سودانايل:
2025-05-28@04:38:27 GMT

تقدم وحكومة المنفى

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

في ظل الصراعات المستمرة في العديد من الدول العربية، ظهرت تحالفات سياسية وأحياناً سياسية-عسكرية تضم قوى مدنية معارضة للنظم الديكتاتورية، تطالب بالديمقراطية وترى أنها تمثل الثورات الشعبية والشرعية. هذه التحالفات شملت أحياناً تيارات إسلامية معتدلة وأحياناً متطرفة وأحياناً مليشيا عرقية مسلحة. في بعض الحالات، تم تشكيل حكومات منفى تسعى للحصول على الاعتراف السياسي ونزع الشرعية عن الأنظمة الحاكمة أو سلطات الأمر الواقع، بهدف تحقيق ما تصفه بمصالح شعوبها.

تعتمد هذه الحكومات عادةً على التنسيق مع المجتمع الدولي والإقليمي للضغط على الأنظمة المستبدة أو سلطات الأمر الواقع لتغيير الأوضاع السياسية والإنسانية في بلدانها.
لكن هذه الحكومات واجهت تحديات كبيرة، مثل ضعف قدرتها على التأثير داخل البلاد. وبعضها استُغل من قوى خارجية لتحقيق مصالحها الخاصة. هذا المقال يستعرض تجارب حكومات المنفى في دول عربية، ويناقش ما إذا كانت هذه الفكرة مفيدة للسودان في ظل الظروف الحالية.

تجارب حكومات المنفى في المنطقة

في عام ٢٠١٢، بعد اندلاع الصراع السوري، شكّلت المعارضة السورية حكومة منفى في تركيا، ممثلة بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية". رغم الدعم الدولي، واجهت هذه الحكومة تحديات كبرى، أبرزها الانقسامات الداخلية، حيث تعددت الخلافات بين فصائل المعارضة السياسية والعسكرية، مما صعّب اتخاذ قرارات موحدة. كذلك تعرضت للاستغلال الخارجي حيث عمت قوى إقليمية ودولية حكومة المنفى، لكنها سعت لتحقيق أجنداتها الخاصة. مما أضعف وحدة الحكومة وزاد من الخلافات بين الفصائل السياسية والعسكرية المختلفة، فمثلاً تركيا استبعدت الأكراد ودعمت فصائل معينة، دول الخليج دعمت أطرافاً متباينة، كذلك التنافس بين القوى الدولية (أمريكا وروسيا) زاد من تعقيد المشهد.
بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء عام ٢٠١٤، انتقلت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى السعودية. حصلت على دعم التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي تدخل عسكرياً عبر عملية "عاصفة الحزم". لكن ظهرت الانقسامات الداخلية أيضاً بين الفصائل اليمنية المدعومة من أطراف مختلفة. كذلك تعرضت الفصائل المختلفة لاستغلال خارجي مما زاد من حدة الإنقسامات، فالسعودية والإمارات تنافستا داخل التحالف نفسه، مما أضعف الحكومة. زادت التدخلات الخارجية من تعقيد الصراع بدلاً عن حله.
في ٢٠١٤ نقل "مجلس النواب الليبي" مقرّه إلى طبرق في شرق ليبيا (يمكن إعتباره منفى داخلي) بسبب النزاع مع القوى الإسلامية والمليشيات في طرابلس. رغم الدعم الدولي، واجهت الحكومة الليبية تحديات مشابهة: إنقسامات داخلية وصراع بين الفصائل، وتدخلات خارجية لتحقيق مصالح اقتصادية، خاصة في قطاع النفط.

استغلال حكومات المنفى من القوى الخارجية

حكومات المنفى في الدول العربية كانت في كثير من الأحيان أداة لتحقيق مصالح القوى الدولية والإقليمية. في سوريا دعمت دول مثل أمريكا وتركيا المعارضة لأهداف مختلفة مثل مواجهة الإرهاب، تحجيم النفوذ الإيراني، وتحجيم فصائل لها إرتباطات مع قوى تدعم قوى إنفصالية ومعارضة لها كالأكراد بين سوريا وتركيا. في اليمن دعمت السعودية الحكومة اليمنية لمواجهة الحوثيين، بينما دعمت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي لتحقيق مصالحها مما زاد من إنقسام الفصائل. في ليبيا تنافست دول غربية وإقليمية لدعم فصائل مختلفة لتحقيق مصالح اقتصادية واستراتيجية.

الدروس المستفادة للسودان

إذا فكرت تقدم في تشكيل حكومة منفى، فعليها أن تتعلم من تجارب الدول الأخرى. فيجب توحيد الأطراف المدنية والسياسية السودانية لضمان وضوح الأهداف والرؤية. في ظل الانقسامات الحالية، يبدو هذا صعباً، مما يجعل فكرة حكومة المنفى غير مناسبة في الوقت الحالي. كما يجب أن تضمن الحكومة استقلال قرارها وألا تكون أداة لتحقيق مصالح دول أخرى. لكن في ظل حاجة حكومة المنفى للدعم الخارجي السياسي للضغط على المتحاربين، فإنها قد تتعرض للاستغلال أو الاختراق. أي حكومة منفى يجب أن تتمتع بقدرة حقيقية على تحسين الوضع داخل السودان، في الظروف الراهنة، قد تضطر للعمل في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع، مما يعقّد الوضع، خاصة أن الدعم السريع لن يقبل تسليم السلطة لأي جهة أخرى وهو قد حارب عليها من صنعوه، مما يجعل أي حكومة منفى مجرد غطاء للمليشيا.

ختاماً، تجارب حكومات المنفى في سوريا واليمن وليبيا فشلت في تحقيق أهدافها لأسباب داخلية وخارجية، أبرزها الانقسامات بين مكوناتها وتعرضها للاستغلال من القوى الإقليمية والدولية. في الحالة السودانية، تشكيل حكومة منفى في ظل الانقسامات الحالية قد يجعلها أداة لقوى خارجية أو غطاءً سياسياً لمليشيات الدعم السريع، مما يفقدها الدعم الشعبي. بدلاً من ذلك، على القوى المدنية السودانية أن تبحث عن حلول مبتكرة تتجنب تكرار أخطاء حدثت من تجارب الشعوب حولنا، وتحقق السلام والعدالة والديمقراطية التي ينادي بها خطابها.

mkaawadalla@yahoo.com

محمد خالد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حکومة المنفى لتحقیق مصالح حکومة منفى

إقرأ أيضاً:

عدن تواجه وباءً غامضاً وحكومة “بن بريك” تستغيث بالمجتمع الدولي

الجديد برس| أطلقت حكومة أحمد بن بريك، الموالية للتحالف السعودي الإماراتي والمقيمة في الرياض، نداء استغاثة عاجل إلى الدول والمنظمات الدولية والأممية، لإنقاذ سكان مدينة عدن، جنوبي اليمن، في ظل تفشي وباء غامض حصد أرواح المئات وأصاب الآلاف منذ مطلع مايو الجاري. وقالت وزارة التخطيط التابعة للحكومة إن مستشفيات عدن تسجّل يوميًا مئات الإصابات والوفيات، وعلى رأسها حالات حمى الكوليرا، وسط انهيار شبه تام للمنظومة الصحية في المدينة وعجز واضح في مواجهة الأزمة. وأكدت الوزارة أن تزايد أعداد الوفيات يعود إلى ضعف الإمكانات الطبية، وشحّ الأدوية، ونقص حاد في المستلزمات الوقائية ومستلزمات الطوارئ، مما يهدد حياة الآلاف، خصوصًا من الأطفال والنساء وكبار السن، محذّرة من تحول الوضع إلى كارثة صحية قد تمتد إلى محافظات أخرى في حال غياب التدخل العاجل. ودعت حكومة “بن بريك” إلى تقديم دعم طبي طارئ يشمل تزويد مراكز علاج الكوليرا والحميات بالأدوية، والمحاليل الوريدية، وأدوات الوقاية، إضافة إلى صرف حوافز عاجلة للكوادر الطبية التي تواجه ظروفًا بالغة الصعوبة. وتأتي هذه الاستغاثة في ظل تدهور مستمر في الخدمات العامة بمدينة عدن، وانهيار البنية التحتية للمؤسسات الصحية، وسط اتهامات شعبية للحكومة المحلية والتحالف بالفشل في إدارة الأزمة وتجاهل معاناة السكان.

مقالات مشابهة

  • مدبولي يؤكد استمرار جهود الحكومة لتحقيق المستهدف الخاص باستدامة المسار النزولي للدين
  • رئيس الحكومة: عدد الأرامل المستفيدات من الدعم المباشر تضاعف 6 مرات
  • حفظا لكرامة كبار السن.. رئيس الحكومة يعلن استفادة مليون مسن من دعم اجتماعي شهري
  • 12 مترشحًا لرئاسة الحكومة أمام البرلمان، وعقيلة يطلب “الدعم الدولي”
  • عدن تواجه وباءً غامضاً وحكومة “بن بريك” تستغيث بالمجتمع الدولي
  • حقيقة إضافة لبن الأطفال على بطاقات التموين.. الحكومة توضح
  • الحكومة تبدأ تطبيق الكارت الموحد لصرف الدعم وتحديث قاعدة البيانات
  • وزير التموين: الكارت الموحد خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية.. وإضافة المواليد مستمرة
  • وزير الشئون النيابية: الحكومة تركت القوى السياسية والأحزاب تقرر النظام الانتخابي الأنسب
  • محاكمة كاميروني بأميركا بتهمة التآمر ودعم الجماعات الانفصالية