بين دمشق و كابول … التاريخ يعيد نفسه
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
#سواليف
بين #دمشق و #كابول … التاريخ يعيد نفسه
#عدنان_الروسان
ما أشبه اليوم بالبارحة ، دمشق تستدعي اليوم الى الذاكرة و بقوة كابول عام 2021 ، كابول التي كانت تدار من قبل حكومة تحميها الولايات المتحدة الأمريكية و التحالف الغربي ، و فجأة شنت طالبان عليها و على غير توقع من أحد حينئذهجوما كبيرا و واسعا ، و طالبان هي حركة اسلامية (وتعني بالعربية الطلبة أو الطلاب)، و هي حركة إسلاميّة سِيَاسِية سُنية مُسلحة تكونت من طلبة المدارس الدينية في باكستان ، وكان تقدم طالبان نحو العاصمة سريعا و مذهلا للحكومة و الداعمين لها من دول الغرب ، و اليوم نرى نفس السيناريو يتكرر في سوريا و كأنه نسخة مستعارة عن افغانستان 2021 ، فالمعارضة السورية المسلحة لا تجد أمامها أي مقاومة من قبل قوات النظام السوري و كأن الجيش السوري غير موجود ، و يبدو في التحليل المنطقي ان الجيش يتمركز حول دمشق للمعركة الأخيرة للدفاع عن العاصمة اذا ساءت الأمور بالنسبة للنظام السوري.
ايران و حزب الله اللذين كان يعول عليهما النظام السوري تعرضا لضربات قاتلة و مهينة من قبل اسرائيل ، فحزب الله تعرض الى ضربة موجعة كبيرة أدت الى انهيار سريع في منظومة القيادة و السيطرة فيه و الى تعرض مئات القيادات للقتل مما أدى الى اضطراره للإنسحاب من المشهد العسكري بالكامل و ايران وجدت نفسها اسيرة لمخطط كانت أعدته غير انها لم تتمكن من ادارته بحكمة بعد السابع من اكتوبر و بالتالي خسرت الكثير من حالة القوة التي كانت تحيط نفسها بها و اليوم لا ايران و لا حزب الله قادرين على اسناد النظام كما حصل قيل سنوات قليلة ( و سأكتب في هذا الموضوع تحديدا ان شاء الله لأهميته ).
في اللعبة الجيوسياسية بالنسبة للأوضاع الأخيرة في سوريا يبدو أن كل شيء يمر عبر حمص و ما حولها فما يدور في المنطقة يعتبر أمرا شديد الأهمية و الخطورة بالنسبة للغرب في الجغرافيا السياسية العالمية، الجغرافيا السياسية التي تمتد من أوكرانيا إلى البحر الأحمر من جانب ، و من جانب آخر الخط الذي يمتد من شمال أفريقيا وليبيا إلى آسيا الوسطى عبر الشرق الأوسط، فإن سوريا تأخذ بعدا مهما كبيرا فيه و في الجغرافيا السورية تحديدا فان خط حماة حمص هو المركز العصبي لسوريا ، وبمجرد سقوط المدينتين فان معاقل العلويين على الساحل ستفصل عن العاصمة دمشق و بالتالي فمن المتوقع أن تنقطع الاتصالات بين العاصمة وقواعد طرطوس واللاذقية حيث تعمل القوات البحرية والجوية الروسية. ويتحدث محللون سياسيون غربيون في تقارير ذات اهمية كبيرة عن ما بات يسمى حالة “التدمير المسيطر عليه” للنظام السوري ، وهنا يستدعي الكثيرون “صيغة أستانا” التي ارست قواعد التفاهم المحتملة بين روسيا وتركيا وإيران لتحديد خروج متحكم فيه للأسد من البلاد.
ما يجب أن نفهمه جيدا انه و بعيدا عن كل التحليلات السياسية للوضع بما فيها التحليل الذي اشارك فيه بتواضع و بكل موضوعية ممكنة بعيدا عن الرغبات فان الخاسر الكقبير و الوحيد في كل هذا الجحيم الذي تمر به سوريا و الشعب السوري هو العالم العربي و العرب ، فبنظرة بسيطة نرى أن الغرب كان يريد و قد نجح في تدمير الدول العربية الكبرى و اخافة الدول الصغرى ، و قد حطم بالفعل العراق و قسمها عمليا و ان كانت من حيث الشكل ما تزال دولة واحدة و حطم سوريا و قضى عليها و فتتها و دمر حالة مصر الديمقراطية لأول مرة منذ خمسة لآف عام و نشر الفوضى في ليبيا و تونس و اليمن و قسم السودان و حروب اخرى على الطريق بعد الإنتهاء من سوريا .
ايران و روسيا في حيرة من أمرهما و غير قادرتين على اتخاذ قرارات مهمة تستطيعان الدفاع عنها ، فروسيا متورطة في حرب اوكرانيا و مهددة من قبل حلف الناتو و ايران شرحنا وضعها انفا و هي بانتظار الرئيس الأمريكي الجديد العائ بقوة و الذي قد يحدق فرقا كبيرا في كل موازين القوى و التخالفات في الشرق الأوسط الجديد الذي قد يطيح فيه برؤساء و رؤوس ، و من هنا حالة الترقب و الحذر العربي من مجيء ترامب بل ان نتنياهو نفسه ليس متأكدا مما قد يفرضه عليه ترامب ، بالطبع لا نشكك و لو للحظة أن موقف امريكا من اسرائيل سيبقى كما هو الموقف الضامن لأمن اسرائيل لكن قد تستدعي السياسة الأمريكية بقيادة ترامب موقفا او مواقف مغايرة عما كان عليه الأمر في الماضي.
و في الأردن فان هناك حالة من الحساسية السياسية تجاه ما يجري و ذلك بسبب تخوف الحكومة كما هو حال الآخرين في الإقليم من سياسات ترامب تجاه المنطقة و ثانيا بسبب انحسار الدور الأردني في القضية الفلسطينية و قضايا الإقليم الى ما يشبه حالة من الإعتكاف السياسي و التي نأى بها الأردن نفسه عن كل ما يجري في الإقليم و بالتالي لم يعد له مقعد على طاولة الحوار الإقليمي ، و قد يتسدعي ذلك اعادة النظر في مجمل النهج السياسي لأن المنطقة مقبلة على متغيرات جوهرية كبيرة ، و ربما ما يجري اضطر الملك ان يقطع زيارته الى الولايات المتحدة الأمريكية و العودة الى عمان لأن المعارك السورية باتت على ابواب الأردن و هي تثير الكثير من المخاوف لأسباب كثيرة ليس الآن وقت الحديث فيها.
كنا قد تحدثنا كثيرون و أنا منهم من الغيارى على الوضع الوطني و العربي عن أن انعكاسات و ارهاصات السابع من أكتوبر سيكون لها وقع مدوي في المنطقة و لكن نمن يديرون السياسة في بلادنا لا يصغون في العادة لصغار الكتاب أمثالنا لأنهم يعتقدون أنهم يملكون كل ما يريدون و يحتاجون من معلومات و تحليلات و نصائح و في النهاية و في أكثر من مرة يتبين انهم مخطئون لسوء الحظ.
ما يجري في سوريا شديد الخطورة ، و رجل المطافيء في المنطقة هو قطر ، ففي الدوحة سيعقد اجتماع اليوم بين تركيا و روسيا و ايران لبحث الموقف ، و الدوحة بحجمها الجغرافي الصغير تمكنت من أن تكون عاصمة المفاوضات و الحلول للمنطقة كلها من أفغانستان الى لبنان الى غزة و فلسطين و سوريا و العراق و أبد من ذلك.
سنتحدث عن مجريات ما حصل لحزب الله بالمعلومات و ليس بالتحليل في المرة القادة ان شاء الله. مقالات ذات صلة رويترز عن مسؤولين غربيين: الجيش السوري في وضع صعب 2024/12/07
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف دمشق كابول ما یجری من قبل
إقرأ أيضاً:
جروسي في سوريا لأول مرة منذ الإطاحة بالأسد ويعلن عن تعاون نووي جديد
زار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، العاصمة السورية دمشق، الأربعاء، في أول زيارة له منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد، حيث بحث إمكانية تطوير استخدامات الطاقة النووية في سوريا، في ظل تحول لافت في موقف دمشق تجاه التعاون مع الوكالة.
وفي منشور عبر منصة "إكس"، قال جروسي عقب لقائه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، إنه يحيي "شجاعة الشرع وتعاونه الشفاف لطيّ صفحة من الماضي السوري"، في إشارة إلى مرحلة التوتر بين الوكالة والنظام السابق بسبب ملف منشأة دير الزور النووية المزعومة.
وأكد المدير العام للوكالة الذرية أن دمشق أبدت استعدادها للموافقة على دخول فوري للمفتشين الدوليين إلى المواقع النووية السابقة المشتبه فيها، والتي ظلت محور خلاف طويل بين الطرفين منذ الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الموقع في عام 2007.
وأوضح جروسي أن الجانبين سيشرعان في بحث إمكانيات استخدام الطاقة النووية لأغراض مدنية في سوريا، خاصة في مجالي الصحة والزراعة، مضيفًا أن التعاون مع سوريا بات ضروريًا "لحل القضايا العالقة والتركيز على المساعدة الحيوية التي يمكن أن تقدمها الوكالة".
تعزيز الأمن الغذائيمن جانبها، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن الوزير أسعد الشيباني وقّع مع جروسي مذكرة تفاهم جديدة تتعلق بتعزيز التعاون مع الوكالة في مجالات أمن الغذاء ومكافحة السرطان، ضمن خطة أوسع لاستخدام التطبيقات السلمية للطاقة النووية.
وتُعد هذه الزيارة هي الثانية من نوعها لجروسي إلى دمشق خلال عام واحد، حيث سبق أن زار سوريا في مارس 2024، حين التقى بالرئيس السابق بشار الأسد، في زيارة قال حينها إنها جاءت تلبية لدعوة رسمية للتحقق من المواد والمنشآت النووية.
وكانت إسرائيل قد أعلنت في عام 2018 مسؤوليتها عن تنفيذ غارة جوية استهدفت منشأة في دير الزور عام 2007، زاعمة أنها كانت موقعًا لمفاعل نووي سري، وهي مزاعم نفتها دمشق في حينه، مؤكدة عدم وجود أي مشروع نووي خارج نطاق الرقابة.
وتأتى زيارة جروسي الحالية وسط تغيرات كبيرة في المشهد السوري، بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وتسلم حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع مقاليد الحكم، في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي إلى إعادة دمج سوريا تدريجيًا في المنظومة الدولية عبر ملفات علمية وإنسانية مشتركة.