الشوكولاتة الداكنة تقلل خطر الإصابة بالسكري
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
خلصت دراسة علمية جديدة إلى أن الشوكولاتة الداكنة، أو السوداء، من شأنها أن تقلل من خطر الإصابة بمرض السُكري، وذلك خلافاً للاعتقادات السائدة التي تتحدث عن أنها تزيد مخاطر الإصابة بالمرض وترفع من مستويات السكر في الدم.
وبحسب تقرير مطول نشرته جريدة "نيويورك تايمز" الأميركية، واطلعت عليه "العربية.نت"، فإن الدراسة تشير إلى ارتباط تناول الشوكولاتة الداكنة بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
لكن الدكتور تشي صن، الأستاذ المشارك في التغذية وعلم الأوبئة في كلية "هارفارد تي إتش تشان" للصحة العامة والمحقق الرئيس في الدراسة أكد أنه على الرغم من ذلك فلا ينبغي اعتبار الشوكولاتة الداكنة "رصاصة سحرية" لمنع مرض السكري.
وتبني النتائج على مجموعة أكبر من الأبحاث التي توضح الروابط بين استهلاك الشوكولاتة الداكنة وانخفاض مخاطر بعض الحالات الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية ومقاومة الأنسولين.
وأضاف الدكتور صن أن النتائج تشير إلى أن القليل من الشوكولاتة الداكنة يمكن أن يكون جزءاً من نظام غذائي صحي.
وفي منتصف الثمانينيات وأوائل التسعينيات، بدأ الباحثون في دراسة ثلاث مجموعات من المهنيين الصحيين ذوي البشرة البيضاء في الغالب. وكل أربع سنوات، أكمل أكثر من 190 ألف مشارك استبيانات مفصلة حول النظام الغذائي، والتي سألت عن مدى تكرار تناولهم للشوكولاتة. وبدءاً من عامي 2006 و2007، اعتماداً على المجموعة، قام الباحثون بتعديل الاستبيانات لتسأل عن مدى تكرار تناول المشاركين للشوكولاتة الداكنة وشوكولاتة الحليب، ومن ثم تابعوا صحة المشاركين لمدة تصل إلى 34 عاماً.
وخلال ذلك الوقت، أصيب ما يقرب من 19 ألف مشارك بمرض السكري من النوع الثاني. وبعد تعديل جوانب أخرى من أنماط حياتهم، مثل ممارسة الرياضة، واستهلاك الكحول، والتدخين، والصحة العامة لنظامهم الغذائي، بالإضافة إلى أعمارهم والتاريخ العائلي لمرض السكري، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا خمس حصص على الأقل من أي نوع من الشوكولاتة أسبوعياً كان لديهم خطر أقل بنسبة 10% للإصابة بمرض السكري من النوع 2 مقارنة بأولئك الذين نادراً ما يأكلون الشوكولاتة أو لم يأكلوها أبداً.
ولكن عندما قاموا بتحليل البيانات من حوالي 112000 شخص قدموا تفاصيل عن أنواع الشوكولاتة التي يستهلكونها، وجد الباحثون نتيجة أكثر إثارة للدهشة: أولئك الذين تناولوا خمس حصص على الأقل من الشوكولاتة الداكنة في الأسبوع كان لديهم خطر أقل بنسبة 21% للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني من أولئك الذين تناولوا الشوكولاتة الداكنة أقل من مرة واحدة في الشهر.
وكشف هذا التحليل اللاحق أيضاً أن المشاركين الذين تناولوا شوكولاتة الحليب لم يكونوا محميين من مرض السكري من النوع الثاني. وفي الواقع، لاحظ الباحثون أنهم كانوا أكثر عرضة لزيادة الوزن أثناء الدراسة.
وقالت الدكتورة سوزان سبرات، أستاذة الطب في قسم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي والتغذية في كلية الطب بجامعة ديوك، والتي لم تشارك في الدراسة، إنه على الرغم من أن الدراسة كانت كبيرة ومصممة بشكل جيد، إلا أنها لم تتمكن من إثبات السبب والنتيجة.
وأضافت أن الأشخاص الذين تناولوا الشوكولاتة الداكنة ربما كانوا أكثر صحة بطرق أخرى، وربما مارسوا المزيد من التمارين الرياضية، أو اتبعوا نظاماً غذائياً أكثر صحة أو يمكنهم بسهولة زيارة الطبيب عندما يحتاجون إلى ذلك، على سبيل المثال.
كما لاحظ الدكتور صن وزملاؤه أن مجموعة الدراسة كانت بيضاء في الغالب ومتعلمة تعليماً جيداً، لذا قد لا تنطبق النتائج على الجميع.
وقال الدكتور صن إن الباحثين أخذوا في الاعتبار العديد من العوامل المتعلقة بالنظام الغذائي ونمط الحياة والتعليم والثروة في تحليلهم. لكن إثبات أن تناول الشوكولاتة الداكنة يمنع الإصابة بمرض السكري من النوع 2 يتطلب تجربة سريرية على مجموعة كبيرة من الأشخاص، نصفهم من الشوكولاتة الداكنة والنصف الآخر من شوكولاتة الحليب، ومتابعتهم لعقود من الزمن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مرض الس كري مستويات السكر الدم الشوكولاتة نيويورك صحة السکری من النوع الثانی بمرض السکری من النوع الشوکولاتة الداکنة من الشوکولاتة الذین تناولوا
إقرأ أيضاً:
في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
تعكس السينما الكورية الجنوبية التناقضات الطبقية، والعزلة الاجتماعية، مستخدمةً الرمزية السردية والبصرية لنقد الظلم المتجذر في بنية المجتمع. وتكشف أفلام مثل "طفيلي" 2019 (Parasite)، و"احتراق" 2018 (Burning) عن خرافة الترقي الاجتماعي، كما ترصد الأثر النفسي للضغوط الاقتصادية، وذلك من خلال سرد يمزج بين الميلودراما والكوميديا والأكشن. وتصور الأفلام القادمة من جنوب الجزيرة الكورية الحياة اليومية بعد أن تحولت إلى ساحة معركة تحدد الرأسمالية ملامحها وقواعدها، وتنهار خلالها الأحلام بين جدران خرسانية وآمال ضائعة.
ويأتي فيلم "عبر الجدران" (Wall to Wall)، الذي يعرض حاليا على شاشة منصة نتفليكس، لينضم إلى قائمة أفلام تشبه الصرخات المتوالية، وتتشابه في قضاياها، لكنها تختلف في حكاياتها، إذ تلتقط سكان الهامش غير المرئيين، لتقدمهم بعدسة إنسانية.
تدور أحداث "عبر الجدران" حول الشاب الكوري ذي الأصول الريفية ووسونغ، والذي يحقق أخيرا ما يعتقد أنه علامة فارقة في نجاح الطبقة المتوسطة، حين يتمكن من امتلاك شقة بمساحة 84 مترا مربعا في مجمع سكني حديث الإنشاء في سيول، لكنه يلجأ -في سبيل ذلك- إلى قروض ضخمة، ويبيع مزرعة الثوم التي تملكها والدته، ويستنفذ مدخراته.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"عالم الديناصورات: إحياء"… حين تصبح العودة إلى الماضي موتًا لسلسلة سينمائيةlist 2 of 2"الشيطان يرتدي برادا 2" عودة الثلاثي الذهبي بقصة تعكس تحولات الموضة والإعلامend of listيفرح وو سونغ بحياته الجديدة، لكن سرعان ما يبدأ ضجيج متواصل غير محدد المصدر في إزعاجه، ويلجأ للشكوى، فينكر الجيران الضجيج ويعاملونه بشك. ومع تدهور حالته النفسية، تتدهور حالته المالية أيضا، وتنهار قيمة الشقة، وكذلك استثماراته في العملات المشفرة، ويصبح عاطلا عن العمل ويائسا. يلتقي جين-هو، جاره الصحفي ويُحققان فيما قد يكون مخطط احتيال عقاري أكبر يشمل مسؤولين حكوميين ومستثمري بناء.
إعلانيكتشف المشاهد أن أون-هوا، رئيسة جمعية السكان والمدعية العامة السابقة، تشتري الشقق تحسبا لمشروع سكة حديد حكومي من شأنه أن يرفع قيمة شقق العقار. وتُمثّل أون-هوا النخبة التي تستغل أزمة المبنى لتحقيق الربح. أما وو سونغ، العالق بين جنون العظمة والحقيقة، فيزداد اضطرابا. مع تصاعد التوتر، تندلع مواجهة عنيفة. ينهار فهم وو-سونغ الهش للواقع، ويصبح الضجيج رمزا لنظام مُصمّم لسحقه. وفي ذروة الفيلم المتفجرة، يعكس الدمار المادي الانهيار الداخلي للبطل، ومجازيا، الحلم الذي آمن به يوما ما.
طفيلي آخريشبه فيلم "عبر الجدران" في تناوله لتلك التناقضات الفيلم الأيقوني "الطفيلي"، الذي يمثل قمة النجاح للسينما الكورية عالميا بحصوله على أوسكار أفضل فيلم عام 2020. كلا العملين ينتقد وهم الحراك الاجتماعي في ظل الرأسمالية، باستخدام المساحات الضيقة لتعكس الانقسامات الطبقية والضغط النفسي. ويقدم "الطفيلي" التراتب الطبقي الرأسي من خلال التباين المعماري بين قصر ثري وقبو تحت الأرض يستخدم كمأوى سكني، في حين يحاصر فيلم "عبر الجدران" بطله داخل الجدران الأربعة في شقة مساحتها 84 مترا مربعا، يعتبرها المجتمع رمزا مفترضا للنجاح لكنها تتحول إلى قفص خانق. وفي الفيلمين، يصبح المنزل ساحة معركة تغطيها الدماء، ويصبح المكان سجنا حقيقيا ويبلى الحلم تحت وطأة الديون المتزايدة والضوضاء.
وتدور كلتا القصتين حول عائلات أو أفراد في أدنى درجات المجتمع، يطمحون بشدة إلى الاستقرار، ليجدوا أن النظام يستغل جهودهم ويلتهمهم في النهاية. ويمزج كل فيلم الواقعية بالرعب والسخرية، مستخدما التشويق ورهاب الأماكن المغلقة والتصميم البصري الغني بالاستعارات لتعميق التأثير العاطفي والسياسي. وفي حين يتناول فيلم "الطفيلي" الاعتماد الكامل لطبقة على أخرى في عيشها، فإن "عبر الجدران" يبين كيف تنهار أوهام الطبقة المتوسطة من الداخل، ويُقدم الفيلمان صورة واضحة للظلم المعاصر، تتداخل فيها آلة الطموح مع عوامل اليأس.
فوضى المشاعر وانضباط الأداءيكشف النصف الأول من "عبر الجدران" باعتباره فيلم إثارة نفسية بامتياز، إذ تُضخّم كل إشارة بصرية وسمعية العزلة والتوتر الطبقي، لكن في منتصفه، يتحوّل السرد إلى مؤامرة أوسع نطاقا من العنف السياسي والمالي، تُتوّج بانفجار. وقد يبدو هذا التحول مزعجا، لكنه يعكس حقيقة أعمق تكمن في الأنظمة الرأسمالية.
ويعكس مسار الفيلم الانقسام الطبقي في المجتمع الكوري الحديث، إذ تسيطر نخبة صغيرة على معظم الممتلكات، بينما يظل الكثيرون "فقراء المساكن"، وتستنزف تكاليف السكن دخلهم. ويُظهر فشل وو سونغ النهائي كيف تبيع الرأسمالية سبل الهروب من الديون بديون أخرى.
ولا يصور فيلم "عبر الجدران" الصراع الطبقي الخارجي فحسب، بل يُسلّط الضوء على الآثار الداخلية للخداع الرأسمالي. وتتحول الشقة، التي كانت محط رغبة ومكانة اجتماعية، إلى "كابوس" مع اجتماع كارثتي الضجيج مجهول المصدر والخراب المالي.
ورغم أن "الضجيج" الذي يشكو منه البطل حقيقي، لكنه مجازي في الوقت ذاته، وهي فكرة مبدعة تحسب للمخرج والسيناريست كيم تاي جون الذي يشير إلى فشل الوعود الرأسمالية.
Just finished watching #WallToWall in Netflix and woah, that movie feels so weird but at the same time, you can relate to woo sung. I really hoped tho that he was able to sell those crypto coin in the right time ????pic.twitter.com/oBrqliZrto
— airenwizdive ???? (@lsg_airen13) July 25, 2025
إعلانواستطاع المخرج أيضا أن يحول شقة سكنية إلى نظام بيئي خانق للبطل والمشاهد معا، عبر تعزيز الإضاءة الباردة والظلال المُزخرفة بأنماط البارات والطابع المعماري القمعي للمبنى. وقد لعبت هذه العناصر البصرية مع "الضوضاء" دورا حاسما كما لو كانت جميعها أسلحة في حرب وحشية ضد الشاب المسكين بعد تورطه في منظومة تضم في بنيتها أسلحة صممت لتدميره واستنزافه حتى آخر قطرة دم.
وينبثق رعب الفيلم من ضبط النفس. لا مؤثرات خاصة مبهرة، وإنما مجرد تأطير دقيق، وإضاءة إبداعية، وفترات صمت ممتدة بما يكفي لإثارة الرعب. ممرات الشقة الخافتة، ومصابيحها المتذبذبة، وقضبانها المظللة تُعزز الانهيار النفسي للبطل.
ولعل الأداء الذي قدمه فريق الممثلين هو العنصر الأقوى في العمل، والأكثر جذبا للمشاهد، وقد يتميز الأبطال بالتحولات العنيفة التي تمكنهم من استعراض قدراتهم، لكن مستوى الأداء لدى الجميع يكاد يكون متساويا، وقد استطاع الممثل الكوري الجنوبي كانغ هانيول أن يقدم أداء قويا جسديا وعاطفيا في دور وو سونغ، وبلغ ذروة الأداء في تحوله من مالك منزل متفائل إلى عامل توصيل قلق من خلال التعرق والارتعاش والتحقق القهري من مخططات العملات المشفرة، بينما تعكس كل إيماءة جسدا منهكا من التوتر. وتقدم الممثلة يوم هي ران في دور أون هوا انعكاسا مرعبا لتواطؤ الطبقة تحت مظهرها الهادئ الذي يخفي طموحا لا يرحم؛ إنها "المدعية العامة السابقة" التي تحولت لامتلاك الأصول، فبدأت بجمع الشقق للاستفادة من مشروع خط سكة حديد، ورأت المستأجرين مجرد "حثالة".
ويؤدي الممثل سيو هيون في دور جين هو، شخصية الجار الموشوم في الطابق العلوي والمتنكر في زي حليف، دور صحفي شبه مهووس، ورغم أنه يبحث عن الحقيقة إلا أن قصصه الملفقة تُوقع وو سونغ في فخ العنف والخيانة، ليُصبح الصحفي رمزا لاستغلال "المُبلغين عن المخالفات"، ويتحول إلى ممثل آخر لطبقة حاكمة تستغل المظلومين لتحقيق انتقامها الخاص.
يقدم العمل رعبا وجوديا، إذ يصبح النجاح بلا معنى عندما تُفرض ضريبة على الفرح وتدفع بعملة اسمها الضوضاء والديون والاغتراب الاجتماعي، وتُجسّد ضحكة وو سونغ الأخيرة في شقته الفارغة، ردا على ضجيج لا ينبغي أن يوجد، اليأس المطلق، لنتأكد أن الفساد ينتصر بالانهيار الصامت للمقاومين.