قال أحمد عبدالله إسماعيل، الباحث والخبير في الشأن الدولي والإفريقي: إن منطقة البحر الأحمر ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة تحولت في السنوات الأخيرة إلى ساحة للتنافس الدولي، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية في محاولة لفرض السيطرة على هذا المعبر الحيوي، ويعكس هذا التنافس اندفاع العديد من القوى الكبرى، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.

وأضاف أنه نتيجة لهذا التنافس المحتدم، تعيش دول المنطقة أزمات عميقة وصراعات مستمرة، أبرزها ما تشهده السودان والصومال من اضطرابات لا تزال تلقي بظلالها على شعوبها وأوطانها، إذ أن هذه الصراعات، التي يراها البعض عنوان للصراع الدولي في المنطقة، تأتي في سياق محاولات قوى كبرى لإعادة تشكيل خريطة النفوذ في البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

وأشار إلى أن القارة الإفريقية باتت تشهد تنافسا متزايدا بين قوى دولية وإقليمية، تشمل فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، وبريطانيا، لتعزيز نفوذها الاستراتيجي، وفي هذا السياق، لفتت الأنظار إلى تنامي الدور التركي في المنطقة خلال العقدين الماضيين، حيث أصبح لتركيا حضور بارز في مناطق مثل الصومال والسودان.

وتابع المحلل، أن وسائل إعلام محلية ودولية كشفت في نوفمبر الماضي رصد الجيش السوداني لأسلحة خطيرة تمّ توريدها من إحدى الدول الأوروبية عبر تشاد إلى دارفور لاستخدامها في السودان، وبحسب المصادر أبرز تلك الأسلحة الطائرة المسيرة "أي أي هيرو"، وهي طائرة بدون طيار، تستخدم لأغراض الاستطلاع، طورتها شركة IAI الإسرائيلية في منتصف عام 2012، وكانت الطائرة بدون طيار الأكثر مبيعا، بالإضافة لطائرات درون من طراز Danger Propellers برقم تسلسلي  J/DF24-23-01-043Aالطائرات من إنتاج شركة Woodcomp Propellers في جمهورية التشيك بوسط أوروبا مُعدّلة للأغراض العسكرية.

وأكد أن صحيفة "هآرتس" العبرية، كشفت منذ أسابيع قليلة أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي"، حصل على أجهزة تجسس متطورة، نقلتها إلى الخرطوم طائرة مرتبطة ببرنامج التجسس "الإسرائيلي"، تجلب تكنولوجيا المراقبة من الاتحاد الأوروبي، وبحسب الصحيفة فقد تم نقل الشحنة على وجه السرعة إلى منطقة "جبل مرة" بدارفور التي تقع تحت سيطرة "الدعم السريع" بالكامل.

صراع المياه في البحر الأحمر

وقال الدكتور أحمد عبدالله إسماعيل: إن الصراع الحالي والمستقبلي يتمحور حول السيطرة على المياه، وتحديدًا منطقة البحر الأحمر، التي تعد من أهم البوابات الاقتصادية والسياسية والعسكرية في العالم، موضحا أن السيطرة على دول البحيرات تعني بشكل مباشر السيطرة على النظام العالمي، منوهًا إلى ضرورة استغلال القوى الكبرى لضعف هذه الدول لتحقيق الهيمنة الدولية.

وأشار إلى أن إسرائيل، باعتبارها "طفل الغرب"، تحظى بدعم قوى غربية ودول مثل الإمارات التي تنفذ سياسات تستهدف تمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار في دول مثل ليبيا وسوريا واليمن وفلسطين والسودان.

وأضاف أن المخططات تمتد لتشمل دولًا أخرى مثل مصر والجزائر وقطر وإثيوبيا، بهدف منع استقرار هذه الدول، لأن استقرارها يُعتبر تهديدًا للمصالح الغربية أمام قوى صاعدة مثل الصين وروسيا وتركيا.

ساحة حرب دولية

وأوضح الدكتور إسماعيل أن ما يجري في السودان يُعد جزءًا من حرب دولية تُدار بواجهة داخلية، مشيرًا إلى أن خطة دعم ميليشيات مثل قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي تهدف إلى إضعاف الجيش السوداني. 
وأكد أن إسرائيل والغرب يعتبرون تفكيك الجيش السوداني ضروريًا لتمكين خططهم للهيمنة الدولية، بهدف بسط نفوذ أكبر في البحر الأحمر بالإضافة للفوائد الاقتصادية لإسرائيل، بسبب سيطرة "حميدتي" على صناعة وتصدير الذهب في السودان.

وفيما يتعلق بالدور الفرنسي، لفت إلى أن فرنسا تواجه تراجعا في إدارة شؤون القرن الإفريقي، وتسعى الآن إلى تحسين صورتها عبر تقديم اعترافات بالجرائم السابقة أو إعفاء الديون، وهي خطوات يرى أنها غير صادقة.
واوضح باريس التي تسعى لإيجاد موطئ قدم لها على البحر الأحمر واستعادة نفوذها في أفريقيا من بوابة السودان، حيث يمثل حميدتي الرجل المناسب لتحقيق أهدافها العسكرية في السودان، وعبدالله حمدوك في السياسة، لذلك فإن باريس تدعم تحالف غير معلن بين حمدوك و"حميدتي"، وتزود "الدعم السريع" بالسلاح عن طريق قواعدها العسكرية الموجودة في تشاد، وتدعم حميدتي سياسياً، كما تقف ضد الجيش السوداني، وتستخدم نفوذها الدبلوماسي لمنع توجيه أي اتهام رسمي لحميدتي.

وأكد أن وجود موسى فكي، على رأس الاتحاد الإفريقي قد يعزز تنفيذ المخططات الغربية، داعيا الدول الإفريقية إلى التحرك لإنقاذ الوضع عبر إعادة هيكلة الاتحاد الإفريقي وترتيب السياسات الخارجية لدول البحيرات.

دور تركيا

وبشأن الدور التركي، أشار "إسماعيل" إلى أن تركيا تحاول استغلال الصراعات الدائرة لصالحها، لكنها تظل جزءًا من أدوات حلف شمال الأطلسي، ولا تستطيع تجاوز المخططات الإسرائيلية والغربية، ودعا القادة الأفارقة وأعضاء دول البحيرات إلى إدراك أهمية وعيهم في مواجهة التدخلات الخارجية وضمان استقلال قراراتهم.

واختتم بتأكيد ضرورة تحرك الدول الإفريقية بشكل عاجل لإنقاذ الوضع ومنع القوى الخارجية من استغلال الأزمات لتحقيق الهيمنة الدولية.

وما يثير التساؤلات، وفقًا لتقارير إعلامية حديثة، هو تحركات إسرائيلية وصفت بـ"المشبوهة" في منطقة البحر الأحمر، والتي يُعتقد أنها تجري بدعم ورعاية فرنسية، كما تشير تقارير أخرى إلى وجود تنسيق بين ألمانيا وتركيا حول تحركاتهما في القرن الإفريقي، وبالأخص في الصومال والسودان، مما يضيف بعدًا جديدًا للتنافس الدولي في المنطقة.

ويرى أن هذه التحركات تعكس محاولات لإعادة رسم خريطة النفوذ في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، في وقت تتصاعد فيه أهمية هذه المنطقة كأحد المفاصل الرئيسية في الصراعات الدولية.

واستطرد أنه في خضم التنافس المحموم بين القوى الدولية على النفوذ في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، تظهر المنطقة كأرض معركة استراتيجية تُديرها المصالح المتشابكة بين الدول الكبرى والإقليمية، ويبرز من هذا المشهد أدوار متعددة تتراوح بين الدعم العسكري والاقتصادي وتوظيف النفوذ السياسي، مع اعتماد أساليب تشمل تقديم المساعدات وشطب الديون أو توظيف التكنولوجيا والتدخل في العمليات السياسية.

واكد أنه بينما تسعى بعض القوى لتعزيز حضورها العسكري والتجاري عبر إنشاء القواعد وتوسيع التحالفات، يظل سكان المنطقة هم الضحية الأكبر، يدفعون ثمن هذا الصراع على حساب استقرارهم ومواردهم ومستقبلهم، ويتضح أن الصراع في منطقة البحر الأحمر ودول البحيرات الإفريقية يُمثل بوابة للسيطرة الدولية، حيث تتنافس القوى الكبرى، لتحقيق الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وأن هذا التنافس يستغل ضعف دول المنطقة وانقساماتها، مما يهدد استقرارها ويُعمق أزماتها، وتظهر أهمية تحرك الدول الإفريقية بشكل موحد لإعادة ترتيب سياساتها الخارجية وتعزيز استقلالها، وسط هذه التطورات، لمنع تحول المنطقة إلى ساحة مفتوحة للصراعات الدولية التي يدفع ثمنها شعوبها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: منطقة البحر الأحمر فرنسا وألمانيا فرنسا ألمانيا منطقة البحر الأحمر فی البحر الأحمر الجیش السودانی الدعم السریع السیطرة على فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

70 دولفينا نافقا على شواطئ سقطرى تثير موجة غضب بالمنصات اليمنية

 

وتكتسب هذه الحادثة أهمية خاصة كونها وقعت في أرخبيل سقطرى الذي يعد بمثابة الكنز الحقيقي لليمن من الناحية البيئية.

فهذه الجزيرة مدرجة في قائمة التراث العالمي الطبيعي لليونسكو وضمن برنامج اليونسكو للإنسان والمحيط الحيوي، وذلك بسبب ثراء تنوعها البيولوجي المميز الذي يجعلها فريدة على مستوى العالم.

تقع سقطرى في الجهة الجنوبية للجمهورية اليمنية قبالة مدينة المكلا، وتبعد عن الساحل اليمني نحو 300 كيلومتر.

وفوجئ أهالي المنطقة بمشاهد غير مألوفة على ساحل منطقة نيت، حيث ظهرت عشرات الدلافين نافقة على الشاطئ في منظر صادم لم تشهده المنطقة من قبل.

وأظهرت المقاطع المصورة التي انتشرت بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي حجم الكارثة البيئية التي ضربت هذه المنطقة الحساسة بيئيا.

وبحسب مدير هيئة المصائد السمكية في الجزيرة أحمد علي عثمان، فإن الأسباب وراء هذا النفوق الجماعي تعود إلى عوامل طبيعية.

وأوضح عثمان أن الدلافين عادة ما تتحرك في أسراب بقيادة دلفين قائد، وفي حالات ضعف الرؤية أو اشتداد التيارات البحرية قد تصطدم هذه الأسراب بالساحل أو تفقد القدرة على العودة إلى أعماق البحر.

وأضاف المسؤول أن التيارات القوية وارتفاع الأمواج قد تدفع الدلافين إلى الشاطئ، حيث تواجه صعوبات كبيرة في التنفس أو التنقل، مما يؤدي في بعض الحالات المؤسفة إلى نفوقها.

إعلان

ورغم هذه المأساة البيئية فإن جهود الإنقاذ نجحت في إعادة نحو 10 دلافين أخرى إلى البحر، مما يُظهر أهمية التدخل السريع في مثل هذه الحالات الطارئة.

ضرورة التحقيق

وأجمع مغردون يمنيون على ضرورة عدم التعامل مع ظاهرة نفوق الدلافين بشكل عابر والتدخل بشكل جدي، سواء بالتحقيق في الأسباب أو بمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الكائنات البحرية، وهو ما أبرزته حلقة (2025/6/5) من برنامج "شبكات".

وبحسب المغرد زهير، فإنه "يجب عدم التساهل مع هذه الظاهرة الغريبة، وأن الموضوع بحاجة إلى تقصي الحقيقة حول احتمال أنه تم رمي مخلفات كيميائية أو مخلفات نووية، لا بد من تحقيق ولا بد من إرسال أحد الحيتان لدراسة السبب، وألا تمر الحادثة ببساطة".

وفي السياق نفسه، أكد عبد الولي على غرابة ما حدث من منظور علمي، موضحا أن "الظاهرة غريبة، لكن الملاحظ خروج هذا النوع من الأسماك فقط وبأعداد كبيرة".

من جانب آخر، ركز الناشط زياد على إمكانية الإنقاذ بدلا من ترك الكائنات تموت، مشيرا إلى أن "لو فيه فرق إنقاذ كان بالإمكان إنقاذها زيها زي اللي بياخذوها للنوادي المائية".

وتوسعت المغردة أم لؤي في الاتجاه نفسه بنقد أكثر حدة للتعامل الرسمي مع الأزمة، حيث كتبت "فين الدولة تأخذها لأي مكان مناسب للعيش طالما خرجت من البحر بدل ما تموت، هذه ثروة مش عارفين قيمتها، لو بالخارج يعملوا 100 حل لإنقاذ كل هذه الدلافين".

ووجّه وزير الزراعة والري والثروة السمكية سالم عبد الله السقطري فرع هيئة مصائد الأسماك في سقطرى بالنزول إلى الساحل ودراسة ظاهرة نفوق عدد من حيتان الدلافين، ورفع تقرير تفصيلي بصورة عاجلة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد سقطرى نفوقا للدلافين، فقد شهدت سواحل مديرية قلنسية نفوق أكثر من 20 دولفينا بشكل جماعي عام 2017 لأسباب غير معروفة، وفق وسائل إعلام محلية.

إعلان الصادق البديري5/6/2025

مقالات مشابهة

  • لامين بمواجهة رونالدو في صراع الأجيال.. موعد ناري بين البرتغال وإسبانيا في نهائي دوري الأمم
  • بعد فشلها في البحر الأحمر الدنمارك تتخلى عن فرقاطتها
  • رئيس مجلس الوزراء الإنتقالي يدعو لحشد الجهود لدعم القوات المسلحة في حرب الكرامة
  • كشف تفاصبل زيارة رئيس الوزراء كامل إدريس الى منطقة البحر الأحمر العسكرية
  • كيف تسبب “مجتمع دولي من فاعلي الخير” في فقدان الولايات المتحدة بوصلتها في اليمن؟
  • ابتزاز دولي في البحر الأحمر وتوسع نفوذ على وقع الصراع في غزة.. تحليل سفير بريطانيا السابق لدى اليمن لسلوك الحوثيين
  • ختام بطولة كايت مانيا الدولية للكايت سيرف في الغردقة
  • ختام النسخة الثانية من بطولة «كايت مانيا الدولية» للكايت سيرف
  • فرنسا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية وتحشد دعمًا دوليًا في نيويورك
  • 70 دولفينا نافقا على شواطئ سقطرى تثير موجة غضب بالمنصات اليمنية