الأزهر والإفتاء: الاحتفال برأس السنة الميلادية «جائز»
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
ما حكم الاحتفال بالكريسماس ورأس السنة الميلادية؟.. استعدادا لاستقبال عام جديد، بدأت دول العالم في الاحتفال بأعياد الميلاد، من خلال تعليق زينات في الأماكن العامة، ولكن يتردد كل عام أسئلة حول حكم الاحتفالات بأعياد ميلاد السيد المسيح عليه سلام الله، وهل الاحتفال ببداية السنة الميلادية، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال كتعليق الزينة يُعدُّ حرامًا شرعًا؟
وبدورها قامت دار الإفتاء والأزهر الشريف بالرد على الجدل المثار حول احتفال المصريين بعيد الميلاد المجيد وأعياد رأس السنة الميلادية.
أكدت دار الإفتاء، أن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح أمرٌ مشروعٌ لا حرمة فيه، لأنه تعبيرٌ عن الفرح به، كما أن فيه تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم القائل في حقه: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» رواه البخاري.
وقالت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «هل يجوز احتفال المسلمين مع المسيحيين وتهنئتهم في رأس السنة الميلادية؟»، إن المسلمين يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنها من أكبر نِعم الله تعالى على البشر.
وأضافت أن الأيام التي وُلِدَ فيها الأنبياء والرسل أيامُ سلام على العالمين، وأشار الله تعالى إلى ذلك، فقال عن سيدنا يحيى: «وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» [مريم: 15]، وقال عن سيدنا عيسى: «وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» [مريم: 33]، وقال تعالى: «سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ» [الصافات: 79]، وقال تعالى: «سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ» [الصافات: 109]، ثم قال تعالى: «سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ» [الصافات: 120]، إلى أن قال تعالى: «وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ» [الصافات: 181-182].
وتابعت: إذا كان الأمر كذلك، فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى على إرسالهم، والاحتفال والاحتفاء بهم، كل ذلك مشروع، بل هو من أنواع القرب التي يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيوم نجاة سيدنا موسى من فرعون بالصيام، فروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يومًا -يعني: عاشوراء-، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرًا لله، فقال: «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ» فصامه وأمر بصيامه. فلم يعدَّ هذا الاشتراك في الاحتفال بنجاة سيدنا موسى اشتراكًا في عقائد اليهود المخالفة لعقيدة الإسلام.
حكم تهنئة غير المسلمين برأس السنة والكريسماسوأوضحت: أما تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به، سواء في هذه المناسبة أو في غيرها، فلا مانع منها شرعًا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة في أعيادهم الإسلامية، حيث يقول الله تعالى: «وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» [النساء: 86]، وليس في ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التي يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هي من البرِّ والإقساط الذي يحبه الله، قال تعالى: «لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» [الممتحنة: 8].
وألمحت إلى أن الآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبِرَّهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام، كل هذا مستحبٌّ شرعًا، يقول الإمام القرطبي في "أحكام القرآن" (18/ 59، ط. دار الكتب المصرية): [قَوْلُهُ تَعَالَى: «أَنْ تَبَرُّوهُمْ» أَيْ: لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنْ أَنْ تَبَرُّوا الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ.. .«وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» أَيْ تُعْطُوهُمْ قِسْطًا مِنْ أَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ].
من جانبه، رد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في كتاب «الأطفال يسألون الإمام»، على سؤال بعض الأطفال: يعجبني شكل شجرة الكريسماس ومظاهر الاحتفال به وأحب مشاهدتها في الأفلام الأجنبية. فهل هذا حرام؟».
وأجاب شيخ الأزهر الشريف على الطفل بالقول: إعجابك بالأشجار أيا كانت شيء جميل لا شيء فيه لأنها من خلق الله تعالى، ذات المنظر البديع الدال على عظمة الله وقدرته في خلقه، وكذلك جميع المناظر الطبيعية من حولنا حينما تنظر إليها ونرى جمالها، لا نملك إلا أن نقول: سبحان الله.. تبارك الله أحسن الخالقين. وقد أمرنا الله تعالى في كتابه بالنظر إلى ما في الكون والتدبر فيه، فكلما تمعن الإنسان في خلق الله المباح ازداد يقينا وإيمانا بالله تعالى.
وذكر شيخ الأزهر: أما إعجابك بمظاهر الاحتفال بالكريسماس لا يحرم إلا إذا كان في هذه المظاهر أشياء محرمة أو عنف وإساءة، فحينها لا يجوز مشاهدتها ولا الإعجاب بها، وهذه الشروط ليست خاصة بالكريسماس فقط، وإنما هي شروط لكل الاحتفالات وغيرها، سواء كانت خاصة بالمسلمين أو بغير المسلمين، فالأصل في جميع الأشياء أنها مباحة إلا ما أتى الشرع الحنيف بتحريمه فيصبح حراما.
ولكن يا بني - يضيف الإمام الأكبر - لابد أن يكون لك ذاتية متفردة لا يستهويك أي شيء تراه، فالله تعالى أعطانا العقل لضبط الأمور وتسييرها في مسارها الصحيح، هذا ما أريد أن تكون عليه، فلا تنخدع بسفاسف الأمور والانسياق وراءها، وهذا ما ربى النبي ﷺ أمته عليه، فقال: (لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن النَّاسُ أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تُحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا).
اقرأ أيضاًأجمل عبارات التهاني ورسائل قصيرة بمناسبة العام الميلادي الجديد 2025«Happy New Year»
«عام مليء بالرزق والنجاح».. أدعية استقبال السنة الميلادية الجديدة 2025
طوارئ بمنتجعات مرسى علم لإستقبال احتفالات أعياد الميلاد
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتفال برأس السنة الميلادية الاحتفال بأعياد الميلاد الاحتفال ببداية السنة الميلادية احتفال المصريين بعيد الميلاد المجيد السنة المیلادیة غیر المسلمین برأس السنة الله تعالى لله تعالى الله ع أحسن ا
إقرأ أيضاً:
أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أسرْتَ قلوبَ العبادِ بحُبِّكْ.. مضوْا يعمُرونَ الحياةَ بنهْجِكْ
تراهُمْ أتوْكَ جموعاً جموعاً.. يسيرونَ نحوَ الجِنانِ بدربِكْ
وَمِنْ فرْطِ شوقي سألتُ حنيناً.. متَى ألتقيكَ لِأَهنَا بقُربِكْ؟
فصلَّى كثيراً إلهُ الورى.. وسلَّمَ دوماً عليكَ وصحْبِكْ
اللهم صلِّ علي سيدنا محمد عبدك ورسولك النبي الأمي بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين، اللهم صلِّ صلاة كاملة وسلم سلاماً تاماً علي سيدنا محمد الذي تنحلُّ به العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضي به الحوائج، وتنال به الرغائب، وحسن الخواتم، واستسقاء الغمائم بوجهه الكريم في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك.
“صلى الله عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله”