الحكومة تمارس سياسية الإنكار.. تفشي المجاعة في مناطق جديدة بالسودان
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
أفاد مرصد عالمي معني بالجوع، أن المجاعة في السودان قد اتسعت لتشمل خمس مناطق جديدة، ومن المحتمل أن تمتد إلى خمس مناطق إضافية بحلول شهر مايو القادم.
التغيير ــ وكالات
جاء ذلك في وقت يواصل فيه الطرفان المتصارعان في السودان تعطيل المساعدات الإنسانية الضرورية للتخفيف من حدة واحدة من أسوأ أزمات الجوع في العصر الحديث.
ذكرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن هناك تأكيدًا لوجود ظروف مجاعة في مخيمي أبو شوك والسلام للنازحين داخلياً في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالإضافة إلى بعض المناطق السكنية ومناطق أخرى للنازحين في جبال النوبة. خلصت اللجنة إلى أن المجاعة التي تم الكشف عنها لأول مرة في أغسطس لا تزال مستمرة في مخيم زمزم بشمال دارفور. وتوقعات اللجنة، المكونة من خمسة أعضاء والمتخصصة في التحقق من وجود المجاعة، تشير إلى أن المجاعة ستمتد إلى خمس مناطق أخرى في شمال دارفور بحلول مايو المقبل، وهي أم كدادة، ومليط، والفاشر، والطويشة، واللعيت. كما حددت اللجنة 17 منطقة أخرى في السودان تواجه خطر المجاعة.
تشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن حوالي 24.6 مليون شخص، وهو ما يعادل نحو نصف إجمالي السكان في السودان، يحتاجون بصورة ملحة إلى مساعدات غذائية حتى مايو المقبل. وهذا يمثل زيادة كبيرة عن التوقعات التي كانت تشير إلى 21.1 مليون في يونيو خلال الفترة من أكتوبر إلى فبراير. نُشرت النتائج على الرغم من استمرار الحكومة السودانية في عرقلة عملية التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المرتبطة بتحليل انعدام الأمن الغذائي الحاد، والذي يعد ضروريًا للمانحين والمنظمات الإنسانية لتوجيه المساعدات نحو المناطق الأكثر احتياجًا. أعلنت الحكومة يوم الاثنين عن تعليق مشاركتها في النظام العالمي لمراقبة الجوع، متهمةً إياه بـ “إصدار تقارير غير موثوقة ضد سيادة السودان وكرامته”. التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو هيئة مستقلة تتلقى تمويلها من دول غربية وتديرها 19 منظمة إنسانية كبيرة ومؤسسات حكومية دولية.
يلعب التصنيف دوراً رئيسياً في النظام العالمي لمراقبة الجوع والتخفيف من حدته، حيث يهدف إلى التنبيه حول تطورات الأزمات الغذائية لتمكين المنظمات من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المجاعات والحد من انتشار الجوع. وفقًا لنظام التصنيف، تعمل “مجموعة عمل فنية” عادةً تحت إشراف الحكومة الوطنية على تحليل البيانات وتصدر تقارير دورية تصنف المناطق على مقياس من واحد إلى خمسة. وتتضمن هذه المراحل: “لا مشكلة”، أو الحد الأدنى من انعدام الأمن الغذائي، يليها مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد “الضغط”، ثم مرحلة “الأزمة”، فمرحلة “الطارئ”، وأخيرًا مرحلة “المجاعة”، التي تم تصنيف السودان ضمنها.
السودان يعارضيخوض الجيش السوداني معركة ضد قوات الدعم السريع، ويعارض بشدة إعلان المجاعة خشية أن يؤدي ذلك إلى ضغوط دبلوماسية لرفع القيود على الحدود، مما قد يسهل تواصل قوات الدعم السريع مع الخارج بشكل أكبر. في رسالة موجهة إلى لجنة التصنيف ومراجعة المجاعة والدبلوماسيين،
وكان قد أعلن وزير الزراعة السوداني يوم الاثنين الماضي أن التقرير الأخير للتصنيف يفتقر إلى المعلومات المحدثة حول معدلات سوء التغذية وتقييم إنتاج المحاصيل خلال موسم الأمطار الصيفي الفائت. تقول الرسالة إن موسم المحاصيل كان مثمراً. كما ذكرت الرسالة وجود “مخاوف جدية” بشأن قدرة فريق التصنيف على جمع البيانات من المناطق التي تحت سيطرة “قوات الدعم السريع”. أظهرت وثيقة حصلت عليها وكالة “رويترز” أن الحكومة السودانية أوقفت في أكتوبر التحليل الذي كانت تجريه بنفسها. وبعد استئناف العمل، لم تعترف مجموعة العمل الفنية بوجود مجاعة. قال تقرير لجنة مراجعة المجاعة، الذي صدر يوم الثلاثاء، إن المجموعة التي تقودها الحكومة أزالت بيانات رئيسية تتعلق بسوء التغذية من تحليلها.
تعبّر “تقدم” عن أسفها لـ “”سياسة الإنكار”اعتبرت “تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية” (تقدم) يوم الثلاثاء انسحاب الحكومة السودانية المؤقتة في بورتسودان من نظام التصنيف المتكامل لدرجات انعدام الأمن الغذائي “خطوة غير مسؤولة”. وأشارت “تقدم”، التي تعد أكبر تحالف سياسي في البلاد، في بيان لها إلى أن قرار الانسحاب جاء في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية الناتجة عن الحرب، والتي أثرت بشكل كبير على قدرة الدولة في معالجة القضايا الإنسانية العاجلة. وأشارت في بيان لها على “فيسبوك” إلى أن اتباع نهج “سياسة الإنكار” سيؤدي إلى تقليص عمل المنظمات الدولية التي تعتمد في تقديم المساعدات على التصنيف الشامل لتحديد المناطق الأكثر حاجة للمساعدة. دعت “تقدم” المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على طرفي النزاع لاتخاذ خطوات لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السودانيين في المناطق المتضررة. قامت الحكومة السودانية بتعطيل عملية التصنيف في وقت سابق، وفقًا لتحقيق نشرته وكالة “رويترز” مؤخرًا هذا العام؛ مما أدى إلى تأخر تأكيد وجود مجاعة استمرت عدة أشهر في مخيم زمزم، حيث اضطر النازحون إلى تناول أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة. أدت الحرب الأهلية التي نشبت في أبريل 2023 إلى انخفاض إنتاج المواد الغذائية وتراجع التجارة، مما أجبر أكثر من 12 مليون سوداني على مغادرة منازلهم، لتصبح بذلك أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم. وتُوجه الاتهامات إلى “قوات الدعم السريع” بنهب المساعدات الغذائية الإنسانية والتجارية وفرض قيود على الزراعة، بالإضافة إلى حصار بعض المناطق، مما ساهم في ارتفاع تكاليف التجارة وأسعار المواد الغذائية. كما تعرقل الحكومة وصول المنظمات الإنسانية إلى بعض المناطق في البلاد. البحث عن ممرات آمنة قال مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية في برنامج الأغذية العالمي، جان مارتن باور: “نحن نملك الطعام والشاحنات في الطريق والعاملين على الأرض. كل ما نحتاجه هو ممر آمن لتقديم المساعدات”. وفقًا لوكالة “رويترز”، نفت “قوات الدعم السريع” الاتهامات الموجهة إليها بسرقة الإمدادات الغذائية، واعتبرت تلك الاتهامات “مجرد مزايدات بدون دليل”. وأشارت إلى أن ملايين الأشخاص في المناطق التي تحت سيطرتها يواجهون “خطر الجوع”، مؤكدة التزامها بـ “ضمان وصول المساعدات إلى المتضررين”. قالت الحكومة إن “قوات الدعم السريع” هي التي تعرقل إيصال المساعدات. يشير تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن طرفي النزاع فرضا “إجراءات بيروقراطية وعمليات موافقة… مما يقيّد بشكل كبير نطاق وحجم الجهود الإنسانية”.
الحكومة السودانية تعرقلجاء في التقرير أن نسبة 10 في المائة فقط من الأفراد في المناطق التي تم تقييمها حصلوا على مساعدات غذائية في الأشهر الثلاثة الأخيرة. قال ما لا يقل عن 12 من عمال الإغاثة والدبلوماسيين لوكالة “رويترز” إن التوترات قد تصاعدت بين الحكومة السودانية ومنظمات الإغاثة الإنسانية بعد أن أظهر التصنيف الشامل أن مخيم زمزم يعاني من المجاعة في أغسطس. ذكرت المصادر أن الحكومة تقلل من سرعة إرسال المساعدات، وأن جهازي المخابرات العامة والعسكرية التابعين لها يتوليان الإشراف على توصيل هذه المساعدات، كما أن الموافقة على إدخال المساعدات الدولية تخضع لأهداف سياسية وعسكرية تتعلق بالجيش السوداني. تقوم الحكومة بتأجيل إجراءات الموافقة على إصدار تأشيرات دخول لموظفي الإغاثة، وقد أفاد عدد منهم بأن الحكومة تعرقل أنشطة المنظمات غير الحكومية التي تسعى لتوفير المساعدات الإنسانية في منطقة دارفور، التي تعاني بشكل كبير وتسيطر عليها معظمها “قوات الدعم السريع”.
قال أحد كبار مسؤولي الإغاثة الذي فضل عدم الكشف عن هويته إن الحكومة أبلغت منظمات الإغاثة بأنه “لا توجد احتياجات حقيقية في دارفور، لذا يجب عدم العمل هناك، وإذا استمررتم في تلبية الاحتياجات هناك، فلا تتوقعوا الحصول على تأشيرات.” خلال الأربعة أشهر الأخيرة، زاد عدد الطلبات المقدمة من موظفي الإغاثة غير المرتبطين بالأمم المتحدة للحصول على تأشيرات دخول إلى السودان التي لم يتم النظر فيها، في حين تراجع معدل الموافقة على طلبات أخرى، وذلك وفقاً لبيانات أصدرتها المنظمات غير الحكومية العالمية في السودان. تقول وكالة “رويترز” إن الحكومة لم ترد على استفساراتها بشأن تعليق التأشيرات، وأشارت في وقت سابق إلى أن معظم طلبات الحصول على التأشيرات تم قبولها. قالت ثلاثة مصادر لوكالة “رويترز” إن الحكومة السودانية قدّمت طلباً للأمم المتحدة في أكتوبر بسحب المسؤول الكبير عن المساعدات الإنسانية في منطقة دارفور، وذلك بعد أن قام بالسفر إلى المنطقة دون الحصول على تصريح من الحكومة. أفادت المصادر أن الطلبات للحصول على تصاريح السفر توقفت، وأن الحكومة قد أبلغت الأمم المتحدة بأنها ستقوم بطرد المسؤول إذا لم يتم سحبه. وفي النهاية، استجابت الأمم المتحدة لطلب الحكومة. ولم تقدم الحكومة أي إجابات بشأن مسألة إبعاد هذا المسؤول. وأشار متحدث باسم الأمم المتحدة إلى أن المنظمة لا تتعليق على “ترتيبات عمل” الموظفين.
نقلاً عن الشرق الأوسط
الوسومالأمم المتحدة الجوع الجيش الدعم السريع وزير الزراعةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأمم المتحدة الجوع الجيش الدعم السريع وزير الزراعة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: غزة المكان الأكثر جوعاً في العالم
غزة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةاعتبر المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، أنّ غزة هي المكان الأكثر جوعاً في العالم، حيث 100 في المئة من السكان معرّضون لخطر المجاعة.
وقال ينس لاركه في مؤتمر صحفي دوري للأمم المتحدة في جنيف، «إنها المنطقة المحددة الوحيدة، البلد أو القطاع المحدد الوحيد داخل بلد، حيث كل السكان معرّضون لخطر المجاعة، 100 في المئة من السكان معرّضون لخطر المجاعة».
وتحدّث لاركه عن الصعوبات التي تواجهها الأمم المتحدة في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة والتي لا تسمح إسرائيل بإدخالها إلا بكميات قليلة بعد حصار مطبق بدأته مطلع مارس قبل استئناف هجومها العسكري في القطاع الفلسطيني.
وأشار إلى أن إسرائيل سمحت بدخول 900 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية منذ رفع الحصار جزئياً، لكن حتى الآن لم تدخل إلا 600 شاحنة إلى منطقة التفريغ في غزة، لكن حمولة عدد منها فقط هي التي تمّ نقلها إلى داخل القطاع، وذلك يعود أساسا إلى اعتبارات أمنية.
واعتبر أن هذا العدد المحدود من الشاحنات «هو مجرد قطرة في محيط»، قائلاً إن مهمة توزيع المساعدات واجهت قيوداً تشغيلية جعلتها إحدى أكثر عمليات المساعدة المعوّقة ليس فقط في عالم اليوم، بل في التاريخ الحديث.
وأوضح أنه بمجرد دخول الشحنات إلى غزة، يقتحم السكان المستودعات التي تخزن فيها في ما اعتبر أنه «غريزة بقاء، عمل يقوم به أشخاص يائسون يريدون إطعام أسرهم وأطفالهم».
وتابع: «كذلك، فإن المساعدات الموجودة في هذه الشاحنات موّلها مانحون لتوصيلها إلى هؤلاء الأشخاص، لذلك لا ألومهم»، مشيراً إلى أن هذه المساعدة مخصصة لسكان قطاع غزة «لكنها لا توزّع بالطريقة التي نريدها».
وفي سؤال حول عمليات «مؤسسة غزة الإنسانية»، وهي منظمة جديدة مدعومة أميركيا وإسرائيليا وضعت نظاماً جديداً لتوزيع الإعانات اعتبرته الأمم المتحدة مخالفاً للمبادئ الإنسانية، في بعض المراكز منذ أيام، قال إن ذلك «ليس فعالاً».
بدورها، دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إلى السماح بتدفق الإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون عوائق أو انقطاع، إثر تفاقم الكارثة الإنسانية.
وقالت الوكالة في بيان أمس: إن «مستودعها في العاصمة الأردنية عمّان يحتوي على مساعدات تكفي لأكثر من 200 ألف شخص لمدة شهر كامل وتشمل دقيقاً وطروداً غذائية ومستلزمات نظافة وبطانيات وأدوية، وإنها جاهزة للإرسال الفوري».
وأوضحت أن «المستودع لا يبعد سوى ثلاث ساعات بالسيارة عن غزة».
وشددت «الأونروا» على أن الاحتياجات الإنسانية في غزة هائلة وتتطلب تدخلًا عاجلًا، داعية إلى فتح المعابر وضمان تدفق المساعدات بشكل منتظم ومستمر لإنقاذ الأرواح.
ويواجه قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية تفاقمت بعد إغلاق إسرائيل المعابر في 2 مارس الماضي، مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود في ظل قصف متواصل على كافة مناطق القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وفي السياق، حذّر الفريق القطري للعمل الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، من تضاءل الفرصة لمنع المجاعة في غزة، مشيراً إلى أن السلطات الإسرائيلية تُقوّض قدرة الفريق على إيصال مساعدات إنسانية حقيقية للفئات الأشد ضعفاً.
وأوضح الفريق في بيان صحفي أن الوضع الإنساني بلغ ذروته، مع استمرار القصف والتهجير الجماعي وتجويع السكان وحرمانهم من أساسيات البقاء.
وأشار البيان إلى أن المساعدات يجب ألا تُستخدم كسلاح، مشدداً على أهمية السماح للمنظمات الإنسانية بأداء عملها وإنقاذ الأرواح من خلال تدفق منتظم للمساعدات عبر معابر متعددة.
يُذكر أن الفريق يضم منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ورؤساء هيئات أممية وأكثر من 200 منظمة غير حكومية.