العلمانيون العرب: يقفون على رؤوسهم لرؤية الواقع بالمقلوب!
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
#سواليف
#العلمانيون_العرب: يقفون على رؤوسهم لرؤية الواقع بالمقلوب!
بقلم : ا د #محمد_تركي_بني_سلامة
إذا أردت أن تفهم تناقضًا صارخًا وسخرية مريرة، فلا تبحث بعيدًا عن ما يفعله “علمانيو العرب”. هؤلاء الذين حولوا العلمانية إلى مطيّة مشوهة لفهمهم المقلوب للديمقراطية والحريات. يرفضون الحاكم “الملتحي”، لا لأنه ديكتاتور أو ظالم، بل لأن لحيته تجعلهم يعانون من حساسية مفرطة تجاه أي شيء يمتّ للإسلام بصلة.
أليس غريبًا أن هؤلاء يتغنون ليل نهار بالحرية وحقوق الإنسان، لكنهم يصابون بحالة من الهلع عندما تأتي صناديق الاقتراع بشخص يحمل ذرة انتماء للهوية الإسلامية؟ بالنسبة لهم، الاختيار الشعبي يصبح عبئًا إذا لم يتماشى مع أهوائهم. الديمقراطية، في عيونهم الضيقة، ليست أداة للتعبير عن إرادة الشعوب، بل وسيلة لفرض ما يناسب نمط حياتهم “المتحرر” فقط. وكأن شعاراتهم الكبيرة تُختزل في قضايا مثل الخمر والتعري، بينما يختفون عندما يُطرح الحديث عن الفساد السياسي أو الاستبداد العسكري!
هؤلاء، الذين يُقدمون أنفسهم كمنقذين للعالم العربي، يحاولون إقناعنا بأن العلمانية هي الحل السحري لكل أزماتنا. ولكن مهلاً، أليست العلمانية الحقيقية هي التي تفصل بين الدين والدولة لتحقيق العدالة للجميع؟ أليست هي التي لا تُقصي الدين ولا تعاديه، بل تضمن حرية الاعتقاد والتعبير للجميع، بما في ذلك أصحاب اللحي والعباءات؟ يبدو أن علمانيتهم من نوع خاص، حيث يتم إقصاء ملايين المسلمين من دائرة الديمقراطية فقط لأن خياراتهم السياسية تتماشى مع هويتهم الثقافية والدينية.
ومن الطريف أن هؤلاء “الحداثيين” يعتقدون أنهم يقودون معركة التنوير في مجتمعاتنا. ولكن الواقع يقول غير ذلك؛ فهم، بوعي أو بغير وعي، يساهمون في تعميق الانقسامات. إنهم يستبدلون الاستبداد العسكري والفساد السياسي بديكتاتورية فكرية باردة تقصي الآخر المختلف فكريًا أو دينيًا. وفي هذا المشهد العبثي، يصبح الإسلام، كهوية وثقافة، العدو الأول الذي يجب القضاء عليه ليكتمل مشروعهم العلماني “المزعوم”.
إذا كانت الديمقراطية في فهمهم هي “تجنّب كل ما يمت للإسلام بصلة”، فأين احترام خيارات الشعوب؟ أم أن الديمقراطية تصبح صالحة فقط عندما تأتي بنتائج توافق رغباتهم؟ يبدو أنهم يعيشون في حالة “نرجسية فكرية”، حيث لا يرون إلا مرآة أفكارهم المنعكسة على الواقع، ويرفضون تقبل أي تنوع أو اختلاف.
لكننا نقول لهؤلاء: الديمقراطية والعلمانية ليستا أدوات فارغة لتبرير الهروب من مواجهة الاستبداد الحقيقي أو لتمرير الإملاءات الغربية. الديمقراطية الحقيقية هي احترام إرادة الشعوب، والعلمانية الحقيقية تُعلمنا التعايش والتعددية، وليس تحويل القضايا الهامشية مثل الخمر والتعري إلى معارك مصيرية.
وأخيرًا، إذا كانت مشكلتكم الحقيقية مع الإسلام لأنه يختلف مع أهوائكم، فربما يجب أن تُعيدوا النظر في عقولكم المعلّبة بشعارات جوفاء. المشكلة ليست في الدين، بل في العقول التي ترى في كل ذقن ملتحٍ تهديدًا لوجودها. أما شعوبنا، فستظل تختار من يمثلها وفق إرادتها، شاء من شاء وأبى من أبى.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف محمد تركي بني سلامة
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة تبحث حقوق الشعوب الإفريقية والتعويضات بعد حقبة الاستعمار والرق في ندوة علمية
تنظم كلية الدراسات الإفريقية العليا بـ جامعة القاهرة، اليوم الأحد، ندوة علمية بعنوان: «العدالة التاريخية والتعويضات: نحو مقاربة شاملة لإنصاف إفريقيا والشعوب ذات الأصول الإفريقية عن حقبة الرق والاستعمار»، وذلك تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، وإشراف الدكتور عطية الطنطاوي، عميد الكلية.
ويحضر الندوة عدد من نواب رئيس الجامعة، ومساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، ونخبة من السفراء الأفارقة، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والباحثين المتخصصين في الشأن الإفريقي، إلى جانب الطلاب والمهتمين بالقضايا الإفريقية.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد سامي عبدالصادق أن تنظيم هذه الندوة يأتي انطلاقًا من الدور التاريخي والمحوري الذي تضطلع به الجامعة في دعم القضايا الإفريقية والدفاع عن حقوق شعوبها، إيمانًا بأن العدالة التاريخية ليست مجرد شعار، بل مسؤولية أخلاقية وإنسانية، وحق أصيل للشعوب التي عانت من الرق والاستعمار ونهب الموارد.
وأوضح رئيس الجامعة أن جامعة القاهرة تحرص، من خلال منظومتها البحثية والعلمية، على تقديم دراسات معمقة ورؤى واقعية تسهم في ترسيخ مفاهيم العدالة وتحقيق التنمية المستدامة، بما يدعم الجهود الرامية إلى صناعة مستقبل أفضل للقارة الإفريقية.
ومن جانبه، أوضح الدكتور عطية الطنطاوي، عميد كلية الدراسات الإفريقية العليا، أن الندوة تتضمن عدة جلسات علمية تناقش عددًا من المحاور المهمة، من بينها: الإطار التاريخي والفكري والأخلاقي للعدالة والتعويضات، وثقافة الاعتذار والتعويض في الفكر والواقع الإفريقي، والأبعاد الاقتصادية والسياسية والثقافية لتجارة العبيد، والاستعمار الأوروبي في إفريقيا، وجريمة المذابح الجماعية خلال حقبة الاستعمار.
وأضاف عميد الكلية أن الندوة تتناول كذلك أسس المطالبة بالحقوق التاريخية، والخسائر الاقتصادية المترتبة على الرق والاستعمار، وخيارات التعويض بين التعويض المالي والتنمية المستدامة، إلى جانب الأطر القانونية والمواقف السياسية الدولية، ومواقف القوى الاستعمارية السابقة من قضية التعويضات، فضلًا عن دور الحركات الاجتماعية الإفريقية ومنظمات الشتات، ومواقف كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي من هذه القضية.