من هي الجماعات المسلحة التي أطاحت بحكم بشار الأسد وهل ينفرط العقد بينها بعد سقوط النظام؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
من هي تلك الجماعات المسلحة التي أسقطت النظام في دمشق؟ هذه نظرة على الانقلاب المذهل للمشهد في الأيام العشرة الماضية، وما قد يحدث في المستقبل في بلد عصفت به حرب أهلية بدأت قبل نحو 14عاماً.
أحداث متسارعة شهدتها سوريا. سقطت الحكومة السورية في الساعات الأخيرة بعد أن قال مقاتلو المعارضة إنهم دخلوا العاصمة دمشق على وقع التقدم الخاطف الذي حققوه وسيطرتهم على حلب تلتها حمص وحماة ومدن أخرى.
وقال رئيس الوزراء السوري محمد غازي جلالي إن الحكومة السورية مستعدة "لمد يدها" إلى المعارضة وتسليم مهامها إلى حكومة انتقالية.
وقال جليلي في فيديو مصور: "أنا في منزلي ولم أغادره، وهذا بسبب انتمائي لهذا البلد". وقال إنه سيذهب إلى مكتبه لمواصلة عمله في الصباح، ودعا المواطنين السوريين إلى عدم تشويه الممتلكات العامة. لكنه شوهد فيما بعد وهو محاط بعناصر مسلحة اقتادته إلى مكان مجهول بحسب شريط مصور انتشر عل مواقع التواصل.
وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري المعارض الذي مقره لندن، إن الأسد غادر البلاد على متن طائرة من دمشق في وقت مبكر من يوم الأحد. ولم يتطرق الجليلي إلى التقارير التي تحدثت عن مغادرة الأسد.
ودخل مقاتلو المعارضة العاصمة السورية في تطور متسارع للأحداث بدأ غداة الإعلان عن وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. فقد أعلنت هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) شنها عملية سمتها "ردع العدوان" بدأت بدخولها حلب ثاني مدينة في سوريا في تطور فاجأ الكثيرين في العالم. بعدها، تخلى الجيش السوري عن المدن الرئيسية دون مقاومة تذكر.
فمن هي تلك الجماعات المسلحة التي أسقطت النظام في دمشق؟
Relatedالحرب السورية تعود للواجهة.. كيف انفجر الوضع مجددًا؟إليكم نظرة على الانقلاب المذهل للمشهد في الأيام العشرة الماضية فقط، وما قد يحدث في المستقبل بين الجماعات المسلحة في بلد عصفت به حرب أهلية بدأت قبل نحو 14عاماً.
هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرةوتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها الجماعات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام إلى العاصمة السورية. حيث كانت وصلت إلى مشارف دمشق في عام 2018، عندما استعاد الجيش السوري السيطرة على المنطقة بعد حصار دام سنوات.
ويقود المسلحين أقوى جماعة متمردة في سوريا، وهي هيئة تحرير الشام لتي يقودها أبو محمد الجولاني، إلى جانب مجموعة تضم ميليشيات سورية مدعومة من تركيا تسمى الجيش الوطني السوري. وقد تحصّن كلاهما في الشمال الغربي للبلاد. وقد شن هؤلاء المسلحون هجومًا صادمًا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني المضي حيث استولوا على حلب، أكبر المدن السورية، وحماة في وسط البلاد، رابع أكبر المدن السورية.
تعود أصول هيئة تحرير الشام إلى تنظيم القاعدة وهي مصنّفة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة منظمة إرهابية. لكن الجماعة قالت في السنوات الأخيرة إنها قطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة في محاولة لتجميل صورتها. ويقول الخبراء إن هيئة تحرير الشام سعت إلى إعادة تشكيل نفسها في السنوات الأخيرة من خلال التركيز على تعزيز الحكومة المدنية في أراضيها بالإضافة إلى العمل العسكري.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني لـCNN في مقابلة حصرية قبل أيام إن الهدف من الهجوم هو الإطاحة بحكم بشار الأسد.
Relatedالجولاني: تحرير الشام لا تنوي السيطرة منفردة على إدلب وهدفنا توحيد الإدارة المدنيةالمعارضة المسلحة بقيادة جبهة تحرير الشام تتقدم باتجاه حمص والجولاني يعلنها صراحة.. نريد إسقاط الأسدمن "النصرة إلى تحرير الشام".. ماذا نعرف عن أبو محمد الجولاني؟قوات سوريا الديمقراطية تتوعد بالرد بعد مقتل 6 من عناصرها في قصف استهدف قاعدة أمريكية10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكان الجولانيخلافات محتملة في المستقبلالآن وبعد رحيل الأسد، لا يمكن الجزم ببقاء الحال على ما هو عليه بين هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري اللذين جتمعا على سقوط النظام وكانا حليفين في بعض الأحيان وخصمين في أحيان أخرى. فالأهداف والمصالح قد تتباعد على ضوء المشهد الجديد.
كما أن للميليشيات المدعومة من تركيا مصلحة في إنشاء منطقة عازلة قرب الحدود التركية لإبعاد المسلحين الأكراد الذين هم على خلاف مع أنقرة. وكانت تركيا داعمًا رئيسيًا للمقاتلين الذين يسعون للإطاحة بالأسد رغم إعلانها مؤخرًا أنها غيرمنخرطة في تقدم المسلحين ونفى المسؤولون الأتراك بشدة أي تورط لهم في ما يجري.
الآن ثمة سؤال يفرض نفسه: هل سيبقى التحالف بين هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري بعد سقوط النظام أم ينفرط عقد التحالف الآني بين التنظيمين أم ينقلب كل منهما على الآخر مرة أخرى؟
قوات سوريا الديمقراطية ودرعا.. بين من ينتظر الفرصة السانحة وتدفيع الثمنوفي الوقت الذي بدأ فيه هجوم هيئة تحرير الشام الخاطف ضد الحكومة السورية في الشمال، بدأت جماعات مسلحة أخرى في حشد صفوفها في الجنوب.
فقد تمت السيطرة على منطقتي السويداء ودرعا الجنوبيتين محلياً. فالسويداء هي معقل الأقلية الدينية الدرزية في سوريا وكانت مسرحاً لاحتجاجات منتظمة مناهضة للحكومة حتى بعد أن عزز الأسد سيطرته على المنطقة.
أما درعا فهي منطقة تسكنها أغلبية سنّية وكانت مهد الانتفاضة ضد حكم الأسد التي اندلعت في عام 2011. وكان الجيش السوري قد استعاد السيطرة على درعا عام 2018، لكن المسلحين بقوا في بعض المناطق. قبل أن تشهد المدينة في السنوات حالة من الهدوء الهشّ في ظل اتفاق وقف إطلاق النار تمّ بوساطة روسية.
ويسيطر على جزء كبير من شرق سوريا قوات سوريا الديمقراطية، وهي جماعة يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة وتعتبر خصما لدودا لأنقرة. وقد سبق واشتبكت مع معظم الجماعات المسلحة الأخرى في البلاد. كما تتعرض المناطق التي تسطير عليها من وقت لآخر للقصف من الجيش التركي إذ تتهمها أنقرة بالتواطؤ مع جيش العمال الكردستاني.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سقوط النظام في دمشق والأسد يغادر البلاد بعد دخول المسلحين العاصمة السورية أذربيجان: اعتقال 6 صحفيين بتهمة تهريب بضائع محظورة بريطانيا: ارتفاع قياسي في أسعار المنازل فما هي الأسباب؟ بشار الأسدحرب أهليةإيرانتركياالحرب في سورياالمصدر: euronews
كلمات دلالية: بشار الأسد الحرب في سوريا روسيا إيران الجيش السوري دونالد ترامب بشار الأسد الحرب في سوريا روسيا إيران الجيش السوري دونالد ترامب بشار الأسد حرب أهلية إيران تركيا الحرب في سوريا بشار الأسد الحرب في سوريا روسيا إيران الجيش السوري دونالد ترامب إسرائيل فرنسا مظاهرات عزل حزب الله كوريا الجنوبية الجیش الوطنی السوری أبو محمد الجولانی الجماعات المسلحة هیئة تحریر الشام العاصمة السوریة النظام فی دمشق الجیش السوری یعرض الآن Next سقوط النظام بشار الأسد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
لماذا لم تتفاعل تونس مع التغيير السياسي في سوريا؟
رغم مرور أكثر من 6 أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وتشكّل حكومة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تواصل تونس صمتها الرسمي تجاه هذا التحول السياسي المفصلي، في وقت سارعت فيه معظم الدول العربية إلى إعلان مواقف واضحة، تفاوتت بين الترحيب الحذر والدعم وإعادة تطبيع العلاقات.
وباستثناء البيان الصادر عن الخارجية التونسية في اليوم الثاني لسقوط النظام، الذي أكدت فيه أهمية وحدة سوريا، وسلامة أراضيها واحترام إرادة شعبها، فإن تونس لم تبد حتى الآن أي تفاعل سياسي مباشر مع التغيير الجوهري الذي شهدته سوريا، فلا بيان رسمي، ولا تهنئة، ولا مؤشرات على نية إعادة العلاقات الدبلوماسية.
في ضوء ذلك يطرح هذا التقرير تساؤلا محوريا: لماذا لا تتفاعل تونس مع التغيير السياسي الجديد في سوريا؟ وهل يعكس هذا الغياب نهجا دبلوماسيا محسوبا يرتكز على التريث وعدم التسرع؟ أم أنه انعكاس لحالة انشغال داخلي ترك الملف السوري خارج أولويات السياسة الخارجية؟
بينما يأتي الصمت التونسي تجاه التغيير السياسي في سوريا وليد الحياد أو التريث الدبلوماسي بحسب أنصار الحكومة، يعكس وفق مراقبين وناقدين للسياسة الخارجية التونسية، امتدادا لتحالف سياسي سابق بين نظام الرئيس قيس سعيد والنظام السوري المخلوع، إذ شهدت العلاقات بين الطرفين تقاربا لافتا في السنوات الأخيرة، بلغ ذروته بلقاء مباشر جمع سعيّد ببشار الأسد على هامش القمة العربية في جدة عام 2023.
وكانت تونس من أوائل الدول التي أغلقت سفارتها في دمشق مطلع سنة 2012، إلا أن الوضع تغير مع انفراد سعيد بالحكم في صيف 2021، إذ سارعت تونس إلى مد يدها للنظام السوري السابق في مسعى لفك عزلته، وفي سنة 2022، التقى سعيد بوزير خارجية الأسد فيصل المقداد، على هامش زيارتهما إلى الجزائر بمناسبة الذكرى الـ60 للاستقلال، وطلب منه نقل تحياته إلى بشار الأسد.
وبعد عام من هذا اللقاء، قرر قيس سعيد رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في سوريا وإعادة فتح السفارة التونسية في دمشق، مجددا تأكيد وقوف بلاده إلى جانب دمشق في وجه من يصفهم بـ"قوى الظلام والساعين إلى تقسيم هذا البلد العربي".
إعلانواستمر الموقف التونسي الداعم لنظام الأسد المخلوع إلى أيام معركة "ردع العدوان"، إذ تبنى الرئيس سعيد رواية النظام، وعبّر عن إدانته الشديدة لما اعتبرها "الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا"، معلنا تضامنه مع النظام السوري، داعيا المجموعة الدولية إلى "مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه".
ولم يمر يوم واحد على سقوط الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، حتى عدلت تونس بوصلة موقفها الرسمي 180 درجة عبر بيان أصدرته خارجيتها، معربة عن "احترامها أن يختار الشعب السوري مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي".
الخوف من التجربة السوريةرغم أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، وصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، في واحدة من أبرز تجارب الربيع العربي الديمقراطية، فإن استفراده بالحكم لاحقا وسط انتقادات واسعة له بتجاوز صلاحياته وقمع الحياة السياسية، بالإضافة غلى مواقفه اللاحقة، كشفت عن موقف متوجّس من نجاح ثورات الربيع العربي، حيث هاجم ما سماه "الفوضى" و"المؤامرات الخارجية".
من هذا المنطلق، يرى مراقبون أنه ليس مستغربا أن يقف سعيد موقف المتفرّج تجاه تجربة التغيير السياسي في سوريا، لا سيما أنها جاءت خارج الأطر التي تروق له، وعبّرت عن مناخ تحرري لا يتوافق مع نهجه.
ويرى الباحث التونسي الطيب غيلوفي أن سعيّد وقف "ضد الربيع العربي منذ البداية"، رغم أنه أحد نتاجاته، وقد أغلق قوس الانتقال الديمقراطي الذي أوصله إلى الحكم.
ويشير غيلوفي في حديثه للجزيرة نت إلى أن سعيّد والأسد يتشابهان في رفضهما لمطالب الثورات، وإن اختلفت الوسائل، مضيفا "الأسد واجهها بالقمع الدموي، وسعيّد بتجميد المؤسسات والانقلاب على دستور الثورة".
ولفت غيلوفي إلى أن هناك بعدا آخر يفسر التحفظ التونسي من السلطة الجديدة في سوريا، يرتبط بموقف سعيد من "الإسلام السياسي"، الذي يعارضه كمنافس على الحكم لا كتوجه فكري أوديني، لذلك لم يلجأ إلى استئصال الإسلاميين بل واجههم كخصوم سياسيين.
إعلانوفي تقرير نشرته فايننشال تايمز في ديسمبر/كانون الثاني 2024، أكدت الصحيفة أن دولا عربية من بينها تونس حذرت من المخاطر المحتملة بعد سقوط الأسد، مستشهدة بتجارب فاشلة في مصر وليبيا، وأشارت الصحيفة إلى أن تونس ترى في نجاح أي نموذج ديمقراطي تحديا قد يسهم في تقويض الاستقرار الداخلي.
ضبابية في السياسة الخارجية التونسيةاتسمت السياسة الخارجية التونسية منذ صعود الرئيس قيس سعيد للحكم عام 2019 بحالة من الغموض، وميلا نحو الانكفاء تجاه القضايا العربية والإقليمية الكبرى، كالموقف من الأزمة الليبية مثلا، والموقف من الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتبر الموقف الرسمي تجاه التغيرات العميقة السريعة التي عصفت بنظام الأسد الذي كان النظام التونسي الحالي يقف في صفه أحد عناصر الارتكاز التي يؤسس عليها بعض المراقبين نظرتهم النقدية تجاه سياسة تونس الخارجية المرتبكة، في حين يرى مناصرو الحكومة التونسية أن هذا الموقف يعكس تريثا مدروسا واتباعا لعرف دبلوماسي تونسي بعدم التدخل في شؤون الدول.
في هذا السياق، يقول المحلل التونسي صلاح الدين الجورشي للجزيرة نت إن السياسة الخارجية التونسية وجدت نفسها "في التسلل" عند سقوط نظام الأسد بتلك السرعة، موضحا أنها لم تكن تملك لا بعدا استشرافيا ولا معلومات كافية حول إمكانية حدوث هذا التغيير العميق في سوريا.
وبالنسبة للباحث الجورشي، فقد عكس البيان الرسمي تجاه سقوط الأسد على يد هيئة تحرير الشام "موقفا باهتا وباردا لأن السلطة السياسية التونسية كانت تحت وقع الصدمة ومتفاجئة من وقوع السلطة في دمشق بيد مجموعات كان يعتبرها الموقف الرسمي "إرهابية ومارقة عن القانون".
بدوره، يُفسّر الصحفي التونسي رياض ساكمة هذا الموقف بأنه نابع من حرص تونس على ثوابت سياستها الخارجية، التي تأسست منذ الاستقلال على عدم التدخل وتجنّب التسرع والحفاظ على لغة دبلوماسية متوازنة.
إعلانوينوه سكمة في حديثه للجزيرة نت أن تغيّرا مفاجئا مثل الذي حدث في سوريا يدفع تونس إلى التريث، تفاديا لأي موقف قد يضر بمصالحها أو علاقاتها المستقبلية، خاصة في ظل استمرار الصراع وغموض المشهد على حد قوله.
وكانت الخارجية التونسية أكدت في بيانها الصادر في التاسع من ديسمبر/كانون الأول على ضرورة التفريق بين الدولة من جهة والنظام السياسي القائم داخلها من جهة أخرى، فالنظام السياسي هو شأن سوري خالص يختاره الشعب السوري صاحب السيادة، فهو وحده الذي له الحقّ في تقرير مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي.
هاجس الجهاديين التونسيينويمثّل ملف المقاتلين التونسيين الذين التحقوا ببعض المجموعات المسلحة في سوريا أحد أكثر الملفات حساسية بين دمشق وتونس.
فقد شكّل التونسيون النسبة الأعلى من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات أخرى، وهو ما جعل -بحسب مراقبين- أي حديث عن تقارب تونسي مع الإدارة السورية الجديدة محاطا بأسئلة صعبة تتعلق بالمحاسبة والتسليم والموقف من العائدين.
ومع انهيار نظام الأسد، وتحرر بعض المعتقلين من السجون، برزت مخاوف في تونس من عودة هؤلاء "المقاتلين" إلى البلاد دون رقابة أو محاسبة، بحسب ما أشار إليه الصحفي التونسي رياض ساكمة، الذي يرى أن هذا التطور يزيد من تعقيد المشهد الأمني، رغم تأكيده على جاهزية الجيش والأمن التونسي للتعامل مع أي تهديد محتمل، سواء أكان فرديا أو جماعيا.
في المقابل، يقلل الباحث التونسي الطيب غيلوفي من حجم هذا التهديد، ويرى أن الملف لا يشكل عائقا جوهريا أمام إعادة تطبيع العلاقات. ويشير إلى أن معظم المقاتلين التونسيين كانوا ضمن تنظيم الدولة، ويقبعون حاليا في سجون قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بينما لا يشكّل من قاتل مع هيئة تحرير الشام عددا ذا شأن.
ويضيف أن قبول الولايات المتحدة بدمج فصائل المعارضة في ترتيبات أمنية مع الحكومة السورية الجديدة يُسقط أي حجة تونسية لتأجيل الانفتاح.
إعلانويرى مراقبون أن السلطات التونسية التي تواجه تحديا داخليا بشأن هذا الملف تخشى أن يؤدي تقارب سريع مع السلطة الجديدة في دمشق إلى مطالب مباشرة بالتعاون الأمني، أو حتى تسليم المطلوبين.
كما أن دمشق الجديدة، التي تسعى لإعادة بناء شرعيتها، قد تستخدم هذا الملف للضغط السياسي أو للمطالبة بمواقف واضحة من الدول التي جاء منها المقاتلون.
وتشير مجموعة سوفان -وهي منظمة بحثية مقرها في نيويورك تقدم خدمات أمن إستراتيجية للحكومات والمنظمات المتعددة الجنسيات- إلى أن تونس تأتي في المرتبة الأولى بعدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق، إذ بلغ عددهم 6500 مقاتل، أغلبهم انضم إلى صفوف تنظيم الدولة.
يشار إلى أن السلطات التونسية قد أقرت مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، إجراءات جديدة تقضي بتحويل الرحلات القادمة من تركيا إلى محطة منفصلة عن مطار قرطاج الرئيسي، في خطوة يرى مراقبون أنها ذات صبغة أمنية بالأساس، وتهدف إلى قطع الطريق أمام إمكانية عودة عناصر كانت تقاتل في سوريا، خصوصا بعد سقوط نظام الأسد المخلوع.