها التحولات التي تشهدها سوريا أثبتت أن إسرائيل تفتقر لصياغة استراتيجية طويلة الأمد، خشية الاحتكاك اليومي مع السوريين الذي قد ينفجر في وجهه، وآخرها ما تشهده سوريا من تطورات سياسية متلاحقة، يخشى أن يكون فيها خاسرا".