ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر الشريف والتي دار موضوعها حول "المنهج القرآني في بناء الإنسان".

وقال الدكتور هاني عودة، في هذه الأيام التي اضطربت فيها سلوكيات المجتمعات، تتجلي أهمية التمسك بالمنهج القرآني في بناء الإنسان، الذي رسمه ووضعه الحق سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، من أجل بناء إنسان ملتزم بواجبه الروحي تجاه ربه، وجانبه السلوكي تجاه مجتمعه، لذا فإن المنهج الإسلامي الذي جاء في القرآن الضمانة الحقيقية لبناء الإنسان، كما أن كثيرًا من المجتمعات التي تقدمت وتحضرت كان ذلك بفضل اقتباسها من هذا المنهج الذي ضمن الله به سبحانه وتعالى الأمان النفسي والمجتمعي للجميع، لأنه منهج متكامل يهدف إلى صلاح الإنسانية وصلاح الإنسانية لا يكون إلا في شمولية وعمومية المنهج.

وأوضح مدير الجامع الأزهر، أن المتأمل للآيات القرآنية في سورة الفرقان، يتحقق لديه معنى التكامل في بناء الإنسان من خلال الجمع بين ثلاثة جوانب، الأول: العقدي وهو علاقة الإنسان بربه وارتباطه الوثيق به، والجانب الثاني: من خلال استعراض آيات الله في الكون، الدالة على عظمة الخالق، والجانب الثالث: وهو الغاية التي يجنيها الإنسان من خلال تمسكه بهذا المنهج الرباني المحقق لسعادة الإنسان في الدنيا وفلاحة في الآخرة، لذلك جاء القرآن الكريم مخبرًا عنهم بالوصف القرآني "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا".

وبين خطيب الجامع الأزهر، إن ما يثار من آراء وأفكار تدعو إلى التحرر من العقيدة والسير خلف الهوى، ما هي إلا دعوات خبيثة تهدف إلى هدم المجتمعات، ولا يتحقق هذا الغرض إلا بتفكك ارتباط الإنسان بمنهجه وعقيدته وتبني الرغبات الفردية، لأن العقيدة هي الضمانة لسلوك منضبط بين الإنسان وبيئته، لهذا فإن المجتمعات التي فسدت، كان فسادها ناتج عن فك ارتباط الإنسان بعقيدته، لذا فإن أولى خطوات هدم الإنسان هى الدعوة إلى فك قيود العلاقة الوثيقة بين الإنسان وخالقه، ساعتها فقط يستطيع تجار الفوضى أن يجنوا ثمار فتنهم التي ألقوا بها في ساحات المجتمعات.

وحذر خطيب الجامع الأزهر من غياب القدوة في نفوس أبنائنا لأن ارتباط شبابنا بهذه النماذج يعد حافزًا قويًا لهم على العمل والرقي بمجتمعاتهم، أما غياب القدوة والمثل فهو بمثابة بداية لضعف الأمل في نفوسهم، ويكون عرضة لأن تجتذبهم الأوهام في غيابات الضلالات التي هي أشد ما نخشاه على شبابنا، ولا تبنى المجتمعات إلا على أكتاف شباب تمتلئ نفوسهم بالأمل والحماس، وعلى كل الأسر أن تعمل جاهدة أن تغرس في نفوس أبنائها النماذج المضيئة من تاريخنا الإسلامي، الزاخر بالنماذج المشرفة في شتى المجالات ومختلف الميادين، وعلى شبابنا أن يتخيروا رفقاءهم، ليكونوا عونًا لهم على العمل والطاعة، فالصحبة الصالحة كنز ثمين علينا أن نبحث عنه، أما رفقاء السوء فهم يؤثرون سلبا على أخلاق وسلوك الإنسان، وكثير من الأفكار الضالة التي وقع فيها شبابنا كانت نتيجة لرفقاء السوء، وما تجنيه كثير من المجتمعات اليوم من عواقب هذه السلوكيات المنحرفة والفوضى الأخلاقية بسبب أصدقاء السوء الذي يتخذهم أعداء مجتمعاتنا ستارًا لبث قنابلهم الفكرية في مجتمعاتنا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلاة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الجامع الأزهر أصدقاء السوء الأفكار الضالة المزيد المزيد الجامع الأزهر بناء الإنسان

إقرأ أيضاً:

المشرف على الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة

عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: "مكانة العقل وبناء المجتمع"، وذلك بحضور كل من؛ الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، والدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، تقديم الإعلامي دكتور محمد مصطفى.

أعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانيَّة يزورون الجامع الأزهر الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع

قال  الدكتور عبد المنعم فؤاد في بداية الملتقى على أن الادعاء بجمود الإسلام وغياب الحراك الفكري والاجتهاد فيه هو جهل بحقيقته، فالعلاقة بين العقل والدين في الإسلام متجذرة، حيث يمثل القرآن الكريم إعجازًا عقليًا يدفع المؤمن نحو التفكر والتدبر، ويتجلى هذا التكامل في نهج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يضع كل كلمة في محلها، فتحمل كلامه معاني ومغازي عميقة؛ ولذا يوصف بأنه "سيد العقلاء"، فالإسلام، الذي جاء به النبي، هو الذي علمنا منهج التفكر والتدبر، والقرآن الكريم هو أساس الفهم والتدبر لا مجرد الاستسلام السلبي للأوامر.

وأضاف  الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن علماء الأمة الإسلامية هم أول من أسسوا لمنهج الحرية الفكرية، ويتجلى ذلك في التنوع الفقهي والمنهجي بين رخص ابن عباس، وعزائم ابن عمر، وعقلية أبي حنيفة، وواقعية الإمام الشافعي، ومنطقية الغزالي، وموسوعية ابن تيمية، ورقائق الجيلاني، وفلسفة ابن رشد، ومنهجية الرازي، ووسطية الأزهر؛ لأن الاجتهاد فريضة إسلامية، وتتأكد هذه الحقيقة بالنظر إلى منهج الإمام أبي حنيفة القائم على اجتهاده واجتهاد تلاميذه أبي يوسف ومحمد الذين كان يأخذ بآرائهم رغم اختلافهم، وكذا بتعدد فتاوى الإمام الشافعي للمسألة الواحدة بين العراق ومصر، ووجود أكثر من فتوى لبعض المسائل عند الإمام أحمد بن حنبل.

وأكد المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، على المنزلة المحورية للعقل في الإسلام، ولو نظرنا في القرآن الكريم نجد أن كلمة "العقل" ومشتقاتها وردت فيه ما يزيد عن 300 مرة، وتتجلى هذه الأهمية القصوى في أن التكليف الشرعي يسقط عن غير العاقل؛ فالعقل هو مناط التكليف، وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة بلسان أهل النار أنفسهم، حيث قالوا: "قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير"، مما يبرهن على أن قضية العقل بالغة الأهمية؛ إذ هو الأداة الأساسية التي تمكن الإنسان من معرفة المولى سبحانه وتعالى واستيعاب رسالته، مؤكدًا بذلك أن الإسلام دين يقوم على الاقتناع الفكري والبحث عن الحقيقة، لا على التسليم الأعمى.

من جانبه أكد الدكتور مجدي عبد الغفار أن نعمة العقل هي من أجل النعم على الإطلاق، فهي الميزان الذي يحدد مكانة الفرد في مجتمعه، والأداة الأساسية التي يتحقق بها إعمار الإنسان للأرض، وبناءً على ذلك، وأن أي مسعى لـ "عمار" بلادنا وأوطاننا وأمتنا يقوم على ثلاثة أركان جوهرية: الإنسان، حيث يكون (الإنسان قبل البنيان)، ثم يليه ركن الوعي، والركن الثالث هو العبادة (الساجد قبل المساجد).

أوضح الدكتور مجدي عبد الغفار أن التدبر في آيات الكون هو المنهج الإلهي الذي سلكه المولى – سبحانه وتعالى- مع سيدنا إبراهيم عليه السلام للوصول إلى اليقين، حيث قال تعالى: " وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" وهذا التوجيه الرباني بالنظر والتفكر يجب أن يلتزم به الدعاة والعلماء اليوم، لأنه هو الحديث الأكثر نفعًا وفائدة، وهو المنهج الذي سار عليه السلف من علماء هذه الأمة، فنجد قول أحد علمائها الإمام الجويني: "لولا العقل ما فهمنا حقيقة النقل"، لأن العقل هو أساس التكليف، والنقل (الشرع) هو أساس الهداية، ولا يوجد أي تعارض أو خلاف بينهما؛ فكلاهما مصدر للعلم والمعرفة، ويعملان بتناغم للوصول إلى الحقائق الإيمانية والكونية.

مقالات مشابهة

  • في مشهد مهيب بأسيوط.. تكريم 200 فائز في مسابقة بني عدي الكبرى لحفظ القرآن
  • خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من رحاب الجامع الأزهر الشريف
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • الأزهر يوضح مفهوم الوسطية في الإسلام ودورها في تحقيق التوازن
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية بالبحر الأحمر
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية بمرسى مطروح
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية قالون.. اليوم
  • المشرف على الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية