** ما الذى أصاب الغرب، وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أسوأ نمودج انتهازى، ليس فى العمل السياسى، وإنما كذلك فى تاريخ الدول، عندما تتبدل المواقف والاتجاهات، من النقيض إلى عكسه، وفى أمور لا تحتمل التراجع أو التساهل، إذا ما تعلق الموضوع بالمد الإرهابى، وهو ما يجرى علناً فى الحالة السورية، مع التحول المفاجئ لإدارة الرئيس، جو بايدن، التى جرجرت دولاً أوروبية ودونها، لفتح قنوات اتصال مباشرة ومخفية- مع قائد «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولانى- كما لو أنه شخصية دولية- وكأن الرجل لم يكن مطارداً أو مطلوباً، عن اتهامات بالإرهاب، سواء هو بصقته، أو الهيئة التى يترأسها، وهى «شيزوفريبا» سياسية، فى الأخلاق أولا، وفى ثوابت الدول ثانيا.
** الصورة بهذه التفاصيل، تجرى يومياً فى العاصمة «دمشق»، التى يتسابق وزراء ووفود دول، على السفر إلى هناك، وكانها تطلب العفو والرضا، أو قل الوعد بولاءات ومساندة، تحت غطاءات تخدع أكثر مما تخدم، ظاهرها مساندة مشروع بناء الدولة السورية «العادلة»، لكنها فى الحقيقة، تحمل فى «خبثها»، أهدافاً ومصالح مخفية، تحرص كل دولة، على أن تصنع لها منطقة وأشخاص نفوذ، فى ساحة التقسيم الجيوسياسى، كما فى الحالة الأمريكية، والتقسيم الجغرافى، كما فى الحالتين التركية والإسرائيلية، وبالنسبة لدول الاتحاد الأوروبى، ليس أكثر من موطئ قدم، مكافئ لمجموع الدول على الأرض، ولو لملء الفراغ الروسى والإيرانى.
** نريد أن نفهم، ما هى والهدف الأمريكى، من «تسييس» الفوضى فى سوريا..ليس من السياسة ولا الأبعاد الإنسانية، أن تتولى أكبر دولة، تتحدث عن مسئوليتها فى حرب الإرهاب، أن ترتد إلى الخلف، وتهتم أدواتها الدبلوماسية والعسكرية، بالمحاولة لانتزاع صفة الإرهاب، عن أكبر ائتلاف لفصائل إرهابية، «هيئة تحرير الشام» والجماعات الـ60 المشاركة، ولا تخفى ما تنوى دراسته، لرفع هذه الهيئة من قوائم الإرهاب، وعنوان الإدارة الأمريكية هنا، التواصل مع رئيس الائتلاف «الجولانى»، بمسماه السياسى الجديد «أحمد الشرع»، وهى الخطوة التى تسبق، تنظيف سيرته الذاتية، وإبراءه من صفة الإرهاب، وأظنه يرغب فى الخضوع للشروط، بضمان الولاء لـ«واشنطن».
** وللذين يعجبهم النموذج الأمريكى، لإسقاط الدول باسم الديمقراطية، أنظروا إلى «جبهة النصرة»- أحد فروع «تنظيم القاعدة»- وقد أدرجتها وزارة الخارجية الأمريكية، فى 27 مايو 2013، على قائمة الإرهاب، وتعهدت بمطاردتها، حتى بعد أن تغير اسمها إلى «هيئة تحرير الشام»، فى العام 2016، وأعلن- وقتها- أبو محمد الجولانى، فك الارتباط مع «القاعدة»، لم تتوانَ الإدارة الأمريكية، عن ملاحقتها وإدراجها، للمرة الثانية بمسماها الجديد، على قوائم التنظيمات الإرهابية، فى شهر مارس 2017، ووضعت قادتها وأعضاءها المؤثرين، ضمن الأشخاص المستهدفين بالعقوبات، ورصدت 10 ملايين دولار، مقابل زعيمها «الجولان»، سارية الأثر حتى اللحظة، وهو فى أمان الأمريكان.
** ليس هناك ما يمنع، أن ننظر للتصرفات الأمريكية، من ناحيتن.. الأولى، أنها النفاق بعينه، أمام «الإسلاموفوبيا»، تلك الحالة التى صنعوها وصدقوها، ومن ثم القبول بنظم الإسلام السياسى، حتى لو كانت إرهابية.. والناحية الثانية، مع «البراجماتية» الأمريكية، فى أن يتوسع نفوذها الشرق أوسطى، لتكون تهديداً إسترتيجياً، لكل من روسيا والصين، وامتدادا لإيران ووضعها هدفاً سهلاً لإسرائيل، ودائما لا يُقلِق الأمريكيين، أى اعتراضات أو رفض دولى وأممى، طالما تُحقِق فوضاهم الغرض، حتى لو جاء فى صورة، تدمير دول وإسقاط الأنظمة.. والحال من قبل فى العراق، وحالياً فى سوريا، التى لا يرى الأمريكيون حرجاً، فى أن يتولى الإرهابيون السلطة فى «دمشق».. أم المدن.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اتجـــــاه محمــــد راغـــب الولايات المتحدة الأمريكية هيئة تحرير الشام
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله الـ15.. عبدالله فرغلي “الأستاذ” الذي صعد من فصول اللغة الفرنسية إلى قمة المسرح والسينما (تقرير)
تحل اليوم 18 مايو الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الفنان القدير عبدالله فرغلي، أحد أعمدة الفن المصري، الذي ترك بصمة لا تُنسى في المسرح والسينما والتلفزيون، وامتدت مسيرته الإبداعية لأكثر من 40 عامًا، قدّم خلالها نحو 200 عمل فني.
من معلم لغة فرنسية إلى نجم المسرح
وُلد عبدالله فرغلي عام 1928، وبدأ حياته المهنية مدرسًا للغة الفرنسية، قبل أن ينتقل إلى عالم الفن في ستينيات القرن الماضي. كانت انطلاقته الحقيقية من خلال خشبة المسرح، حيث جذب الأنظار بأدائه الكوميدي الذكي، وكان من أبرز أعماله المبكرة مع فؤاد المهندس في مسرحيتي “أنا وهو وسموه” (1966) و“حواء الساعة 12” (1968).
الفنان القدير عبدالله فرغلي“علام الملواني” ونجومية المسرح
نال شهرته الكبيرة من خلال مسرحية “مدرسة المشاغبين”، حيث جسّد شخصية “علام الملواني” المشرف الاجتماعي الذي وقف في وجه الطلبة المشاغبين، وأصبح هذا الدور من أشهر الشخصيات في تاريخ المسرح المصري. وشارك في عدد من المسرحيات الكلاسيكية مثل:
• “هاللو شلبي”
• “سيدتي الجميلة”
• “الفلوس حبيبتي”
• “سكر زيادة”
السينما.. من “أرض النفاق” إلى “الحريف”
امتدت موهبة فرغلي إلى الشاشة الكبيرة، وشارك في أفلام أيقونية أبرزها:
• “أرض النفاق”
• “سفاح النساء”
• “الشقة من حق الزوجة”
• “فوزية البرجوازية”
• “الدنيا على جناح يمامة”
وكان له حضور قوي في أفلام عادل إمام، منها:
• “الحريف” (بدور “رزق الإسكندراني”)
• “المولد” (بدور “علي الأعرج”)
• “احترس من الخط”
الدراما التلفزيونية: حضور دائم
في التلفزيون، ترك عبدالله فرغلي بصمته في أعمال لا تُنسى، منها:
• “أبنائي الأعزاء.. شكرًا”
• “أخو البنات”
• “حدائق الشيطان”
وكان آخر ظهور له في الجزء الأول من مسلسل “الجماعة” عام 2010، قبل رحيله في العام ذاته عن عمر ناهز 82 عامًا.
إرث لا يُنسى
لم يكن عبدالله فرغلي مجرد ممثل، بل أستاذًا في الأداء والتنوع، مزج بين خفة الظل والقدرة على تقمص الأدوار الصعبة، ليحجز لنفسه مكانة خالدة في ذاكرة المشاهدين. في ذكرى رحيله، لا يزال اسمه يُذكر بكل احترام كأحد رواد الأداء المسرحي والتلفزيوني في مصر.
رحل بجسده، لكن صوته وضحكته ووقاره لا تزال تعيش في وجدان أجيال.