حين لا تأتي الرسائل!
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
د. إبراهيم بن سالم السيابي
الحب ليس شيئًا نختاره، ولا بابًا نطرقه بإرادتنا، إنه يتسلل إلينا كما يتسلل الضوء بين ستائر القلب، بهدوء، بخفة، ثم يملأ المكان كله دون أن نشعر؛ فالحب لا يأتي صاخبًا، ولا يعلن نفسه في أول الطريق... يبدأ بنظرة، بضحكة، بحديث عابر، ثم يتحول إلى عمرٍ كامل لا يُمكننا التراجع عنه.
و"هو"… كان من أولئك الذين إذا أحبوا، أحبوا بكُلّهم. لم يكن الحب عنده نزوة، ولا تسلية، ولا فصلًا في رواية تنتهي بعد عدة صفحات، كان إيمانًا داخليًا، صادقًا، يتنفسه كما يتنفس الهواء، ويعيشه كما تُعاش الطمأنينة حين يجد القلب وطنه. كان يرى في الحب ملاذًا، وسكينة، ودفئًا لا يمكن أن يشتريه من العالم كلّه. كان كل ما فيه يخصّ ذاك الحب: ذاكرته، صمته، الأماكن التي مرّ بها، الأغاني التي لم تعد تعنيه إلا لأنها تحمل صوته، عطوره، وطريقة نطقه لاسمه. لم يكن يمرّ على شيء إلا وترك فيه أثرًا منه، كأن من أحبّه أصبح لغة جديدة يقرأ بها كل شيء. كل مكان جلس فيهما معًا، كل طريق مشيا عليه، كل مساء تبادلا فيه حديثًا عاديًا، تحوّل إلى ذكريات لا يشاركها مع أحد.
ثم جاء العيد..
العيد، بما يحمله من فرحٍ للقلوب، من لحظات قرب، من تكبيرات الفجر، ومن انتظار لمن نحبّهم كي يُضيئوا تفاصيل اليوم بكلمة؛ فالعيد موسم المشاعر، ومرآة للقلوب، وفيه تُختبر الذاكرة والمحبّة.
كل الناس كانوا يحتفلون، يرسلون التهاني، يعانقون اللقاء، أما هو، فكان هناك… خلف كل ذلك. لم يكن ينتظر شيئًا من الدنيا في ذلك اليوم، سوى أن يُشعل أحدهم اسمه في هاتفه، برسالة واحدة.
ليست طويلة، لا تحتاج إلى كلمات منمقة، فقط: "عيدك مبارك" كانت كافية أن تردّ له شعوره بالحياة. كان يحمل الهاتف كما لو أنه يحمل روحه فيه. يراه، يفتحه، يُغلقه، ثم يعود إليه، كما يعود العطشان إلى السراب. وفي كل لحظة صمت تمرّ، كان قلبه ينقص شيئًا.
كان العيد يمرُّ من حوله، أصوات التكبير تموج في السماء، الأطفال يركضون بثيابهم الجديدة،
لكن داخله كان صامتًا.. هشًّا.. خاليًا من الفرح؛ فالرسالة التي كان ينتظرها لم تأتِ!
العيد مرّ، والعين ممتلئة بالانتظار، واليد فارغة. هو لم يُعاتب، لم يُظهِر شيئًا، كان فقط يعيش داخله لحظة من الحزن الخفي؛ ذلك النوع من الحزن الذي لا يبكي، لكنه يمكث طويلًا.
لم يكن الأمر مجرد عيد بلا تهنئة؛ بل كان صدىً لخذلان عميق…
لأن من نحبّ، لا ننتظر منه الكثير، فقط أن يتذكر.
أن لا يمرّ بنا مرور الغريب.
ورغم الصمت، لم يتوقف عن الحب.
ولا عن التذكّر.
ولا عن بناء التفاصيل الصغيرة في قلبه كلما مرّت ذكرى، أو عبَر اسمه فجأة في حديث لا علاقة له بشيء.
هو لا يبحث عن حضور، ولا حتى عن وعدٍ قادم، كل ما يريده هو أن يبقى في ذاكرة من أحبّ، كما بقي هو.
تمرُّ عليه الأعوامُ وهو كما هو، قلبه عند أول اللقاء، وصوته داخله يُردّد اسمًا لم يَعد يُقال... لكنّه لا يُنسى.
هو لا يكتب ليُشتكي، ولا ليُسمِع؛ بل لأن الحب حين لا يجد من يُصغي له، يتحوّل إلى كتابة…
إلى نظرة طويلة من النافذة، إلى دعاءٍ خافت في سجدة، إلى شوقٍ يَكبر… ولا يُقال.
وذلك هو... قلب عاش حبًا كبيرًا، وما زال يسكنه كما لو أن الزمن لم يتحرك، كما لو أن العيد لا يبدأ إلا حين تصله تلك الرسالة… ولم تصله بعد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحب أم الإجبار؟.. زواج شاب مصاب بمتلازمة داون يثير جدلاً في مصر
#سواليف
أثارت واقعة تداول مقطع فيديو يوثق #زواج #شاب مصري مصاب بمتلازمة #داون من #فتاة، موجة جدل واسعة في #مصر عبر منصات التواصل الاجتماعي وردود فعل متباينة بين الإشادة بالخطوة وانتقادها.
انتشار فيديو غريب لحفل زفاف بين عروسة و عريس مصاب بمتلازمة داون و العروسة واضح مغصوبة علي الجوازة
الغريب تعليقات كتير كانت بتشجع الموضوع و تقولك عادي ده مش مجنون يا جماعة و تعليقات هاجمت البنت اللي واضح مالهاش لا يد ولا حيلة ..مين المأذون اللي سمح بكتب الكتاب وفقا لأي شرع!! pic.twitter.com/zFTI73UW66
وانتشر على نطاق واسع في مصر مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، أظهر #مراسم_زواج احتفالية لشاب مصاب بمتلازمة داون، حيث بدا الزوجان في حالة من الفرح والاحتفال بمشاركة عائلتيهما، لكن سرعان ما أثار المقطع نقاشات حادة.
مقالات ذات صلة حدثان فلكيان نادران للقمر هذا الشهر 2025/06/10وأثارت الواقعة جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر البعض عن إعجابهم بشجاعة العروسين وعائلتيهما في تحدي الأعراف الاجتماعية، معتبرين أن الزواج يعكس رسالة إنسانية عن المساواة والحب.
في المقابل، أعرب آخرون عن قلقهم من احتمالية إجبار العروس على الزواج، مشيرين إلى ضرورة التأكد من الموافقة الحرة، وعلق أحد المستخدمين: “انتشار فيديو غريب لحفل زفاف بين عروسة وعريس مصاب بمتلازمة داون والعروسة واضح مغصوبة علي الجوازة، الغريب تعليقات كتير كانت بتشجع الموضوع و تقولك عادي ده مش مجنون يا جماعة و تعليقات هاجمت البنت اللي واضح ما لهاش لا يد ولا حيلة ..مين المأذون اللي سمح بكتب الكتاب وفقا لأي شرع!!”
كما أثارت الواقعة نقاشات حول قدرة الأشخاص المصابين بمتلازمة داون على اتخاذ قرارات الزواج وتحمل مسؤولياته، وأشار بعض النشطاء إلى أهمية توفير دعم نفسي واجتماعي لهذه الأزواج لضمان استمرارية العلاقة بشكل صحي.
يأتي هذا الحدث في سياق مجتمعي يشهد تطوراً تدريجياً في نظرته إلى حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز الدمج الاجتماعي من خلال قوانين وبرامج تدعم هذه الفئة، ومع ذلك لا تزال هناك تحديات تتعلق بالوعي المجتمعي والقبول الكامل لهذه الفئة في سياقات مثل الزواج.
من جانبه أوضح نقيب المأذونين في مصر إسلام عامر أن الزواج جائز شرعًا وقانونيًا وفقًا للمذاهب الإسلامية الأربعة، مؤكدا أن توقيع الفتاة ووليها على عقد الزواج يُعد دليلاً على موافقتها، مشيرًا إلى أن الزواج لذوي الاحتياجات الخاصة مسموح به بشروط معينة.
وأشار إلى أن وجود ولي أمر يتولى شؤون الزوج يضمن تحقيق العفة والاستقرار، مع ضرورة إجراء فحوصات طبية للتأكد من الحالة الصحية والعقلية للطرفين، مضيفا أنه في حال ثبت إجبار الفتاة على الزواج، فإن لها الحق في فسخ العقد أو طلب الطلاق للضرر.