المجموعات المسلحة تتزايد ومعها الخطر على مستقبل السودان
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
الخرطوم - مدفوعا بيأسه من العثور على وظيفة في بلده الغارق في الحرب، التحق السوداني محمد إدريس (27 عاما) بمعسكر تدريب على الحدود الإريترية تمهيدا للانضمام إلى إحدى المجموعات المسلحة.
يقول إدريس لوكالة فرانس برس من مدينة كسلا الحدودية "أكملت دراستي الجامعية ولم أجد فرصة عمل، وبالالتحاق بمعسكر التدريب سأدافع على الأقل عن بلدي وأهلي".
وبقيت كسلا، مثل القضارف التي تقع على مسافة 200 كيلومتر غربها، بمنأى عن القتال بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، والجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان الزعيم الفعلي للبلاد.
لكن مع استضافتهما مئات آلاف النازحين من بقية أنحاء السودان، تجوب شوارع المدينتين حاليا قوافل من سيارات الدفع الرباعي المجهزة بأسلحة مضادة للطائرات، محملة بشباب يلوحون ببنادق، وفق مراسلين لوكالة فرانس برس.
هؤلاء الشبان، مثل محمد إدريس، جزء من جيل مستقبله قاتم بسبب الحرب التي بدأت في نيسان/أبريل 2023، ويشكلون أرضا خصبة للجماعات المسلحة الجديدة التي تتشكل خصوصا على أسس عرقية وقبلية.
ويؤكد إدريس "القوات التي أريد الالتحاق بها من أبناء قبيلتي وأهلي".
يوضح فيصل محمد صالح، المحلل السياسي ووزير الثقافة السابق، أن هذه "المجموعات المسلحة في شرق السودان لم تنخرط في الحرب الحالية ولم تشارك في القتال، ولكن هناك تخوفات من أن تكون هذه المجموعات تستعد لجولات مقبلة".
- تأسيس مجموعات مسلحة -
لم يشهد السودان سوى فترات قصيرة من الحكم المدني منذ استقلاله عن بريطانيا عام 1956، وينشط فيه عدد من الجماعات المسلحة بعضها لديه إمكانات جيش صغير.
وعلى مدى عقود، حارب العديد منها السلطة المركزية في الخرطوم، بدعوى الدفاع عن حقوق أقليات عرقية أو مناطق مهمشة.
في العام 2020، وقّع معظم المجموعات المسلحة اتفاق جوبا للسلام مع الخرطوم، وانضم العديد من قادتها إلى الإدارة الجديدة بزعامة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
ويوضح الباحث قصي همرور لوكالة فرانس برس أنه في بداية الحرب كانت جماعات عديدة "محايدة ولا تناصر أي طرف لكنها لاحقا انضمت إلى جانب الجيش في قتال الدعم السريع".
والجديد بحسب فيصل محمد صالح "هي المجموعات السودانية من الشرق والتي يتدرب معظمها في إريتريا".
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس في وقت سابق من هذا العام إن مقاتلين سودانيين يتدربون في خمسة معسكرات على الأقل في البلد المجاور الذي لم يعلق على هذه التقارير.
كما أكدت جماعات موالية للجيش أنها تتدرب على الجانب الآخر من الحدود.
- لا ولاء -
تاريخيا، الجماعات المسلحة العرقية أو القبلية "تكون مستقلة حتى لو تحالفت مع الجيش النظامي"، كما يشير أمير بابكر مؤلف كتاب "سلام السودان: مستنقع الميليشيات والجيوش غير النظامية".
وتعتمد الخرطوم منذ فترة طويلة على جماعات مسلحة لشن الحروب في أجزاء أخرى من السودان. وتعد قوات الجنجويد، سلف قوات الدعم السريع، التي ارتكبت فظائع في دارفور في العقد الأول من الألفية بناء على أوامر الرئيس السابق عمر البشير، المثال الأكثر كارثية.
يقول بابكر لوكالة فرانس برس إن الجيش يعتمد مرة أخرى "على الميليشيات لتأمين المنطقة"، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى "تقوية هذه الجماعات، مما يجعل من المستحيل تجاوزها في المستقبل".
في هذا الصدد، تؤكد مجموعة الأزمات الدولية أن "الطرفين المتحاربين الرئيسيين يواجهان مشكلات في القيادة والسيطرة" على قواتهما.
وقالت مجموعة الأبحاث في تقرير أصدرته في أيار/مايو إن البرهان "يخاطر بفقدان سيطرته على مختلف الفصائل" التي يعتمد عليها، وقوات الدعم السريع هي "تشكيلة متنوعة بشكل متزايد من الميليشيات القبلية وأمراء الحرب".
وأضافت أن "انتشار الجماعات المتحالفة مع الطرفين المتحاربين والتي تسعى كل منها لتحقيق مصالحها الخاصة، يجعل من الصعب على نحو متزايد إدارة التحالفين المتنافسين".
في تشرين الأول/أكتوبر، أعلن أبوعاقلة كيكل الانفصال عن قوات الدعم السريع، وورد أنه انضم مع مجموعته المسلحة إلى جانب الجيش، ما يشكل أول انشقاق على مستوى عال منذ بدء الحرب.
Your browser does not support the video tag.
المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني ينفي تورطه في مذبحة “الحمادي”
البلاد – الخرطوم
تواصل الأزمة المسلحة في جنوب كردفان بالسودان تأجيج التوترات، وسط تبادل الاتهامات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشأن الأحداث التي شهدتها قرية الحمادي، حيث نفى الجيش السوداني بشدة الاتهامات الموجهة إليه بقتل مدنيين، واصفاً تلك الادعاءات بأنها “باطلة” و”سخيفة”، بينما أكدت مجموعات حقوقية وتوثيقات محلية وقوع مذبحة أسفرت عن مقتل 18 مدنياً وإصابة العشرات، في ظل استمرار العمليات العسكرية المكثفة في المنطقة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد الركن نبيل عبد الله، في بيان صحفي، أن القوات المسلحة ظلت على مدار فترة الحرب تحمي المدنيين وتتصدى لانتهاكات “مليشيا الدعم السريع” التابعة لعائلة دقلو، مشدداً على أن الحديث عن استهداف الجيش للمدنيين في منطقة الحمادي مجرد محاولات ترويج كاذبة من قبل “مليشيا آل دقلو” وجناحهم السياسي.
وقال العميد نبيل: “القوات المسلحة دائماً موضع ترحيب من المواطنين في كل مكان يتم تحريره من هذه المليشيا، وهي التي تقدم الحماية للأهالي من بطش وانتهاكات هذه الجماعات المسلحة”.
اتهامات حقوقية ومحلية تتهم الجيش بارتكاب مذبحة
في سياق متصل، تواصل القوات المسلحة السودانية وقواتها المساندة تنفيذ عمليات برية واسعة في ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان ودارفور، بهدف فك الحصار عن المدن والقرى المحاصرة. وأعلنت مصادر عسكرية تمكن متحرك “الصياد” من فك الحصار جزئياً عن مدينة الدلنج من الجهة الجنوبية، تمهيداً لفتح الطريق الذي يربطها بالعاصمة الإقليمية كادوقلي.
وأشاد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار، بالانتصارات المحققة في محاور كردفان، مؤكداً أن الجيش يقترب من فتح طريق الدبيبات – الدلنج المؤدي إلى كادوقلي، مما سيمكن من إيصال الإغاثة الإنسانية إلى السكان المحاصرين.
كما كشفت تنسيقية لجان مقاومة كرري عن تقدم قوات العمل الخاص بالفرقة 22 التابعة للجيش في مناطق شمال غرب كردفان، ونجاحها في كسر الحصار عن مدينة بابنوسة والسيطرة على الأحياء المحيطة بها، مع تنفيذ عمليات تهدف إلى تأمين خطوط الإمداد وقطع مسارات الميليشيات، وربط مناطق جنوب كردفان بشمال وغرب الإقليم.
في المقابل، كشف مستشار قائد “الدعم السريع” الباشا طبيق عن نزوح آلاف المدنيين من مناطق الصراع في جنوب كردفان نحو المناطق التي تسيطر عليها قواته، في ظل حملات انتقامية نفذها الجيش وقواته المساندة. وناشد المنظمات الدولية لتقديم مساعدات عاجلة خاصة مع اقتراب موسم الأمطار الذي سيزيد من معاناة النازحين.
وفي تطور متصل، أعلنت وزارة الصحة السودانية عن ارتفاع كبير في حالات الإصابة بالكوليرا خلال الأسبوع الماضي، حيث سجلت 2700 حالة إصابة و172 وفاة، 90% منها في ولاية الخرطوم التي تعاني من انقطاع مستمر في الكهرباء والمياه بسبب الضربات المتكررة التي تستهدف محطات الطاقة والمياه والتي نسبت إلى قوات الدعم السريع.