المبعوث الفاشل توم بيريللو
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
لبلادنا أهمية لدی الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ليس لاهتمامها بالسلم والأمن العالميين، الذی تقوم أمريكا بزعزعته حول العالم وهي تزعم إنَّها تسعیٰ لحفظه!!
لكن لأن فی السودان داٸماً وظيفة لكل (عاطل أمريكي) أُحيل علی المعاش، أو فقد مقعده فی مجلس الشيوخ، أو قضی إجازة فی السودان، أو كان عضواً فی لجنة منبثقة من لجنة تتبع للجنة أعلیٰ تحت إطار أممی، وتجعل من السودان مسرحاً لها !! ليقوم أی رئيس أمريكي بتعيينه في وظيفة المبعوث الخاص للسودان، ويتصدر اسمه الصحف المحلية والعالمية وأخبار الفضاٸيات من قبيل قَامَ وقَعَدَ وعَقَدَ وصَرَّحَ وسَافَرَ وعَادَ وأفَادَ.
وللأمانة فإن من بين كل المبعوثين هٶلاء فإنَّ المبعوث الخاص (جون كلجيت دانفورث) وهو سياسي ومحامِ ودبلوماسي و(كاهن) أُسقفي، كان من أنشط المبعوثين وأوفرهم حركةً أيام مفاوضات السلام التی كانت تجري فی كينيا تحت رعاية دول الإيغاد وأصدقاء الإيغاد والتي تمخضت عنها إتفاقية السلام الشامل، وكان عند زيارته للسودان، يجتهد فی لقاء أكبر عدد من السياسيين وهو مستمع جيد، وفي إحدی زياراته لبَّیٰ دعوة عشاء أقامها الأستاذ علی عثمان محمد طه الناٸب الأول لرٸيس الجمهورية فی منزله، وسأل إن كانت الأجهزة الإعلامية تُغطی المناسبة!! وبعد أن إطمأنَّ علی عدم وجود تغطية إعلامية قال دانفورث:- غداً سيمتلٸ إعلامكم بكلام غير صحيح بأنَّ القسيس الأمريكي (يقصد نفسه) جاء ليفرض وجهة نظر أمريكا!! وفی الحقيقة ليس فی أمريكا (وجهة نظر) واحدة، إنَّما لديها العديد من (وجهات النظر) حول القضية الواحدة، ومشكلتكم أنتم في السودان لاتعرفون كيف تعمل اللوبیهات، وليس لديكم من يوصل وجهة نظركم للمشرعين الأمريكيين كما يفعل قرنق، وقال إن بعض رعايا الدول الأخریٰ من الذين يعملون فی مكتب الكونغرسمان، ويدرسون للحصول علی درجات عليا، فيقومون بكتابة دراسة أو تقرير عن مشكلة فی بلدهم، ويقترح إصدار قانون من الكونغرس بشأنها، فيحملها عضو الكونغرس إلی بعض زملاٸه ليقنعهم بها أثناء تناول القهوة، وتطرح فی المجلس ويصدر بها قانون!! وإن معظم أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس لا يعرف الواحد منهم غير تلك الولاية التي انتخبته، وبعضهم لا يعرف غير أمريكا. وضرب مثلاً يصدق قوله فقال عندما حاول كوفي عنان تحصيل مديونية الأمم المتحدة علی أمريكا عرف إن الطريق لذلك يمر عبر الكونغرس، فقام بتعيين عدد كبير من النواب، أعضاءً فی لجان دولية،ثمَّ اكتشف إن حوالی سبعين في الماٸة ليس لديهم جوازات سفر أصلاً بمعنی أنهم لم يسبق لهم السفر خارج أمريكا البتة، أو مَن يحمل منهم جواز سفر لم يستخدمه، وقلة قليلة سافرت إلیٰ أوروبا، ومعظهم لم يریٰ أفريقيا حتی في الخريطة. وقال إن قانون سلام السودان الذی أجازه الكونغرس من (أغبی) القوانين فی تاريخ أمريكا لأنه يجعل مكافأة للحركة الشعبية فی حال فشل المفاوضات، فلماذا إذاً أنجِّح المفاوضات إذا كان هناك فی انتظاري عشرات الملايين من الدولارات كجاٸزة للفشل!!
وقال دانفورث، أنا هنا لكي أبحث لرئيسي – بوش الإبن – عن نصرٍ خارجي يخوض به حملة إعادة إنتخابه، نصرٌ لا تستخدم فيه أمريكا قوتها العسكرية، وهذا النصر غير مُتاح في العراق ولا أفغانستان ولا في فلسطين، لكن يمكن تحقيقه في السودان من خلال المفاوضات التی تجري في نيفاشا … كلام علی البلاطة!!
ولا شكَّ عندي إن توم بيريللو الذي لم يخطو بتكليفه خطوة واحدة إلیٰ أی إتجاه سوی بعض تصريحاتٍ رعناء، لم يرتفع إلیٰ مستوی معشار جزء من صراحة ووضوح دانفورث، الذي أوردتُ منه بضع مقتطفات، ولا خير في بيريللو ولا فی دانفورث ولا من سبقهما، ولا من سيلحقها إلَّا بما يحقق مكاسبهم الشخصية، ثمَّ المصالح الأمريكية، فلا شٸ يأتي بالمجان.
وسيخلف بيريللو مبعوث خاص آخر يُعينه دونالد ترامب، عندما يتسلم مهام منصبه، وحتی ذلك الوقت (حوالی شهر) نسأل الله أن نكون قد حققنا النصر المٶزر، قبل موعد ولايته ليس خشيةً منه ولكن لكی نكون قد إجتثثنا المليشيا، وبدأنا إعادة الإعمار، وحينها لن يجد التاجر ترامب مدخلاً آخر غير التأمين علی ما أنجزناه علی أرضنا.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العِزة والمِنعة لشعبنا المقاتل.
-الخِزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ا مریکا
إقرأ أيضاً:
ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟
حظيت قضية تداعيات حرب السودان على أوروبا بنقاشات موسعة داخل البرلمان الأوروبي في بروكسل، في الجلسة التي جرى تخصيصها لبحث تطورات الصراع المستمر منذ أبريل 2023، وما بات يحمله من تداعيات تتجاوز الإطار الإنساني إلى تهديدات مباشرة تطال استقرار القارة الأوروبية، في مقدمتها الهجرة غير النظامية، وتصاعد نفوذ قوى متطرفة، وتدخلات إقليمية ودولية متشابكة.
التغيير _ وكالات
وجاء المؤتمر، الذي عُقد تحت عنوان “السودان في أزمة: من الاستجابة الإنسانية إلى السلام المستدام”، بمشاركة أعضاء في البرلمان الأوروبي وخبراء أمنيين وصحفيين وباحثين، ليعيد طرح سؤال ملح في بروكسل: لماذا لم تعد حرب السودان شأنا داخليا، بل مصدر قلق أوروبي متصاعد؟
ويرى محللون في حديثهم بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، أن استمرار الحرب في السودان يفتح جبهات تهديد غير تقليدية لأوروبا، تبدأ من تصاعد موجات النزوح والهجرة عبر شمال إفريقيا والبحر المتوسط، ولا تنتهي عند خطر تحول السودان إلى ساحة نفوذ لقوى معادية للمصالح الأوروبية.
تحذير أوروبيأحد أبرز مصادر القلق الأوروبي، يتمثل في تداعيات الحرب على ملف الهجرة، إذ أكد رئيس قسم الاستخبارات الجيوسياسية في وكالة B&K، هيث سلون، أن استمرار النزاع يفاقم الانهيار الاقتصادي والأمني في السودان، ما يدفع بملايين المدنيين إلى النزوح، ويزيد من احتمالات توجه أعداد كبيرة منهم نحو السواحل الأوروبية عبر طرق الهجرة غير النظامية.
وأضاف أن الخطر لا يقتصر على الأعداد، بل يمتد إلى احتمالات تصدير الأيديولوجيات المتطرفة، في حال تحول السودان إلى ملاذ لشبكات متشددة مسلحة، وهو ما يضع أوروبا أمام تحديات أمنية مركبة.
سياسيًا، وصف خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق، الصراع الدائر بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، مؤكدًا أن الحرب لا يمكن حسمها عسكريًا، داعيًا أوروبا إلى لعب دور أكثر فاعلية عبر دعم خريطة الطريق السياسية، وتكثيف المساعدات الإنسانية، وتعزيز آليات تقصي الحقائق الدولية.
أزمة تجاوزت الحدودوبحسب آخر تقرير للمعهد الأوروبي لدراسات الأمن، والذي اطلع عليه موقع “سكاي نيوز عربية”، فإن حرب السودان باتت أزمة لها أبعاد إستراتيجية وإنسانية تمتد إلى أوروبا، مع تأثيرات واضحة على الأمن الإقليمي والنفوذ الدولي، وسياسات الهجرة واللجوء، والالتزامات الإنسانية الأوروبية، وهو ما يعكس قلقًا أوروبيًا متزايدًا من استمرار الحرب وعدم قدرة خطط الهدنة الحالية على وقفها أو تحقيق استقرار حقيقي.
وأشار التقرير إلى تهديدات إستراتيجية تمتد إلى أوروبا، فالنزاع لا يبقى محصورًا داخل السودان فحسب، بل يتقاطع مع مصالح أمنية أوسع لأوروبا، بسبب الموقع الجيوسياسي للسودان على أبواب البحر الأحمر والممرات الاستراتيجية بين إفريقيا والشرق الأوسط، تداخل مصالح قوى إقليمية ودولية في الصراع، ما قد يعيد تشكيل التوازنات الأمنية في المنطقة ويؤثر في الأمن الأوروبي.
وبالرغم من أن التقرير يركز أكثر على البعد الأمني والإنساني، إلا أنه يؤكد ضمنيًا أن تفكك الدولة السودانية وتفاقم الأزمة يدفعان بمزيد من السكان للنزوح أو التوجه غربًا نحو شمال إفريقيا وأوروبا، وهو أمر سبق أن حذر منه خبراء أوروبيون في سياق تداعيات الحرب على سياسات الهجرة والحدود، مشددا على ضرورة أن يعزز الاتحاد الأوروبي آليات المساءلة عن الجرائم المرتكبة في السودان، ودعم جهود السلام المرتكزة على تعاون دولي وإقليمي، بدل الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية.
وأوقفت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، برنامج إعادة التوطين للاجئين منذ منتصف العام الجاري، في مؤشر على تصاعد المخاوف من ضغوط الهجرة غير النظامية التي يغذيها النزاع في السودان وأزمات مماثلة في مناطق أخرى.
الهجرة.. على رأس الأولوياتمن برلين، قال خبير العلاقات الدولية ومنسق العلاقات الألمانية-العربية في البرلمان الألماني، عبد المسيح الشامي، إن الحرب الدائرة في السودان تحمل تداعيات على أوروبا بوجه عام، مشيرًا إلى أن “التأثير الأبرز يتمثل في موجات اللجوء المحتملة، في ظل النزوح الواسع الذي تشهده دول الجوار، إضافة إلى دول إفريقية أخرى، وصولًا إلى بلدان شمال إفريقيا مثل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، التي أصبحت بالفعل محطات رئيسية للمهاجرين”.
وأوضح الشامي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ملف الهجرة بات قضية حيوية للاتحاد الأوروبي، لا سيما في السياق السياسي الداخلي، حيث تحول إلى عامل انتخابي وأداة دعاية مركزية لدى عدد من الأحزاب الأوروبية، في إطار السعي للحد من تدفقات اللجوء وتقليص انعكاسات الصراعات والحروب في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم على الداخل الأوروبي”.
وأضاف أن “التأثير الأوروبي لا يقتصر على البعد الأمني أو السياسي، بل يمتد إلى البعد الإنساني، فالعالم بات مترابطًا على نحو يجعل من المستحيل عزل أي أزمة عن محيطها الدولي، واستمرار الحروب وما يصاحبها من انتهاكات يسهم في تصاعد مستويات العنف عالميًا، ويغذي مشاعر عدائية وصورًا نمطية تنتشر سريعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما يترك ارتدادات سلبية داخل المجتمعات المختلفة، بما فيها الأوروبية”.
الوسومأوروبا البرلمان الأوروبي بروكسل تداعيات حرب السودان تصدير الأيديولوجيات المتطرفة نقاشات موسعة