البنك الدولي يمول مشروع الحماية الاجتماعية بالمغرب بـ70 مليون دولار
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على المشروع الثاني لتحديد واستهداف الفئات المستفيدة من الحماية الاجتماعية في المغرب، بقيمة 70 مليون دولار، بهدف مواصلة دعم الإصلاح الطموح الجاري تنفيذه في هذا المجال.
وأشار البنك الدولي، في بيان صدر الأربعاء بواشنطن، إلى أن هذه المبادرة الجديدة، التي تأتي بناء على إنجازات المشروع الأول، والذي شهد نجاح تصميم وتنفيذ السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي، وانخراط نحو نصف سكان المملكة، ستساهم في تدعيم أسس منظومة مبتكرة للحماية الاجتماعية، وتسهيل الحصول على الخدمات الاجتماعية خاصة لفائدة الأسر المحرومة.
وأبرزت المؤسسة المالية الدولية أن المشروع الثاني للاستهداف من أجل الحماية الاجتماعية في المغرب يروم تعزيز استراتيجية الحكومة للحماية الاجتماعية الشاملة من خلال ثلاثة مكونات رئيسية: تعزيز السجل الوطني للسكان وتوسيع نطاق تغطيته، وتفعيل الوكالة الوطنية للسجلات، وتوسيع وتدعيم نظام السجل الاجتماعي، والتركيز على إدارة المشروع، وتعزيز القدرات، والتتبع والتقييم.
وأضاف المصدر ذاته أنه من خلال توسيع نطاق التغطية لتشمل المناطق القروية والنائية، سيبسط المشروع إجراءات تحديد الهوية والتوثيق لبرامج الحماية الاجتماعية، مما يسمح بتقديم الطلبات رقميا/عن بعد وتقليل الإجراءات الإدارية الورقية.
وحسب المؤسسة المالية الدولية، ومقرها واشنطن، يهدف هذا التحول الرقمي إلى التأثير على خمسة برامج على الأقل بنهاية 2024، والتوسع إلى ثمانية بحلول سنة 2028، مما يعزز كفاءة خدمات الحماية الاجتماعية وقدرتها على الاستجابة، لا سيما في التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية، الناجمة عن تغير المناخ.
كما يسعى المشروع إلى تدعيم الأنظمة والإجراءات القائمة بغية تحسين الشمول، من خلال الاستفادة من تجارب المستخدمين عبر اتخاذ القرارات القائمة على المعطيات الملموسة.
وبعد أن ذكر البنك الدولي بالدعوة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 2018 من أجل إحداث منظومة منسقة وفعالة للحماية الاجتماعية، أشاد بالإنجازات الرئيسية التي تحققت في هذا الإطار، وشملت على الخصوص استبدال برنامج « راميد » لتأمين الرعاية الصحية بنظام « أمو- تضامن » للتأمين الصحي الإجباري، واستخدام التكنولوجيات الحديثة من أجل استهداف أفضل للساكنة الأكثر احتياجا.
وفي هذا الصدد، سجلت مؤسسة « بريتون وودز » أنه تم الشروع، في دجنبر 2023، في العمل ببرنامج المزايا الاجتماعية المباشرة، الذي يغطي أكثر من نصف السكان المغاربة بميزانية سنوية تبلغ نحو 1.6 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام.
وأشار البنك الدولي إلى أن السجل الاجتماعي يوفر « نظاما قويا للهوية الرقمية، ويضمن كفاءة توجيه برامج الحماية الاجتماعية وتنفيذها ».
وأورد البيان نقلا عن أحمدو مصطفى ندياي، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، قوله: « يسر البنك الدولي أن يواصل دعم توسيع السجلات وكفاءتها من أجل تحسين الاستهداف والشمول ».
وأضاف أن رقمنة نظام تقديم الحماية الاجتماعية لن تقتصر على تحسين توجيه برامج الحماية الاجتماعية، بل ستساعد أيضا على ضمان زيادة إمكانية حصول الفئات السكانية الأكثر احتياجا على خدمات اجتماعية حديثة، بفضل تطوير استخدام البيانات والتكنولوجيات الرقمية.
كلمات دلالية البنك الدولي المغرب صحةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: البنك الدولي المغرب صحة الحمایة الاجتماعیة البنک الدولی من أجل
إقرأ أيضاً:
أين وصل مشروع الدرهم المغربي الرقمي وما أهميته؟
الرباط- يواصل بنك المغرب (البنك المركزي) دراسة إصدار عملة رقمية مركزية تهدف إلى تبسيط عمليات الدفع بين الأفراد وتسريع التحويلات المالية عبر الحدود.
وأوضح والي البنك عبد اللطيف الجواهري خلال مؤتمر عقد في الرباط يوم 21 يوليو/تموز 2025 أن المملكة ماضية في هذا التوجه بالتوازي مع تعاون دولي وثيق يشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي المصري، بغرض تقييم التأثيرات الاقتصادية والتنظيمية المرتبطة بهذه العملة الرقمية.
وأشار الجواهري إلى أن مشروع قانون خاص بالأصول الرقمية يخضع حاليا للمراجعة في وزارة المالية، مما يعكس حرص المغرب على تأسيس إطار قانوني متين ينظم هذا المجال المتسارع التطور.
وتكتسب المبادرة أهمية متزايدة في ظل اعتماد الاقتصاد المحلي على تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وارتفاع حجم التجارة العابرة للحدود التي تعاني من بطء الإجراءات وتكاليف مرتفعة عند الاعتماد على الأنظمة التقليدية.
وتشكل التحويلات نحو المغرب ما يقارب 8% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2024، بإجمالي بلغ 117.7 مليار درهم (12 مليار دولار).
ويجدر التمييز بين العملة الرقمية المركزية الخاضعة لإشراف البنك المركزي، والعملات المشفرة غير المركزية التي يحظر المغرب تداولها منذ عام 2017 رغم انتشار التداول غير الرسمي لدى بعض الأفراد عبر وسائل التفاف على القيود المفروضة.
تحول في النظام المصرفي المغربييشهد النظام المصرفي المغربي تحولا متسارعا نحو الرقمنة، مدفوعا بطموحات واضحة لتعزيز السيادة الرقمية وتقوية الاستقلال المالي والتقني.
ويؤكد الباحث في الاقتصاد الرقمي جمال الأمين أن هذا التحول انعكس على تطور خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول والمصرفية المفتوحة، لكن التحويلات المالية الدولية لا تزال تعتمد بشكل كبير على شبكة سويفت ونظام البنوك المراسلة التقليدي.
ويضيف الأمين في تصريح للجزيرة نت أن المغرب يسعى إلى توسيع شراكاته الاقتصادية مع أفريقيا وتكريس سيادته الرقمية، لكنه لا يمتلك حتى الآن شراكات إستراتيجية كافية في مجال التنظيم الرقمي الثنائي، ويرى أن تحقيق هذا الهدف يستلزم وجود رؤية سياسية قوية وتعاونا إقليميا فعالا.
إعلانوفي السياق ذاته، يعتبر الخبير في الذكاء الاقتصادي وإدارة سلاسل الإمداد أسامة الواسيني أن تبني "الدرهم الرقمي" سيُحدث تحولا نوعيا في الأداء المالي للمغرب.
ويوضح الواسيني للجزيرة نت أن العملة الرقمية للبنك المركزي ستساهم في تحسين سرعة وأمان التحويلات المالية عبر الحدود، إذ تسمح بتنفيذ المعاملات بشكل شبه فوري، وتعتمد على أحدث تقنيات التشفير لحماية البيانات المالية من التلاعب والاختراق.
كما توفر شفافية كاملة في تتبع المعاملات، مما يقلل مخاطر الاحتيال وغسل الأموال.
شراكة دوليةيفتح الدرهم الرقمي آفاقا جديدة للتسويات المباشرة مع شركاء إقليميين، ويضع المغرب في موقع أكثر مرونة داخل سلاسل القيمة العالمية.
ويرى الواسيني أن تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية مثل الدولار واليورو سيخفف تقلبات أسعار الصرف التي تؤثر سلبا على الميزان التجاري والاقتصاد الوطني، كما يعزز هذا التوجه السيادة النقدية ويمنح السلطات قدرة أكبر على التحكم في السياسة المالية.
ويضيف أن اعتماد الدرهم الرقمي يمكن أن يتيح للمغرب إبرام تسويات مالية مباشرة مع شركاء تجاريين إقليميين ودوليين باستخدام عملات بديلة، الأمر الذي يسهم في خفض تكاليف التحويلات وزيادة اندماج البلاد في سلاسل القيمة العالمية.
من جهته، يشدد جمال الأمين على أن التعاون مع البنوك المركزية الأجنبية لإنشاء قنوات تسوية مباشرة يعد خطوة حاسمة، لكنه يشترط أن يتم ذلك ضمن إطار قانوني صارم يحافظ على السيادة النقدية ويحد من المضاربات.
ويقترح وضع ضوابط دقيقة لاستقرار الدرهم الرقمي في المعاملات الخارجية، مع الإبقاء على نظام صرف مراقب مرتبط بسلة عملات وبهوامش تقلّب محددة.
ويدعو الأمين إلى إصدار نسختين من الدرهم الرقمي، واحدة للاستخدام المحلي وأخرى للتعاملات الدولية، مع اعتماد تقنية البلوكتشين وربط كل معاملة بهوية رقمية موثقة.
الدرهم الرقمي وتعزيز الشفافية الماليةيأتي إعلان والي بنك المغرب بشأن الدفع الرقمي عبر الحدود في سياق مسار بدأ منذ عام 2021 بدراسة معمقة لاستكشاف جدوى إصدار الدرهم الرقمي بغرض تحسين كفاءة نظام الدفع.
وفي عام 2024 بات المغرب ضمن أكثر من 130 دولة تدرس إطلاق عملات رقمية للبنوك المركزية، بحسب تقرير مشترك للبنك الدولي والتحالف من أجل الشمول المالي.
ويؤكد الواسيني أن اعتماد الدرهم الرقمي سيساهم في تعزيز الشفافية المالية من خلال تمكين تتبع دقيق للمعاملات، مما يحد من مظاهر الفساد المرتبطة بالنقد التقليدي.
ويرى أن هذا التحول سيحسّن كفاءة الرقابة المالية ويقوي الأداء الاقتصادي للدولة.
أما الخبير في التدبير والمالية عبد الإله العطار فيرى أن الدرهم الرقمي سيكون أداة أساسية في توسيع نطاق الشمول المالي بالمغرب.
ويوضح العطار في تصريح للجزيرة نت أن التطبيق سيكون تدريجيا، وسيبدأ في المناطق المؤهلة كما هو الحال في تجارب دولية مشابهة، مع ضرورة توفير بنية تقنية قوية نظرا لاعتماد نسبة كبيرة من المعاملات المالية الحالية على النقد الورقي.
إعلانوتحسّن معدل الشمول المالي في المغرب ليصل إلى 44% سنة 2023 مقارنة بـ29% سنة 2017، لكنه لا يزال منخفضا نسبيا، في حين تطمح وزارة الاقتصاد والمالية إلى رفعه إلى 70% أو أكثر خلال العقد المقبل.
تشريع دقيقتتطلب العملة الرقمية وضع إطار قانوني متكامل يحدد تفاصيل الإصدار والتداول، ويضمن الالتزام بالمعايير الدولية، ويحمي البلاد من المخاطر العابرة للحدود.
وفي هذا السياق، يبرز العطار أن أي ابتكار مالي لا يمكن اعتماده دون توفر ركيزتين أساسيتين: الإطار القانوني والإطار التنظيمي.
ويستحضر العطار تجربة المالية التشاركية التي تأخر تفعيلها في المغرب رغم انتشارها دوليا حتى صدور إطار قانوني ينظم المعاملات الخاصة بها.
من جهته، يؤكد الخبير في البلوكتشين والعملات الرقمية بدر بلاج أن الإطار القانوني للدرهم الرقمي يجب أن يتضمن قواعد صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع الامتثال لمعايير مجموعة العمل المالي، خصوصا ما يتعلق بتتبع التحويلات المشبوهة وإجراءات "اعرف عميلك".
ويشدد على ضرورة تحديد النظام الضريبي للمعاملات الرقمية، خاصة العابرة للحدود، وتوضيح ضريبة القيمة المضافة وضرائب الأرباح.
ويرى بلاج في حديث للجزيرة نت أهمية احترام قانون حماية المعطيات الشخصية، مع تحديد الجهة المخولة بإصدار الدرهم الرقمي والإشراف على تداوله، إضافة إلى وضع قواعد واضحة للمحافظ والمنصات الرقمية وسقوف للتحويلات الفردية، مما يضمن انسجام التشريعات مع القوانين البنكية وقوانين وسائل الأداء.
حماية وحقوقيواجه مشروع الدرهم الرقمي تحديات تنظيمية وأمنية وحقوقية معقدة، وهنا يؤكد بلاج أن حماية المستخدمين من عمليات الاحتيال تتطلب قوانين صارمة للتأكد من أهلية المشاريع الرقمية قبل السماح لها بالتعامل مع المواطنين، مع وضع علامة أمان رسمية للمشاريع الملتزمة بالمعايير.
وعلى الصعيد التقني، يشير بلاج إلى أن تقنيات العملات الرقمية توفر مستويات عالية من الحماية ضد الاختراق، لكن الأخطاء البشرية تظل مدخلا رئيسيا للهجمات المتقدمة على المحافظ والمنصات الرقمية.
ويقترح إطلاق حملات توعية موسعة للمستخدمين، مع إلزام المنصات باعتماد معايير حماية صارمة وتحميلها المسؤولية القانونية عند الإخلال بذلك.
بدوره، يثير الواسيني مخاوف تتعلق بإمكانية استخدام الدرهم الرقمي أداة للرقابة على التدفقات المالية للأفراد، مما قد يحد من حرية التصرف المالي.
ويحذر الواسيني من مخاطر انتهاك الخصوصية في غياب ضمانات واضحة لحماية البيانات الشخصية.
ويرى أن تبنّي إطار قانوني متوازن يحقق الشفافية ويكافح الفساد دون المساس بالحقوق المالية والخصوصية سيعزز ثقة المواطنين، ويساعد على إنجاح هذا التحول الرقمي الإستراتيجي.