اعتراف ترامب بصوماليلاند وأثره على القرن الأفريقي وحرب السودان
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
اعتراف ترامب بصوماليلاند وأثره على القرن الأفريقي وحرب السودان
فؤاد عثمان عبدالرحمن
تعتبر منطقة القرن الأفريقي إحدى أكثر المناطق تعقيدًا في العالم من حيث التفاعلات الجيوسياسية، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية مع الديناميكيات السياسية الداخلية.
وعلى الرغم من التحديات المستمرة في هذه المنطقة، فإن عام 2024 شهد تطورات كبيرة قد يكون لها تأثير عميق على التوازنات الإقليمية، خاصة في سياق الحرب الدائرة في السودان.
التفاعلات الجيوسياسية: إثيوبيا وصوماليلاند مقابل مصر، إريتريا والصومال:
بدأت الحكاية عندما وصف آبي احمد في 2023 الموقع الجغرافي غير الساحلي لاثيوبيا بأنه خطأ تاريخي يجب تصحيحه ويفضل أن يكون ذلك من خلال المفاوضات، ولكن أيضا بالقوة إذا لزم الأمر.
ذلك الوصف والتصريح زاد من حدة التوترات مع الدول المجاورة، في بداية عام 2024، وقعت إثيوبيا وصوماليلاند اتفاقية تتيح لإثيوبيا استخدام 20 كيلومترًا من الأراضي على ساحل البحر الأحمر، مقابل دعمها لاعتراف المجتمع الدولي بصوماليلاند كدولة مستقلة. يُعتبر هذا الاتفاق خطوة استراتيجية لإثيوبيا في تعزيز أمنها البحري، حيث كان حلمها دائمًا تأمين منافذ بحرية بعد أن كانت دولة غير ساحلية. هذه التحركات، رغم كونها مفهومة من منظور إثيوبي، زادت من حدة التوترات مع دول الجوار، خصوصًا الصومال، التي تعتبر أي محاولة للاعتراف بصوماليلاند تهديدًا لوحدتها الوطنية. اذ صرح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في 30 سبتمبر 2024 لصحيفة ايكونومست بأن الجميع قلقون من سلوك القيادة الاثيوبية الذي لا يمكن التنبؤ به، ووصف آبي احمد بالرجل الشرير في المنطقة.
سبق قول حسن شيخ محمود رد فعل حاد، حيث وقعت الحكومة الصومالية في أغسطس 2024 اتفاقية ثلاثية مع كل من مصر وإريتريا. هذا التحالف يُعتبر بمثابة رد فعل مباشر على اتفاقية الموانئ بين إثيوبيا وصوماليلاند، وقبله طالبت الصومال اثيوبيا بسحب قواتها من البعثة الاممية لحفظ السلام من اراضيها لتوقع معاهدة دفاع مشترك مع مصر غريمة اثيوبيا، لنشر قوات ومعدات مصرية بديلة للاثيوبية، لترد الجارة اثيوبيا بلهجة حادةأيضا بان تلك التحركات الثنائية والثلاثية تقوض استقرار المنطقة .
التوسع الإثيوبي وعلاقاته مع إريتريا والسودان:
إريتريا، التي كانت في صراع طويل مع إثيوبيا، ترى في التحالف الثلاثي بين مصر والصومال تعزيزا لمصالحها. أي توسع لإثيوبيا في البحر الأحمر أو في مناطق استراتيجية أخرى يعتبر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. ومن خلال تحالفها مع مصر والصومال، تحاول إريتريا استغلال هذه التوترات لتدعيم موقفها في المنطقة. كما أن تعليق رحلات الخطوط الجوية الإثيوبية إلى إريتريا مؤخراً يعكس تصاعد التوترات بين البلدين.
مع توقيع الحلف الثلاثي بين مصر والصومال وإريتريا، وجدت إثيوبيا نفسها في عزلة متزايدة، حيث يبدو أن موقفها في القرن الأفريقي قد أصبح أكثر تعقيدًا بعد اتفاقيات تحالفية تضم خصومًا تقليديين مثل إريتريا ومصر. في هذا السياق، يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا محوريًا في التأثير على مواقف هذه الدول في حال قررت إدارة ترامب الاعتراف بصوماليلاند كدولة مستقلة.
السودان والحرب الحالية: أثر التحولات الجيوسياسية:
إن الحرب الحالية في السودان أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، حيث تتباين التحالفات بين القوى المختلفة في القرن الأفريقي.
في تحليلها للأحداث الجيوسياسية في القرن الأفريقي، أشارت صحيفة الإيكونومست البريطانية إلى أن هذه التحولات تُرسخ تقسيم القرن الأفريقي إلى كتلتين جيوسياسيتين. من جانب، هناك تحالف بين مصر وإريتريا والصومال الذي يتمتع بعلاقات قوية مع السعودية وتركيا، والتي تدعم الجيش السوداني في الحرب ضد قوات الدعم السريع. من جانب آخر، توجد إثيوبيا وصوماليلاند، اللتان تحظيان بدعم إماراتي، إضافة إلى بعض القوى المحلية في الصومال وقوات الدعم السريع.
الاعتراف الأمريكي بصوماليلاند: إعادة تشكيل التحالفات:
إذا قرر الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الاعتراف بصوماليلاند كدولة مستقلة، سيكون لذلك آثار كبيرة على التوازنات الإقليمية في القرن الأفريقي. يُمكن أن يؤدي هذا الاعتراف إلى تعزيز موقف صوماليلاند في الساحة الدولية، ويضع مزيدًا من الضغط على إثيوبيا التي تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة. من ناحية أخرى، قد يجد التحالف الثلاثي بين مصر وإريتريا والصومال نفسه في وضع أقوى في مواجهة القوى التي تدعم التوسع الإثيوبي، خصوصًا إذا ساعد الاعتراف الأمريكي في تقويض عزلتها الإقليمية.
تفسر الصحيفة أن هذا التوزيع الجديد للقوى يعكس تغيرًا كبيرًا في تحالفات المنطقة، حيث يتم تعزيز الدور الإقليمي للدول التي تتبنى مواقف معارضة للتوسع الإثيوبي، مثل مصر وإريتريا. في الوقت نفسه، تؤكد الإيكونومست أن هذه التحولات قد تكون بمثابة فرصة لإثيوبيا لتعزيز نفوذها إذا تمكنت من تجاوز العزلة التي قد تنشأ عن الاعتراف بصوماليلاند.
الخلاصة:
إن الاعتراف الأمريكي المحتمل بصوماليلاند يشكل نقطة تحول في التوازنات الجيوسياسية للقرن الأفريقي. في حين يعزز هذا الاعتراف موقف صوماليلاند ويزيد من تعقيد الوضع في الصومال، فإنه قد يساهم أيضًا في تقوية التحالف بين مصر وإريتريا والصومال في مواجهة توسع النفوذ الإثيوبي. بالنظر إلى الحرب في السودان، ستؤدي هذه التحولات إلى زيادة تعقيد الصراع، حيث تتوزع القوى الإقليمية بين داعمة للجيش السوداني وضد قوات الدعم السريع.
يبدو أن القرارات القادمة، سواء على المستوى الأمريكي أو الإقليمي، ستسهم في تشكيل خريطة جديدة من التحالفات في القرن الأفريقي، مما سيكون له انعكاسات مباشرة على استقرار المنطقة، كما أشارت صحيفة “الإيكونومست” في تحليلها الأخير.
الوسومالصومال ترامب حرب السودان صوماليلاند
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الصومال ترامب حرب السودان صوماليلاند
إقرأ أيضاً:
سواحل شبوة.. نقطة رئيسية لتهريب المهاجرين الأفارقة
أثناء عبورك من الطريق الساحلي الدولي في مديرية رضوم بمحافظة شبوة، يلفت اتباهك العشرات من المهاجرين الأفارقة وهو يمشون على الأقدام باتجاه مدينة عتق مركز المحافظة، وآخرين يتجهون صوب محافظتي أبين وحضرموت.
Read also :فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيينويقول السائق ياسر مهدي، وهو سائق شاحنة يعمل في نقل البضائع بين عدن والمكلا لـ"نيوزيمن" أنه اعتاد على رؤية العشرات من المهاجرين بشكل دوري على الطريق الساحلي في رضوم، موضحًا أنه أصبح يخاف أن تعطل شاحنته على هذا الطريق الذي أصبح غير آمنًا بسبب الأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين يتجمعون بصورة كبيرة على أي سيارة متوقفة".
وأضاف مهدي: في إحدى المرات اضطررت إلى التوقف قبل سواحل شبوة لقضاء حاجتي؛ وحينها شاهدت عدد من المهاجرين يتقربون مني ويطلبون مني أن أقلهم على الشاحنة والبعض الآخر يطالبني بالماء والطعام، ولكني اعتذرت لهم عن السماح لهم بالصعود معي، وزودتهم بالمياه وبعض الأكل الذي كان بحوزتي، ومضيت في سبيلي". ويشير السائق: "التوجيهات والتعليمات الأمنية تمنع السماح بنقل المهاجرين عبر الشاحنات والحافلات، فالنقاط الأمنية تتهم من يقلهم بالمهرب أو المشارك في عملية تهريبهم، وهي تهمة تدخلك في تحقيقات وإجراءات أمنية مطولة".
استمر التدفق..
شهدت سواحل محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، مؤخرًا تدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية. فخلال الأسبوع الأول من شهر يونيو وصل أكثر من 500 مهاجر أفريقي يحملون جنسيتي "الصومالية والإثيوبية".
رحلات خطيرة يقطعها المهاجرين للوصول إلى سواحل شبوة التي أصبحت نقطة رئيسية لقوارب التهريب المتهالكة والمهددة بالغرق بحسب تصريحات منظمة الهجرة الدولية. حيث تؤكد مصفوفة النزوح وهي مصفوفة تصدرها المنظمة الأممية شهرياً لمراقبة تدفق المهاجرين- أن سواحل شبوة أصبحت نقطة الوصول الرئيسية لتهريب المهاجرين عقب الحملة الأمنية والعسكرية التي تشهدها لحج والساحل الغربي المستمرة منذ نهاية 2023.
بحسب تصريحات أمنية في شبوة: "أن قارب تهريب قام بإنزال 150 مهاجراً أفريقياً غير شرعي على ساحل مديرية رضوم في أول أيام العيد، بعد أيام من وصول دفعة أخرى تضم أكثر من 170 مهاجراً إلى سواحل المحافظة مطلع يونيو الجاري. وأضافت أن هذه الدفعة تأتي ضمن "موجة جديدة من المهاجرين القادمين من دول القرن الأفريقي، ودخولهم بطريقة غير شرعية عبر سواحل المحافظة، مما يضاعف حدة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والمشاكل الأمنية في البلاد".
وسبق للأجهزة الأمنية في شبوة أن ضبطت دفعة أولى تتكون من 170 مهاجراً يحملون الجنسيتين الإثيوبية والصومالية نهاية مايو على ذات الساحل، لينضموا إلى أكثر من 1.193 مهاجراً خلال شهري مارس وأبريل الماضيين فقط. وقالت إنها اتخذت الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة مع المهاجرين الواصلين إلى سواحل البلاد بطريقة غير مشروعة.
تهديد حقيقي..
وأكدت السلطة المحلية في محافظة شبوة، أنها لم تعد قادرة على التعامل مع تدفق أفواج المهاجرين من القرن الأفريقي، مطالبة الحكومة والمنظمات الدولية بسرعة التدخل لتوفير المأوى والأغذية لهذه الأعداد. كما شكت من التأثيرات الأمنية لهذه الأعداد، وخاصة بعد تشديد الإجراءات الأمنية في السواحل الغربية للبلاد التي كانت أهم منفذ للتهريب من القرن الأفريقي.
وأوضحت قيادة شبوة أن هذه الظاهرة "باتت تمثل تهديداً حقيقياً للأمن والاستقرار، فضلاً عن الأعباء الصحية والاجتماعية التي تترتب عليها، وبما يزيد من تفاقم المشكلات الحقيقية التي يعاني منها المواطنون". مشيرة إلى أن المحافظة شهدت العديد من المشاكل الناجمة عن التواجد الكثيف للمهاجرين غير الشرعيين، مع "تصاعد شكاوى المواطنين، خاصة في ضواحي مدينة عتق من هذه الظاهرة المتفشية.
أكدت السلطة المحلية بالمحافظة، استعدادها لتسهيل عبور المهاجرين الأفارقة عبر أراضيها، شرط عدم السماح لهم بالبقاء أو الإقامة فيها، "حرصاً على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المحافظة".