كيف سيبدو العالم ومكانة الولايات المتحدة فيه بعد 4 سنوات أخرى من حكم الرئيس دونالد ترامب الذي يرث العديد من الحروب الساخنة والحروب الباردة والحروب المحتملة؟ سؤال ابتدر به هال براندز، الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدم بجامعة جونز هوبكنز الأميركية، مقاله في موقع وكالة بلومبيرغ الإخبارية.

يقول الكاتب إن دبلوماسيين أجانب ومسؤولين أميركيين ومدراء تنفيذيين في شركات، والكل على ما يبدو، ظلوا يطرحون عليه هذا السؤال منذ يوم الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بلومبيرغ: ألمانيا تتفكك في وقت أوروبا بأمس الحاجة إليهاlist 2 of 2جدعون ليفي: إسرائيل تجرع شعبها الخوف مع حليب أمهاتهمend of list

ويضيف أن رئيسا أميركيا "متقلبا" على وشك الاصطدام بعالم متقلب الأطوار هو الآخر، وأن تبدل أحوال ترامب سمة حقيقية حتى لو كان تعذر التكهن بذلك مبالغا فيه. فقد شهدت ولايته الرئاسية الأولى تقلبات سياسية أذهلت الجميع، فيما هدد بتمزيق معاهدات لطالما كانت تشكل حجر الزاوية في السياسة الأميركية لعقود.

لكن براندز -وهو كاتب عمود في موقع بلومبيرغ- يعود فيقول إن الأمر المختلف هذه المرة هو أن ترامب يرث عددا كبيرا من الحروب الساخنة والباردة والمحتمل اندلاعها، وإن بإمكانه الادعاء بأنه سيكون إزاء أوضاع "أقبح وأخطر" مما واجهها أي رئيس آخر منذ عقود.

إعلان

والحالة هذه، فإن كاتب المقال يرجح أن ترامب نفسه لا يدري بالضبط كيف سيتعامل مع هذه الاضطرابات، مضيفا أن هناك 5 سيناريوهات محورية تستحق الدراسة ويوجزها في كلمات مفتاحية هي: التجديد أو النهضة، والرفض، و الانكفاء، وإعادة التقويم، والارتباك.

وتفصيلا لتلك السيناريوهات، يقول براندز إن ترامب يبشر بنهضة تاريخية لأميركا، التي يمكنها كقوة عظمى "أكثر ذكاءً وصرامة"، أن تحقق نجاحا على كافة الأصعدة والجبهات.

لكن النقاد يحذرون من أن ترامب ربما يجنح، بدلا من ذلك، إلى الرفض أو حتى الانكفاء بالتخلي عن دور الولايات المتحدة في قيادة العالم، أو قد يتضافر مع الزعماء المستبدين الذين ينتقدون بشدة عالما تقوده أميركا.

وثمة احتمالان آخران يرى أستاذ الدراسات الدولية في مقاله أنهما أخف وطأة؛ أحدهما أن يدير ترامب عملية إعادة تقويم "فوضوية، لكنها مثمرة" للاستراتيجية الأميركية. أما الاحتمال الآخر هو أن ينتهي الارتباك السائد إلى إضعاف أميركا، ومن ثم، خلق فوضى عارمة في العالم.

غير أن براندز لا يعتقد أن ترامب شخص لا يمكن التكهن بما سيُقدِم عليه، كما يظن المحللين. ويستند الكاتب في ذلك إلى أن آراء الرئيس المنتخب الأساسية قديمة يعود تاريخها لعقود مضت، وهي تتجلى في نظرته  إلى أن قيادة المعاملات القائمة على العلاقة التبادلية أمر جيد، واتفاقيات أميركا التجارية وتحالفاتها صفقات رديئة، والقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان مبالغ في تقديرها.

ويمضي الكاتب إلى القول إن ترامب يرى في التقلب تكتيكا وميزة تُفقد الأصدقاء والأعداء توازنهم. كما أنه يضفي طابعا شخصيا على سياسته، شأنه في ذلك شأن قلة من الرؤساء الآخرين، فإن ما يحبه وما يكرهه يلقي بظلاله على العلاقات الحساسة.

ترامب يرى في التقلب تكتيكا وميزة تُفقد الأصدقاء والأعداء توازنهم. كما أنه يضفي طابعا شخصيا على سياسته، شأنه في ذلك شأن قلة من الرؤساء الآخرين، فإن ما يحبه وما يكرهه يلقي بظلاله على العلاقات الحساسة.

ويردف براندز قائلا إن آراء ترامب غالبا ما تتسم بالتناقض؛ فقد أمضى سنوات وهو يهاجم الصين بينما يهاجم في الوقت نفسه الحلفاء الذين تحتاجهم الولايات المتحدة لمواجهة بكين. وتعني طبيعته القائمة على المعاملات أن التحول إلى عقد الصفقات أمر وارد دائماً، حتى مع الخصوم. وإذا كان لدى ترامب مقدرات فطرية قوية، فإن لديه نفورا أقوى من الخطط المنهجية.

إعلان

ووفقا لمقال بلومبيرغ، فإذا سئل ترامب كيف يخطط لحل بعض المشاكل المعقدة، فإن إجابته المعتادة أشبه ما تكون بالشعار، مثل قوله إن إنهاء الحرب الأوكرانية لن يستغرق سوى 24 ساعة دون الخوض في التفاصيل.

ويعتقد براندز أن هذا الأسلوب يمنحه المرونة، كما أنه يشيع حالة من الغموض بشأن ما يرمي إليه، في وقت يبدو فيه العالم وكأنه يتداعى، حيث تخسر أوكرانيا حربها ضد روسيا، ولا تزال إيران مصدر قلق في الشرق الأوسط، وتخوض أميركا حربا باردة مع الصين.

أما الحل فهو بسيط في نظر ترامب، ويكمن في جعل أميركا عظيمة مرة أخرى. فمثلما يتعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ باستعادة أمجاد الصين السابقة، ويحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعادة مكانة روسيا العالمية، فإن ترامب يعد بتجديد شباب بلاده لسنوات طويلة قادمة، حسب تعبير المقال.

وإذا تعهد ترامب بتجديد شباب بلاده، فإن منتقديه يخشون من أن يتخلى عن العالم الذي ظلت تقوده الولايات المتحدة. وفي هذا السيناريو، الذي لا يستبعده كاتب المقال، قد ينسحب ترامب من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويُجلي القوات الأميركية من كوريا الجنوبية، ويتخلص من الصفقات التجارية القائمة، أو أن يفرض عليها رسوما جمركية باهظة ليجعلها حبرا على ورق.

ويحذر براندز من أن انسحاب واشنطن من العمل في مجال النظام الدولي، قد يخرج العالم غير المستقر عن السيطرة. ومع ذلك، فهو يرى أن من حسن الحظ أن لدى ترامب من الأسباب ما يجعله لا يمضي في هذا المسار، فالانسحاب من حلف الناتو سيجعله يخوض صراعا مع أعضاء حزبه الجمهوري ممن يؤيدون قيادة بلادهم للعالم.

أما السيناريو الخامس والأخير الذي يرسمه أستاذ الدراسات الدولية، فهو الارتباك، منبهاً إلى أن مستشاري ترامب منقسمون حول قضايا رئيسة؛ مثل التعامل مع إيران، لا سيما أن معظم من عينهم في المناصب العليا لديهم خبرة قليلة أو يفتقرون إليها، في إدارة المصالح الحكومية.

إعلان

وفي هذا السيناريو، يرى الكاتب أن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط قد تتصف بفوضى "متنافرة"، لأن الإدارة المنقسمة لا يمكنها أبدا أن تقرر ما هي الأهداف، أو مقدار التدخل الذي تسعى إليه.

ويخلص المقال إلى أن هذه المخاطر تزداد كلما اقترب تنصيب ترامب رئيسا، حيث يحذر المحللون من احتمال نشوب حرب عالمية أو من هيمنة استبدادية. ثم إن التنافس بين القوى العظمى يعيد صياغة الاقتصاد العالمي بما يؤثر على منطقة.

وختم الكاتب بالقول إن أميركا ترامب قد لا تستطيع مواجهة التحديات الراهنة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة أن ترامب إلى أن

إقرأ أيضاً:

حراسة الأمل وسط الصراع.. "الفجر" تنشر مقال رأي مشترك بين الخارجية ومنسقة الأمم المتحدة

تحت عنوان «يحرسون الأمل وسط الصراع: حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد»، تنشر «الفجر» مقال الرأي المشترك لكلا من السفير خالد البقلي، مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي، وإلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر.

وجاء نص المقال كالتالي: 

تُحيي الأمم المتحدة هذا العام الذكرى السنوية الثمانين لإنشاء المنظمة الدولية، وفي قلبها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام التي تتفرد بكونها أحد أبرز وأقوى تجليات التعاون الدولي متعدد الأطراف. فعلى مدى ما يقرب من ثمانية عقود، ساهمت جهود وتضحيات أصحاب الخوذ الزرقاء في إنقاذ الأرواح وتغيير حياة الناس إلى الأفضل –لتساعد البلدان على عبور المسار الصعب من الحرب إلى السلام. 

يشارك حاليا أكثر من 76 ألفا من الأفراد المدنيين والعسكريين والشرطيين في 11 بعثة حول العالم؛ فمن قبرص إلى لبنان، ومن جمهورية إفريقيا الوسطى إلى جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، يمد أولئك الرجال والنساء الشجعان شريان حياة إلى الملايينمن الأشخاص الذين يعيشون في بعض من أكثر سياقاتالعالم هشاشة، على الصعيدين السياسي والأمني. 

بيد أنه في ضوء تلك الضغوط المتنامية، من الضروري إعادة التفكير في دور عمليات حفظ السلام داخل البنية الأوسع للسلم والأمن الدوليين. ولقد كان فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مُحقا حين شدد على أن "حفظ السلام يُمثل أداة حيوية للمجتمع الدولي ولكنه لا ينبغي أن يُنظر إليه باعتباره الوسيلة الوحيدة لصون السلام." كما زاد على ذلك بتأكيده على أن حفظ السلام "لا يُمكن أن يكون بديلا عن الدبلوماسية الوقائية، أو جهود الوساطة، أو بناء السلام أو الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لمعالجة الأسباب الأساسية وعلاج الانقسامات المجتمعية."، ونبه السيد رئيس الجمهورية على أن "حفظ السلام لا ينبغي أن يكون هو الاستجابة التلقائية أو الفورية لكل أزمة." 

ولهذا فإن موضوع احتفالنا باليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لهذا العام، وهو "مستقبل حفظ السلام" – يكتسب أهمية بالغة ويأتي في التوقيت المناسب تماما. فاليوم يواجه حفظة السلام تهديدات متصاعدة وغير مسبوقة؛ إذ تغيرت طبيعة الصراعات فصارت أطول أمدا، وأكثر دموية وتعقيدا. كذلك، فلم تعد الصراعات محصورة داخل حدود البلد الواحد، وسرعان ما تتسع رقعتها عبر الحدود، وما من تعقيد المشهد هو الإرهاب والجريمة المنظمة والحرب السيبرانية وانتشار المعلومات المغلوطة والمضللة فضلًا عن تنامي استخدام التقنيات والتكنولوجيات الحديثة في الصراعات. ليس هذا كل شيء، فتغير المناخ يُعمق من عدم الاستقرار في مناطق هشة بالفعل. وفي ظل تفاوت التوجهات داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أضحى التوافق أمرا أكثر صعوبة –فصار نسق التحرك بطيئا في وقت ما أحوجنا فيه إلى العمل العاجل. 

ولقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن ذلك بوضوح بقوله، "إن ثمة نقصا في الثقة، داخل الدول والأقاليم، وفيما بينها... تشخيص قاتم للوضع، ولكن لا بد لنا أن نواجه الحقائق." ومن بين أكثر المسائل إلحاحا هي التباين المتنامي والمستمر بين المهام الملقاة على عاتق بعثات حفظ السلام والموارد المتاحة لها للاضطلاع بتلك المهام. إن هذا يُقوض فاعلية عمليات حفظ السلام ويدفعبها في أوضاع "حيث يكاد لا يكون هناك سلام لحفظه". 

إن ميثاق المستقبل الذي اعتمدته قمة المستقبل في 2024، يضعنا أمام لحظة للمراجعة – لكنه يمنحنا الفرصة أيضا. فهو يؤكد أن عمليات السلام يُمكن أن يُكتب لها النجاح فقط إذا استندت إلى الإرادة السياسية واستراتيجيات شاملة تجتث أسباب الصراع من جذورها. كما أنه يُشدد على نحو صحيح على الحاجة لدعم بعثات حفظ السلام بالتمويل الكافي، على نحو مستدام ويُمكن التنبؤ به. 

كما ويخول ميثاق المستقبل إجراء مراجعة شاملة لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام – وهي فرصة لإعادة التفكير وإصلاح نموذج حفظ السلام. فالسياقات شديدة الخطورة التي يغصُّ بها عالمنا اليوم تستلزم أن يكون لدى بعثات حفظ السلام من الأدوات المناسبة والشراكات والاستراتيجيات ما يُمكنها من حماية المدنيين وتقديم الدعم الفعال لبناء السلام. 

إن مصر، التي تحتفل هذا العام بمرور 65 عاما على مشاركتها الفعالة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، قد أظهرت ولا تزال، التزاما قويا ومستداما وراسخا إزاء أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. فمنذ أسهمت قواتها لأول مرة في عملية الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو في العام 1960، نشرت مصر ما يزيد عن 30 ألفا من حفظة السلام في 37 مهمة لحفظ السلام عبر 24 دولة، لتكون في مصاف كبريات الدول المساهمة بأفراد نظاميين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وتنشر مصر حاليا 1205 من حفظة السلام، من بينهم نساء، يخدمن في خمس بعثات في أنحاء متفرقة من قارتنا الإفريقية. 

ومن المشهود أن يكون سجل الخدمة والتضحيات المصري موضع اعتراف وتقدير العالم، وهو ما يُعبر عنه إعادة انتخاب مصر كمقرر للجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بعمليات حفظ السلام وانتخابُها مؤخرا كعضو في لجنة الأمم المتحدة لبناء السلام، فضلا عن اختيارها كمُيسر مشارك للمراجعة الدورية لهيكل بناء السلام لعام 2025، في كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن. 

إن قيادة مصر في حفظ السلام تمضي لأبعد من المساهمة بقوات؛ إذ تلعب دورا فعالا في صياغة التفكير الاستراتيجي حول جهود إصلاح عمليات حفظ السلام. وقد اضطلعت مصر بدور ريادي بتقديمها لرؤية لعمليات حفظ سلام تراعي السياقات المختلفة وتتسم بالابتكار والشمول، وذلك من خلال مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام – وهو مركز تميز أفريقي. ويُركز مركز القاهرةفي جهوده على الحاجة إلى الوقاية وحماية المدنيين وبناء الشراكات الإقليمية، جنبا إلى جنب مع تعزيز مشاركة المرأة في حفظ السلام، اتساقا مع أجندة المرأة والسلام والأمن. ومن خلال منتدى أسوان السنوي، الذي يُنظمه مركز القاهرة، تستمر مصر في دعم الحلول الأفريقية وتعمل على تعزيز التآزر بين حفظ السلام وبناء السلام. إن هذا العمل، الذي يجري بتعاون وثيق مع الأمم المتحدة في مصر، لهو مثال قوي على فعالية التعاون فيما بين بلدان الجنوب العالمي وقيمة الحلول الاقليمية. وتُترجم مصر ذلك عمليابمساهمتها الفعالة في تدريب حفظة السلام النظاميين الأفارقة والدوليين من خلال منشآت خاصة تُديرها وزارة الداخلية عبر مركز المركز المصري للتدريب على عمليات حفظ السلام، ووزارة الدفاع، من خلال جهاز الاتصال بالمنظمات الدولية. 

كذلك، فإن مصر داعم قوي لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، "العمل من أجل السلام" (A4P). وفي العام 2018، نظمت مصر مؤتمرا تاريخيا رفيع المستوى كان هدفه تحسين فاعلية عمليات حفظ السلام. وقد أثمر ذلك الحدث عن "خارطة القاهرة لعمليات حفظ السلام"، وهي إطار عمل راسخ من الالتزامات المشتركة التي اعتمدها الاتحاد الأفريقي لاحقا، في العام 2020. 

وهذا العام، وفيما نتذكر 4430 من حفظة السلام الذين جادوا بأرواحهم في سبيل السلام، فإننا ينبغي أن نذهب لأبعد من مجرد إحياء اليوم، وذلك بالعمل على صون المبادئ التي قدم حفظة السلام التضحية الكبرى في سبيلها. لقد جاد أكثر من 60 شهيدًا من حفظة السلام المصريين بأرواحهم أثناء خدمتهم ضمن عمليات الأمم المتحدة في أنحاء العالم، وهو تذكير قوي بالمخاطر المتنامية التي يخوض حفظة السلام غمارها – وبواجبنا الجماعي نحو ضمان ألا يُتركوا أبدا من دون الوسائل التي تُمكنهم من أداء مهمتهم. 

جددت مصر التزامها القوي بتعزيز عمليات حفظ السلام الأممية في مؤتمر الأمم المتحدة الوزاري لحفظ السلام لعام 2025 والذي انعقد مؤخرا في برلين في مايو الجاري، وذلك من خلال خطط لنشر حفظة السلام، وإعداد ضباط يتمتعون بأعلى مستويات التدريب. وتعهدت بتوفير قدرات متخصصة، ونشر أفراد مؤهلين في بعثات الأمم المتحدة، وبتعزيز التدريب بالتنسيق مع الشركاء الدوليين. كما وسلطت مصر الضوء على أهمية استغلال ما توفره التكنولوجيا الحديثة من فرص لتعزيز كفاءة وفاعلية بعثات حفظ السلام الأممية، استنادا إلى الدروس المستفادة من عمليات الانتقال الإقليمية، وتعزيز التكافؤ بين الجنسين – وشددت على اعتزامها تحقيق نتائج تفوق أهداف الأمم المتحدة لمشاركة المرأة في الأدوار النظامية. 

وبينما تواصل الأمم المتحدة مواجهة التحديات الهائلة،وفي سياق إقليمي تخيم عليه نزاعات متعددة، تقف مصر راسخة كشريك مستقر يُعتمد عليه لصون السلم والأمن الدوليين. ليس هذا فحسب، بل عبرت مصر عن استعدادها لتوفير كافة أوجه الدعم لمبادرة الأمم المتحدة 80 هذا العام من أجل إنجاحها من خلال العمل على ضمان الفعالية والترشيد للمساعدة في مواجهة التحديات المالية الحادة التي تواجه الأمم المتحدة وحفظ السلام. وفي هذا الصدد، فإن استعداد مصر وجاهزيتها لاستضافة وكالات الأمم المتحدة وبرامجها ومكاتبها التي قد تكون بصدد نقل مقراتها بموجب مبادرة الأمم المتحدة 80، هو موضع تقدير واحترام. 

إن موقع مصر الاستراتيجي – في ملتقى الطرق بين إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط – يجعلها مركزا طبيعيا للتواصل والتعاون. وتوقيتها المركزي وقربها من مناطق الأزمات الرئيسية يجعل منها موقعا مثاليا وفعالا يساهم في تقليل النفقات، ويقلل زمن الرحلات ويُسهم في سلاسة التنسيق. كما تٌقدم مصر نفاذًا مباشرا للبحرين الأحمر والأبيض المتوسط عبر قناة السويس – وهي شريان حياة حيوي للتجارة العالمية – فتوفر بذلك ربطًا بحريا لا يُضاهى. فضلًا عن مطاراتها الدولية وقربها الجغرافي من مناطق الصراع بما يعزز اجمالًا من أهميتها كمركز للدبلوماسية، والاستجابة للأزمات، وجهود حفظ السلاموتقديم المساعدات الانسانية. 

هذا وتستضيف مصر العديد من المنظمات والمكاتب الدولية والإقليمية، بما في ذلك مقر جامعة الدول العربية، مع أكثر من 140 من السفارات المُمثلة في القاهرة، لتظل بذلك مركزًاجيوسياسيًا، في ظل تواجد أممي قوي بالفعل، وبنية تحتية عصرية، ومستويات أمان تحظى بتقدير شديد. 

يشير الأمين العام للأمم المتحدة، بأن "العالم يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الأمم المتحدة - والأمم المتحدة تحتاج إلى أن يكون عملها في حفظ السلام كاملَ العُدّة للتعامل مع حقائق اليوم ومواجهة تحديات الغد." ومع إدراكنا لما تتعرض له بعثات حفظ السلام من ضغوط، فإننا بتجديد العزيمة متعددة الأطراف، وبإتاحة الموارد الكافية، والإصلاحات الجريئة، نستطيع تمكين حفظة السلام ليبقوا قوة لا غنى عنها من أجل السلام والاستقرار، والأمل في عالم مضطرب. وتظل مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة في صدارة الأمم التي تقدم هذا الدعم. 

مقالات مشابهة

  • أكبر بنوك أميركا يحذّر من انهيار سوق السندات الأميركي تحت ضغط الديون
  • ترامب يطمئن الطلاب الصينيين في أميركا: ستسير الأمور على ما يرام
  • 3 سيناريوهات أمام البرلمان لـ أزمة الإيجار القديم
  • مقال بغارديان: أوروبا لن تتفق أبدا بشأن إسرائيل لكن يمكنها مساعدة غزة
  • أميركا اللاتينية تميل إلى الصين في خضم الحرب التجارية
  • طحنون بن زايد يبحث مع مؤسس بلومبيرغ إمكانات الذكاء الاصطناعي في بناء مؤسسات المستقبل
  • حراسة الأمل وسط الصراع.. "الفجر" تنشر مقال رأي مشترك بين الخارجية ومنسقة الأمم المتحدة
  • أميركا تعتزم إلغاء تأشيرات طلاب صينيين يدرسون في مجالات حسّاسة
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: 87% من تجارتنا الخارجية تتم مع أسواق خارج أميركا
  • بريطانيا تسعى لتسريع وتيرة تطبيق الاتفاق التجاري مع أميركا