بوابة الفجر:
2025-06-13@10:54:36 GMT

مؤمن الجندي يكتب: صدى الحب في محكمة الغياب

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

هناك وجع لا تصفه الكلمات، وجع يختبئ بين أنفاسك، يتسلل إلى نظراتك، ويستوطن صمتك.. هو وجع الغياب! حين يرحل أقرب الناس تاركين وراءهم فراغًا لا يملأه الزمن؛ الوفاء، في مثل هذه اللحظات، يصبح كالسيف ذي الحدين؛ يمنحك قوة الذكرى، لكنه يثقل كاهلك بحنين لا ينتهي.

في حضرة الغياب، تتحول كل التفاصيل الصغيرة إلى حكايات عظيمة، وكل اللحظات العابرة إلى أبدية تسكن في أعماقك؛ وبين الحنين والانكسار، يصبح الوفاء مرآة لروحك، يعكس ما فقدته وما لا تزال متمسكًا به! إنه وعد صامت، لا ينطق بالكلمات، لكنه يصرخ في داخلك بكل ما لم يُقال.

مؤمن الجندي يكتب: رهبة الضوء الأخير مؤمن الجندي يكتب: نشر الغسيل بالمقلوب

الوفاء.. كلمة تبتسم بها الشفاه، لكنها تخفي خلفها بحرًا من الانكسارات.. كيف للإنسان أن يستمر حاملًا حبًا لم يعد صاحبه حاضرًا؟ كأنك تسير في مدينة مليئة بالذكريات، ترى فيها كل ضحكة، كل همسة، وكل ظل لمن أحببت، فتبتسم أحيانًا وتنكسر أحيانًا أخرى!

شاهدت مقتطفات من حلقة النجم الكبير مصطفى عبده مع الإعلامي إبراهيم فايق، ورأيت بعيناي تجسيدًا لهذه المعاني بصدق نادر.. تحدث عن زوجته الراحلة، بروح تفيض بالوفاء والعرفان! كل كلمة قالها كانت كصفحة تُطوى من كتاب الحب الخالد، كتاب يعيد تعريف الوفاء.

لوحة افتقدناها وسط وهج زائف

شعرت من حديثه أن هذه الكلمات لم تكن مجرد سرد، بل كانت لوحة ترسم مشهدًا مليئًا بالقيم التي فقدناها، قيم الأصالة والاحترام التي ذكرنا بها مصطفى عبده لم تكن فقط عن علاقته بزوجته، بل عن زمن كان فيه العرف والتقاليد والأخلاق لغة حية، تتحدث بها القلوب قبل الألسنة، أعادنا لزمن كانت فيه القيم هي الحاكم، والأصالة هي اللغة المشتركة بين القلوب.. زمن كان فيه المصريون -بشكل عام- يحملون نورًا حقيقيًا، لا مجرد وهج زائف.

حديث مصطفى عبده كان أشبه بمرآة صافية عكست جوهر الإنسان الحقيقي، جوهر لم تلوثه صراعات الحاضر أو أضواء الشهرة! رأينا في عينيه دموعًا لم تسقط، وفي نبرات صوته شوقًا لم يخفت، وكأن الزمن توقف عند لحظة الفقد ليبقى هو، وحده، يحمل عبء الذكريات.

حلقة واحدة، لكنها كانت كافية لتعيد لنا شعور الزمن الجميل، زمن كانت فيه الرياضة ساحة للمبادئ قبل المهارات، وكانت العلاقات الإنسانية رمزًا للثبات والولاء.. جعلنا مصطفى عبده نتوقف لنتأمل، لنسأل أنفسنا: هل لا زال بإمكاننا أن نحب بهذه القوة؟ وهل لا زال بإمكاننا أن نكون أوفياء رغم انكساراتنا؟

في النهاية، أرى أن الوفاء هو المرآة التي تعكس عمق إنسانيتنا، وهو الصرح الذي لا تهدمه الأيام مهما اشتد عصفها؛ وفي كلمات مصطفى عبده، رأينا صورة رجل لم يهزم الفقد وفاءه، بل جعله شاهدًا على عظمة حب لا يزول، وذكرى لا تموت.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مصطفى عبده الكورة مع فايق مؤمن الجندی مصطفى عبده

إقرأ أيضاً:

حين لا تأتي الرسائل!

 

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي

الحب ليس شيئًا نختاره، ولا بابًا نطرقه بإرادتنا، إنه يتسلل إلينا كما يتسلل الضوء بين ستائر القلب، بهدوء، بخفة، ثم يملأ المكان كله دون أن نشعر؛ فالحب لا يأتي صاخبًا، ولا يعلن نفسه في أول الطريق... يبدأ بنظرة، بضحكة، بحديث عابر، ثم يتحول إلى عمرٍ كامل لا يُمكننا التراجع عنه.

و"هو"… كان من أولئك الذين إذا أحبوا، أحبوا بكُلّهم. لم يكن الحب عنده نزوة، ولا تسلية، ولا فصلًا في رواية تنتهي بعد عدة صفحات، كان إيمانًا داخليًا، صادقًا، يتنفسه كما يتنفس الهواء، ويعيشه كما تُعاش الطمأنينة حين يجد القلب وطنه. كان يرى في الحب ملاذًا، وسكينة، ودفئًا لا يمكن أن يشتريه من العالم كلّه. كان كل ما فيه يخصّ ذاك الحب: ذاكرته، صمته، الأماكن التي مرّ بها، الأغاني التي لم تعد تعنيه إلا لأنها تحمل صوته، عطوره، وطريقة نطقه لاسمه. لم يكن يمرّ على شيء إلا وترك فيه أثرًا منه، كأن من أحبّه أصبح لغة جديدة يقرأ بها كل شيء. كل مكان جلس فيهما معًا، كل طريق مشيا عليه، كل مساء تبادلا فيه حديثًا عاديًا، تحوّل إلى ذكريات لا يشاركها مع أحد.

ثم جاء العيد..

العيد، بما يحمله من فرحٍ للقلوب، من لحظات قرب، من تكبيرات الفجر، ومن انتظار لمن نحبّهم كي يُضيئوا تفاصيل اليوم بكلمة؛ فالعيد موسم المشاعر، ومرآة للقلوب، وفيه تُختبر الذاكرة والمحبّة.

كل الناس كانوا يحتفلون، يرسلون التهاني، يعانقون اللقاء، أما هو، فكان هناك… خلف كل ذلك. لم يكن ينتظر شيئًا من الدنيا في ذلك اليوم، سوى أن يُشعل أحدهم اسمه في هاتفه، برسالة واحدة.

ليست طويلة، لا تحتاج إلى كلمات منمقة، فقط: "عيدك مبارك" كانت كافية أن تردّ له شعوره بالحياة. كان يحمل الهاتف كما لو أنه يحمل روحه فيه. يراه، يفتحه، يُغلقه، ثم يعود إليه، كما يعود العطشان إلى السراب. وفي كل لحظة صمت تمرّ، كان قلبه ينقص شيئًا.

كان العيد يمرُّ من حوله، أصوات التكبير تموج في السماء، الأطفال يركضون بثيابهم الجديدة،

لكن داخله كان صامتًا.. هشًّا.. خاليًا من الفرح؛ فالرسالة التي كان ينتظرها لم تأتِ!

العيد مرّ، والعين ممتلئة بالانتظار، واليد فارغة. هو لم يُعاتب، لم يُظهِر شيئًا، كان فقط يعيش داخله لحظة من الحزن الخفي؛ ذلك النوع من الحزن الذي لا يبكي، لكنه يمكث طويلًا.

لم يكن الأمر مجرد عيد بلا تهنئة؛ بل كان صدىً لخذلان عميق…

لأن من نحبّ، لا ننتظر منه الكثير، فقط أن يتذكر.

أن لا يمرّ بنا مرور الغريب.

ورغم الصمت، لم يتوقف عن الحب.

ولا عن التذكّر.

ولا عن بناء التفاصيل الصغيرة في قلبه كلما مرّت ذكرى، أو عبَر اسمه فجأة في حديث لا علاقة له بشيء.

هو لا يبحث عن حضور، ولا حتى عن وعدٍ قادم، كل ما يريده هو أن يبقى في ذاكرة من أحبّ، كما بقي هو.

تمرُّ عليه الأعوامُ وهو كما هو، قلبه عند أول اللقاء، وصوته داخله يُردّد اسمًا لم يَعد يُقال... لكنّه لا يُنسى.

هو لا يكتب ليُشتكي، ولا ليُسمِع؛ بل لأن الحب حين لا يجد من يُصغي له، يتحوّل إلى كتابة…

إلى نظرة طويلة من النافذة، إلى دعاءٍ خافت في سجدة، إلى شوقٍ يَكبر… ولا يُقال.

وذلك هو... قلب عاش حبًا كبيرًا، وما زال يسكنه كما لو أن الزمن لم يتحرك، كما لو أن العيد لا يبدأ إلا حين تصله تلك الرسالة… ولم تصله بعد.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مركز الوفاء بالمضيبي يختتم عامه الدراسي بتأهيل 155 مستفيدًا
  • على ضفاف الألم… جرحٌ أبكى الطفولة وأفزع القلوب!!
  • سوسن بدر تتعاقد على بطولة فيلم حين يكتب الحب
  • أول لقاء لحميدان التركي مع عائلته وأحفاده بعد 20 عامًا من الغياب.. صور
  • عرض لطلائع الأنفوشي للفنون الشعبية في ختام احتفالات عيد الأضحى بالبحيرة
  • كل طالب هياخد حقه.. وكيل تعليم القليوبية يتابع أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية
  • مدير تعليم القليوبية يتفقد كنترول الإعدادية العامة ويوجه بالدقة فى أعمال التصحيح
  • يوسف فوزي بأول ظهور بعد سنوات من الغياب: «أنا تعبان.. وادعولي لما أموت»|خاص
  • عروسة في العشرين من عمرها .. نادية الجندي تتألق بالأزرق بأحدث ظهور
  • حين لا تأتي الرسائل!