يعد سر الاعتراف والتوبة أحد أسرار الكنيسة السبعة ووسيلة روحية تمنح فرصة للتوبة والمصالحة مع الله، حسب العقيدة المسيحية، كما يعد سر الاعتراف دعوة مستمرة لمراجعة الذات والاعتراف بالخطايا، وطلب الغفران.

وترصد «الفجر» مفهوم سر الاعتراف والتوبة فى الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية:

حسب العقيدة الأرثوذكسية، يُعدّ سر الاعتراف من الوسائل الروحية المهمة لتجديد العلاقة بين الإنسان والله، ويعكس هذا السر التوبة والندم على الخطايا والاعتراف بها أمام الكاهن، الذى يمثّل دور الأب الروحى، ويتميز سر الاعتراف فى الكنيسة الأرثوذكسية بعدة عناصر رئيسية:

أولًا: سر الاعتراف هو لقاء بين التائب والله من خلال الكاهن، والكاهن لا يحكم على التائب، بل يرشده ويمنحه الغفران باسم المسيح.

ثانيا: التوبة هى الأساس، ويجب أن يكون التائب نادمًا بصدق على خطاياه ومصممًا على تغيير حياته للأفضل،ثالثا: الكاهن هو الوسيط الروحى فى السر، يستمع إلى الاعترافات، ويقدم الإرشاد الروحى، ثم يمنح التائب الحلّ (الغفران).

تتمثل خطوات الاعتراف فى التحضير الشخصى، ويبدأ التائب بالصلاة والتفكير العميق فى خطاياه، وطلب معونة الله للتوبة، ويقوم بذكر خطاياه بصراحة ووضوح، ويقدم الكاهن إرشادات روحية، والاعتراف فى الكنيسة الأرثوذكسية يتمتع بسرية مطلقة، ولا يحق للكاهن بأى حال من الأحوال الكشف أى تفاصيل، وسر الاعتراف يُعتبر وسيلة مهمة للتوبة والنمو الروحى، وهو فرصة للتجديد المستمر فى الحياة المسيحية.

ولا يوجد مكان محدد أو ثابت يشبه «غرفة الاعتراف» كما هو الحال فى الكنيسة الكاثوليكية، ويتم الاعتراف عادة فى أماكن بسيطة داخل الكنيسة أو فى إحدى قاعاتها أو غرفة صغيرة أو المكتب الخاص بالكاهن، وتوفر به كرسيين بسيطين، والهدف هو توفير الخصوصية للتائب والكاهن، وفى بعض الأحيان يجرى الاعتراف بالقرب من الهيكل المقدس، ويقوم الكاهن فى البداية بصلاة تمهيدية، وفى النهاية يضع الكاهن يده على رأس المعترف.

ووفقًا للعقيدة الكاثوليكية، فإن سر الاعتراف الذى يُطلق عليه أيضًا سر المصالحة، هو طقس دينى يجسد رحمة الله اللامتناهية تجاه الخطاة، كما جاء فى إنجيل يوحنا (٢٠: ٢٣): «من غفرتم خطاياهم تُغفر لهم، ومن أمسكتموها عليهم أُمسكت».

وتتم خطوات الاعتراف بمراجعة النفس وتحديد الخطايا التى ارتُكبت، والندم الحقيقى وهو الإحساس بالحزن على الخطايا والرغبة الصادقة فى التغيير، ثم الاعتراف بالخطيئة، والإقرار بالخطايا بداخل المكان المخصص للاعتراف ويكون عادة فى منتصف القداس، ويتواجه الكاهن إلى كرسى الاعتراف وهو مكان مخصص داخل الكنيسة، ويكون عادة فى آخر جزء فى الكنيسة خلف المقاعد، ويتكوّن عادةً من قسمين أو ثلاثة، مكان للكاهن، ويجلس فى الجزء الأوسط ولا يرى المعترف يسمعه فقط، ومكان للمُعتَرِف وفيه يجلس أو يركع فى أحد الجانبين، ويُفصل بينه وبين الكاهن حاجز أو ستارة للحفاظ على السرية، فيتيح هذا التصميم سرية كاملة وراحة نفسية للمُعتَرِف أثناء تقديم اعترافه، ثم ينطق الكاهن بصيغة الحل التى تعلن مغفرة الخطايا.

وكرسى الاعتراف يُمثل «عرش الرحمة الإلهية»، حيث يقدم الله غفرانه من خلال الكاهن، وتصميمه يُشجع المُعتَرِف على التوجه إلى الله دون خوف، مع التركيز على النعمة والشفاء الروحى.

فى بعض الحالات، يمكن أن يتم الاعتراف فى مكان آخر غير كرسى الاعتراف، وجهًا لوجه، فى غرفة مخصصة إذا كان المُعتَرِف يرغب فى الاعتراف مباشرة للكاهن، وفى الحالات الطارئة مثل المستشفيات أو المنازل، إذا تعذّر على الشخص الوصول إلى الكنيسة.

ويلعب الكاهن دورًا محوريًا باعتباره وسيطًا بين المؤمن والله، حيث يلتزم الكاهن بالحفاظ التام على سرية ما يُقال خلال الاعتراف، ويقدم الكاهن الإرشاد والنصح للمؤمنين لتجنب السقوط فى الخطايا مجددًا، وتدعو الكنيسة الكاثوليكية المؤمنين إلى ممارسة سر الاعتراف بانتظام، خاصة خلال زمن الصوم والاستعداد للأعياد، ويُعتبر الاعتراف جزءًا لا يتجزأ من التحضير الروحى للاحتفال بسر الإفخارستيا (التناول)، ويُشجع المؤمنين على الاعتراف حتى بالخطايا البسيطة، لتعميق النقاء الروحى.

سر الاعتراف والتوبة فى الكنيسة الكاثوليكية هو رمز عظيم لرحمة الله وحبه الذى لا حدود له، وتأكيد على أهمية التوبة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الكنيست سر الاعتراف التوبة الكنيسة الأرثوذكسية الكنيسة الكاثوليكية الغفران الاستعداد الروحي العلاقة مع الله الهيكل المقدس الكنائس المسيحية الاعتراف فى فى الکنیسة

إقرأ أيضاً:

25 قتيلاً بينهم منتظرو مساعدات.. لا “مكان آمن” في غزة

البلاد (غزة)
في تصعيد عسكري متواصل، شنت القوات الإسرائيلية فجر السبت غارات جوية وبرية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 25 فلسطينياً، بينهم 13 مدنياً كانوا في انتظار مساعدات غذائية، بحسب مصادر طبية ومسعفين محليين.
وأكدت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن القصف استهدف أحياء سكنية ومناطق تجمع للمدنيين، مشيرة إلى أن الضحايا سقطوا في أماكن متفرقة من مدينة غزة، خان يونس، ومخيم البريج. وذكرت مصادر طبية أن القصف طال منازل ومناطق لتوزيع المساعدات في حي تل الهوى ومنطقة الشاكوش شمالي القطاع، حيث كان العشرات ينتظرون شاحنات مساعدات، على رأسها الدقيق.
تزامناً مع الغارات، أعلنت إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية في شرق مدينة غزة، فيما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خطة أمنية جديدة تهدف إلى”تعميق تقسيم قطاع غزة” وزيادة الحصار عليه، في محاولة لـ”إضعاف حركة حماس وإنهاكها”، بحسب ما نقلته قناة “كان” عن مصادر سياسية. تأتي هذه التطورات في ظل تعثر مفاوضات تبادل الأسرى، ما يزيد من حدة الضغوط العسكرية على القطاع.
وبينما تتصاعد الغارات، تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي أن ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام كاملة، وأن سوء التغذية في تزايد حاد، مع حاجة أكثر من 90 ألف امرأة وطفل للعلاج العاجل. وأضاف البرنامج أن 470 ألف فلسطيني مهددون بالمجاعة الكارثية خلال الأشهر المقبلة.
وأشار بيان البرنامج إلى أن السكان يموتون بسبب نقص المساعدات الإنسانية؛ إذ أصبحت المعونات الغذائية السبيل الوحيد للنجاة بعد ارتفاع أسعار الطعام لمستويات قياسية. ودعت منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة و”الأونروا”، إلى رفع القيود الإسرائيلية فورًا والسماح بوصول المساعدات.
من جهتها، أكدت وكالة “الأونروا” أن سكان غزة “يعانون من النزوح المستمر ولا مكانًا آمنًا لهم”، مشيرة إلى أن القطاع يشهد دمارًا غير مسبوق منذ أكثر من 650 يومًا من القتل والمعاناة.
وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أعلنت مصادر طبية عن دخول ست شاحنات محمّلة بمستلزمات طبية فقط إلى القطاع بدعم من “اليونيسف”، لكنها لا تحتوي على أي مواد غذائية، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.
وفي تقرير حاد اللهجة، اتهمت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات إسرائيل باستخدام سياسة التجويع كأداة حرب، معتبرة أن النظام الجديد لتوزيع المساعدات الذي تفرضه إسرائيل، من خلال ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، يمنع وصول الغذاء إلى الفئات الأكثر ضعفاً، ويخلق”فوضى قاتلة”.
وأوضحت المجموعة أن 16% من أطفال غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وأن المستشفيات تسجل عشرات الوفيات يومياً بسبب الجوع. ودعت إلى رفع فوري للحصار ووقف شامل لإطلاق النار، مؤكدة أن “منع المجاعة لا يحتمل التأجيل”.
ووسط هذه التطورات، تصاعدت التحركات الدولية، فقد دعت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في بيان مشترك إلى”إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة فوراً”، مطالبة إسرائيل برفع القيود المفروضة على تسليم المساعدات واحترام القانون الإنساني الدولي.
وفي نيويورك، تستعد الأمم المتحدة لعقد مؤتمر وزاري الأسبوع المقبل لإحياء حل الدولتين، في خطوة تهدف إلى إعادة الزخم الدولي للمطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف الحرب. ومن المقرر أن يشارك فيه أكثر من 100 دولة، وسط غياب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويأمل دبلوماسيون في أن يشكل المؤتمر”فرصة نادرة لتحويل الإجماع الدولي إلى خطوات ملموسة”، مع تحذيرات من أن حل الدولتين بات أضعف من أي وقت مضى في ظل استمرار الحرب، وتوسّع الاستيطان في الضفة الغربية.
وفي ظل تصعيد عسكري دموي ومأساة إنسانية متفاقمة، يقف قطاع غزة على شفا مجاعة، بينما تلوّح الدول الغربية بإجراءات دبلوماسية متأخرة، وتتواصل دعوات رفع الحصار وسط تحذيرات من أن كل ساعة تمر تعني مزيداً من الضحايا الأبرياء.

مقالات مشابهة

  • أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء
  • وزير السياحة والآثار يشارك في فعالية الاحتفال بافتتاح ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
  • من القداس إلى الريلز: الكنيسة تُعدّل خطابها لمخاطبة جيل تيك توك
  • جدل سعودي إماراتي حول الاعتراف الفرنسي بفلسطين.. والشيخة جواهر: تنافس غبي
  • 53 قتيلاً وجريحاً.. ارتفاع حصلية هجوم الكنيسة بالكونغو
  • «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. والاحتلال يقصف كل مكان
  • الإعلان عن مكان وموعد جنازة زياد الرحباني
  • 25 قتيلاً بينهم منتظرو مساعدات.. لا “مكان آمن” في غزة
  • بعد إثارة الجدل.. دار الإفتاء المصرية تؤكد حرمة مخدر الحشيش
  • الأونروا: لا مكان آمن في غزة والفلسطينيون يُجبرون على النزوح مجددًا