روبيو يتعهد بمراجعة قوائم الإرهاب الأمريكية والأممية بشأن سوريا
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
تعهد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، بمراجعة قوائم الإرهاب في بلاده والأمم المتحدة، بشأن سوريا، وذلك في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري أسعد حسن الشيباني.
وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس في بيان، أن روبيو تعهده بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات لمراجعة قوائم الإرهاب الأمريكية وتلك التابعة للأمم المتحدة فيما يتعلق بسوريا.
وأشارت بروس إلى أن روبيو والشيباني ناقشا الخطوات الأمريكية السابقة لرفع العقوبات عن سوريا، إلى جانب التعهد بالإبقاء على العقوبات المفروضة على "الجهات الخبيثة مثل بشار الأسد ورجاله"، وفق تعبير البيان.
ومطلع الشهر الجاري، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية رفع العقوبات عن 518 شخصية وكيانا سوريا، وُصفوا بأنهم "بالغو الأهمية لتنمية البلاد وإعادة بناء النسيج الاجتماعي"، وذلك بموجب أمر تنفيذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنهى بموجبه العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ سنوات.
ووفق بيان صادر عن وزارة الخزانة، فإن القرار يهدف إلى دعم جهود الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا بعد أكثر من عقد على اندلاع الثورة السورية.
إلا أن البيان شدد في الوقت ذاته على أن العقوبات ستظل سارية على شخصيات وكيانات مرتبطة برئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، والمتورطين بانتهاكات حقوق الإنسان، وتجارة المخدرات، وتطوير الأسلحة الكيميائية، فضلاً عن وكلاء إيران وتنظيم الدولة.
ولفت البيان إلى أن العقوبات الجديدة طالت "جهات فاعلة مزعزعة للاستقرار" في الداخل السوري، في إشارة إلى استمرار سياسة العقوبات الانتقائية تجاه أطراف تُعدها واشنطن خصوماً إقليميين.
وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن القرار يأتي "استجابة لتغيرات حقيقية على الأرض"، لاسيما بعد اللقاء الذي جمع الرئيس ترامب بالرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط.
وأضافت أن الإدارة الأمريكية ترى في هذا القرار "تعزيزاً للسلام والاستقرار في المنطقة"، وأن ترامب "ملتزم بدعم سوريا موحدة ومستقرة، تعيش بسلام مع نفسها وجيرانها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية روبيو سوريا الشيباني العقوبات سوريا امريكا العقوبات الشيباني روبيو المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هدية ترامب المفخخة!
لم يكن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشروع في إدراج فروع من جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب قرارا يتعلق بالحركة وحدها، ولا إجراء أمنيا معزولا عن سياقه، بل هو خطوة أكبر بكثير من حدود التنظيم المستهدف؛ خطوة تهدف إلى إعادة هندسة المجال السياسي العربي، وإعادة تشكيل خريطة القوى في المنطقة على نحو يضمن بقاء الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية مهما تغيرت الظروف.
فالقرار جاء في لحظة إقليمية استثنائية: طوفان الأقصى قلب معادلات القوة، وعرّى هشاشة إسرائيل، وفتح الباب لعودة الروح الإسلامية الشعبية، وأعاد الثقة للمجتمعات العربية التي ظنّ كثيرون أنها استُهلكت وانطفأت بعد الربيع العربي. في هذا السياق، ظهر القرار كأنه محاولة لإغلاق نافذة تاريخية قد تحمل معها موجات تغيير لا تستطيع واشنطن التحكم بها.
هذه "الهدية" ليست سوى عبوة سياسية مفخخة، فهي تمنح الأنظمة لحظة انتصار قصيرة، لكنها تزرع في بنيتها هشاشة مضاعفة، وتضعها على مسار أكثر خطورة. فقرار ترامب، بقدر ما يبدو داعما، يحمل في جوهره خمس نتائج خطيرة على مستقبل الأنظمة
لكن ما يلفت الانتباه هو الحفاوة التي قوبل بها القرار من بعض الأنظمة العربية، وكأنها حصلت على هدية طال انتظارها. غير أن هذه "الهدية" ليست سوى عبوة سياسية مفخخة، فهي تمنح الأنظمة لحظة انتصار قصيرة، لكنها تزرع في بنيتها هشاشة مضاعفة، وتضعها على مسار أكثر خطورة. فقرار ترامب، بقدر ما يبدو داعما، يحمل في جوهره خمس نتائج خطيرة على مستقبل الأنظمة قبل الإسلاميين.
أول هذه النتائج أنه يقوّض الشرعية السياسية للأنظمة نفسها. فالشرعية لا تُبنى على قرارات خارجية ولا على وصاية أمريكية، بل على عقد اجتماعي داخلي. وعندما يصبح بقاء الدولة مرهونا بقرار في واشنطن، فإنها تتحول إلى كيان بلا استقلال ولا قاعدة شعبية حقيقية. وكلما ازداد الارتهان للخارج، ازدادت القناعة لدى الشعوب بأن أنظمتها غير قادرة على الصمود بدون حماية أجنبية.
والنتيجة الثانية أن القرار يغلق مسارات الإصلاح السياسي. فعلى مدار عقود، كانت الحركات الإسلامية -مهما اختُلِف معها- تمثل قناة سياسية واجتماعية تستوعب الغضب الشعبي وتحوّله إلى عمل سياسي منظم. إقصاء هذه الحركات لا يُضعفها وحدها، بل يُضعف الحياة السياسية ذاتها، ويترك الشارع بلا وسيط. وعندما تُغلق أبواب السياسة، لا يبقى أمام الشعوب سوى أبواب الانفجار أو الراديكالية.
أما النتيجة الثالثة فهي تكريس اعتماد الأنظمة على الخارج. إذ يقدم القرار للأنظمة شعورا زائفا بالأمان، يدفعها إلى مزيد من طلب الحماية الأمريكية، بدل الاستثمار في بناء شرعية داخلية أو إصلاح المسار السياسي والاقتصادي. وكلما ازداد هذا الاعتماد، أصبحت الأنظمة أضعف أمام أي تغيير في المزاج السياسي في واشنطن. وإذا كان الترحيب اليوم يحتفل بقرار ترامب، فمن يضمن أن القرار نفسه لن يتحول غدا إلى أداة ضغط، أو شرط سياسي، أو تهديد معلّق فوق رؤوس تلك الأنظمة؟
النتيجة الرابعة أن القرار يضعف قدرة الأنظمة على إدارة الغضب الشعبي. فالحركات الإسلامية -مهما خضعت لعمليات قمع- ظلت تمثل شبكة اجتماعية واسعة، من المساجد إلى النقابات إلى الجمعيات إلى القواعد الشعبية. وعندما تُستهدف هذه الشبكات كلها تحت عنوان الإرهاب، يُترك الشارع بلا بنية حاضنة، فيتحول الغضب الاجتماعي من غضب قابل للعقلنة إلى غضب عشوائي غير قابل للإدارة، وهنا تكمن الخطورة: ليس في قوة الإسلاميين، بل في فراغ المجال العام.
قرار ترامب ليس مجرد تصنيف، بل إعادة رسم للملعب السياسي. وهو في جوهره ليس "هدية" للأنظمة، بل فخ لها
أما النتيجة الخامسة فهي أن المنطقة تُدفع عمدا نحو موجة جديدة من عدم الاستقرار. فالتاريخ السياسي الحديث يعلّمنا أن إقصاء القوى الاجتماعية الكبرى لا يلغيها، بل يعيد إنتاج حضورها في صورة أشدّ جذرية، وأن محاولة منع التغيير لا تلغيه، بل تؤجله على نحو يجعل انفجاره أعنف. وكل المقومات التي سبقت الربيع العربي الأول عادت اليوم بصورة أشد: أزمات اقتصادية، وانسداد سياسي، وقمع أمني، وتراجع تنموي، وتنامٍ شعبي للهوية الإسلامية بعد غزة. وما يفعله قرار ترامب هو ببساطة تجريف المساحات التي كانت قد تشكل مخرجا سلميا آمنا لحالة الاحتقان المستقبلية.
ذلك لأن الاستقرار الذي يأتي من الخارج هش بطبيعته، والاستقرار الذي يأتي ضد الشعوب لا يصمد، والاستقرار الذي يُبنى على إقصاء القوى الاجتماعية الكبرى يصبح استقرارا وهميا، يتهاوى عند أول صدمة، أو أول أزمة اقتصادية، أو أول موجة غضب جماهيري.
إن قرار ترامب ليس مجرد تصنيف، بل إعادة رسم للملعب السياسي. وهو في جوهره ليس "هدية" للأنظمة، بل فخ لها، فهل تستطيع بعد ذلك أن تبني شرعيتها من داخل مجتمعاتها، أم ستظل تعتمد على قرارات الآخرين المفخخة؟ وهل ستفهم أن القوة الحقيقية لا تأتي من الخارج بل من العقد الاجتماعي؟ وهل تدرك أن إقصاء الإسلاميين اليوم وبهذا الشكل يعني تعزيز أخطر أشكال المعارضة غدا، ودفع المنطقة كلها نحو منعطفات لا يمكن التنبؤ بنتائجها؟
المستقبل القريب سيجيب، لكن المؤكد أن الهدية التي بدت ذهبية في الوهلة الأولى، ليست سوى عبوة سياسية موقوتة ستنفجر في وجه الجميع إذا لم تُتدارك أسباب الانهيار من جذورها.